علم التخلق السلوكي

هذه المقالة يتيمة. ساعد بإضافة وصلة إليها في مقالة متعلقة بها
يرجى مراجعة هذه المقالة وإزالة وسم المقالات غير المراجعة، ووسمها بوسوم الصيانة المناسبة.
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

علم التخلق السلوكي هو مجال الدراسة الذي يبحث دور علم ما فوق الجينات في تشكيل سلوك الحيوان والإنسان.[1] يسعى هذا المجال إلى تفسير كيف يمكن للتنشئة والعوامل البيئية أن تؤثر على الطبيعة الوراثية للفرد.[2] حيث تشير "الطبيعة" إلى الوراثة البيولوجية،[3] وتشير "التنشئة" إلى كل ما يحدث تقريبًا خلال فترة الحياة، مثل التجارب الاجتماعية، والنظام الغذائي والتغذية، والتعرض للسموم.[4] يحاول علم التخلق السلوكي تقديم إطار لفهم كيفية تأثير التجارب والبيئة على تعبير الجينات[5] لإنتاج الفروق الفردية في السلوك،[6] المعرفة،[2] الشخصية،[7] والصحة العقلية.[8][9]

تشمل التغيرات فوق الجينية تغيرات في الهستونات (هي البروتينات التي يلتف حولها الحمض النووي لتشكيل هيكل الكروموسومات) و مثيلة الحمض النووي،[4][10][11] يمكن أن تؤثر هذه التغيرات على نمو الخلايا العصبية في الدماغ،[12] أو نشاط الخلايا العصبية بعد اكتمال النمو.[13][14] يمكن لهذه التغيرات فوق الجينية في بنية ووظيفة الخلايا العصبية أن يكون لها تأثير كبير على سلوك الكائن الحي.[1]

خلفية[عدل]

في علم الأحياء، وتحديدًا في علم الوراثة، علم التخلق هو دراسة التغيرات التي تحدث لنمط ظاهري وراثي لأسباب لا تتعلق بتغير تسلسل الدنا.[15] يمكن استخدام المصطلح أيضًا لوصف دراسة التغييرات المستقرة والطويلة الأمد في قدرة الخلية على النسخ، والتي قد لا تنتقل من جيل إلى آخر.[16][17] أمثلة على الآليات التي تسبب مثل هذه التغييرات هي مثيلة الحمض النووي[18] و تعديل الهستونات[19]، كل منهما يقوم بتغيير كيفية التعبير الجيني دون تغيير التسلسل الأساسي للحمض النووي. يمكن التحكم في التعبير الجيني عبر البروتينات المثبطة التي ترتبط بمناطق الكاتم في الدنا.

التغيرات الفوق جينية لا تغير التسلسل الأساسي للحمض النووي.

عندما يتم مثيلة الحمض النووي، يتم إضافة مجموعة ميثيل (CH3) إلى الحمض النووي في مواقع معينة، مما يؤدي إلى تعطيل قدرة الخلية على قراءة هذا الجين. مما يعني أنه لن يتم تحويل المعلومات الوراثية الموجودة في هذا الجين إلى بروتين. عندما يتم إزالة مجموعة الميثيل، يمكن للخلية قراءة المعلومات الوراثية من الجين وتحويلها إلى بروتين.[20][21]

عندما يحدث تعديل في الهستونات، يتغير الشكل الذي يتم فيه لف الحمض النووي حول هذه الهيستونات. وهذا التغيير في الترتيب يؤثر على الطريقة التي يتم بها تعبير الجينات.[22]

علم التخلق له تأثير قوي على تطور الكائن الحي ويمكن أن يغير تعبير الصفات الفردية.[11] يحدث التغيير في التخلق ليس فقط في الجنين، بل أيضًا في الأفراد طوال فترة حياتهم.[4][23] وبما أن بعض التغيرات الفوق جينية يمكن أن تنتقل من جيل إلى آخر،[24] فإن الأجيال اللاحقة قد تتأثر بالتغييرات التي حدثت للآباء.[24]

الاكتشاف[عدل]

أول مثال موثق على تأثير علم التخلق على السلوك تم تقديمه من قبل مايكل ميني وموشيه زيف.[25] أثناء العمل في جامعة مكغيل في مونتريال في عام 2004، اكتشفوا أن نوعية وكمية الرعاية التي توفرها أم الجرذ في الأسابيع الأولى من حياة الجرذ تحدد كيف يستجيب ذلك الجرذ للضغوط في وقت لاحق من حياته.[4] تم ربط هذه الحساسية للضغط بالتنظيم بالإنقاص في تعبير مستقبل الهرمون القشري السكري في الدماغ. تم العثور على أن هذا التنظيم بالإنقاص ناتج عن مدى المثيلة في منطقة المُحفِّز الخاصة بجين مستقبل الهرمون القشري السكري.[1] بعد الولادة مباشرة، وجد ميني وزيف أن مجموعات الميثيل تقمع جين مستقبلات الهرمون القشري السكري في جميع صغار الفئران، مما يجعل الجين غير قادر على التخلص من الهستون من أجل نسخه، مما يتسبب في انخفاض الاستجابة للضغط. تبين أن سلوكيات الرعاية من الجرذ الأم تُنشط مسارات إشارة الضغط، مما يساهم في إزالة المجموعات الميثيلية من الحمض النووي. هذا يؤدي إلى تخفيف التماسك بين الجين والبروتينات التي يلتف حولها، مما يُمكِّن من نسخ الجين. عندما يتم تفعيل جين الهرمون القشري السكري، يقلل ذلك من استجابة الجسم للضغط. كشفت الدراسات أن صغار الفئران التي تتلقى تنشئة أقل رعاية تكون أكثر حساسية للضغط طوال فترة حياتها. كان من الصعب تكرار مثل هذه التجربة في البشر بسبب نقص توفر أنسجة الدماغ البشرية لقياس التغيرات الفوق جينية.[1]

أبحاث في علم التخلُّق في علم النفس[عدل]

القلق والمخاطرة[عدل]

التوائم أحادية الزيجوت هي التوائم المتماثلة. تساعد دراسات التوائم في الكشف عن الفروقات ما فوق الجينية المتعلقة بمختلف جوانب علم النفس.

في دراسة سريرية صغيرة على البشر نُشرت في عام 2008،[26] تم ربط الفروقات ما فوق الجينية بالاختلافات في الإقدام على المخاطر وردود الفعل تجاه التوتر في التوائم المتماثلة.[26] حددت الدراسة توائم ذوي مسارات حياتية مختلفة، حيث أظهر أحد التوأمين سلوكيات تنطوي على المخاطرة، بينما أظهر الآخر سلوكيات تتجنب المخاطرة. أشار مؤلفو دراسة التوائم إلى أنه على الرغم من الارتباطات بين العلامات ما فوق الجينية والاختلافات في السمات الشخصية، إلا أن علم التخلُّق لا يمكنه التنبؤ بعمليات اتخاذ القرارات المعقدة مثل اختيار المهنة.[26]

التوتر[عدل]

وجدت الدراسات التي أُجريت على الحيوانات والبشر ارتباطات بين الرعاية السيئة خلال الطفولة والتغيرات ما فوق الجينية التي تتوافق مع العيوب طويلة الأمد الناتجة عن الإهمال.[27][28][29]

مراجع[عدل]

  1. ^ أ ب ت ث Miller G (يوليو 2010). "Epigenetics. The seductive allure of behavioral epigenetics". Science. ج. 329 ع. 5987: 24–7. Bibcode:2010Sci...329...24M. DOI:10.1126/science.329.5987.24. PMID:20595592.
  2. ^ أ ب Powledge T (2011). "Behavioral epigenetics: How nurture shapes nature". BioScience. ج. 61 ع. 8: 588–592. DOI:10.1525/bio.2011.61.8.4.
  3. ^ Kail RV، Barnfield A (2011). Children and Their Development, Second Canadian Edition with MyDevelopmentLab. Toronto: Pearson Education Canada. ISBN:978-0-13-255770-2.
  4. ^ أ ب ت ث Moore DS (2015). The Developing Genome: An Introduction to Behavioral Epigenetics (ط. 1st). Oxford University Press. ISBN:978-0-19-992234-5.
  5. ^ Champagne FA، Mashoodh R (2012). "Genes in context: Gene-environment interplay and the origins of individual differences in behaviour". Current Directions in Psychological Science. ج. 18 ع. 3: 127–131. DOI:10.1111/j.1467-8721.2009.01622.x. S2CID:18672157.
  6. ^ Zhang TY، Meaney MJ (2010). "Epigenetics and the environmental regulation of the genome and its function". Annual Review of Psychology. ج. 61: 439–66, C1-3. DOI:10.1146/annurev.psych.60.110707.163625. PMID:19958180.
  7. ^ Bagot RC، Meaney MJ (أغسطس 2010). "Epigenetics and the biological basis of gene x environment interactions". Journal of the American Academy of Child and Adolescent Psychiatry. ج. 49 ع. 8: 752–71. DOI:10.1016/j.jaac.2010.06.001. PMID:20643310.
  8. ^ Stuffrein-Roberts S، Joyce PR، Kennedy MA (فبراير 2008). "Role of epigenetics in mental disorders". The Australian and New Zealand Journal of Psychiatry. ج. 42 ع. 2: 97–107. DOI:10.1080/00048670701787495. PMID:18197504. S2CID:36721906. مؤرشف من الأصل في 2023-02-07.
  9. ^ Mill J، Tang T، Kaminsky Z، Khare T، Yazdanpanah S، Bouchard L، Jia P، Assadzadeh A، Flanagan J، Schumacher A، Wang SC، Petronis A (مارس 2008). "Epigenomic profiling reveals DNA-methylation changes associated with major psychosis". American Journal of Human Genetics. ج. 82 ع. 3: 696–711. DOI:10.1016/j.ajhg.2008.01.008. PMC:2427301. PMID:18319075.
  10. ^ Rana AK (24 يناير 2018). "Crime investigation through DNA methylation analysis: methods and applications in forensics". Egyptian Journal of Forensic Sciences. ج. 8 ع. 1. DOI:10.1186/s41935-018-0042-1.
  11. ^ أ ب Pennisi E (أغسطس 2001). "Behind the scenes of gene expression". Science. ج. 293 ع. 5532: 1064–7. DOI:10.1126/science.293.5532.1064. PMID:11498570. S2CID:40236421.
  12. ^ Juliandi B، Abematsu M، Nakashima K (أغسطس 2010). "Epigenetic regulation in neural stem cell differentiation". Development, Growth & Differentiation. ج. 52 ع. 6: 493–504. DOI:10.1111/j.1440-169X.2010.01175.x. PMID:20608952. S2CID:28991168.
  13. ^ Ma DK، Marchetto MC، Guo JU، Ming GL، Gage FH، Song H (نوفمبر 2010). "Epigenetic choreographers of neurogenesis in the adult mammalian brain". Nature Neuroscience. ج. 13 ع. 11: 1338–44. DOI:10.1038/nn.2672. PMC:3324277. PMID:20975758.
  14. ^ Sun J، Sun J، Ming GL، Song H (مارس 2011). "Epigenetic regulation of neurogenesis in the adult mammalian brain". The European Journal of Neuroscience. ج. 33 ع. 6: 1087–93. DOI:10.1111/j.1460-9568.2011.07607.x. PMC:3076719. PMID:21395852.
  15. ^ Dupont C، Armant DR، Brenner CA (سبتمبر 2009). "Epigenetics: definition, mechanisms and clinical perspective". Seminars in Reproductive Medicine. ج. 27 ع. 5: 351–7. DOI:10.1055/s-0029-1237423. PMC:2791696. PMID:19711245. في المعنى الأصلي لهذا التعريف، يشير علم ما فوق الجينات إلى المسارات الجزيئية التي تعديل التعبير عن نمط جيني إلى نمط ظاهري معين. وخلال الأعوام التالية ومع النمو والتطور السريع في علم الجينات، تم حصر معنى المصطلح بقدر كبير، وأصبح تعريف علم ما فوق الجينات المقبول عموما اليوم هو "دراسة التغيرات في وظيفة الجين التي يتم توريثها بالانقسام المتساوي أو المنصف والتي لا تنطوي على تغيُّرٍ في تسلسل الدنا".
  16. ^ Bird A (مايو 2007). "Perceptions of epigenetics". Nature. ج. 447 ع. 7143: 396–8. Bibcode:2007Natur.447..396B. DOI:10.1038/nature05913. PMID:17522671. S2CID:4357965.
  17. ^ "Overview of the Roadmap Epigenomics Project". مؤرشف من الأصل في 2019-11-21. اطلع عليه بتاريخ 2013-12-15.
  18. ^ Mehler MF (ديسمبر 2008). "Epigenetic principles and mechanisms underlying nervous system functions in health and disease". Progress in Neurobiology. ج. 86 ع. 4: 305–41. DOI:10.1016/j.pneurobio.2008.10.001. PMC:2636693. PMID:18940229.
  19. ^ Maze I، Nestler EJ (يناير 2011). "The epigenetic landscape of addiction". Annals of the New York Academy of Sciences. ج. 1216 ع. 1: 99–113. Bibcode:2011NYASA1216...99M. DOI:10.1111/j.1749-6632.2010.05893.x. PMC:3071632. PMID:21272014.
  20. ^ Reik W (مايو 2007). "Stability and flexibility of epigenetic gene regulation in mammalian development". Nature. ج. 447 ع. 7143: 425–32. Bibcode:2007Natur.447..425R. DOI:10.1038/nature05918. PMID:17522676. S2CID:11794102.
  21. ^ Gottesman II، Hanson DR (2005). "Human development: biological and genetic processes". Annual Review of Psychology. ج. 56: 263–86. DOI:10.1146/annurev.psych.56.091103.070208. PMID:15709936.
  22. ^ "Histone modifications | Abcam". www.abcam.com. مؤرشف من الأصل في 2024-05-19. اطلع عليه بتاريخ 2021-10-09.
  23. ^ Campbell IC، Mill J، Uher R، Schmidt U (يناير 2011). "Eating disorders, gene-environment interactions and epigenetics". Neuroscience and Biobehavioral Reviews. ج. 35 ع. 3: 784–93. DOI:10.1016/j.neubiorev.2010.09.012. PMID:20888360. S2CID:24599095.
  24. ^ أ ب Goto T، Monk M (يونيو 1998). "Regulation of X-chromosome inactivation in development in mice and humans". Microbiology and Molecular Biology Reviews. ج. 62 ع. 2: 362–78. DOI:10.1128/MMBR.62.2.362-378.1998. PMC:98919. PMID:9618446.
  25. ^ Weaver IC، Cervoni N، Champagne FA، D'Alessio AC، Sharma S، Seckl JR، Dymov S، Szyf M، Meaney MJ (أغسطس 2004). "Epigenetic programming by maternal behavior". Nature Neuroscience. ج. 7 ع. 8: 847–54. DOI:10.1038/nn1276. PMID:15220929. S2CID:1649281.
  26. ^ أ ب ت Kaminsky Z، Petronis A، Wang SC، Levine B، Ghaffar O، Floden D، Feinstein A (فبراير 2008). "Epigenetics of personality traits: an illustrative study of identical twins discordant for risk-taking behavior". Twin Research and Human Genetics. ج. 11 ع. 1: 1–11. DOI:10.1375/twin.11.1.1. PMID:18251670. S2CID:32776461.
  27. ^ Masterpasqua F (2009). "Psychology and epigenetics". Review of General Psychology. ج. 13 ع. 3: 194–201. DOI:10.1037/a0016301. S2CID:35879739.
  28. ^ Szyf M، McGowan P، Meaney MJ (يناير 2008). "The social environment and the epigenome". Environmental and Molecular Mutagenesis. ج. 49 ع. 1: 46–60. Bibcode:2008EnvMM..49...46S. DOI:10.1002/em.20357. PMID:18095330. S2CID:18739871.
  29. ^ González-Pardo H، Pérez Álvarez M (فبراير 2013). "Epigenetics and its implications for Psychology". Psicothema. ج. 25 ع. 1: 3–12. DOI:10.7334/psicothema2012.327. PMID:23336536.