البوذية والعنف

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

تشتمل العلاقة بين البوذية والعنف على أعمال العنف والعدوان التي يرتكبها البوذيون بدوافع دينية أو سياسية أو اجتماعية ثقافية، فضلًا عن العنف الذاتي الذي يمارسه الزاهدون أو يمارس لأغراض دينية. تعتبر البوذية عمومًا من بين التقاليد الدينية الأقل ارتباطًا بالعنف، ومع ذلك، في تاريخ البوذية، كانت هنالك أعمال عنف موجهة أو مدعومة أو مستوحاة من البوذيين. فيما يتعلق بتعاليم وكتابات بوذا المقدسة، تحظر البوذية العنف لحل النزاعات.[1][2][3]

أمثلة إقليمية[عدل]

جنوب شرق آسيا[عدل]

تايلاند[عدل]

في جنوب شرق آسيا، حاذت تايلاند على العديد من الدعوات الرهبانية البوذية البارزة للعنف. في السبعينيات، جادل الرهبان البوذيون الوطنيون مثل فرا كيتيوتو بأن قتل الشيوعيين لا ينتهك أيًا من المبادئ البوذية. ظهر الجانب المسلح من البوذية التايلاندية مرة أخرى في عام 2004 عندما تجدد التمرد الإسلامي الملاوي في أقصى جنوب تايلاند. في البداية، تجاهل الرهبان البوذيون الصراع لأنهم رأوا أنه سياسي وليس دينيًا، لكنهم تبنوا في النهاية «تشكيل الهوية»، لأن الحقائق العملية تتطلب انحرافات عن المثل الدينية.[4][5]

ميانمار[عدل]

في السنوات الأخيرة، شجع مجلس الدولة للسلام والتنمية (إس بي دي سي)، الذي كان النظام العسكري لبورما منذ 1988 وحتى 2011، بقوة تحويل الأقليات العرقية، في كثير من الأحيان باستخدام العنف، كجزء من حملة الاستيعاب. روج النظام لرؤية لقومية بوذية بورمية باعتبارها أيديولوجية ثقافية وسياسية لإضفاء الشرعية على حكمه المتنازع عليه، في محاولة لتحقيق التوفيق الديني بين البوذية وأيديولوجيتها الشمولية.[6]

ثورة الزعفران، وهي سلسلة من الاحتجاجات والمظاهرات الاقتصادية والسياسية التي وقعت خلال عام 2007، قادها طلاب وناشطون سياسيون، بمن فيهم النساء، وأيضًا الرهبان البوذيين، واتخذت شكل حملة للمقاومة اللاعنفية، والتي تسمى أحيانًا المقاومة المدنية.[7]

ردًا على الاحتجاجات، قُبض على عشرات المحتجين أو احتُجزوا. ابتداءً من سبتمبر 2007، قاد الاحتجاجات آلاف الرهبان البوذيين، وسُمح لهذه الاحتجاجات بالمضي قدمًا حتى تجدد الحملة الحكومية في أواخر سبتمبر 2007. قُتل ما لا يقل عن 184 محتجًا بالرصاص وتعرض الكثيرون للتعذيب. في ظل مجلس الدولة للسلام والتنمية، شن الجيش البورمي هجمات عسكرية ضد الأقليات العرقية، وارتكب أعمالًا تنتهك القانون الدولي الإنساني.[8]

أصبحت ميانمار معقلًا للعدوان البوذي، ويحفز الرهبان القوميون المتشددون مثل هذه الأعمال.[9][10][11][12] كانت أقدم منظمة مسلحة فعالة في المنطقة هي جيش كارين البوذي الديمقراطي (دي كيه بي إيه)، برئاسة الراهب البوذي يو ثوزانا، منذ عام 1992.[13] في السنوات الأخيرة، ارتبط الرهبان والأعمال الإرهابية بحركة 969 القومية، خاصة في ميانمار والدول المجاورة. بلغ العنف أعلى الدرجات في يونيو 2012، مع قتل أكثر من 200 شخص ونزوح نحو 100,000 شخص. اعتبارًا من عام 2012، ساعدت حركة «969» التي قادها الرهبان (أبرزهم ويراثو) على إنشاء حركات قومية معادية للإسلام في المنطقة، وحثت البوذيين في ميانمار على مقاطعة الخدمات والتجارات الإسلامية، مما أدى إلى اضطهاد المسلمين في بورما من قبل الغوغاء المقادين بالبوذيين. على الرغم من ذلك، لم يكن جميع الجناة من البوذيين، وكانت الدوافع اقتصادية بقدر كونها دينية. في 20 يونيو 2013، ذُكِر ويراثو على غلاف مجلة تايم بلقب «وجه الإرهاب البوذي». وفقًا لتقرير هيومن رايتس ووتش، لعبت الحكومة البورمية والسلطات المحلية دورًا رئيسيًا في النزوح القسري لأكثر من 125,000 شخص من الروهينغيا وغيرهم من المسلمين في المنطقة. يحدد التقرير كذلك الهجمات المنسقة في أكتوبر 2012 التي نفذت في مدن مختلفة من قبل المسؤولين البورميين وقادة المجتمع والرهبان البوذيين لترويع السكان ونقلهم قسرًا. يعد عنف ميكلتيلا، ولاشيو (2013)، وماندالاي (2014) أحدث أعمال العنف البوذية في بورما.[14][15][16][17][18][19][20][21][22][23]

صرح مايكل جيريسون، المؤلف للعديد من الكتب التي تنتقد بشدة التصورات السلمية التقليدية للبوذية، بأن «الرهبان البوذيين البورميين ربما لم يبدؤوا في أعمال العنف، ولكنهم استقلوا الموجة وبدأوا في التحريض أكثر». في حين أن المثل العليا للنصوص البوذية المعترف بها تروج للسلام والمسالمة، تزدهر التناقضات بين الواقع والمبادئ بسهولة في أوقات انعدام الأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، مثل انتقال ميانمار الحالي إلى الديمقراطية».[24]

مع ذلك، أدان العديد من الزعماء البوذيين، بمن فيهم ثيت نات هانه، وبيكو بوذي، وشودو هارادا، والدالاي لاما وغيرهم، العنف ضد المسلمين في ميانمار ودعوا إلى السلام، ودعموا ممارسة المبادئ البوذية الجوهرية المتمثلة في عدم الإضرار والاحترام المتبادل والرحمة. قال الدالاي لاما «بوذا يعلمنا دائمًا عن المغفرة والتسامح والرحمة. إذا كانت بعض المشاعر من زاوية واحدة من عقلك تجعلك تريد أن تضرب أو تريد أن تقتل، فرجاء تذكر إيمان بوذا. نحن أتباع بوذا». قال أنه «يجب حل جميع المشكلات من خلال الحوار، من خلال الكلام. استخدام العنف قديم، ولا يحل المشكلات أبدًا».[25][26]

مونج زارني، مدافع عن الديمقراطية البورمية، وناشط في مجال حقوق الإنسان، وزميل باحث في كلية لندن للاقتصاد، كتب عن العنف في ميانمار وسريلانكا، حيث قال أنه لا يوجد مكان للأصولية في البوذية. وقال: «لا يمكن لأي بوذي أن يكون قوميًا، لا يوجد بلد للبوذيين. أقصد، لا يوجد شيء مثل «أنا» أو «مجتمعي» أو «بلدي» أو «عرقي» أو حتى «إيماني»».[27]

المراجع[عدل]

  1. ^ NW, 1615 L. St; Washington, Suite 800; Inquiries, DC 20036 USA202-419-4300 | Main202-419-4349 | Fax202-419-4372 | Media (27 Jan 2011). "The Future of the Global Muslim Population". Pew Research Center's Religion & Public Life Project (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2020-03-08. Retrieved 2019-10-13.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء عددية: قائمة المؤلفين (link)
  2. ^ Jerryson & Juergensmeyer 2010، صفحات 22.
  3. ^ Jerryson & Juergensmeyer 2010، صفحات 24.
  4. ^ Jerryson 2011، صفحات 110.
  5. ^ Jerryson 2011، صفحات 182-186.
  6. ^ Skidmore 2005، صفحات 120.
  7. ^ Roberts & Garton Ash 2011، صفحات 354-370.
  8. ^ Elaine Pearson (6 أغسطس 2008). "Burma: No Rights Reform 20 Years After Massacre | Human Rights Watch". Hrw.org. مؤرشف من الأصل في 2008-11-07. اطلع عليه بتاريخ 2009-10-13.
  9. ^ Fuller، Thomas (20 يونيو 2013). "Extremism Rises Among Myanmar Buddhists". The New York Times. مؤرشف من الأصل في 2019-10-14.
  10. ^ Siddiqui، Habib (21 أكتوبر 2012). "Letter from America: Buddhist Terrorism – no longer a myth". Asian Tribune. مؤرشف من الأصل في 2016-03-04. اطلع عليه بتاريخ 2013-03-31.
  11. ^ Fuller، Thomas (5 نوفمبر 2012). "Charity Says Threats Foil Medical Aid in Myanmar". نيويورك تايمز. مؤرشف من الأصل في 2018-07-29. اطلع عليه بتاريخ 2012-04-01.
  12. ^ "Buddhists terrorists block aid to Burma Muslims". IRIB World Service. 7 نوفمبر 2012. مؤرشف من الأصل في 2015-01-11. اطلع عليه بتاريخ 2013-04-01.
  13. ^ "Terrorist Organization Profile:Democratic Karen Buddhist Army (DKBA)". The Study of Terrorism and Responses to Terrorism, the University of Maryland. 2013. مؤرشف من الأصل في 2014-01-03. اطلع عليه بتاريخ 2013-04-01.
  14. ^ "Is 'nationalism' solely to blame for Burma's latest anti-Muslim violence?". Asian Correspondent. 30 مايو 2013. مؤرشف من الأصل في 2015-06-27. اطلع عليه بتاريخ 2013-05-30.
  15. ^ "Fresh communal riots in Myanmar". Bangkok Post. 25 مارس 2013. مؤرشف من الأصل في 2016-03-03. اطلع عليه بتاريخ 2013-05-30.
  16. ^ "Buddhist mobs spread fear among Myanmar's Muslims". Yahoo News. 30 مايو 2013. مؤرشف من الأصل في 2018-11-19. اطلع عليه بتاريخ 2013-05-30.
  17. ^ "Massacre in Central Burma: Muslim Students Terrorized and Killed in Meiktila". Global Research. 26 مايو 2013. مؤرشف من الأصل في 2017-01-15. اطلع عليه بتاريخ 2013-05-30.
  18. ^ "All you can do is pray". Human Rights Watch. 22 أبريل 2013. مؤرشف من الأصل في 2015-07-05. اطلع عليه بتاريخ 2013-05-30. {{استشهاد بخبر}}: |archive-date= / |archive-url= timestamp mismatch (مساعدة)
  19. ^ Hannah Beech (1 يوليو 2013). "The Face of Buddhist Terror". Time Magazine. مؤرشف من الأصل في 2013-08-28.
  20. ^ "Myanmar's '969' crusade breeds anti-Muslim malice". GlobalPost. 27 مارس 2013. مؤرشف من الأصل في 2016-05-28. اطلع عليه بتاريخ 2013-06-26.
  21. ^ Szep، Jason (8 أبريل 2013). "Special Report - Buddhist monks incite Muslim killings in Myanmar". رويترز. ميكتيلا  [لغات أخرى]‏. مؤرشف من الأصل في 2015-09-24. اطلع عليه بتاريخ 2015-06-23.{{استشهاد بخبر}}: صيانة الاستشهاد: علامات ترقيم زائدة (link) صيانة الاستشهاد: مكان (link)
  22. ^ "Myanmar govt targets 'neo-Nazi' Buddhist group". The Straits Times. 8 أبريل 2013. مؤرشف من الأصل في 2020-06-20. اطلع عليه بتاريخ 2013-05-30.{{استشهاد بخبر}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  23. ^ Hodal، Kate (18 أبريل 2013). "Buddhist monk uses racism and rumours to spread hatred in Burma". Theguardian. London. مؤرشف من الأصل في 2019-12-30. اطلع عليه بتاريخ 2013-05-30.
  24. ^ "How to reverse Buddhism's radical turn in Southeast Asia?". IRIN. 16 يوليو 2013. مؤرشف من الأصل في 2018-07-07. اطلع عليه بتاريخ 2017-06-24.
  25. ^ Thích Nhất Hạnh؛ Bhikkhu Bodhi؛ A. T. Ariyaratne؛ Chao Khun Raja Sumedhajahn؛ Phra Paisal Visalo؛ 8th Arjia Rinpoche؛ Shodo Harada؛ Judith Simmer-Brown؛ Ajahn Amaro؛ Alan Senauke؛ Chân Không؛ Jack Kornfield؛ Surya Das؛ Zoketsu Norman Fischer؛ Tulku Sherdor Rinpoche؛ 14th Dalai Lama (10 ديسمبر 2012). "Buddhist Leaders Respond To Violence Against Muslims In Myanmar". huffingtonpost.com. هافينغتون بوست. مؤرشف من الأصل في 2017-10-09. اطلع عليه بتاريخ 2015-06-19.{{استشهاد بخبر}}: صيانة الاستشهاد: أسماء عددية: قائمة المؤلفين (link)
  26. ^ Lila، Muhammad (22 أبريل 2013). "International Dalai Lama Pleads for Myanmar Monks to End Violence Amid Damning Rights Report". إيه بي سي نيوز. دارامسالا. مؤرشف من الأصل في 2019-05-08. اطلع عليه بتاريخ 2015-06-19.
  27. ^ Anuradha Sharma Pujari؛ Vishal Arora (1 مايو 2014). "Nirvanaless: Asian Buddhism's growing fundamentalist streak". washingtonpost.com. واشنطن بوست. مؤرشف من الأصل في 2019-12-26. اطلع عليه بتاريخ 2015-06-19.