«
خرجنا من البصرة فما وردنا ماء من مياه العرب إلا وسمعنا البيت قد سبقنا إليه حتى أتينا حاضر بنى نمير فخرج النساء والصبيان يقولون: قبحكم الله وقبح ما جئتمونا به.»
ومنذ ذلك الحين سميت بالدامغة حتى أخذ بنو نمير لا ينتسبون لأبيهم نمير بل ينتسبون لجدهم ويقولون نحن من بني عامر.
نُظمت القصيدة على بحر الوافر، وهو بحر صافي على وزن «مُفَاعَلَتُنْ مُفَاعَلَتُنْ فَعُولن». حرف الروي في القصيدة هو الباء «بَا». من ناحية الشكل الفني.
أَقِلّي اللَومَ عاذِلَ وَالعِتابا
وَقولي إِن أَصَبتُ لَقَد أَصابا
أَجَدِّكَ ما تَذَكَّرُ أَهلَ نَجدٍ
وَحَيّاً طالَ ما اِنتَظَروا الإِيابا
بَلى فَاِرفَضَّ دَمعُكَ غَيرَ نَزرٍ
كَما عَيَّنتَ بِالسَرَبِ الطِبابا
وَهاجَ البَرقُ لَيلَةَ أَذرِعاتٍ
هَوىً ما تَستَطيعُ لَهُ طِلابَا
فَقُلتُ بِحاجَةٍ وَطَوَيتُ أُخرى
فَهاجَ عَلَيَّ بَينَهُما اِكتِئابا
وَوَجدٍ قَد طَوَيتُ يَكادُ مِنهُ
ضَميرُ القَلبِ يَلتَهِبُ اِلتِهابا
سَأَلناها الشِفاءَ فَما شَفَتنا
وَمَنَّتنا المَواعِدَ وَالخِلابا
لَشَتّانَ المُجاوِرُ دَيرَ أَروى
وَمَن سَكَنَ السَليلَةَ وَالجِنابا
أَسيلَةُ مَعقِدِ السِمطَينِ مِنها
وَرَيّا حَيثُ تَعتَقِدُ الحِقابا
وَلا تَمشي اللِئامُ لَها بِسِرٍّ
وَلا تُهدي لِجارَتِها السِبابا
أَباحَت أُمُّ حَزرَةَ مِن فُؤادي
شِعابَ الحُبِّ إِنَّ لَهُ شِعابا
مَتى أُذكَر بِخورِ بَني عِقالٍ
تَبَيَّنَ في وُجوهِهِمِ اِكتِئابا
إِذا لاقى بَنو وَقبانَ غَمّاً
شَدَدتُ عَلى أُنوفِهِمِ العِصابا
أَبى لي ما مَضى لي في تَميمٍ
وَفي فَرعَي خُزَيمَةَ أَن أُعابا
سَتَعلَمُ مَن يَصيرُ أَبوهُ قَيناً
وَمَن عُرِفَت قَصائِدُهُ اِجتِلابا
أَثَعلَبَةَ الفَوارِسِ أَو رِياحاً
عَدَلتَ بِهِم طُهَيَّةَ وَالخِشابا
كَأَنَّ بَني طُهَيَّةَ رَهطَ سَلمى
حِجارَةُ خارِئٍ يَرمي كِلابا
فَلا وَأَبيكَ ما لاقَيتُ حَيّاً
كَيَربوعٍ إِذا رَفَعوا العُقابا
وَما وَجَدَ المُلوكُ أَعَزَّ مِنّا
وَأَسرَعَ مِن فَوارِسِنا اِستِلابا
وَنَحنُ الحاكِمونَ عَلى قُلاخٍ
كَفَينا ذا الجَريرَةِ وَالمُصابا
حَمَينا يَومَ ذي نَجَبٍ حِمانا
وَأَحرَزنا الصَنائِعَ وَالنِهابا
لَنا تَحتَ المَحامِلِ سابِغاتٌ
كَنَسجِ الريحِ تَطرِدُ الحَبابا
وَذي تاجٍ لَهُ خَرَزاتُ مُلكٍ
سَلَبناهُ السُرادِقَ وَالحِجابَا
أَلا قَبَحَ الإِلَهُ بَني عِقالٍ
وَزادَهُمُ بِغَدرِهِمِ اِرتِيابا
أَجيرانَ الزُبَيرِ بَرِئتُ مِنكُم
فَأَلقوا السَيفَ وَاِتَّخِذوا العِيابا
لَقَد غَرَّ القُيونُ دَماً كَريماً
وَرَحلاً ضاعَ فَاِنتُهِبَ اِنتِهابا
وَقَد قَعِسَت ظُهورُهُمُ بِخَيلٍ
تُجاذِبُهُم أَعِنَّتَها جِذابا
عَلامَ تَقاعَسونَ وَقَد دَعاكُم
أَهانَكُمُ الَّذي وَضَعَ الكِتابا
تَعَشّوا مِن خَزيرِهِمُ فَناموا
وَلَم تَهجَع قَرائِبُهُ اِنتِحابا
أَتَنسَونَ الزُبَيرَ وَرَهطَ عَوفٍ
وَجِعثِنَ بَعدَ أَعيَنَ وَالرَبابا
وَخورُ مُجشِعٍ تَرَكوا لَقيطاً
وَقالوا حِنوَ عَينِكَ وَالغُرابَا
وَأَضبُعُ ذي مَعارِكَ قَد عَلِمتُم
لَقينَ بِجَنبِهِ العَجَبَ العُجابا
وَلا وَأَبيكَ ما لَهُم عُقولٌ
وَلا وُجِدَت مَكاسِرُهُم صِلابا
وَلَيلَةَ رَحرَحانِ تَرَكتَ شيباً
وَشُعثاً في بُيوتِكُمُ سِغابا
رَضِعتُم ثُمَّ سالَ عَلى لِحاكُم
ثُعالَةَ حَيثُ لَم تَجِدوا شَرابا
تَرَكتُم بِالوَقيطِ عُضارِطاتٍ
تُرَدِّفُ عِندَ رِحلَتِها الرِكابا
لَقَد خَزِيَ الفَرَزدَقُ في مَعَدٍّ
فَأَمسى جَهدُ نُصرَتِهِ اِغتِيابا
وَلاقى القَينُ وَالنَخَباتُ غَمّاً
تَرى لوكوفِ عَبرَتِهِ اِنصِبابا
فَما هِبتُ الفَرَزدَقَ قَد عَلِمتُم
وَما حَقُّ اِبنِ بَروَعَ أَن يُهابا
أَعَدَّ اللَهُ لِلشُعَراءِ مِنّي
صَواعِقَ يَخضَعونَ لَها الرِقابا
قَرَنتُ العَبدَ عَبدَ بَني نُمَيرٍ
مَعَ القَينَينِ إِذ غُلِبا وَخابا
أَتاني عَن عَرادَةَ قَولُ سوءٍ
فَلا وَأَبي عَرادَةَ ما أَصابا
لَبِئسَ الكَسبُ تَكسِبُهُ نُمَيرٌ
إِذا اِستَأنوكَ وَاِنتَظَروا الإِيابا
أَتَلتَمِسُ السِبابَ بَنو نُمَيرٍ
فَقَد وَأَبيهِمُ لاقوا سِبابا
أَنا البازي المُدِلُّ عَلى نُمَيرٍ
أُتِحتُ مِنَ السَماءِ لَها اِنصِبابا
إِذا عَلِقَت مَخالِبُهُ بِقَرنٍ
أَصابَ القَلبَ أَو هَتَكَ الحِجابا
تَرى الطَيرَ العِتاقَ تَظَلُّ مِنهُ
جَوانِحَ لِلكَلاكِلِ أَن تُصابا
فَلا صَلّى الإِلَهُ عَلى نُمَيرٍ
وَلا سُقِيَت قُبورُهُمُ السَحابا
وَخَضراءِ المَغابِنِ مِن نُمَيرٍ
يَشينُ سَوادُ مَحجِرِها النِقابا
إِذا قامَت لِغَيرِ صَلاةِ وِترٍ
بُعَيدَ النَومِ أَنبَحَتِ الكِلابا
وَقَد جَلَّت نِساءُ بَني نُمَيرٍ
وَما عَرَفَت أَنامِلُها الخِضابَا
إِذا حَلَّت نِساءُ بَني نُمَيرٍ
عَلى تِبراكَ خَبَّثَتِ التُرابا
وَلَو وُزِنَت حُلومُ بَني نُمَيرٍ
عَلى الميزانِ ما وَزَنَت ذُبابا
فَصَبراً يا تُيوسَ بَني نُمَيرٍ
فَإِنَّ الحَربَ موقِدَةٌ شِهابا
لَعَمروُ أَبي نِساءِ بَني نُمَيرٍ
لَساءَ لَها بِمَقصَبَتي سِبابا
سَتَهدِمُ حائِطَي قَرماءَ مِنّي
قَوافٍ لا أُريدُ بِها عِتابا
دَخَلنَ قُصورَ يَثرِبَ مُعلِماتٍ
وَلَم يَترُكنَ مِن صَنعاءَ بابا
تَطولُكُمُ حِبالُ بَني تَميمٍ
وَيَحمي زَأرُها أَجَماً وَغابا
أَلَم نُعتِق نِساءَ بَني نُمَيرٍ
فَلا شُكراً جَزَينَ وَلا ثَوابا
أَلَم تَرَني صُبِبتُ عَلى عُبَيدٍ
وَقَد فارَت أَباجِلُهُ وَشابا
أُعِدَّ لَهُ مَواسِمَ حامِياتٍ
فَيَشفي حَرُّ شُعلَتِها الجِرابا
فَغُضَّ الطَرفَ إِنَّكَ مِن نُمَيرٍ
فَلا كَعباً بَلَغتَ وَلا كِلابا
أَتَعدِلُ دِمنَةً خَبُثَت وَقَلَّت
إِلى فَرعَينِ قَد كَثُرا وَطابا
وَحُقَّ لِمَن تَكَنَّفَهُ نُمَيرٌ
وَضَبَّةُ لا أَبالَكَ أَن يُعابا
فَلَولا الغُرُّ مِن سَلَفي كِلابٍ
وَكَعبٍ لَاِغتَصَبتُكُمُ اِغتِصابا
فَإِنَّكُمُ قَطينُ بَني سُلَيمٍ
تُرى بُرقُ العَباءِ لَكُم ثِيابا
إِذاً لَنَفَيتُ عَبدَ بَني نُمَيرٍ
وَعَلَيَّ أَن أَزيدَهُمُ اِرتِيابا
فَيا عَجَبي أَتوعِدُني نُمَيرٌ
بِراعي الإِبلِ يَحتَرِشُ الضِبابا
لَعَلَّكَ يا عُبَيدُ حَسِبتَ حَربي
تَقَلُّدَكَ الأَصِرَّةَ وَالعِلابا
إِذا نَهَضَ الكِرامُ إِلى المَعالي
نَهَضتَ بِعُلبَةٍ وَأَثَرتَ نابا
يَحِنُّ لَهُ العِفاسُ إِذا أَفاقَت
وَتَعرِفُهُ الفِصالُ إِذا أَهابا
فَأَولِع بِالعِفاسِ بني نُمَيرٍ
كَما أولَعتَ بِالدَبَرِ الغُرابا
وَبِئسَ القَرضُ قَرضُكَ عِندَ قَيسٍ
تُهَيِّجُهُم وَتَمتَدِحُ الوِطابا
وَتَدعو خَمشَ أُمِّكَ أَن تَرانا
نُجوماً لا تَرومُ لَها طِلابا
فَلَن تَسطيعَ حَنظَلَتى وَسُعدى
وَلا عَمرى بَلَغتَ وَلا الرِبابا
قُرومٌ تَحمِلُ الأَعباءَ عَنكُم
إِذا ما الأَمرُ في الحَدَثانِ نابا
هُمُ مَلَكوا المُلوكَ بِذاتِ كَهفٍ
وَهُم مَنَعوا مِنَ اليَمَنِ الكُلابا
يَرى المُتَعَيِّدونَ عَلَيَّ دوني
أُسودَ خَفِيَّةِ الغُلبِ الرِقابا
إِذا غَضِبَت عَلَيكَ بَنو تَميمٍ
حَسِبتَ الناسَ كُلُّهُمُ غِضابا
أَلَسنا أَكثَرَ الثَقَلَينِ رَجلاً
بِبَطنِ مِنىً وَأَعظَمُهُ قِبابا
وَأَجدَرَ إِن تَجاسَرَ ثُمَّ نادى
بِدَعوى يالَ خِندِفَ أَن يُجابا
لَنا البَطحاءُ تُفعِمُها السَواقي
وَلَم يَكُ سَيلُ أَودِيَتي شِعابا
فَما أَنتُم إِذا عَدَلَت قُرومي
شَقاشِقَها وَهافَتَتِ اللُعابا
تَنَحَّ فَإِنَّ بَحري خِندِفِيٌّ
تَرى في مَوجِ جِريَتِهِ عُبابا
بِمَوجٍ كَالجِبالِ فَإِن تَرُمهُ
تُغَرَّق ثُمَّ يَرمِ بِكَ الجَنابا
فَما تَلقى مَحَلِّيَ في تَميمٍ
بِذي زَلَلٍ وَلا نَسَبي اِئتِشابا
عَلَوتُ عَلَيكَ ذِروَةَ خِندِفِيٍّ
تَرى مِن دونِها رُتَباً صِعابا
لَهُ حَوضُ النَبِيِّ وَساقِياهُ
وَمَن وَرِثَ النُبُوَّةَ وَالكِتابا
وَمِنّا مَن يُجيزُ حَجيجَ جَمعٍ
وَإِن خاطَبتَ عَزَّكُمُ خِطابا
سَتَعلَمُ مَن أُعِزُّ حِمىً بِنَجدٍ
وَأَعظَمُنا بِغائِرَةٍ هِضابا
أُعُزُّكَ بِالحِجازِ وَإِن تَسَهَّل
بِغَورِ الأَرضِ تُنتَهَبُ اِنتِهابا
أَتَيعَرُ يا اِبنَ بَروَعَ مِن بَعيدٍ
فَقَد أَسمَعتَ فَاِستَمِعِ الجَوابا
فَلا تَجزَع فَإِنَّ بَني نُمَيرٍ
كَأَقوامٍ نَفَحتَ لَهُم ذِنابا
شَياطينُ البِلادِ يَخَفنَ زَأري
وَحَيَّةُ أَريَحاءَ لي اِستَجابا
تَرَكتُ مُجاشِعاً وَبَني نُمَيرٍ
كَدارِ السوءِ أَسرَعَتِ الخَرابا
أَلَم تَرَني وَسَمتُ بَني نُمَيرٍ
وَزِدتُ عَلى أُنوفِهِمُ العِلابا
إِلَيكَ إِلَيكَ عَبدَ بَني نُمَيرٍ
وَلَمّا تَقتَدِح مِنّي شِهابا