النحت في اليونان القديمة
كان للفن في اليونان القديمة أثرًا هائلًا على إثراء ثقافة الكثير من البلدان العصور القديمة ومرورًا بالوقت الحاضر، لا سيما في مجالات النحت والهندسة المعمارية.[1] بلغ النحت في اليونان القديمة درجة المثالية في الفن الجمالى بقدر ما كان يمكنه الوصول وحده إلى الإبداع البشري. وعلى الرغم من أن اليونان كانت قد ازدهرت في كافة الفنون الجميلة، إلا أنه لم يبرز واحدًا منهم كما برز النحت. شمل الفن اليوناني القديم كافة أنواع النحت معتمدًا بشكل أكبر على البرونز والرخام كمواد خام تستخدم في فن النحت، وأخذ في تطبيق فنه على المواضيع الأساسية مثل الأسطوريين و المحاربين، والذي أضاف لهم في الفترة الأخيرة العديد من بورتريهات الشخصيات التاريخية.[2] وقد شكلت هذه الأعمال أبرز سماته في أفضل أوقات تطور هذا الفن، ومن أشهر الأعمال ظهرت أعمال النحات اليوناني فيدياس، حيث التعبير عن الواقعية المثالية وحسن نحت الأعضاء بشكل متناسق ومنتظم والابتعاد عن كل ما هو ممل ووحشي من الملامح الغامضة مع دقة المعالم والتفاصيل التناغم والجمال في الأشكال مزينًا ببراعة التنفيذ.[3]
تقسيمات النحت
[عدل]الأعمال الأولي
[عدل]كان معتادًا تقسيم النحت اليوناني إلى 4 حقبات تاريخية واضحة المعالم، والتي كان يسبقها مرحلة فجر التاريخ[4] أو المينوي[5] أو الميسيني.[6] وتزامنت هذه الفترة تاريخيًا مع الفترة من عام 3000 حتى 1100 قبل الميلاد، وعلى مدار قرابة العشرين قرنًا. وكان الفن بدائيًا إلا أنه في الوقت ذاته، كان مليئًا بالحياة والحركة، والتي شكلها الطين أعطاها نموذجًا وتم تنفيذها بالحجارة والرخام والعظام وأيضًا الذهب والرصاص والبرونز، منتجًا نقشًا بارزًا ومنحوتات أسطورية من الأحجار الكريمة وتماثيل صغيرة وأصنام. وعلى الرغم من أنهم كانوا منتصبين بخشونة معينة، فإنهم كان يُعرضون أحيانًا مع بعض التصحيحات المثيرة للإعجاب في الرسم الذي يذّكر بفن صيادين غزال الرنة الذي ربما كان يرتبط مع الحضارة الإيجية برابط تاريخي.[7]
تقسيمات الحقبات التاريخية
[عدل]الحقبات التاريخية الأثرية الأربعة، واللاتي جاءت بعد صمت فني طويل، وتتبعت الميسينية كان تتميز كالأتي:
- فترة التكوين منذ قرابة عام 620 إلى 540 قبل الميلاد.
- فترة العصر القديم منذ عام 540 حتى عام 460 قبل الميلاد.
- فترة الكمال أو الفترة الكلاسيكية حتى نهاية القرن الرابع قبل الميلاد.
- فترة الانتشار، ويسميها البعض التراجع، جاءت من بعد الإسكندر الأكبر حتى غزو اليونان من قبل روما في الفترة من عام 323 إلى عام 146 قبل الميلاد.
المواد
[عدل]بحلول الفترة الكلاسيكية، في القرنين الخامس والرابع تقريبًا، تكون النحت الأثري بالكامل تقريبًا من الرخام أو البرونز، مع البرونز المصبوب الذي أصبح الوسيط المفضل للأعمال الرئيسية في أوائل القرن الخامس، وكانت العديد من المنحوتات المعروفة فقط في النسخ الرخامية المصنوعة في السوق الرومانية، مصنوعة في الأصل من البرونز. تكونت الأعمال الصغيرة من مجموعة كبيرة ومتنوعة من المواد، وكان الكثير منها ثمينًا، إضافة إلى إنتاج عدد كبير جدًا من التماثيل المصنوعة من الصلصال. احتوت أراضي اليونان القديمة، باستثناء صقلية وجنوب إيطاليا، إمدادات وفيرة من الرخام الجيد، وكان الرخام البنتيلي والبارياني هما الأكثر قيمة. كان من السهل نسبيَا الحصول على خامات البرونز.[8]
يسهل تشكيل كل من الرخام والبرونز وهما متينين للغاية، ومثلما هو الحال في معظم الثقافات القديمة لم يكن هناك شك أيضًا في تقاليد نحت الخشب التي لا نعرف عنها سوى القليل جدًا، بخلاف المنحوتات الحجرية، والتي عادة ما تكون كبيرة ومكونة من الرأس، وأجزاء الجسم التي تظهر عارية وتصنع من الرخام بينما تظهر أجزاء الجسم التي يغطيها القماش باستخدام الخشب. وبما أن البرونز يحوي نسبة كبيرة من الخردة، فقد صمد عدد قليل جدًا من التماثيل البرونزية الأصلية، بالرغم من أن علم الآثار البحرية أو الصيد بشباك الجر في السنوات الأخيرة، أضاف بعض الاكتشافات المذهلة، مثل أرتميسيوم البرونزي ورياتشي البرونزي، التي وسعت بشكل كبير الفهم الحديث. تعد العديد من نسخ الفترة الرومانية، إصدارات رخامية للأعمال التي استخدمت البرونز في الأصل. استخدم الحجر الجيري العادي في العصر القديم، ولكن بعد ذلك، باستثناء مناطق إيطاليا الحديثة التي لا تحتوي على رخام محلي، استخدم فقط من أجل النحت والزخرفة المعمارية. استخدمت القصارة أو الجص أحيانًا لصنع الشعر فقط.[9]
صنعت التماثيل الكريسيلفانتينية، المستخدمة كأصنام في المعابد وكأعمال فاخرة من الذهب، وفي أغلب الأحيان استخدمت هذه التماثيل لذهب على شكل رقائق بينما صنعت أجزاء الوجه واليدين من العاج، وربما استخدمت الأحجار الكريمة وغيرها من المواد، لكنها كانت أقل شيوعًا، ولم تصمد سوى أجزاء صغيرة من هذه التماثيل. كان للعديد من التماثيل مجوهرات ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الثقوب التي استخدمت لتثبيتها، وقد حمل بعضها الآخر أسلحة أو أشياء أخرى صنعت من مواد مختلفة.[10]
طلاء المنحوتة
[عدل]طليت التماثيل اليونانية القديمة بألوان زاهية، وهي تظهر اليوم باللون الأبيض لأن الأصباغ الأصلية قد زالت مع مرور الوقت. عثر على أدلة على المنحوتات الملونة من خلال الأدب الكلاسيكي، مثل مسرحية هيلين ليوربيديس التي تقول فيها الشخصية الرئيسية بحزن «لو أنه كان بإمكاني أن أزيل جمالي وأحصل على شكل أقبح/ كما الطريقة التي يُمسح فيها اللون عن التمثال». ما تزال بعض التماثيل المحفوظة بشكل جيد تحمل آثار ألوانها الأصلية، ويمكن لعلماء الآثار إعادة بناء ما كانت تبدو عليه في الأصل.[11]
تطور المنحوتات اليونانية
[عدل]الهندسية
[عدل]يُعتقد عمومًا أن أقدم تجسيد للنحت اليوناني كان على شكل أصنام خشبية أو عاجية، وصفها باوسانياس لأول مرة باسم زوانون. لم تصمد مثل هذه التماثيل، وتظل أوصافها غامضة بالرغم من حقيقة أنها كانت على الأرجح تستخدم للتبجيل لمئات السنين. يعد قنطور ليفكاندي، أول قطعة من التماثيل اليونانية التي عثر عليها في جزيرة يوبويا وهو مصنوع من الصلصال، ويعود تاريخه إلى نحو 920 قبل الميلاد. صنع التمثال على أجزاء، قبل أن تفكك أوصاله ويدفن في قبرين منفصلين، وضعت علامة على ركبة القنطور عن عمد، مما دفع الباحثين إلى افتراض أن التمثال قد يصور تشيرون، والذي من المفترض أنه حصل على جرح ركبته من سهم هرقل. إذا كان الأمر كذلك، سيكون أول تصوير معروف للأسطورة في تاريخ النحت اليوناني.[12]
كانت النماذج من الفترة الهندسية (نحو 900 وحتى 700 قبل الميلاد) عبارة عن تماثيل صغيرة من الطين النضيج والبرونز والعاج. استخدم البرونز بشكل رئيسي للمراجل ثلاثية القوائم وأشكال ومجموعات تقف بشكل ذاتي. صنعت مثل هذه الأشكال البرونزية باستخدام تقنية السبك بالشمع المفقود التي جاءت على الأرجح من سوريا، واستخدمت جميعها تقريبًا كعروض نذرية في الطقوس النذرية للحضارة الهلنستية في أولمبيا وديلوس ودلفي، بالرغم من أنه من المرجح أنها صنعت في أماكن أخرى، كعدد من الأساليب المحلية التي حددت من خلال اكتشافات من أثينا والأرجوس وإسبرطة. تشمل الأعمال النموذجية للعصر محراب الكارديستا والعديد من الأمثلة عن تماثيل الفروسية. مع ذلك، فإن مرجع هذا العمل البرونزي لا يقتصر على الرجال والأحصنة المنتصبة، إذ تصور لوحات أواني الزهور في ذلك العصر العديد من الصور والطيور والخنافس والأرانب البرية والعنقاء والأسود. ليس هناك نقوش للنحت الهندسي بين الفترة المبكرة وحتى الوسطى، حتى ظهور «أبولو» في أوائل القرن السابع عشر قبل الميلاد الذي عثر عليه في ثيفا. يصور هذا التمثال رجلًا واقفًا مع شكل شبه ديداليكي، تحته نقش سداسي يحمل العبارة «مانتيكلوس قدم لي عشر القوس الفضي لأبولو، هل تقدم، فيبوس [أبولو]، بعض المتعة في المقابل»، وبصرف النظر عن حداثة تسجيل الهدف منه، فإن هذا التمثال يتكيف مع صيغة البرونز الشرقي، كما نرى في الوجه الأقصر والذي يميل إلى الشكل المثلثي والتقدم قليلًا في الساق اليسرى. ينظر إلى هذا التمثال على أنه توقع أعظم تعبير عن الحرية في القرن السابع قبل الميلاد، وعلى هذا النحو، يشار إلى تمثال مانتيكلوس في بعض الأوساط باسم بروتو- ديداليك.
انظر أيضًا
[عدل]مصادر
[عدل]- ^ Introducción a la escultura griega /Arte /Homines. Portal de Arte y Cultura نسخة محفوظة 24 أبريل 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ www.curiosomundoazul.blogspot.com: LA ESCULTURA EN LA ANTIGUA GRECIA نسخة محفوظة 5 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- ^ Arquitectura y escultura Antigua Grecia نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- ^ adj. Perteneciente o relativo a la protohistoria. Real Academia Española
- ^ adj. Perteneciente o relativo a la antigua Creta. Real Academia Española
- ^ El período micénico se caracteriza en arquitectura por los robustos muros y palacios de aparejo ya ciclópeo, poligonal y medio escuadrado y por las tumbas de cúpula falsa la cuales se hallan diseminadas por las regiones de Grecia y mar Egeo.
- ^ Francisco Naval y Ayerbe, Arqueología y bellas artes, 1922
- ^ Cook, 74–75
- ^ Cook, 74–76
- ^ Cook, 75–76
- ^ Prisco، Jacopo (30 نوفمبر 2017). "'Gods in Color' returns antiquities to their original, colorful grandeur". CNN style. CNN. Cable News Network. مؤرشف من الأصل في 2022-06-17. اطلع عليه بتاريخ 2018-05-15.
- ^ [1] نسخة محفوظة February 27, 2005, على موقع واي باك مشين.