انتقل إلى المحتوى

الكفارة بالدم

هذه المقالة يتيمة. ساعد بإضافة وصلة إليها في مقالة متعلقة بها
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
إعدام جون دي لي رميًا بالرصاص لدوره في مذبحة ماونتن ميدوز (مذبحة المروج الجبلية). أٌريقت دماء لي على الأرض في مكان وقوع المجزرة قبل عشرين عامًا؛ ومع ذلك، قال بريغهام يونغ أن لي «لم يكفر حتى عن نصف جريمته الكبرى».

الكفارة بالدم هي عقيدة متنازع عليها في تاريخ المورمونية، لا تفتدي فيها تضحية المسيح عن الخطيئة الأبدية. للتكفير عن الذنب الأبدي، يجب قتل الخاطئ بطريقة تسمح بإراقة دمه على الأرض كذبيحة، فلا يصير إلى الهلاك في الآخرة. أنكرت أكبر طائفة من طوائف المورمون، وهي كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، شرعية هذه العقيدة منذ عام 1889، إذ أشار إليها قادة الكنيسة الأوائل على أنها «خيال»، ثم أشار إليها قادة الكنيسة لاحقًا على أنها «مبدأ نظري» لم يُطبق في كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة.[1][2]

ظهر المذهب بين قادة المورمون الأوائل، ورُوج له بشكل كبير خلال فترة إصلاح المورمونية، عندما حكم بريغهام يونغ إقليم يوتا باعتباره شبه ثيوقراطي. وفقًا ليونغ وأعضاء آخرين في حكومته الأولى، فإن الخطايا الأبدية التي كانت بحاجة لكفارة بالدم تضمنت الردة والسرقة والفحشاء (ممارسة المثلية والزنا خطيئتان لا تحتاجان إلى كفارة دم).[3]

علّم يونغ أتباعه ضرورة أن يختار الخطاة ممارسة العقيدة طواعية، لكنه علمهم أيضًا أن العقيدة لا يمكن فرضها إلا من خلال ثيوقراطية كاملة (نظام حكم لم يشهده العصر الحديث).[4] اعتبر يونغ أن التضحية بحياة شخص ما أفضل من رؤيته يتحمل العذاب الأبدي في الآخرة. من وجهة نظر يونغ، وفي نظام ديني مورموني متكامل، سيتم تنفيذ ممارسة الكفارة بالدم من قبل الدولة كإجراء عقابي.

كانت عقيدة التكفير عن الدم الدافع وراء القوانين التي سمحت بتنفيذ الإعدام رميًا بالرصاص أو قطع الرأس في كل من إقليم وولاية يوتا. على الرغم من أن العديد من الناس قد أٌعدموا رميًا بالرصاص لارتكابهم جرائم عقوبتها الإعدام، باعتبار أن هذه الكفارة ستساعدهم في إنقاذهم في الحياة الآخرى، فلا يوجد دليل واضح على أن يونغ أو غيره من كبار قادة المورمون الثيوقراطيين قد كفروا بالدم عن الردة.[5] هناك بعض الأدلة على تطبيق عقيدة الكفارة بالدم عدة مرات على مستوى الكنيسة المحلية دون اعتبار للإجراءات القضائية العلمانية.[6] قد يكون خطاب الكفارة بالدم قد ساهم في ثقافة العنف التي أدت إلى مذبحة ماونتن ميدوز (مذبحة المروج الجبلية).[7]

يظل التكفير بالدم عقيدة مهمة في أساسيات العقيدة المورمونية،[8] ويتم الإشارة إليه كثيرًا من قبل مجموعات مورمونية يمينية متطرفة (مثل مجتمع ديزنات على الإنترنت).[9] مع ذلك، فقد تنصّلت كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة عدة مرات من عقيدة الكفارة بالدم منذ أيام حكم بريغهام يونغ. في عام 1978، كتب رسول كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، بروس أر. مكونكي متحدثًا نيابة عن قيادة الكنيسة أنه وبينما لا يزال يعتقد أن بعض الخطايا تتجاوز قوة كفارة دم المسيح فإن عقيدة الكفارة بالدم تنطبق فقط في الثيوقراطية كتلك التي كانت سائدة في عصر موسى.[2] مع ذلك، ونظرًا للتاريخ الطويل للكفارة بالدم، فحتى عام 1994 على الأقل، استُجوِب المحلفون المحتملون في ولاية يوتا على معتقداتهم المتعلقة بالكفارة بالدم قبل المحاكمات التي يُنظر فيها بفرض عقوبة الإعدام، وذلك حتى عام 1994 على الأقل. [10]

الخلفية التاريخية والعقائدية

[عدل]

في أيامها الأولى كانت المورمونية عقيدة استردادية، وقد ناقش قادتها، مثل جوزيف سميث وبريغهام يونغ، كثيرًا الجهود المبذولة لإعادة فرض الممارسات الاجتماعية والقانونية والدينية الموصوفة في الإنجيل، كبناء المعابد وتعدد الزوجات وهيكل الحكم الأبوي البطريركي الثيوقراطي. لم يظهر مصطلح الكفارة بالدم في الكتاب المقدس الخاص بطائفة المورمون. مع ذلك، توجد بعض الآيات في كتاب المورمون تنص بوضوح على أن شريعة موسى تستوجب عقوبة الإعدام لجريمة القتل، وتذكر أيضًا أن موت المسيح وكفارته «يفيان» بالشريعة ولا ينبغي التضحية بالمزيد من الدم.[11]

كان مفهوم الكفارة بالدم عن خطيئة الزنا أقل وضوحًا في نصوص كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة. في المبدأ رقم 132 من كتاب المبادئ والعهود الخاص بهذه الكنيسة كتب جوزيف سميث أن الأشخاص الذين يخالفون «العفد الجديد والأبدي» (الزواج السماوي) سوف «يهلكون بجسدهم» ويُعاقبون حتى يحصلوا على تمجيدهم يوم القيامة.[12]

تطور شرط إراقة الدماء تكفيرًا عن الجرائم التي يٌعاقب عليها بالإعدام إلى فكرة إمكانية حجب الخلاص في حال عدم الالتزام بهذه العقوبة لأن «القانون» سيكون «غير مطبق» بهذه الحالة. كان الاعتقاد بضرورة إراقة الدماء والموت من أجل التكفير عن الزنا أو عن القتل مدعومًا بنظرة عامة مؤيدة لعقوبة الإعدام انطلاقًا من فكرة أن الدم «يصرخ» طلبًا للقصاص وهو مبدأ «الدم مقابل الدم» الذي يقول بأن جرائم إراقة الدم يجب أن تقابل بإراقة الدماء وأن التوبة تتطلب التعويض. على الرغم من أن القسم ألما 34 من الكتاب المقدس للمورنون يتحدث عن «المطلب» من حيث الالتزام القانوني، وصف بريغهام يونغ الجرائم التي تستحق الكفارة بالدم بأنها تمنع التقدم الأبدي المقدم للمؤمنين، مشيرًا إلى أن جرائم المذنب سوف «تحرمه من التمجيد الذي يرغب فيه». في اللاهوت المورموني، لا يشير مصطلحا الخلاص والرفعة لنفس المعنى، فالرفعة ترتبط بمكان وجود الفرد في السماء، في حين يشير الخلاص إلى حالة الوجود في السماء.

عقوبة الإعدام في طقوس المورمون وكتابهم المقدس

[عدل]

نشأت التعاليم المورمونية المتعلقة بعقوبة الإعدام من التعاليم اليهودية والمسيحية القديمة.[13] على سبيل المثال، وفي الكورنثوس الأولى 5:5 في العهد الجديد من الكتاب المقدس، يناقش بولس رجلًا جامع زوجة أبيه، وأمر أعضاء الكنيسة «بتسليم هذا الشيطان لتدمير الجسد، حتى تخلص الروح في يوم القيامة». يوجد في المبادئ والعهود أيضًا مقاطع داعمة لعقوبة الإعدام مثل «والآن، ها أنا أتكلم أمام الكنيسة. لا تقتل، ومن يقتل ليس له مغفرة في هذا العالم ولا في العالم الآتي. وأيضًا، أقول لك: لا تقتل؛ ولكن من يقتل سيموت».[14] مع ذلك أظهرت المبادئ والعهود في فقرات أخرى المغفرة للناس بعد ارتكابهم لجرائم قتل.

يعتمد مفهوم الكفارة بالدم على فكرة أن الدم المهدور «ينادي» بالقصاص وهي فكرة دعت لها العديد من الفقرات في كتاب المورمون المقدس. في الإنجيل، صعد دم هابيل مباشرة إلى آذان الله بعد جريمة القتل على يد قابيل. في كتاب المورمون، قيل أن «دم الرجل الصالح» (جدعون) «اقترب» من الزعيم الديني وصرخ ألمًا طلبًا «للانتقام» من القاتل (نيهور).[15] يشير كتاب المورمون المقدس أيضًا إلى «صرخات» دماء القديسين الصاعدة من الأرض إلى آذان الله لتشهد على قاتليهم. بعد وفاة جوزيف سميث، أضاف بريغهام يونغ قسم الانتقام إلى طقوس ناوفو للتفويض. أقسم المشاركون في هذه الطقس على الصلاة من أجل أن «ينتقم الله لدماء الأنبياء من هذه الأمة»، ويشير مصطلح النبي هنا إلى جوزيف سميث، ويُقصد ب «هذه الأمة» الولايات المتحدة الأمريكية، (تم حذف هذا القسم من الاحتفال في فترة عشرينيات القرن العشرين). في عام 1877، لاحظ بريغهام يونغ ما اعتبره تشابهًا بين موت جوزيف سميث وعقيدة التكفير عن الدم من حيث «سواء كنا نؤمن بالكفارة بالدم أم لا» فإن جوزيف والأنبياء الآخرين «قد ختموا شهادتهم بدمائهم».[16][17]

مراجع

[عدل]
  1. ^ The Church of Jesus Christ of Latter-day Saints (17 يونيو 2010). "Mormon church statement on blood atonement". Deseret News. مؤرشف من الأصل في 2010-08-26. اطلع عليه بتاريخ 2010-09-25.
  2. ^ ا ب McConkie 1978.
  3. ^ Quinn, D. Michael (2001). Same-Sex Dynamics Among Nineteenth-Century Americans: A Mormon Example (بالإنجليزية). University of Illinois Press. p. 269. ISBN:9780252069581. Archived from the original on 2023-10-02. Retrieved 2018-11-03.
  4. ^ Snow، Lowell M. "Blood Atonement". Encyclopedia of Mormonism. مؤرشف من الأصل في 2018-09-23. اطلع عليه بتاريخ 2018-11-03.
  5. ^ (Campbell 1988, ch. 11)
  6. ^ (Stenhouse 1873, pp. 467–71)
  7. ^ (Quinn 1997)
  8. ^ "FLDS Church Holds Fast to Doctrine of Blood Atonement". مؤرشف من الأصل في 2008-09-07.
  9. ^ Hitt, Tarpley (24 Jan 2019). "The Cult of #DezNat: Alt-Right Mormons Targeting Porn and the LGBTQ Community". The Daily Beast (بالإنجليزية). Archived from the original on 2025-01-02. Retrieved 2021-01-13. The سكين باوي motif is tied to an obscure, and often glossed over, part of Mormon doctrine called blood atonement. It's based on the idea that there are some crimes so foul, that Jesus did not atone for them with his death. These crimes, so the doctrine goes, can only be solved by bloodshed. "The church doesn't like to talk about blood atonement," Brother Mike said. "They distance themselves from that all day long. But the idea is, if you're an apostate, you are worthy of death."
  10. ^ Stack, Peggy Fletcher, Concept of Blood Atonement Survives in Utah Despite Repudiation, Salt Lake Tribune November 5, 1994 notes that "In the past decade, potential jurors in every Utah capital homicide were asked whether they believed in the Mormon concept of 'blood atonement.'" In 1994, when the defense in the trial of James Edward Wood alleged that a local church leader had "talked to Wood about shedding his own blood", the LDS First Presidency submitted a document to the court that denied the church's acceptance and practice of such a doctrine, and included the 1978 repudiation. Stack, Peggy Fletcher, 1994. The article also notes that آرثر غاري بيشوب, a convicted serial killer, was told by a top church leader that "blood atonement ended with the crucifixion of Jesus Christ."
  11. ^ Alma 34:11-17: "Now there is not any man that can sacrifice his own blood which will atone for the sins of another. Now, if a man murdereth, behold will our law, which is just, take the life of his brother? I say unto you, Nay. But the law requireth the life of him who hath murdered; therefore there can be nothing which is short of an infinite atonement which will suffice for the sins of the world. Therefore, it is expedient that there should be a great and last sacrifice, and then shall there be, or it is expedient there should be, a stop to the shedding of blood; then shall the law of Moses be fulfilled; yea, it shall be all fulfilled, every jot and tittle, and none shall have passed away. And behold, this is the whole meaning of the law, every whit pointing to that great and last sacrifice; and that great and last sacrifice will be the Son of God, yea, infinite and eternal."
  12. ^ Doctrine and Covenants 132, verses 26 and 27: "Verily, verily, I say unto you, if a man marry a wife according to my word, and they are sealed by the Holy Spirit of promise, according to mine appointment, and he or she shall commit any sin or transgression of the new and everlasting covenant whatever, and all manner of blasphemies, and if they commit no murder wherein they shed innocent blood, yet they shall come forth in the first resurrection, and enter into their exaltation; but they shall be destroyed in the flesh, and shall be delivered unto the buffetings of Satan unto the day of redemption, saith the Lord God. The blasphemy against the Holy Ghost, which shall not be forgiven in the world nor out of the world, is in that ye commit murder wherein ye shed innocent blood, and assent unto my death, after ye have received my new and everlasting covenant, saith the Lord God; and he that abideth not this law can in nowise enter into my glory, but shall be damned, saith the Lord." نسخة محفوظة 2024-12-22 على موقع واي باك مشين.
  13. ^ (Gardner 1979, p. 10)
  14. ^ Journal of Discourses Vol. 4, p. 215-221
  15. ^ "1 Corinthians 5". ChurchofJesusChrist.org. مؤرشف من الأصل في 2022-02-17.
  16. ^ Book of Mormon, Alma 24:10
  17. ^ Book of Mormon, Alma 54:7