انتقل إلى المحتوى

مستخدم:Hasanisawi/الحقيقة والمنهج/غادمير

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
«"تجربة الفن وتجربة الفلسفة هما التحذير الأكثر إلحاحا الموجهة إلى الضمير العلمي لكي يقر ويعترف بحدوده.» – "الحقيقة والمنهج/ص.20"

الحقيقة والمنهج عنوان كتاب الفه الفيلسوف الالماني هانز جورج غادمير ((1900-2002)Hans-Georg Gadamer). ظهر الكتاب في سياق صراع بين المناهج: الطبيعية والإنسانية. وحيث طرح غادمير سؤاله: هل المنهج هو الطريق إلى الحقيقة -كما في العلوم الطبيعية- او أن هناك طرق اخرى لبلوغها؟.
يقول غادمير ان المنهج لا يقود الى الحقيقة, بل هو شيء ينبع من الذات ويصل إلى نتيجة, وهذه لا تعني الحقيقة كما فسرتهاالعلوم الطبيعية. فليس هناك ضرورة ان تكون الحقيقة مرتبطة بالمنهج. فمثلا الفن يمكن ان يقول لنا الكثير من حقائق الفهم والتفسير دون ان يكون له منهج. وهذا لا يعني انه ينكر مناهج العلوم التجريبية, بل ينفي ان تكون هناك قواعد في العلوم الانسانية(او "علوم الفكر" كما نعتها). لأن عملية الفهم في التأويل, مثلا, هي نتيجة حوار المؤول مع النص, او اندماج افقهما, كما يقول غادمير.

الهرمينوطيقا (او التأويلية) تعتبر نشاط كليا وعاما, ولأن المؤول محكوم بزمانيته, فاشكالية التاويل الفلسفي , او عملية الفهم, تكمن في بعدها الانطولوجي.
غادامير يقول أن مهمة الهرمينوطيقا هي الوصول إلى الفهم من خلال لغة مشتركة قائمة على الاتفاق، ومن ثم إلى فهم موضوعي. ولكن هذا لا يعني الغاء دور ذاتية المفسر في عملية الفهم من خلال طرحه لتساؤلات وتوقعات . فالسؤال يصبح : ما هي العلاقة بين التأويل والحقيقة، وما الذي يميز تصور غادامير للحقيقة والتأويل عن غيره من الهيرمينوطيقيين أمثال شلايرماخر ودلتاي وريكور؟ .
غادامير في تأويليته ينزع الصفة المطلقة للمنهج، لأن الفهم هو الاساس, وما يجعل الفهم ممكناً هي اللغة، باعتبارها الوسيطً التواصلي للبشر. الفهم عند غادمير لا يعني فهم لسلوكيات الذات الممكنة بل هو نمط وجود الكينونة وتجربتها للعالم (وهنا واضح تأثير هايدجر).

علاقة التراث بالتأويل عند غادمير تعني قراءة التراث من خلال تشكيل وعي تأويلي قوامه التاريخ والنقد في معالجة موضوعاته قالب:مثلا ؟, ومن ثم فحص أصوله وفهم تركيبته, بمعنى الكشف عن حقائق التاريخ والتراث بالنسبة للحظة الراهنة.

علاقة البعد الفلسفي للتأويل بالعلوم الإنسانية. باعتبار التأويلية عمل ابستمولوجي هدفه الوصول الى تأسيس فلسفة تأويلية عالمية، أي نشر أدبيات الحوار بين الثقافات والحضارات، من خلال الفهم كممارسة تأويلية، وجعل الإنسان يلتفت إلى ذاته وإلى العالم من حوله، وتعطيه الرغبة في الفهم. التأويلية تجعل الإنسان يدرك أن التجربة الحقيقية تجعله واعيا ليكشف عن محدودية عقله وتوقعاته المتناهية.[1]

أوهام الحداثة هي ما ادى بالعقل الغربي الى الاتجاه نحو الهرمنيوطيقا؛ أي ان الهرمنيوطيقا جاءت لتكشف عن القيم المعيارية لأحلام المماثلة والمطابقة والتّعالي والتّمركز وابتعادها عن الحقيقة. ظهور الهرمنيوطيقا ارتبط بأزمة الحداثة الأوربية، أو بالاحرى بأزمة المناهج العلميّة وسلطتها الشمولية. في المقابل المنهج التأويلي بحث عن طريقة جديدة لتوسيع مساحة الحقيقة وجعلها أكثر مرونة. الفهم الهرمنيوطيقي منوط بكسر الطوق الذي فرضته ترانسندنتالية الفلسفة التأملية، وتغير علاقة “منهج – حقيقة” من الوضعية القائمة على الدوغمائية, إلى الوضعية القائمة على انفتاح الحقيقة، التي تعتمد في نهاية المطاف على القدرة في تفهم لغة الآخر. [2]

غادامر أراد تأسيس هرمنيوطيقا فلسفية من خلال مراجعة شاملة لتاريخ الفلسفة، وفي إجراء نوع جديد من المصالحة الانطولوجية بين “الذات والموضوع”، “الأنا والأخر”؛ لذلك فإنه لم يتوقف على نقد مناهج العلوم الطبيعية فقط، بل ايضا كل الفلسفة الحديثة: من حيث هي التعبير عن الذاتية.

العمل الابداعي ليس شكلا جماليا مجردا, ولا يعبر رومانسيا عن نفسية او حياة المبدع, بل هو مضمون معرفي ذات وجود مستقل. وهذا المضمون يصبح موضوع عندما يتجسد في نص او فن. ولذلك وبما ان النص ينفصل عن قصد المؤلف. فمعناه الحقيقي لا يرتبط بسياقه التاريخي, بل من خلال فهم جديد يتم في افق الحاضر. أي ان الماضي معاصر للحاضر دائما. فهذه المعاصرة تفسح مجالا لنوازع المؤول ومفاهيمه المسبقة. التي يعتبرها غادمير- خلافا للهرمنيوطيقين الذين سبقوه- أساس وجودنا ونقطة انطلاقنا الراهن لفهم الماضي والحاضر معا. أما عندما المنهج العلمي يطالب المؤرخ بالتخلي عن نوازعه وتجربته الراهنة, فما يحدث هو ان نوازع المؤرخ تعمل في الخفاء لانه لم يواجهها كعوامل اساسية في عملية الفهم. وتبعا لما سبق تبدو واضحة نسبية معنى النص عند غادمير. الذي يؤكد انه لا يوجد أي منهج يستطيع الوصول الى معرقة حقيقة النص كما هو. [3]

فما يميز تأويلية غادمير هي انها ترتبط بالافق الحاضر للمؤول وبالتالي تتجاوز الموضوعية التي حاولت المناهج السابقة الوصول اليها من خلال تجاوز ذاتية المؤول. فما هو الفهم الموضوعي عند غادمير ؟. الموضوعية كما يقترحها غادمير تتمثل في فهم ناتج من عملية دمج لسياقي النص والمؤول. أي ان عملية التأويل لا تتجاوز شروط التجربة الراهنة , و في نفس الوقت لا تغفل عن دلالات معنى النص. فالمعنى الجديد يتشكل تبعا لعملية حوارية منفتحة بين المؤول والنص . او اندماج الافاق كما يقول غادمير. ولكن وبما ان غادمير يركز على ذاتية المؤول ودلالية النص وفي المقابل يهمش المؤلف. فيمكننا القول ان عملية الفهم سلبية –كما هي عند هايدجر- أما عملية الابداع فليست كذلك ؟. أي ان السلبية , تبعا لهايدجر, يجب ان تكون في حالة الابداع وفي حالة الفهم على السواء: فكما العمل الابداعي يعبر عن تجربة وجودية للمبدع, فكذلك عملية الفهم يجب ان تكون كذلك, أي تجربة وجودية للمؤول مستقلة عن نزعاته. وبمعنى آخر: "فكما النص نتاج تجلي الوجود فكذلك يكون فهمه دون شرط لأي ذاتية، وكما يقول هيدغر يجب أن ننصت إلى النص، فالمعنى لا يكون معطى نصنعه وإنما معنى يحدث فينا". [4]

مقدمة

[عدل]

في الستينيات والسبعينيات من القرن ال20 أعطت التأويلية اهمية للشرط الانساني والفهم المتبادل الذي كان مهمل في اساليب العلوم الانسانية. غادمير لم يهتم في اعماله بالمنهجيةالمدرسية للعلوم الانسانية, ولم يقصد في كتابه الحقيقة والمنهج وضع آلية للفهم او قواعد للوصف -كما عند شلايماخر- ولا توجيه المسار المنهجي لهذه العلوم, بل الاعتراف بالنزاهة العلمية التي تعترف بكل اشكال الفهم. وهذا لا يتعلق بما يجب ان نفعله , ولكن الامر يتعلق بما يحدث فوق ارادتنا كلما حاولنا ان نؤول ونفهم. الالتزام العلمي عن غادمير ليس هو من نوع انطولوجي , كما عند هايدجر, أي بالنظر الى الفهم ليس كوحدة من السلوكيات الممكنة للذات , بل كنمط للوجودالانساني وتجربته في العالم. [5]

الدكتور وليد عطاري في مقالته تصور غادمير للفهم التأويلي اراد مناقشة اهمية وجود منهج في العلوم الانسانية وما اذا كانت موضوعيتها تختلف عن تلك للعلوم الطبيعية. التي تعتمد على الملاحظة بدلا من التأويل وعلى التفسير بدلا من الفهم. على اية حال غادمير رفض سواء الاتجاه الوصفي او الاتجاه المنهجي الذي يريد الوصول الى الموضوعية بأي وسيلة.

وبما ان غادمير يربط الموضوعية بالعلوم التطبيقية, فانه ينتقد تلك الموضوعية التي تأتي من خلال حيادية المؤول. لأن شرطها الاول للفهم يكمن في تحييد التأثيرات التراثية المتأصلة في المؤول وقيمه الموروثة. في تحليله للتراث التأويلي يرى غادمير انه لا يمكن ان يكون التأويل مقتصرا على على توضيح المعاني المبهمة تبعا لمرور الزمن, بل هو اساس اي فهم في كل المجالات. وبفضل الرومانسية وتقديرها للفردانية (Individualism) اصبح التأويل فرع من فروع التاريخ. وبما يتعلق بالدائرة التأويلية عند شلايرماخر- أي ان التأويل ينقسم الى جزئين : لغوي (موضوعي ), ونفسي (ذاتية المؤلف)- فغادمير ينكر هذا الفصل لأن اللغة قادرة عن التعبير عن الفردانية بالرغم من كونها وسيط اصطلاحي, ولأن التعابير الفردية تعكس اكثر مما هو موقف شخصي. أما طريقة دلتاي في التأويل (التقمص الوجداني) فانها تحصر معنى النص فقط في مقاصد المؤلف وروح عصره. وبما ان سياق المؤلف غريب عن المؤول, فعملية بناء الماضي تتطلب قدرة غير عادية لكي ينتزع نفسه من افق سياقه الحالي وموضعتها في افق سياق النص. النموذج التأويلي عند شلايرماخر ودلتاي يهتم بما يلي:

  • المقاصد الاصلية لمؤلف النص
  • الفكرة الداخلية تقبع خلف تلك المقاصد
  • فهم النص من خلال تحرير الانسان من عصره التاريخي.

أما في النموذج التأويلي عند غادمير, فالمؤول وتراثه هما مكملان لبعضهما البعض بشكل انطولوجي. وحركة التاريخ والتحيزات هما شرطان ضروريان للفهم, لأن تأويلية غادمير تنتج من اندماج الماضي مع الافق الحاضر للمؤول. فموضوعية الفهم تأتي من عملية اسقاط افتراضاتنا المسبقة- الناتجة من تحيزات تراثنا- على النص. ومشروعية هذه التحيزات تظهر من خلال الجدل التي تثيره المسافة الزمنية. وهنا يقول غادمير "اذا كنا نحاول ان نفهم ظاهرة تاريخية من مسافة زمنية, فهذه هي خاصية الموقف التأويلي. والوعي بالافق الخاص بالمؤول وانفتاحه نحو التراث وعلاقته الجدلية مع النص هوما يسميه غادمير التاريخ الفعال.

الحقيقة والمنهج

[عدل]

هل المنهج هو الطريق إلى الحقيقة كما في العلوم الطبيعية ؟. ظهر كتاب غادمير في عصر هيمنة العلوم الطبيعية , وخضوع العلوم الإنسانية لها.
عنوان الكتاب مثير للجدل، لأن غادامير اراد القضاء على دوغمائية ارتباط الحقيقة بالمنهج. المنهج عند غادامير لا يوصل الى الحقيقة. لأن الحقيقة نسبية وغير ثابتة, وليس كما في العلوم الطبيعية. .

سؤال الحقيقة في تجربة الفن

[عدل]

من أهم المفاهيم التي استخدمها غادامير في بناء التجربة مع الحقيقي مفهوم "اللعبة" كما عند فتغنشتاين. أي التفكير اولا ان الغرض من اللعبة هو الاندماج الكامل فيها الى أن تصبح عالما اخر. ثانيا: ان تؤخذ بجدية كاملة لكي تكون مؤثرة. ثالثا: ان نكون مستوعَبين بالكامل فيها. وهكذا يمكن أن تصبح فضاء استكشاف نتعلم فيه شيئا جديدا أو نراه بطريقة جديدة". وبالمثل قراءة كتاب أو التفاعل مع عمل فني تخضع لنفس القوانين. وهذه هي الفكرة: دعوة للدخول في عالم النص، الاندماج فيه لنحصل على إشعاع الحقيقة المنبثق منه. تطور التأويلية في الباب الثاني يقوم غادامير بقراءة نقدية لتاريخ التأويلية. ابتداءا من تأويل النصوص المقدسة والأساطير إلى عصر التنوير والرومانسية وخصوصا تأويلية شلايرماخر ودلتاي. واخيرا إلى هوسرل وهيدجر. يرى غادمير أن التأويلية تدين للوعي التاريخي لبقائها في مركز العلوم الإنسانية. الوعي التاريخي بالنسبة للتأويل عند غادمير هو من أهم المفاهيم ولذلك سموها التأويلية التاريخية. ينتقد غادامير التاريخية التي قالت بأنه يمكن الوصول إلى موضوعية التاريخ اذا عدنا إلى عصره ومفاهيمه وانقطعنا عن واقعنا وتخلينا عن أحكامنا السابقة. وهنا ينقد بشكل خاص شلايرماخر ودلتاي. وفي نفس الوقت يتساءل غادمير: هل الوعي التاريخي قادر على ملء المكان الذي أخلته المعرفة المطلقة للمناهج العلمية ؟.

تاريخية الوعي

[عدل]

تترتب تاريخية الوعي أو الفهم عند غادامير على عدد من النتائج

بعض النتائج التأويلية المترتبة على تاريخية الفهم

[عدل]

1-مسألة الحكم المسبق

[عدل]

تعتبر فكرة تنقية التأويل من التحيزات الشخصية هي الاهم للحصول على معرفة تاريخية. وكما يقول دلتاي يجب ان لا نحكم على عصر تاريخي معين باحكام عصرنا. وبنفس المقياس اساتذة ادب يقولون ان لا نحكم على عمل ادبي بمعايير اليوم. بل يجب تقدير فكره واسلوبه وليس ما اذا كان صادق ام لا. ولكن هذه الفصل بين الجمال والحقيقة ادى الى نشوء فرقتين: الشكلانيون (او جماليون متطرفين) وسلفيون (المهتمين بالدراسات القديمة). وحسب تصورات هيدجر وغادمير للفهم التاريخي كلا القريقين على خطأ. لأن معنى العمل الماضي يتحدد من خلال الاسئلة التي نوجهها الية في الحاضر. وهذه الاسئلة تأتي خلال عملية اسقاط انفسنا عليه. ويؤكد غادمير ان الاحكام المسبقة لها اهميتها في التأويل. لا بل هي اساس قدرتنا على فهم التاريخ. لأنه لايمكن ان يكون هناك تأويل او فهم -سواء علمي او غير علمي- بدون فروض مسبقة.

يرفض غادمير فكرة التخلص من الذاتية التي تؤدي الى تشويش موضوعية التأويل. على العكس هذه الذاتية هي التي تؤسس موقف وجودنا الراهن كنقطة انطلاق لفهم الماضي والحاضر معا. ومحاولة التخلص من الذاتية يؤدي إلى تركها تمارس فعلهـا في الخفـاء.

غادامير يعتبر أن الفهم إبداع مستقل عن الموضوع، ولذلك فهو لا يمانع من أن يستخدم الإنسان كل طاقاته العاطفية والشعورية من اجل تعمبق هذا الابداع. يبدأ الإبداع من النص أو العمل الفني ، ويتجاوز مبدعه، ليصل الى استملاك النص يفعل به ما يشاء. لأن النص عند غادمير هو وسيلة للفهم. [6]

من اين نحصل على فروض مسبقة؟
[عدل]

نحصل على الفروض المسبقة من التراث. ويجب التذكر ايضا ان الفهم عملية جدلية بين افقي الشخص والشيء الذي يواجهه.
التراث يقدم لنا التصورات وعلينا ان نفرق بين الفروض المثمرة وتلك القاحلة. وليس هناك تعارض بين دعاوي العقل ودعاوي التراث, لأن التراث يزود العقل بالواقع والتاريخ ليعمل به.

إذا كان من المحال وجود تفسير بلا فروض مسبقة، فإن فكرة وجود تفسير صحيح واحد بوصفه صحيحاً في ذاته، هي -في نظر جادامر- بالغة الحمق وأمرٌ محال. فليس هنا تفسير دائم وثابت، وكل نص ينحدر إلينا -وليكن نص ديني أو مسرحية شكسبيرية- يتعين أن يفهم في علاقته بالحاضر. إذن من الضروري أن ننظر إلى النص داخل أفق تاريخيتنا. طبعاً هذا لا يعني أن المعنى مختلف بالنسبة لنا عما كانه عند قراءه الأوائل، بل يعني أن المعنى هو شيء متعلق بالحاضر ونابع من الموقف التفسيري.[7]

2-مفهوم المسافة الزمنية

[عدل]

التوتر القائم بين الحاضر والماضي هو عمل محوري للهرمنيوطيقا لا يخلو من جوانب بناءة مثمرة. يقول غادمير : في الموقع المتوسط بين الغرابة والالف -بين المقصود تاريخيا وتراثنا- توجد المهمة الحقيقة للهرمنيوطيقا.

اهمية النص لا تكمن في انه شعور او رأي للمؤلف, بل هو مهم في ذاته كشيء مقصود[8]
من المنطقي ان يكون العمل الفني المعاصر هو ذو دلالة اكبر, ولكن الخبرة نعلمنا ان الزمن هو غربال المعاني الحقيقية. يقصي ما هو غير جوهري ويبقي ويظهر ما هو حقيقي. فالمسافة الزمنية لا تنحي فقط الفروض المسبقة بل تأتي بتلك الفروض التي تؤدي الى الفهم الصحيح.

ففضائل الانفصال الزمني اشبه بالمسافة الاستطيقية التي تقتضي ان يكون المشاهد على مسافة معينة من المسرح لكي لا يشتت ذهنه بالنظر الى مكياج الممثلين. وهكذا بالرغم من اهمية ان يصبح الماضي حاضرا فللانفصال الزمني اهميته في التأويل.

3-فهم مؤلف النص

[عدل]

مهمة الهرمنيوطيقا تنحصر اساسا في فهم النص وليس المؤلف. ففهم النص لا يتم لأنهناك علاقة بين اشخاص بل لأن هناك مشاركة في موضوع النص. وهذه المشاركة لا تعني ان المفسر يخرج من عالمه, بل انه يدع النص يخاطبه في عالمه الحاضر. اي ان النص يصبح معاصرا. الفهم هو مشاركة في تيار التراث الذي يمتزج فيه الماضي بالحاضر. وهذا هو ما يصر عليه غادمير في نظريته للتأويل. فلا ذاتية المؤلف ولا ذاتية القارئ هي النقطة المرجعية, بل هي المعنى التاريخي نفسه بالنسبة للزمن الحاضر.

4- اعادة بناء الماضي

[عدل]

قبل حسب رأي شلايماخر المهمة الاولى لكي نفهم اي نص قديم هي إعادة بناء العالم الخاص به. كما كان حال التأويل من قبله , اي في اعادة بناء السياق التاريخي للنص, ولكن شلايماخر اضاف طابعا سيكولوجيا. أما غادمير فيقول ان اعادة تشييد اصل العمل الفني قد يكون ضروري للفهم ولكنه ليست المهمة الاساسية للتأويل, لأن معنى العمل يتوقف على الاسئلة التي نطرحها عليه في الحاضر. ولأن المهمة الحقيقة في التأويل هي في دمج الماضي بالحاضر.

5- أهمية التطبيق

[عدل]

لقداغقلت الهرمنيوطيقا التاريخية والادبية عامل التطبيق: اي ربط معنى النص بمجريات الحاضر. فمثلا عنصر التطبيق هو عنصر اساسي في التأويل الديني والقانوني. ومعنى القوانين لا تتبلور إلا بكدح القضاة في تطبيقها على الحالات الخاصة، قاضياً تلو الآخر، وحالة تلو الأخرى. ولذلك فالتأويل الثيولوجي والقانوني يمكن ان يكون نموذجا يحتذى به. وهكذا فإن الهرمنيوطيقا ليست فهماً وتفسيراً فحسب، بل هي أيضاً تطبيق وربط للنص بالزمن الحاضر.

الفهم يشمل التطبيق
[عدل]

يجب ان لا يقتصر التأويل على شرح ما يعنيه النص في عالمه الخاص, بل يجب ان يمتد ليشمل اللحظة الراهنة. مثلا نزع الاسطورة عن النصوص الدينية هي محاولة لاكتشاف ما يبلغونا به اليوم.
مفهوم التطبيق لا يعني احضار نسخة من الماضي بل احضار جوهرية الماضي الى فهمنا الذاتي , الى خبرتنا بالوجود.

الوعي التاريخي الحق

[عدل]

وعلى هذا الأساس، وفي مقابل ذلك الصنف من الوعي التاريخي الذي ينتقده، يصف جادامر صنفاً أصيلاً من الوعي يظل فيه التاريخ فاعلاً على الدوام، يطلق عليه بعض الباحثين اسم "الوعي التاريخي الفعال" .

ثلاثة انماط لعلاقة الانا بالانت

[عدل]
  • الانت بوصفه موضوعا, كما الشيء محدد النطاق, او كوسيلة. وهذا ما يحدث في العلوم الطبيعية
  • الانت بوصفه اسقاطا تامليا انعكاسيا, وهذه الغلاقة تبقى سجينة في الانا. فهي تموضع التاريخ وتدمر ما يطرحه من معنى.
  • الانت على انه تراث يتحدث, وهذا النمط هو وحده الوعي التاريخي الاصيل. حيث علاقةالانا بالانت تتميز بالانفتاح. الذي يريد ان يسمع اكثر مما يريد ان يسود, ريد ان يتعدل او يتغير من خلال الاخر. ولكنه ليس اخر بشكل كامل وموضوعي. لأن المرء يكتسب خبرة من النصوص جعلته منفتحا على الماضي وعللى التراث.

فأفق المعنى الذي يقف داخله النص أو الفعل التاريخي، تتم مقاربته من داخل الأفق الشخصي للمرء. فالمرء عندما يقوم بالتفسير، لا يترك أفقه الخاص وراءه، بل يوسعه بحيث يدمجه بالأفق الخاص بالنص أو الفعل. وجدل السؤال (من القارئ أو المفسر) والجواب (من النص) يحدث انصهاراً للأفقين أو التحاماً بينهما، يعبر عنه جادامر بـ«التحام الآفاق» Fusion of horizons.

مصادر وحواشي

[عدل]
  • مدخل إلى الهرمنيوطيقا، عادل مصطفي، دار النهضة العربية، لبنان، 2003.
  1. ^ غادامير من فهم الوجود إلى فهم الفهم/عبد العزيز بو الشعير
  2. ^ مدخل إلى هرمنيوطيقا غادامر/شادي كسحو/ 2013
  3. ^ شرفي عبد الكريم: من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة/ الدار العربية للعلوم، بيروت /2007/ ص 41.
  4. ^ الهرمنيوطيقا...جذور المصطلح ودلالات المعنى/ الشيخ معتصم سيد أحمد/العدد (50) 2012م
  5. ^ تصور غادامير للفهم التأويلي/ص2/ د. وليد عطاري / الجامعة الاردنية
  6. ^ القرآن الكريم والتأويلية العلمانية أو"النص واللعب الحر "/ د. أحمد إدريس الطعان/ كلية الشريعة – جامعة دمشق
  7. ^ الفلسفة الغربية وقراءة النص/د.مرتضى الفرج/العدد(44)2009
  8. ^ وهل هذا يعني استقلالية النص عن الواقع ؟. مثلا بعد الرومانسية جاء الناقد والشاعر ت. س. إليوت ليعطي الاهتمام فقط للنص واعتبره كيان مستقل عن مبدعه وعن الواقع الذي تم فيه. وبالتالي مهمة الناقد تقوم على اساس موضوعي محايد بالتحليل والمقارنة مع نصوص اخرى وليس بالاعتماد على مشاعره الشخصية. وهذا الفصل بين الذات والموضوع نجده ايضا في بعض الاتجاهات الواقعية.