أمصار

الأمصار هي المدن المتحضرة والمناطق الكبيرة التي تقع فيها المنازل والأسواق والمدارس وغيرها من المرافق العامة.[1] وقد تُشير أيضًا إلى المدن الحامية أو الهياكل التي أنشأها المحاربون المسلمون في الأراضي الحدودية، في القرون الأولى للإسلام. أول إنشاء لها كان في عهد الخليفة عمر أثناء حكمه من 634 إلى 644 م.[2] وقد اجتذبت العديد من هذه الحاميات المدنيين وتحولت إلى مدن.
وصف
[عدل]في المناطق الحدودية لانتشار الإسلام، ظهرت الأمصار والرباط شكلين من أشكال الحصون العسكرية في العمارة الإسلامية. من الناحية العسكرية، فإن بنية ووظيفة الأمصار تشبه المستعمرات الرومانية القديمة.[3] مثل المستعمرة الحدودية، كانت القلعة بمثابة قاعدة لمزيد من الفتوحات. وقد بُنيَت الحصون العسكرية العربية من نوع الأمصار في كثير من الأحيان بالقرب من المدن القديمة القائمة. وكانت في كثير من الأحيان ذات شكل مربع.
وبدلًا من الحفاظ على غرضها الأصلي المتمثل في العمل قاعدةً عسكريةً، تطورت العديد من الأمصار إلى مراكز حضرية وإدارية. وقد حدث هذا على وجه الخصوص في حالة مدينتي الكوفة والبصرة العراقيتين، اللتين أصبحتا تعرفان باسم "الحصنين" ، وأيضا في حالة الفسطاط والقيروان في شمال أفريقيا، فقد بنى المسلمون هذه المدن الأربعة أمصارًا، ثم ما لبثت أن أصبحَت مركزًا للمدينة.
التاريخ
[عدل]عصر الراشدين
[عدل]وذكر ابن الكلبي أن عرفجة بن هرثمة كان أول من بنى الأمصار، فأقام فيها معسكرات جند المسلمين في البلاد التي فتحها إقامة دائمة، وأقام فيها المرافق العامة والمساجد.[4] وبتوجيه من الخليفة عمر، أنشأ عرفجة البارقي حامية (أمصار) في الموصل،[5] وعُيّن واليًا هناك، وخاصة لإدارة الإيرادات.[6] كانت منطقة الموصل قليلة السكان للغاية عند فتح المسلمين. وبعد أن استقرت المنطقة وأُقِيم المسجد فيها، أمر الخليفة بتوطين أربعة آلاف في الموصل من شتى أنحاء العراق والبلاد. وبُنيَت المباني الجديدة من الطوب الطيني، بدلًا من القصب، وهي مادة كانت شائعة في المنطقة، كما وٌسِّعَت المناطق الأخرى المأهولة بالسكان بشكل كبير. وفي الموصل، بنى هرثمة بأمر الخليفة حصنًا، وعددًا من الكنائس، ومسجدًا، ومحلًا لليهود؛ وذلك لتحريك اقتصاد المدينة. وكانت الموصل مقرًّا لدولة الخلافة في عملياتها العسكرية الشمالية. عزز عتبة موقعه في تكريت ثم تقدم بعد ذلك إلى باجورمي وشهرزور حيث استقرت قواته هناك. وبعد فترة قصيرة من حكمه، سار عرفجة مع 700 جندي من الأزد إلى الموقع الذي سيُعرف في المستقبل بالبصرة، بينما أُوكِل حكم الموصل إلى الحارث بن الحسن.[7] ثم أسس عرفجة وعتبة أمصار في الجنوب (مدينة الحامية) التي سميت بالبصرة، حيث دُعِمَ المعسكر العسكري في الموقع تدريجيًا بمزيد من الهياكل الدائمة والنمو إلى أن أصبحَت مدينةً كبيرة،[8] تتميز الأمصار التي بناها عرفجة بسبعة مجمعات قبلية يمكن أن تستوعب 700 جندي من الحامية،[9] وبنت منازل من الطوب اللبن والجص والطين لتحل محل المعسكرات.[10] وبينما كانت المباني قائمة، بدأ عرفجة مع حذيفة بن محسن ومعجزة بن ثور السدوسي في ملء المجمع بقبائل الأزد، وتميم، وقبيلة سدوس بن شيبان.[11] ثم صمم عرفجة سبعة سدود من الطين في البصرة، سدين في مستوطنة الخريبة، وسدًّا في الزابوقة، وسدين في منطقة بني تميم، وسدين في منطقة قبيلة الأزد[12]
ومن أقدم الأمصار التي بُنيَت هي الكوفة التي استقر فيها سعد بن أبي وقاص، حيث أمره الخليفة بتأسيس مقر جديد لجيشه في العراق، فانتقل إلى موقع سيُعرف في المستقبل بالكوفة. هنا، نقل وفكك سعد بن أبي وقاص الجدران والمنشآت العسكرية في مدينة ساسانية مجاورة عُرفَت بالمدائن لبناء الكوفة (الأمصار الجديدة). كان الأمراء الجدد يطلق عليهم رسميًا اسم جند الكوفة، وكانوا يتألفون من سبع فرق مجمعة كانت تجهز الجنود المسلمين الذين استقروا في تلك المنطقة بشكل دائم مع عائلاتهم، واتخذ سعد من الكوفة مقرًا دائمًا له. بعكس البصرة التي توسعت مدينةً بمفردها، فإن توسّع الكوفة المستقبلي جعلها تضم الحيرة، وقد أُطلِق عليها فترةً من الزمن اسم الكوفتين لأنها شملَت الكوفة القديمة والحيرة، وهي اليوم تُسمى النجف.[13]
طالع أيضا
[عدل]مراجع
[عدل]- ^ Amsar meaning، مؤرشف من الأصل في 2023-02-07، اطلع عليه بتاريخ 2023-02-08
- ^ Frank، Daniel H.؛ Institute of Jewish Studies (London, England) (1995). The Jews of Medieval Islam: Community, Society, and Identity : Proceedings of an International Conference Held by the Institute of Jewish Studies, University College London, 1992. BRILL. ص. 5–. ISBN:90-04-10404-6. مؤرشف من الأصل في 2022-09-30.
- ^ Hillenbrand، Robert (1999). G. P. Brogiolo and B. Ward-Perkins (المحرر). Anjar and Early Islamic Urbanism. Leiden: BRILL. ص. 59–98 [59–60]. مؤرشف من الأصل في 2024-07-11. اطلع عليه بتاريخ 2021-05-09.
{{استشهاد بكتاب}}
:|صحيفة=
تُجوهل (مساعدة) - ^ al-Hamawi، Yaqut (1995). Mu'jam al Buldan (Dictionary of Countries). Dar as Sadr. ص. 230. مؤرشف من الأصل في 2022-10-19. اطلع عليه بتاريخ 2021-11-22.
- ^ Nováček، Karel؛ Melčák، Miroslav؛ Starková، Lenka (2017). Medieval Urban Landscape in Northeastern Mesopotamia. Archaeological Publishing Limited. ص. 68. ISBN:9781784915193. مؤرشف من الأصل في 2023-05-31. اطلع عليه بتاريخ 2021-11-20.
- ^ Nu'mani، Shibli (1962). Omar the Great, the Second Caliph of Islam. the University of Michigan. ص. 43. اطلع عليه بتاريخ 2021-11-20.
- ^ al Ghulami، Abd al Mun'im (1965). الأنساب والأسر. Shafiq Press. ص. 104. ISBN:8987990397. مؤرشف من الأصل في 2022-09-29. اطلع عليه بتاريخ 2021-11-20.
- ^ Khattab، Mahmud Sheet (2010). دة فتح العراق والجزيرة [Leaders of the Conquest of Iraq and Al-Jazeera]. ص. 327. مؤرشف من الأصل في 2024-02-22. اطلع عليه بتاريخ 2021-11-19.
- ^ Khattab، Mahmud Sheet (2010). دة فتح العراق والجزيرة [Leaders of the Conquest of Iraq and Al-Jazeera]. ص. 332. مؤرشف من الأصل في 2024-02-22. اطلع عليه بتاريخ 2021-11-19.
- ^ Ibn Faqih، Ahmad ibn Muhammad. "al Buldan(countries) Part: 1 Page: 229". Library E-Shia. اطلع عليه بتاريخ 2021-11-20.
- ^ Ibn Sa'd، Abū 'Abd Allāh Muḥammad. Tabaqat al Kubra. ص. 730. مؤرشف من الأصل في 2022-09-29. اطلع عليه بتاريخ 2021-11-22.
- ^ Baladhuri، Ahmad (1866). كتاب فتوح البلدان(Futuh al Buldan). E.J BRILL. ص. 341. مؤرشف من الأصل في 2023-10-18. اطلع عليه بتاريخ 2021-11-20.
- ^ اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح
<ref>
والإغلاق</ref>
للمرجعFutuh al Buldan Baladhuri & Mu'jam al Buldan Yaqut Hamawi