تجريم زواج المثليين وتغيير الجنس في الدول العربية
تعد قضايا زواج المثليين وتغيير الجنس من القضايا المثيرة للجدل في الدول العربية حيث تتباين الآراء والممارسات القانونية والاجتماعية نحو هذه الموضوعات. في العديد من الدول العربية يعتبر زواج المثليين غير قانوني ويجرم بموجب القوانين السارية مما يعكس المواقف الثقافية والدينية السائدة في المجتمعات العربية.
تترافق هذه القوانين مع صعوبات تواجه الأفراد الذين يسعون لتغيير جنسهم حيث تفتقر العديد من هذه الدول إلى التشريعات التي تعترف بحقوق الأشخاص المتحولين جنسيا. تعكس هذه الظواهر التوترات بين القيم التقليدية وحقوق الإنسان مما يؤدي إلى نقاشات مستمرة حول الهوية والحقوق المدنية.
المقدمة
[عدل]إن المثلية الجنسية ظاهرة اجتماعية، ظهرت بوادرها الأولى منذ فترة ليست بالقصيرة وكما يحدثنا القرآن الكريم بأخبارها وبداياتها، منذ أكثر من 1400 عام، وبالنتيجة فهي ظاهرة مخضرمة ظهرت نتيجة رغائب ومشتهيات إنسانية غير طبيعية، لذلك نبذها المجتمع، وترفع عن ممارساتها، امتثالاً للطبيعة الإنسانية والفطرة السليمة، فهي ممارسة تترفع عن إتيانها حتي البهائم والهوام، إلا النادر الشاذ منها، فكيف بالإنسان الذي كرمه الله وجعله خليفته في الأرض.
ينشب أحياناً في البلدان العربية جدل حول الشذوذ الجنسي وحرية الإنسان، فيقول المؤمنون بالله عز وجل من مختلف الأديان أن الشذوذ الجنسي حرام لأنه يخالف شرع الله وخلق الله، وهو يسبب أضراراً مجتمعية كثيرة، والمفروض حظره ما أمكن. أما الليبراليون المتحررون المتأثرون بأهل الغرب فيقولون إن هذا ليس شذوذاً، وإنما زواج مثلي، ومن المفروض أن تكون له تغطية قانونية على اعتبار أن المرء حر بجسده، ويفعل به ما يشاء، وأي تقييد لاختيار الإنسان بما يفعل بجسده إنما هو انتقاص من الحريات. ولكن هناك إجماع في كافة الشرائع السماوية والسواد الأعظم من التشريعات الوضعية علي تجريم المثلية الجنسية، وذلك لأن هذه الممارسات تقتل الغيرة والرجولة والنخوة والمرؤة، فلا يخوض فيها إلا شواذ الناس وأراذلهم من ذكور وإناث، ومع ذلك لم تمت هذه الظاهرة وبقيت طي الكتمان تساير المجتمعات المختلفة في تطورها وثقافاتها، وتنتقل من جيل إلى آخر، فلها أنصارها ومريديها من مختلف شرائح المجتمع، ولكن بالمقابل ظلت ممارساتها والمجاهرة بهذه الممارسة، محل استهجان وانتقاص من قبل المجتمع، تجلب العار والحرج على أطرافها، قبل أن تكون محلاً للعقاب، ولكن الخطير في الأمر هو أن يصار في العقدين الأخيرين من القرن الماضي إلي المجاهرة بممارساتها، بل والتفاخر بالانتماء إلى طائفة أنصارها ومريديها علي رؤوس الإشهاد، بل أيضاً أصبحت طروحاتها وآراء أنصارها محل اهتمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، الذي يسعي جاهداً إلى إيجادها إلى النور، وإسباغ الشرعية القانونية والأخلاقية علي ممارساتها، تحت مبررات إحترام الحرية الجنسية وحقوق الإنسان الأمر الذي أصبحت لها بموجبه جمعيات ونقابات ومنتديات وصحف ومجلات ناطقة بآراء مشايعيها ومطالبة بحقوقهم، ونظريات حول أفكارها وتعليل ممارساتها الإباحية والبهيمية القذرة بشتى الفروض، ضاربة عرض الحائط، كل قواعد الأخلاق والقيم والعادات والأعراف والنواميس المجتمعية، فضلاً عن مخالفة القواعد القانونية التي كانت بالأمس القريب تجرم هذه الممارسة الشاذة.
وعلى ذلك، عمدت أغلب الدول الغربية وتحت مدعاة المدنية والحضارية وحقوق الإنسان، إلى إلغاء النصوص العقابية التي تجرم هكذا ممارسات منافية للطبيعة الإنسانية ومنافية للخلق القويم، بل عمدت إلى فسح المجال أمام تكوين أسر مثلية، من خلال شرعنة الزواج المثلي، وإسباغ الغطاء القانوني عليه، والاعتراف بكل ما يترتب علي هذا الزواج من تبني، وتأسيس عوائل مثلية، وحقوق مدنية للزوجين، أسوة بالزواج الطبيعي وبدأت القوانين العقابية الغربية المجرمة للمثلية الجنسية تنهار وتتقهقر الرجعي، شيئاً فشيئاً أمام المسيرات والاحتجاجات المنددة بها، والمتبناة من الأمم المتحدة والرأي العام العالمي، الأمر الذي حدا بالمشرع الجنائي الغربي إلي الانصياع إلي تلك الضغوطات، وبالنتيجة إباحة المثلية الجنسية في أغلب الدول الغربية، تحت ذريعة رضاء أطرافها البالغين، واحتراماً لحريتهما الجنسية.
المثلية الجنسية أو الشذوذ الجنسي يخرج عن نطاق الحريات لأنه يعطل طاقة إنسانية أساسية في المحافظة على النوع. إنه خطير على الإنجاب ويؤثر سلباً على العلاقات الاجتماعية، ومن المعروف أن الزواج هو أساس حيوي في صناعة العلاقات والروابط الاجتماعية، لولا الزواج لما كان هناك إخوة وأخوات وعمات وخالات وأعمام وأخوال ولا بنات عم ولا أولاد خال، ... إلخ. الزواج هو الذي يساهم في صناعة النسيج الاجتماعي، وهو الذي يقرب الناس بعضهم من بعض.
وعلى ذلك، لا يوجد شيء اسمه الزواج المثلي لأن الزواج يتشكل من موجب وسالب أو من ذكر وأنثى، وهذا صحيح بالنسبة لكل الكائنات الحية والجمادات، ففي الجمادات موجب وسالب، وهناك الإلكترون والبروتون. وفي الطبيعة، لا يلتحم الموجب بموجب إلا انتهى بمشكلة، وكذلك بالنسبة لالتحام السالب والسالب. ولهذا فإن تعبير الزواج المثلي ليس إلا محاولة لتجميل ما هو قبيح، والمفروض ألا يخبئ الكتاب والمفكرون المعطيات الفكرية الغربية الشاذة، ومن المعروف أن الشذوذ الجنسي يسبب أمراضاً خاصة مرض الإيدز، وهو بحد ذاته قذارة. وهذا اعتداء على المجتمع الإيدز مرض معد ويسبب معاناة جسدية ومادية، ويكلف علاجه الدولة أموالاً طائلة، فبدل أن توظف الأموال الخدمة الناس، تتحول إلى المختبرات والمستشفيات دون التأكد من الشفاء. من هنا نقول أن الشذوذ الجنسي ليس فقط اعتداء علي المجتمع، والناس عموماً، وإنما هو اعتداء على الذات أيضاً. الشاذ جنسياً لا يمارس حرية وفق مقتضيات الطاقة الإنسانية الجنسية وإنما يمارس اعتداء على نفسه يلحق به أضراراً كبيرة. وكل ما يقوم به الإنسان عن سابق قصد وتعمد ويلحق بالتالي بنفسه الضرر والأذى والإهانة والانكسار، إنما هو ضد الطاقات الإنسانية أي ضد الحريات. هذه ممارسات ضارة لا ترتقي بالطاقات الإنسانية وإنما تثبطها. وباختصار شديد كل ممارسة تخالف الطبيعة البشرية (وليس الإنسانية)، أي ما فطر عليه البشر، شاذة وضارة ولا يمكن أن تندرج تحت بند الحريات.
الأحكام العامة لماهية الشذوذ الجنسي
[عدل]أن الشذوذ الجنسي يتمثل في مفارقة النفس لفطرتها الإنسانية، باعتبار أن الحياة تقوم علي زوجين مختلفين هما الذكر والأنثى لا على مثليين متشابهين، وقد سجل أول تدوين لقوانين مكافحة المثلية أثناء سبي بابل لليهود وذلك في عام 550 قبل الميلاد، إذ صدر قانون اعتبر فيه الأمر معاقباً بالإعدام، مما يعني وجود أو تفشي المثلية في ذلك الزمان.[1]
والمثلية يتحقق فيها الانجذاب الجنسي أو الشعوري أو الرومانسي بين أشخاص من نفس الجنس، ويعبر عنه بعدة تسميات كالشاذ جنسياً والمثلي واللوطي عندما تكون الميول متعلقة بالذكر أو سحاقية عندما يتعلق الأمر بالانجذاب الجنسي بين النساء، ويترتب على ذلك أن الأشخاص المثليين أو الشاذين جنسياً ينجذبون بشكل أساسي إلي أشخاص يماثلونهم الجنس، وقد ينجذبون بصورة ضئيلة أو معدومة إلى الجنس الآخر، وفي مجال الطب والعلم النفسي لا يعتبر التوجه الجنسي اختياراً وإنما تفاعلاً معقداً العوامل بيولوجية وبيئية ونفسية، وقد ورد ذكر العلاقات والممارسات المثلية في مختلف الحضارات والأماكن في العالم وعلى مر التاريخ تراوحت المواقف من العلاقات والنشاطات المثلية بين الإعجاب والتسامح والاستنكار والإدانة والتجريم بالأمر يتعلق بالمعايير السائدة للعلاقات الجنسية في مختلف الثقافات والحقب، وفي منتصف القرن العشرين بدأت إنعطافة تتمثل في رفع التجريم عن السلوك المثلي الشاذ مع تبني مجموعة من الدول الغربية حركة عالمية تهدف للاعتراف بالمثليين وتواجدهم العلني والمساواة بالحقوق بما فيها حقوق الزواج والتبني والعمل والإعفاء من الخدمة العسكرية والعناية الطبية. ومن خلال بحث أجره العالمان فورد وبيتشي في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1951 تبين أن 49 مجتمعاً التي أجريت عليها الأبحاث من أصل 76 مجتمعاً تتقبل فكرة الشذوذ الجنسي، بل أن بعض هذه المجتمعات أطلقت على هؤلاء اسم "الجنس الثالث".
المفهوم اللغوي والاصطلاحي للشذوذ الجنسي
[عدل]وردت عدة ألفاظ وعبارات في اللغة العربية استخدمت للتعبير عن الشذوذ الجنسي منها اللواط، المساحقة، إتيان البهائم، جماع الأموات، وغير ذلك من الألفاظ التي تعبر عن فعل واحد من أفعال الشذوذ، أما استخدام عبارة الشذوذ الجنسي فإنها وردت للدلالة على هذه الأفعال مجتمعة، فجاء مع الانفتاح الفكري في الدول الغربية وما نتج عنه من بحوث عنيت بتحليل بعض الظواهر الاجتماعية المنتشرة في المجتمعات وبيان أسبابها ونتائجها، ومن هذه العلوم علم النفس الذي ساوي بين لفظة الشذوذ والانحراف واعتبر بأن الشاذ أو المنحرف هو الذي يمارس انحرافات أو صور نشاط تناسلي ليس فيه اتفاق مع الثقافة أو الأعراف العامة لمجتمعه أو دولته على أن هذا التعريف "للشذوذ الجنسي" لم يبق علي حاله، فعندما بدأت الدعوات إلى التعاطف مع الشاذين جنسياً في العالم، بدأت معها تغيب عبارة "الشذوذ الجنسي" من كتب علم النفس وتم استبدالها بعبارة "المثلية الجنسية"، وهي تعريب للمصطلح الإنجليزي "Homosexuality" وهي كلمة مركبة من اليونانية واللاتينية، إذ الجزء هومو Homo مشتق من الكلمة اليونانية هوموس opos والتي تعني "نفس" ولا علاقة لها بهومو اللاتينية التي تعني "إنسان" أو "رجل"، وقد حصل تبديل في التسمية في الطب العصبي، الذي كان حتى عام 1953 يصنف الجنسية المثلية على أنها نوع من الاضطراب الجنسي الشخصية مصابة بمرض عقلي إلا أنه وبعد تحرك بعض المؤيدين للشذوذ الجنسي، تم حذف مصطلح الجنسية المثلية من دليل الأمراض العقلية ليوضع مكانه "اضطراب التوجه الجنسي".
إن أول استعمال للمصطلح في المطبوعات كان في منشور ألماني عام 1869 كتبه كارل ماريا كيرتبيني مستحدث المصطلح، الصحفي الأسترالي وعرض فيه موقفه ضد البند (143) من القانون البروسي الذي يمنع الممارسات المثلية وتم النص عليه مجدداً في البند (175) من القانون الجنائي الألماني. ويشار للمثلية الجنسية لتعبر عن التوجه الجنسي لدى كلاً من الرجال والنساء، عندما يكون الأمر متعلقاً بالرجال يسمى اللواط وهو مصطلح مشتق من "لوط"، نسبة إلى قصة قوم لوط في الإسلام والمسيحية واليهودية، أما إذا كان التوجه الجنسي المثلي بين النساء فيسمى بالسحاق، والكلمة المشتقة من السحق، وبالإنجليزية يشار إليها بالمصطلح "lesbianism"، المشتق من اسم الجزيرة اليونانية لسبوس، إذ عاشت الشاعرة "صافو" التي كتبت قصائد حب النساء وعن علاقاتها العاطفية مع النساء ولذلك يستعمل أحياناً اللقب "صافية " كمرادف للكلمة "سحاقية"، وباللغة الإنجليزية يستعمل المصطلح الرجال الممارسون للجنس مع رجال في الوسط الطبي عند تناول النشاطات الجنسية، ويستعمل المصطلح الشبق المثلي في سياق الأعمال الفنية، للإشارة لأشخاص ميولهم الجنسية مثلية وتستعمل المصطلحات: "كوير queer"، و"فاغوت faggot"، و"هومو" و" الخنوثة Travertine"، والمصلح الأكثر استعمالاً هو "gay" ومعناه "سعيد ومرح "، واستعملت في القرن التاسع عشر في بريطانيا للدلالة على العاهرة، وبعد ذلك للدلالة على الفرد "المثلي الجنسي شبيه بالنساء"، واليوم في الدول المتحدثة بالإنجليزية، يعتبر المصطلح "كاي" مصطلحاً حيادياً ويستعمل للإشارة لمثلي الجنس أو المثلية الجنس، وتقريباً لم يعد يستعمل للدلالة على معانيه السابقة .
موقف الدين من الشذوذ الجنسي
[عدل]يمكن إجمال الموقف الديني للشذوذ الجنسي في مجال الديانات الرئيسية الثلاثة وهي اليهودية والمسيحية والإسلامية.
في الديانة اليهودية
[عدل]ورد في التوراة: "لا تضاجع ذكرا مضاجعة امرأة! إنه رجس"، وكذلك ورد أيضاً أي في السفر نفسه: "إذا اضطجع رجل مع ذكر اضطجاع امرأة فقد فعل كلاهما رجساً. إنهما يقتلان. دمهما عليهما"، وعليه فإن الديانة اليهودية تعتبر ممارسة السلوكيات المثلية بين الذكور فاحشة وخطيئة كبيرة يجب الامتناع عنها وعقوبة المخالف هي القتل، وقد ذكرت في العهد القديم قصة هلاك مدينتا سدوم وعمورة بسبب خطايا أهلها، ومنها سلوكهم المثلي كما هو واضح في سفر التكوين، الإصحاح (۱۹)، إذ دمرها وأحرقها الله بالكامل وجعل السماء تمطر ناراً وكبريتاً بسبب عدم توبتهم عن خطاياهم، إلا أن هناك طوائف يهودية تتقبل المثلية الجنسية والمثليين وتعترف بالزواج المثلي الأحادي، مثل اليهودية الإصلاحية وحركة إعادة إعمار اليهودية واليهودية الليبرالية.
في الديانة المسيحية
[عدل]ورد في الرسالة الأولى المرسلة من بولس الرسول إلى أهل كورنثوس أن الذين يمارسون المثلية الجنسية لا يرثون ولا يدخلون ملكوت الله، أي الجنة حسب المعتقد المسيحي، ويقول السيد المسيح (عليه السلام) نقلاً عن الكاتب: "من بدء الخليقة ذكراً وأنثى خلقهما الله، من أجل هذا يترك الرجل أباء وأمه ويلتصق بامرأته" (أنجيل مرقس 6،7:10)، وكما ورد ذلك أيضاً في إنجيل متى 4:19-6)، (أفسس 5:31)، (التكوين 1:27)، (تكوين 2:42) ، ولهذا فإن معظم الطوائف المسيحية تتقبل الذين ينجذبون إلى أشخاص من نفس جنسهم، ولكنها تدين وتعتبر الممارسات المثلية خطيئة و ممارسة غير أخلاقية ومخالفة للفطرة وهذه الطوائف تشمل الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية وغالبية الكنائس البروتستانتية والكنائس الكالفينية والمشيخية والمارونية، وبعض الطوائف البروتستانتية الأصولية تتخذ مواقف متطرفة ضد المثليين جنسياً، وقد فسرت هذه الطوائف مقاطع من العهد القديم على أنه لابد من معاقبة المثليين بالموت، كما أن الكنيسة الكاثوليكية تمنع منح سر الكهنوت للمثليين، ولا تسمح للمثليين من الرجال والنساء دخول سلك الرهبنة، في حين أن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية تفرق بين المثلية وبين الممارسة المثلية، فلا تعتبر الأول خطيئة، إذ أن الإنسان لا يتحكم بهويته الجنسية ولكنها تعتبر الممارسة المثلية الجنسية خطيئة إذ تراه "ضد القانون الطبيعي"، وفي اتجاه معاكس تماماً هناك طوائف مسيحية لا تعتبر الزواج المثلي الأحادي أمراً سيئاً، وهذه الطوائف تتضمن كنيسة كندا المتحدة، كنيسة المسيح المتحدة، الكنيسة الأسقفية الأمريكية، الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، في حين تم إنشاء كنيسة المجتمع وهي طائفة ذات (٤٠٠٠٠) عضو، لخدمة المثليين المسيحيين.
في الشريعة الإسلامية
[عدل]في النصوص الإسلامية - من آيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية شريفة - ما يبرز الاهتمام البالغ بالنشاط الجنسي عند الإنسان، إذ عولج في هذه النصوص من مختلف جوانبه، سواء من حيث بداية النضج الجنسي، التي يبدأ بها التكليف الشرعي عند الصبي - مضافة لعلامات أخرى - وما يترتب عليها من أحكام شرعية، من لزوم ستر العورة والفصل ما بين الصبيان والبنات عند المنام، والغسل، وما شاكل ذلك، أو ما يتعلق منها بالزواج وآدابه ومقدماته وأحكامه ومتعلقاته، أو ما يتعلق منها بالزنا، والشذوذ وأنواعه وأحكامه، والعقوبات الواجبة عليه، كونه عدواناً على الفطرة السليمة، بالانحراف عن مسارها الطبيعي، وفي نفس الوقت بعد عدواناً على حدود الله وشرعه بالتجاوز والاستهانة.
أن الشريعة الإسلامية السمحاء جاءت للمحافظة على مصالح الخلق الخمس، ومن هذه المصالح العرض، لذلك أجمعت المذاهب الإسلامية كافة على تجريم المثلية الجنسية بصنفيها المثلية الجنسية الذكرية "اللواط"، والمثلية الجنسية الأنثوية "السحاق"، مع تشديد في الجزاء الجنائي على الصورة الأولى مقارنة بالثانية، وذلك لأن اللواط أعظم جرماً وأشنع فعلاً، مادام الذكر قادر على الزواج وضبط نفسه عن مثل هذه الميول المنحرفة، إذ ركزت النصوص الإسلامية على هذا الصنف من المثلية الجنسية كونه أكثر شذوذاً وخطراً من الصنف الآخر، ويتمثل بتحول المفعول به من نزعة الرجولة وسماتها إلى نزعة الأنوثة وسماتها . . وفي هذا يشير الإمام ابن قيم الجوزية إلى أنه: "لما كانت مفسدة اللواط من أعظم المفاسد، كانت عقوبته في الدنيا والآخرة من أعظم العقوبات"، ويشير في موطن آخر إلى أنه ليس في المعاصي، أعظم مفسدة من هذه المفسدة، وهي تلي الكفر، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل.
موقف الشريعة الإسلامية من المثلية الجنسية الذكرية "اللواط"
[عدل]أجمع المسلمون على أن اللواط من الكبائر التي حرمها الله سبحانه وتعالى، إذ تم تجريم هذه الممارسة في العديد من النصوص الإسلامية، سواء من القرآن الكريم أو من السنة النبوية المطهرة، فقد جعل سبحانه عملهم من الخبائث بقوله تعالى: "وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ"، وقوله تعالى: "كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ المُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ"، وقوله تعالى: "وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ"، وقوله تعالى: "وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ المُنْذِرِينَ"، وبين أن ما يعملونه عمل منكر، ووصفهم بالمفسدين بقوله تعالى: "أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ المُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهُ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ المُفْسِدِينَ"، ووصفهم الله تعالى بالظلم بقوله تعالى: "وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هُذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظالمين"، إضافة إلى ذلك بين الله سبحانه وتعالى أول عقاب وقع على قوم لوط هو طمس العيون، بقوله تعالى: "وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذْرِ"، وحول العقاب الإلهي لهذه الممارسة المشيئة المنافية للشرع والأخلاق والفطرة السليمة، قوله تعالى: "فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ".
ويشير الإمام الذهبي إلى أن السجيل هو الطين الذي طبخ حتى صار كالآجر، ومنضود، يعني يتبع بعضه بعضاً، ومسومة، بمعنى معلمة بعلامة تعرف بها، أنها ليست من حجارة أهل الدنيا. وفي السنة النبوية الشريفة، ورد تحريم اللواط في العديد من الأحاديث النبوية، إذ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به"، وقال أيضاً: "لعن الله من وقع على بهيمة، ولعن الله من عمل عمل قوم لوط". وعن عكرمة عن ابن عباس قال: قال صلى الله عليه وسلم: "اقتلوا الفاعل والمفعول به" يعني الذي يعمل بعمل قوم لوط. وقوله: "إن أخوف ما أخاف على أمتي من بعدي، عمل قوم لوط، ألا فلترتقب أمتي العذاب، إذا تكافئ الرجل بالرجل والنساء بالنساء"، وقوله: "لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط"، وقوله: "سبعة يلعنهم الله تعالى ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ويقول أدخلوا النار مع الداخليين: الفاعل والمفعول به - يعني اللواط، وناكح البهيمة، وناكح الأم وأبنتها، وناكح يده، إلا أن يتوبوا".
عند الفقه الإسلامي يطلق على هذا السلوك باللواطة الكبرى وهي وطء الذكر في دبره أو دبر امرأة غير حليلة، ويستدلون على حرمتها بما ورد من آيات عدة في القرآن الكريم بشأن قصة النبي لوط (عليه السلام) مع قومه. ومن خلال استقراء الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، يتبين لنا أن فعل اللواط من المحرمات، ومن الكبائر التي ترفضها الشريعة الإسلامية الغراء، ولا تتهاون فيها وتتوعد من يمارسها باللعن والعقوبة في الدنيا والآخرة.
موقف الشريعة الإسلامية من المثلية الجنسية الأنثوية "السحاق"
[عدل]تم تجريم ممارسة السحاق بين النساء في العديد من النصوص الإسلامية، سواء من القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة، إذ ورد في القرآن الكريم في قوله تعالي: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ"، وقد ورد النص ذاته في قوله تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابتغى وراء ذلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العادُونَ".
أما في السنة النبوية الشريفة فقد وردت العديد من الأحاديث الشريفة التي تحرم ممارسة السحاق، وتلعن من يمارسها من النساء، إذ يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سحاق النساء زنا بينهن"، وقال: "رابطاً هذا الفعل وبين اقتراب الساعة: إذا استحلت أمتي سناً فعليهم الدمار: إذا ظهر فيهم التلاعن، وشربوا الخمور، ولبسوا الحرير، واتخذوا القيان، واكتفى النساء بالنساء والرجال بالرجال" رواه الطبراني في الأوسط. وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: "لا تذهب الدنيا حتى يستغني الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، والسحاق زنا النساء بينهن". وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "لعن رسول الله الرجلة من النساء". وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا يدخلون الجنة، العاق لوالديه، والديوث، ورجلة النساء. قلنا: فما الرجلة من النساء؟ قال: التي تتشبه بالرجال". وعن عبد الله بن كعب بن مالك قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراكبة والمركوبة". وقيل لمحمد بن علي: "عذب الله نساء لوط بعمل رجالهم، فقال الله أعدل من ذلك، بل استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي بعثني بالحق، لا تنقضي هذه الدنيا، حتي يقع بهم الخسف والمخ والقذف"، قالوا: ومتى ذلك يا نبي الله؟ قال: "إذا رأيت النساء ركبن السروج، وكثرت القينات، وشهد شهادات الزور، وشرب المصلون في آنية أهل الشرك الذهب والفضة، واستغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، فاستبدروا واستعدوا ، وقال الرسول الأكرم أيضاً: "إن من أعلام الساعة وأشراطها، أن يكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء". وعن ابن عباس رضي الله عنه: "لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء"، وقال ابن التين المراد باللعن في هذا الحديث، من تشبه من الرجال بالنساء في الزي، ومن تشبه من النساء بالرجال كذلك، فأما من انتهى في التشبه بالنساء من الرجال، إلى أن يؤتى في دبره، وبالرجال من النساء إلى أن تتعاطى السحق بغيرها من النساء، فإن لهذين الصنفين من الذنب والعقوبة، أشد مما لم يصل إلى ذلك. وعن التشبه بالعادات المشيئة للغرب، يقول الرسول الأكرم: "خالفوا المشركين"، وقال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً شبراً، وذراعاً ذراعاً، حتى لو دخلوا حجر ضب تبعتموهم"، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: "فمن". ويشير ابن القيم إلى ذلك بقوله: "ونهي عن التشبه بأهل الكتاب، وغيرهم من الكفار في مواضع عدة لأن المشابهة الظاهرة ذريعة إلى الموافقة الباطنة، فإنه إذا أشبه الهدي الهدي، أشبه القلب القلب، وقد قال : "خالف هدينا هدي الكفار"، وفي المسند مرفوعاً: "من تشبه بقوماً فهو منهم". أما بخصوص جراحات تحويل الجنس فقد صدرت فتاوى عديدة بعدم جواز الجراحة لمجرد الرغبة في التغيير، دون دواع جسدية صريحة غالبة وإلا دخل في حكم الحديث النبوي الشريف الذي رواه البخاري عن أنس، قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء" رواه أحمد والبخاري، وإذا كان ذلك جاز إجراء الجراحة الإبراز ما استتر من أعضاء الذكورة أو الأنوثة، بل أنه يصير واجباً باعتباره علاجاً، متى نصح بذلك الطبيب الثقة".
موقف القانون من الشذوذ الجنسي
[عدل]من حيث المصطلحات التي تشير إلى موضوع الشذوذ الجنسي، لم ترد صيغة محددة في التشريعات التي تعاقب على هذا الأمر ضمن صيغة ثابتة، وبالتحديد في البلدان الإسلامية والعربية باعتبار أن تشريعات هذه البلدان هي الأكثر تعرضاً لتحديد هذا الموضوع ضمن نطاق التجريم، إذ يلاحظ أن تشريعات الدول التي تخرج من نطاق دائرة تلك الدول كالدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية لا تحدد الموضوع ضمن نطاق السلوك غير المشروع لا بل أنها أمدت الموضوع بكثير من الدعم التشريعي الداخلي والدولي فأجازت زواج المثليين والشراكة المنزلية وأقرت حق التبني لهم ، وأصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يونيو 2011 القرار رقم 17/19 وهو أول قرار يهتم ويتحدث عن الميول الجنسية ويعرب عن قلقه للعنف والتمييز ضد الأفراد استناداً إلى ميولهم الجنسية وهويتهم الجنسية. هذا ويلاحظ استخدام مصطلح اللواط في كثير من الدول استناداً للتسمية الواردة لقصة النبي لوط مع قومه في القرآن الكريم، ومنها قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 إذا كان السلوك من دون رضا الطرف الآخر وفق المادة (393) بقولها: "أو لاط بذكر أو أنثى بغير رضاه أو رضاها"، ويعرفه جانب من الفقه الجنائي العراقي بأنه "إيلاج عضو التذكير في دبر المجني عليه أو المجني عليها"[2]، في حين لم يتطرق القانون المذكور إلى حالة الشذوذ بين النساء، ووردت ذات التسمية في قانون العقوبات اليمني رقم (12) لسنة 1994 في المادة (264) بقولها: "اللواط هو إتيان الإنسان من دبره"، والمادة (268) بقولها: "السحاق هو إتيان الأنثى للأنثى"[3]، ووردت ذات التسمية في المادة (223) من قانون الجزاء العماني بيان مفهومها علي أنها ارتكاب الشخص من نفس الجنس أفعالاً شهوانية[4]، وذات التسمية أيضاً واردة في قانون العقوبات القطري وفق المادة (296)[5]، وقانون العقوبات السوداني لسنة 1991 على وفق المادة (148) مع إيراد تعريف السلوك على أنه: "إدخال حشفة أو ما يعادلها في دبر امرأة أو رجل آخر"[6]، والمجلة الجزائية التونسية بموجب الفصل (230).[7]
في حين وردت مصطلحات أكثر دلالة عن الشذوذ الجنسي في تشريعات بلدان أخرى إذ ورد تعبير (المجامعة على خلاف الطبيعة في قانون العقوبات السوري رقم (148) لعام 1949 بموجب المادة (520)[8]، وفي قانون العقوبات اللبناني رقم (40) لعام 1948 بموجب المادة (534)[9]، وكان أدقها وأشملها تعبيراً مصطلح (أفعال الشذوذ الجنسي) الواردة في المادة (338) من قانون العقوبات الجزائري، والمادة (489) من القانون الجزائي المغربي، والمصطلح الأخير يشمل كل صور السلوك الشاذ والمتمثل بالتشبه واللواط والسحاق وحتى عمليات تغيير الجنس من دون غرض طبي مشروع. ويلاحظ أن أغلب التشريعات لم تتطرق سوى للمواقعة الشاذة في حين لم تتطرق إلى سلوك إقامة العلاقات الجنسية الشاذة طويلة الأمد، والتخنث والتشبه بالجنس الآخر، إلا أنها صور يمكن أن تندرج ضمن جرائم أخرى تحت طائلة جرائم الفعل المخل بالحياء وخدش الحياء العام أو التحريض عليها والواردة في معظم التشريعات العقابية ضمن باب الجرائم الأخلاقية أو في قوانين مستقلة ضمن إطار مكافحة جرائم الدعارة.
كما أن هذه التشريعات لم تتطرق إلى تحديد مفهوم السلوك الجنسي الشاذ بالرغم من تطرقها إلى صورة اللواط أو المساحقة مع بيان آلية ارتكاب السلوك المادي الذي يمكن أن تتحقق فيه الجريمة، مع ملاحظة أن البعض منها قد استبعد التجريم "حكماً" إذا وقع الأمر برضا الطرفين البالغين (كما هو الحال في قانون العقوبات العراقي والبحريني والأردني رقم (16) لسنة 1960 وقانون العقوبات المصري رقم (58) لسنة 1937. فالقانون المصري لا يعرف مصطلح المثلية الجنسية، وإنما اطردت أحكام القضاء وسايره من بعده الفقه على اعتبار أن المقصود بلفظ الفجور هو العلاقة بين الرجل والرجل (اللواط)، كما لا يعرف القانون أو أحكام القضاء المثلية الجنسية بين النساء (السحاق). وعلى ذلك فتجرم المادة (9) (ج) من القانون رقم (10) لسنة 1961 ممارسة الدعارة أو الفجور على حد سواء، فنصت على أنه: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسة وعشرين جنيها ولا تزيد على ثلاثمائة جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من إعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة". وقد استخدم المشرع لفظي الدعارة أو الفجور دائماً في كل أحكام القانون وبذلك يفهم من المغايرة أن الفجور له معنى آخر يخالف الدعارة.
فتقول محكمة النقض "لما كانت الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من القانون سالف الذكر قد نصت على عقاب" كل من إعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة". وكان مفهوم دلالة هذا النص، أن الجريمة المنصوص عليها فيه لا تتحقق بدورها إلا بمباشرة الفحشاء مع الناس بغير تمييز، وأن يكون ذلك على وجه الاعتياد، سواء بالنسبة لبغاء الرجل وبغاء الأنثى، والأنثى حين ترتكب الفحشاء وتبيح عرضها لكل طالب بلا تمييز فتلك هي "الدعارة"، تنسب للبغي فلا تصدر إلا منها، ويقابلها "الفجور" فنسب للرجل حين يبيح عرضه لغيره من الرجال بغير تمييز، فلا يصدر إلا منه، وهو المعنى المستفاد من تقرير لجنتي العدل الأول والشئون الاجتماعية بمجلس الشيوخ عن مشروع القانون رقم (68) لسنة 1951 والذي تضمن القانون الحالي رقم (10) لسنة 1961 ذات أحكامه ومما أوردته مذكرته الإيضاحية إذ ورد به "كما رأت الهيئة عدم الموافقة على ما رآه بعض الأعضاء من حذف كلمة "الدعارة" والاكتفاء بكلمة "الفجور" التي تفيد من الناحية اللغوية ارتكاب المنكر والفساد بصفة عامة، بغير تخصيص للذكر أو الأنثى، لأن العرف القضائي قد جرى على إطلاق كلمة "الدعارة" على بغاء الأنثى وكلمة "الفجور" على بغاء الرجل، فرأت الهيئة النص على الدعارة والفجور لكي يشمل النص بغاء الأنثى والرجل على السواء.
مدى دستورية الفقرة "ج" من المادة (9) من القانون رقم (10) لسنة 1961
إن هذه المادة غير دستورية لأن كلمة "الفجور" غامضة ومتميعة ومبهمة. فالتعريفات اللغوية والاصطلاحية لا تعبر عن فعل المثلية الجنسية بين الرجال بعضهم البعض، والمادة (9) فقرة "ج" من القانون رقم (10) لسنة 1961 لم تضع تعريف للجريمة، ولم توضح أركانها بشكل جازماً ويقينياً، وبالتالي صياغتها ليست صارمة وغير منضبطة، وتعتبر بذاتها دليلاً على انحراف المشرع الجنائي ورغبته في الإيقاع بالأبرياء، إذ من المستحيل على الشخص العادي أن يقدر بالضبط خطورة أفعاله، وتكون تلك المادة المنبهة بذاتها مخالفة أيضاً للمادة (60) من الدستور. وتقول المحكمة الدستورية: "... أن الدستور أعلى قدر الحرية الفردية، فاعتبرها من الحقوق الطبيعية الكامنة في النفس البشرية والتي لا يمكن فصلها عنها وينبغي بالتالي - وضماناً لتلك الحرية وإرساء أبعادها التي تميلها طبيعتها - أن تكون درجة اليقين التي تكشف أحكام هذه القوانين عنها - وكقاعدة مبدئية لا تقبل الجدل - في أعلى مستوياتها، وأظهر فيها منها في غيرها". ولازم ذلك يكون النص العقابي مشوباً بالغموض أو متميعاً. حيث أن غموض النص العقابي يعنى أن يكون مضمونه خافياً على أوساط الناس باختلافهم حول فحواه، ومجال تطبيقه وحقيقة ما يرمي إليه، فلا يكون معرفاً بطريقة قاطعة بالأفعال المنهي عن ارتكابها، بل مجهلاً بها ومؤدياً إلى انبهامها. ومن ثم يكون إنفاذه مرتبطاً بمعايير شخصية قد تخالطها الأهواء، وهي بعد معايير مرجعها إلى تقدير القائمين على تطبيقه الحقيقة محتواه، وإحلال فهمهم الخاص لمقاصده محل مراميه التي غالباً ما يجاوزونه التواء بها، أو تحريفاً لها لينال من الأبرياء. فالأصل في النصوص العقابية هو أن تصاغ في حدود ضيقة لضمان أن يكون تطبيقها محكماً، فقد صار من الحتم أن يكون تمييعها محظوراً، ذلك أن عموم عباراتها واتساع قوالبها، قد يصرفها إلى غير الأغراض المقصودة منه.
أشكال الشذوذ الجنسي وأسبابه
[عدل]أشكال الشذوذ الجنسي
[عدل]للشذوذ أنواع وأشكال متدرجة من حيث شدتها لدى المصابين بالشذوذ الجنسي، وهي صور متفاوتة
أنواع الشذوذ الجنسي
[عدل]الخنثى: في هذه الحالة يولد الفرد وله أعضاء تناسلية ذكرية وأخرى أنثوية، ويحتمل أن يكون بعض هذه الأعضاء ظاهراً خارج الجسم، والبعض الآخر مدفوناً داخل الجسم، فمن الممكن أن تظل الخصيتان داخل البطن دون نزولهما، والحكم على هذا الفرد يتم من خلال الأهل بأن المولود ذكر أو هو أنثى، وعلى هذا الأساس تتم معاملته، ومن هنا نجد أن الطفل يعيش في عالم الأنوثة فيلبس ملابس الفتاة ويلعب ألعاب الفتيات ويتحرك بوحي أنه أنثى، ويحدث العكس إذا صدر الحكم من الأهل على اعتباره ذكراً فيأخذ الطفل كل صفات الذكورة وعاداتها ونشاطاتها، وغني عن البيان أن استمرار الفرد كخنثى له جهاز تناسلي ذكري وآخر أنثوي ويترك الأمر إلي عمر متأخر سيعني استمراره في حالة نفسية وجنسية مضطربة وبالتالي إصابته بأزمة في تحديد هويته الجنسية.
اشتباه الخناث: وفي هذه الحالة نجد أن للفرد أعضاء تناسلية ذكرية أو أنثوية ولكن في حالة ضمور، فقد تظل الخصيتان داخل البطن ويكون القضيب في حالة ضمور.
الشذوذ الجنسي: وفيها يميل الفرد جنسياً إلى ذات جنسه، وقد عرفه العالمان ميرسور وكرين في الولايات المتحدة الأمريكية بعد أبحاث علمية ونفسية طويلة، بأنه "انجذاب قوي من بعض الأفراد تجاه بني جنسهم بحيث يفضلونه عن الجنس الآخر"، ويمكن تصنيفهم على وفق دراسة قام بها العالم إيكليسياستيكال عام 1948 والعالم غيبهارد عام 1972 في الولايات المتحدة الأمريكية:
- مجموعة تنتمي إلى جنس معين ذكر أو أنثى وترغب بممارسة العلاقات الجنسية مع الجنسين، وهو ما يسمي بازدواجية الميول الجنسية.
- مجموعة تنتمي إلى جنس معين (ذكر أو أنثى ولا ترغب ببقائها ضمن ذلك الجنس بحيث تظهر عدة مظاهر على أنها من جنس آخر وهو ما يسمي باضطراب الهوية الجنسية)، وترغب دائماً بممارسة الجنس حصراً مع ذات جنسها ولا تستطيع ولا تتخيل الممارسة الجنسية مع الجنس الآخر، مثال ذلك وجود الأعضاء الذكرية عند الفرد مع رغبته بأن يكون أنثى فيتصرف على هذه الشاكلة ويمارس العلاقات الجنسية مع الذكور أو العكس.
- مجموعة تنتمي إلى جنس معين (ذكر أو أنثى مع رغبتها الاحتفاظ بهويتها الجنسية مع أنها ترغب بممارسة الجنس مع ذات جنسها ولا تستطيع ولا تتخيل الممارسة الجنسية مع الجنس الآخر، مثال ذلك وجود الأعضاء الذكرية عند الفرد مع وجود علامات الذكورة والفحولة كاملة مع رغبته الاحتفاظ بهذه الهوية، ولكنه يميل تماماً إلى ممارسة الجنس مع الذكور حصراً، أو بالعكس.
والجدير بالذكر أن هذا الانجذاب الجنسي والحسي طويل الأمد وقد يتضمن الأفكار والتخيلات والعلاقات، ويعبر الشخص عن التوجه الجنسي من خلال الممارسات الجنسية أو الرغبة فيها وقد تشتمل على اتصال حميمي لا جنسي.
أشكال الشذوذ الجنسي
[عدل]فهناك العديد من الأنماط والسلوكيات التي تصنف شذوذاً جنسياً، أشيع هذه الأنماط ما یلي:
- الإستعرانية: في هذه الحالة يقوم المصاب سواء كان ذكراً أو أنثى بعرض أعضائه الجنسية والتعري أمام أحد الأشخاص الغرباء بشكل مفاجئ وغير متوقع والغرض من هذا الأمر هو إثارة إعجاب هذا الشخص الغريب لممارسة الجنس أو مفاجئته. ولا يكون الشخص المتعري مؤذ للضحية عادة فمن الممكن أن يحاول الاستمناء أمام الضحية (الشخص الغريب) بهدف الوصول للنشوة الجنسية.
- الفيتشية: يحدث لدى المصابين رغبة جنسية ملحة وإثارة جنسية تجاه الجوامد أشياء غير حية مثلاً كحدوث الإثارة تجاه نوع معين من الثياب الجلدية، أو الأحذية النسائية، وهنا ترتبط الإثارة بوجود هذه الأشياء تحديداً وتغيب بغيابها حتى لو كان الشريك الجنسي موجود ويقوم المصاب في هذه الحالات بلمس واستعمال الأشياء التي تثيره للاستمناء والوصول للنشوة المطلوبة.
- الاحتكاك أو التدليك: المصابين بهذا الشذوذ لديهم رغبة ملحة بفرك وتدليك أعضائهم الجنسية بالضحية أو الشخص الغريب للوصول للنشوة الجنسية. تشاهد بشكل رئيسي عند الذكور في وسائل المواصلات، أو في الشوارع العامة المزدحمة، أو أي أماكن تجمع حيث يقوم المصاب بالاحتكاك عن عمد بأحد الركاب أو أحد المارة، بالطبع هذا الأمر إضافة لأنه اضطراب وتحرش بعد غير قانوني.
- الشهوة الجنسية تجاه الأطفال: نوع الشذوذ الأكثر خطراً وإخافة للمجتمع لأن المصاب بهذا الاضطراب لديه رغبة جنسية تجاه الأطفال وخصوصاً الذين تقل أعمارهم عن 13 عاماً. تتضمن هذه الرغبة مجموعة من السلوكيات والتصرفات الشاذة التي تعد مؤذية بشدة للأطفال جسدياً ونفسياً، تتضمن هذه السلوكيات والتصرفات إجبار الأطفال على التعري أو لمس أعضائهم الجنسية. وحتى القيام باعتداء وفعل جنسي مع الأطفال بشكل قسري وتحت التهديد بالإضافة إلى إخافة الأطفال في حال كشفوا حدوث هذا الأمر وتحدثوا عنه.
- المازوشية: المصابين بهذا الشذوذ يصلون للإثارة والنشوة الجنسية، من خلال تعرضهم للإهانة والضرب والأذية ، حيث يجدون المتعة في تعرضهم للتعذيب والإذلال والأفعال المؤذية والمهينة، تتدرج هذه الأفعال والتصرفات التي تثير المازوشيين من السباب والكلمات النابية لتصل لمرحلة التلذذ بالضرب والأذية الجسدية، قد يصل الأمر لأن يرغب المازوشي بأن يتم الاعتداء عليه جنسياً من قبل أحد الغرباء، ويمارس معه الجنس بشكل قسري ليصل للنشوة الجنسية، يقوم المازوشيين بهذه الأفعال المؤذية إما بشكل ذاتي حيث يقومون بأذية أنفسهم كضرب الجسم أو ربطه أو جرحه، أو حتى قد يقومون بخنق أنفسهم للوصول للنشوة، أو يقومون بالبحث عن شخص يقوم بأذيتهم ويجد المتعة من خلال إحداث الأذى للشريك الجنسي، يدعى هؤلاء الأشخاص بالساديين.
- السادية: هو الشذوذ المعاكس المازوشية، المصاب به يقوم بضرب وأذية وإهانة الشريك الجنسي للوصول للنشوة، يشعر المصاب بالإثارة الجنسية عندما يسبب الأذى والألم للشريك، يتراوح الأذى من الضرب الخفيف للشريك ليصل للأذية الجسدية والاغتصاب والتعذيب، وحتى الخنق وقتل الشريك أحياناً في بعض الحالات الشديدة يبحث الساديون أيضاً عن أشخاص يستمتعون عندما يتم ضربهم أو إهانتهم وهم في هذه الحالة المازوشيين هناك علاقة متبادلة بين الأشخاص الساديين والمازوشيين.
- التشبه بالجنس الآخر: فيه يقوم المصاب بالتشبه بالجنس الآخر عن طريق لبس ثيابه والتصرف مثله الذكر على سبيل المثال يقوم بارتداء ملابس داخلية نسائية، أو وضع مساحيق تجميل يعتبر نفسه ذكراً وأنثى في نفس الوقت، يقوم بتخيل حوارات جنسية ونشاطات مع نفسه ليصل للنشوة والإثارة الجنسية.
- التلصص أو المراقبة: يجد المصاب الإثارة الجنسية والنشوة من خلال التلصص على أحد الأشخاص وهو عاري، أو يبدل ثيابه، أو حتى مراقبته وهو يمارس الجنس مع شخص آخر، لا يحاول المصاب بشذوذ التلصص أن يمارس الجنس بشكل مباشر مع ضحيته، يكتفي بالمراقبة والاستمناء أثناء التلصص ليصل للنشوة الجنسية.
أسباب الشذوذ الجنسي
[عدل]لا يوجد إجماع علمي بخصوص العوامل التي تحدد التوجهات الجنسية، وليس من المعروف إن كان التوجه الجنسي يتكون بنفس الشكل لدى النساء والرجال، حتي الآن اقترح العديد من التفسيرات، وحظي البعض منها على الكثير من الدعم، لكن لم يتم إثبات أي تفسير، وكل التفسيرات التي اقترحت يمكن تصنيفها ضمن ثلاثة عوامل رئيسية، ألا وهي نظرية الوراثة والعوامل الجينية، والبيئية النفسية، ومن المحتمل أن التوجه الجنسي يتم تحديده بخليط من التأثيرات الجينية، الهرمونية والبيئية، وليس بعامل واحد فقط علماً بأن الأسباب تختلف من شخص لآخر، ويمكن إجمال هذه النظريات في الآتي:
- نظرية الوراثة والجينات: وفقاً لدراسة أجريت عام 2008، هناك أدلة كثيرة تدعم تأثر التوجه الجنسي بالعوامل الجينية، وأن نتائج هذه الدراسة أوضحت أن الجينات التي تعرض الشخص للمثلية الجنسية هي في الحقيقة مفيدة للمغايرين، وهذه الفائدة تعزز نجاحهم في التزاوج والخصوبة، تبعاً لدراسة أخرى أجريت عام 2009، الإناث ذوات الأقارب المثليين من ناحية الأم تكون خصوبتهن عالية، مما يزيد من نجاحهن التناسلي، وهكذا من المحتمل أن يرث "الجينات المثلية" بعض الأفراد في الأجيال اللاحقة. وفي دراسات استقصائية اتضح أن التوأمان المتماثلان يتشابهان من حيث التوجه الجنسي أكثر من التوأمان المتغايران، بحيث إن كان أحد التوأمين مثلياً، فاحتمال أن يكون التوأم الآخر مثلياً أيضاً هو 32% إن كانا متماثلين. وفي دراسة أخرى بنسبة 90% وفي حالة التوأمين المتغايرين الاحتمال هو 13%، هذه الدراسات تبين وجود تأثير جيني علي التوجه الجنسي، ولكن ليس لدرجة تبرر النظر إليه كظاهرة جينية بحتة.
- نظرية العوامل الهرمونية: ترى هذه النظرية أن الميول المثلية تتأثر بالبيئة الهرمونية التي ينمو بها الجنين فالعوامل الهرمونية تؤثر على بنية الدماغ وغيرها من السمات، أن نشاط هرمون التستوستيرون هو ما يجعل دماغ الجنين ينمو ليصبح دماغاً ذكرياً، وقلة تأثير هذا الهرمون هو ما يجعله ينمو ليصبح أنثوياً طبقاً لبحث أجري عام 2010، هذه هي الطريقة التي تحدد بها الهوية الجنسية وكذلك التوجه الجنسي، إذ تتم برمجتهما في بنية دماغ الجنين وهو مازال في الرحم، بالإضافة لذلك أظهرت أبحاث الدماغ وجود اختلافات بين المثليين والمغايرين من حيث حجم بعض نويات الدماغ، أطوال العظام هي من السمات الأخرى التي تتأثر بهرمونات الجنس والتي يعتقد أنها متعلقة بالمثلية، إذ تكون عظام الأذرع، والأيدي والأرجل أقصر لدي الرجال المثليين، ولكن ليس من الواضح إن كانت هذه السمات مسببة للمثلية أو تعبيراً عنها (أي أن علاقة السبب والنتيجة غير واضحة).
- نظرية العوامل النفسية والبيئية: تتعامل هذه النظرية مع التوجه المثلي على أنه الاستثناء الذي يحتاج إلى تفسير، مما دفع بالباحثين لمحاولة إيجاد علاقة بين المثلية والتجارب الاستثنائية والصدمات في فترة الطفولة، ولكن ليس هناك أي دليل علمي يدعم أن التنشئة غير الطبيعية، التحرش الجنسي، أو أي تجربة حياتية مؤذية أخرى قد تؤثر على التوجه الجنسي للشخص، إلا أن المعلومات الحالية تشير إلى أن التوجه الجنسي يتأسس في الطفولة، إذ يؤكد التقرير الذي نشره العالم الأمريكي ألفريد كينسي عام 1948 أن نسبة المثليين الذين عاشوا طفولة عادية تقارب نسبة المثليين ذوي الطفولة الصعبة، وقد أكدت على ذلك أبحاث أخرى أجريت فيما بعد عقب هذا التقرير، وقد اقترح محللون نفسيون أن توجه الشخص الجنسي يتعلق بطبيعة علاقته مع أحد أبويه، ولكن هذه الفرضية لم تعتمد علي التجارب، وقد اعتقد العالم سيجموند فرويد أن جميع البشر يولدون مزدوجي الميول، ولكن فيما بعد يصبحون أحاديي الميول نتيجة العوامل النفسية المؤثرة عليهم أثناء نموهم، مثل تفاعلهم مع آبائهم وبنية محيطهم الاجتماعية.
وبناء على ما تقدم نجد أن الشذوذ الجنسي على وفق كل النظريات السابقة هو أمر ذاتي غير مكتسب غالباً بالإرادة الحرة، مما يعني أن أغلب أنواع السلوك غير المشروع سيكون علاجاً في نظر مثيلي الجنس وليس سلوكاً جديراً بالشجب والملاحقة القانونية مع العرض بأن هناك حالات قليلة يشار فيها أن الفرد قد يختار الشذوذ الأسباب اجتماعية أو اقتصادية أحاطت به وهي حالات قليلة على وفق الإحصائيات الواردة في هذا المجال.
التكييف القانوني لصور من سلوك الشاذين جنسيا
[عدل]أركان جريمة الشذوذ الجنسي
[عدل]كما هو الشأن بالنسبة للجريمة بصفة عامة، ولنكون بصدد جريمة الشذوذ الجنسي لابد من توافر أركانها وهي ركن مادي أي ارتكاب الجريمة، وركن معنوي وهو النية المسبقة لدى مرتكب الجريمة، ولكي يتم معاقبة مرتكبيها يستلزم بيان العقوبة المقرر لها وظروف تشديدها إذا تم إثباتها.
الركن المادي لجريمة الشذوذ الجنسي
[عدل]الركن المادي من العناصر الواقعية التي يتطلبها النص الجنائي لقيام الجريمة، وهو كل ما يدخل في النموذج التشريعي للجريمة، وتكون له طبيعة مادية ملموسة، فهو صلب كل جريمة لأن الشارع لا يجرم على مجرد التفكير في الجريمة أو مجرد الدوافع والنزاعات النفسية الخالصة، وإنما يستلزم أن تظهر تلك النزاعات والعوامل في صورة واقعة مادية هي الواقعة الإجرامية. فالقانون الجنائي لا يعاقب على الأفعال رغم قبحها، ولا على النوايا السيئة ما لم تظهر إلى الوجود الخارجي بفعل أو عمل. والركن المادي الجريمة الشذوذ الجنسي يتمثل في فعل الاتصال الجنسي - غير الطبيعي - بين شخصين من نفس الجنس الواحد مهما كانت طبيعتها، وهذا يقتضي بالضرورة المساس بالجسم والعورة تحديداً. كما يشترط في هذه العلاقة الجنسية أن تتم برضا تام وصريح بين أطراف العلاقة أن الركن المادي لجريمة الشذوذ الجنسي وفقاً للاتجاه الوضعي السائد: "إيلاج عضو الرجل في دبر ذكر أو أنثى برضاء الطرفين أو بالإكراه سواء كان الإيلاج كلياً أو جزئياً، سواء حصل إمناء أم لم يحصل". ويتضح لنا جلياً أنه حتى يتوفر الركن المادي في جريمة الشذوذ الجنسي يجب حصول الفعل المنافي للطبيعة، أي الاتصال الجنسي بين شخصين من جنس واحد مهما كانت طبيعتها وهذا يقتضي بالضرورة المساس بالجسم والعورة تحديداً، ولا يهم بعد ذلك إن كان هناك وطء أو اقتصر الأمر على ملامسة العورة ليس إلا، وقد تتم الممارسات الجنسية بين رجلين وهناك يكون الفعل لواطاً، أو بين رجل وامرأة من دبرها فيكون الفعل وطئاً، أو بين امرأتين فيكون الفعل سحاقاً.
عرف المشرع المغربي الممارسات الجنسية بين رجلين: يشكل اللواط الصورة المثلي للشذوذ الجنسي بين رجلين، ويتمثل في اتيان الرجل للرجل من الدبر عن طريق ادخال ذكره في دبر الرجل. وهذا الفعل يتطلب الإيلاج، فلا تقوم بما دون هذا الفعل من صلات أخرى أياً كان فحشاها، ولكن يؤخذ على هذا التعريف أنه اقتصر في شأن ركنها المادي على فعل الإيلاج من الدبر أي الخلف على الرغم من أن المصلحة المحمية ينال منها ما هو دون هذا الفعل من أفعال أخرى.
فأفعال الشذوذ الأخرى بين ذكرين مثل المداعبة والتدالك والإيلاج الجنسي بالفم ..... إلخ والتي لم تصل إلى حد الاتصال الجنسي من الخلف يتوافر لها درجة الجسامة وتمس المصلحة المحمية بنفس القدر الذي يتوافر لفعل الإيلاج، وهذه الأفعال تخرج عن نطاق التجريم مطلقاً. رغم أن الواقع أثبت متابعة الجناة على مجرد تبادل القبل والعناق وغيرها من الإيحاءات ذات الصلة متى ضبطت، سواء في الأماكن العمومية أو في أي مكان آخر بعيد عن أنظار العموم عند تقديم شكوى في الموضوع، ومن ثم كانت إرادته محل نظر.
الممارسة الجنسية بين رجل وامرأة من الدبر: إن وطء الرجل للمرأة من الدبر يعد شذوذاً، متى تكون إرادة الجاني إتيانها من الدبر. وتجدر الإشارة إلى أن الاتصال الجنسي بين إنسان وحيوان لا يعد شذوذاً جنسياً (السفاد)، كما يشترط أن يكون كلا الطرفين حياً، فلا يعد شذوذاً الاتصال الجنسي بذكر أو بأنثى متوفاة وطء الأموات ولو تم لحظة خروج الروح من الجسد.
الممارسة الجنسية بين امرأتين: يتمثل الركن المادي هنا في المساحقة، ويقصد بها إتيان المرأة للمرأة، وطالما أنه لا يمكن أن نتصور وطء بين امرأتين فإن المساحقة تقتصر على الأشكال الأخرى للشذوذ مثل المداعبة والتدالك بواسطة الفرج، وغير ذلك من ضروب الممارسات ذات المسحة الجنسية. وهكذا لا يعد شذوذاً الفعل الذي يتم باحتكاك امرأة بفخذ امرأة أخرى مثل امرأة أخري بيدها أو بفمها، هذه الأفعال لا تعد شذوذ ولكنها تعداً هتكاً للعرض وفقاً للقانون المغربي. وأن تبادل القبل والعناق بينهما أي لا يشترط الاتصال الجنسي في هذه الجريمة، بمعنى أنه ليس بالضرورة أن يكون هناك مواقعة جنسية بين الطرفين فمجرد القيام بتصرفات جنسية برضاء الطرفين تقوم جريمة الشذوذ الجنسي. كما يشترط أن يتم الفعل برضاء الطرفين، لأن بغير ذلك تقوم جريمة هتك العرض مع استعمال العنف. وكذلك لا يشترط توافر ركن الاعتياد، بمعنى تقوم الجريمة ولو أن قام بها لأول مرة سيتابع بالشذوذ الجنسي، حيث يكفي القيام بها لمرة واحدة لتحقق جريمة الشذوذ الجنسي، إذ لا عبرة بعنصر التكرار. أما القانون المصري نجده لا يعتبر السحاق جريمة يعاقب عليها، إذ لا يجرم أفعال السحاق إذا تمت بين طرفين بالغين برضا تام وبدون إكراه، وفي حالة غياب الرضا بين الطرفين وتم فعل السحاق تحت تهديد وإكراه فإن القانون يعاقب عليه.
وهنا يثور تساؤل عندما يتعلق الأمر بأجانب يمارسون أفعال الشذوذ الجنسي فوق الأراضي المصرية خصوصاً عندما يكونون مرتبطين بعقد زواج طبقاً لقانون أحوالهم الشخصية الذي يعترف بزواج ما يسمى المثلين وذوي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً كما هو الشأن بالنسبة للقانون الفرنسي والسويدي والأمريكي. وهكذا، إذا استندنا إلى معيار إقليمية القانون الجنائي المصري الذي يقضي بمعاقبة الجميع، أجانب كانوا أو مواطنين الذين يرتكبون فوق الإقليم المصري أفعالاً مخالفة للقانون، فإن الإشكال يبقى قائم نظراً لكون الأحوال الشخصية للأفراد تخضع لقانون بلدهم. وفي الواقع لم نرى أن القضاء المصري عاقب أجانب عن جريمة ممارسة الشذوذ الجنسي استناداً للقاعدة الجنائية المذكورة.
الركن المعنوي لجريمة الشذوذ الجنسي
[عدل]إضافة للركن المادي، يجب القيام الجريمة توافر الركن المعنوي، فجريمة الشذوذ الجنسي من الجرائم العمدية وهي تلك التي يتوافر فيها القصد الجنائي بعنصريه العلم والإرادة، فالركن المعنوي هو القصد الجنائي، أي النية لدي الجاني لارتكابها. فالقصد الجنائي هو "علم الجاني بكافة عناصر الجريمة، واتجاه إرادته إلى تحقيق هذه العناصر، أو قبولها". وبمعنى آخر القصد الجنائي هو الإرادة الجنائية أي توجيه الإرادة فعلاً إلى تحقيق النشاط الإجرامي، أو على الأقل تعطيل هذه الإرادة وارتكاب الجريمة عن طريق الإهمال والقصد اللازم توافره في جريمة الشذوذ الجنسي هو القصد العام، لا الخاص ويتمثل القصد الجنائي العام وهو ركن يكاد يكون مفترضاً، إذ تقوم الجريمة بمجرد إتيان فعل من أفعال الشذوذ الجنسي، وبمعنى آخر الشذوذ الجنسي جريمة عمدية تتم بإرادة الطرفين وعلمهما بأن الفعل الذي يقومان به يشكل جريمة ومعاقب عليها. ويعني ذلك أن القصد الجنائي يقوم على عنصرين العلم، والإرادة.
عنصر العلم
[عدل]العلم عنصر من العناصر التي ترتكب منها الصورة العمدية للركن المعنوي اللازم لقيام المسئولية الجنائية وليس عنصراً من عناصر الأهلية لتحمل المسئولية الجنائية، فيعرف على أنه "حالة ذهنية أو قدر من الوعي يسبق تحقيق الإرادة ويعمل على إدراك الأمور على نحو صحيح مطابق للواقع". "وعلى الجاني أن يعلم بتوفر أركان جريمة الشذوذ الجنسي فلا يتحقق العلم إلا إذا كان الفاعل والمفعول به يعلمان ويدركان إدراكاً تاماً بصفة فعلهما - لواط أو سحاق - متحدين في ذلك للقواعد الأخلاقية والتقاليد الاجتماعية وحتى القانون الذي يعاقب عليها. فلكي يتوافر القصد الجنائي لدى الجاني فلابد أن يكون عالماً أنه يمارس أفعالاً جنسية غير مشروعة مع ذكر أو أنثى في الدبر، ويترتب على ذلك أنه إذا وقع في غلط أو كان يجهل ذلك، سواء كان غلطه متعلقاً بالواقع أو القانون، انتفى القصد لديه. فالقصد الجنائي العام في جريمة الشذوذ الجنسي يكاد يكون مفترضاً إذ لا يعرف القانون لواطاً أو سحقاً غير عمديين، فلا ينتفي القصد الجنائي للجاني إذا كان لا يعلم أن الأفعال التي يقوم بها معاقب عليها قانوناً، إلا أنه ينعدم القصد الجنائي إذا تمت جريمة الشذوذ الجنسي تحت ضغط وإكراه.
عنصر الإرادة
[عدل]يجب أيضاً لتوفر القصد الجنائي أن تتجه الإرادة إلى مواقعة غير مشروعة سواء مع ذكر أو أنثى، والاتصال بين جنسين بطريق شاذة مخالفة للطبيعة وللفطرة الإنسانية، أما إذا كان القصد من فعله ليس هو إتيان الرجل في دبره أو المرأة في دبرها، بل هو شيء آخر غير الإيلاج في الدبر، فإنه ينتفي القصد الجنائي لديه بالنسبة لجريمة الشذوذ الجنسي ويمكن مساءلته عن جريمة هتك العرض إذا توافرت أركانها. فإذا توافر القصد الجنائي لديه فلا عبرة بعد ذلك بالبواعث التي دفعته إلى ارتكاب هذه الجريمة، فقد يكون دافعه على ذلك قضاء الشهوة أو غير ذلك. فالإرادة باعتبارها أحد عناصر المسئولية النفسية التي يستطيع بها الشخص أن يتحكم بأفعاله، سواء أكانت عضوية أو نفسية وهي لا تتوفر للشخص إلا إذا كان بلغ سن النضج الذي حدده القانون "والإرادة نشاط نفسي يصدر عن وعي وإدراك، اتجه إلى تحقيق غرض عن طريق وسيلة معينة، فيفترض العلم بالغرض المستهدف والوسيلة التي يستعان بها لبلوغ هذا الغرض غير المشروع والمتمثلة في صورة النتيجة الإجرامية، حيث أنه لا يكفي علم الجاني في تحديد القصد إذ تمثل الإرادة المتجهة إليه القصد الجنائي. ففي جريمة الشذوذ الجنسي يجب أن نتجه إرادة الجاني إلى القيام وإتمام الاتصال الجنسي بين الشاذين بطريقة شاذة ومخالفة للفطرة الإنسانية. إذا توفر القصد الجنائي لدي الجاني في جريمة الشذوذ الجنسي، فلا عبرة بعد ذلك بالبواعث التي دفعته إلى ارتكاب هذه الجريمة، فقد يكون دافعه على ذلك قضاء شهوته الجنسية أو غير ذلك من البواعث.
إذن يتحقق الركن المعنوي لجريمة الشذوذ الجنسي بتوفر القصد لدى كل الطرفين في القيام بالمعاشرة الجنسية مع إدراكهما لحقيقة التصرف الذي يقومان به، وعلمهما يكون هذا الفعل معاقباً عليه، وبمعنى آخر، فإنه يلزم أن يكون كل من الفاعلين عالماً ومريداً الارتكاب جريمة الشذوذ الجنسي وثبت بالتالي الحق في مساءلة كل منهما ومعاقبته بما هو مقرر قانوناً. فالنية الإجرامية أو القصد الإجرامي هو وجود النية المسبقة عند المتهم بإحداث اتصال جنسي تام مع شخص آخر من نفس جنسه يعد شرطاً ضرورياً لاعتبار الفعل جريمة شذوذ، وإن يتم الاتصال طواعية واختيار دون إكراه، بمعني أنه كان سيمتنع يقيناً عن هذا الاتصال لو لم يكره ولم تسلب إرادته.
وعليه، لا يتحقق الركن المعنوي وبالتالي لا تقوم جريمة الشذوذ الجنسي، إذا كان الجاني أتى الفعل مرغماً، كما لو أن الفاعل تم تهديده بالقتل من طرف شخص آخر فهو هنا لم يواقع شخص مقصود، ففي هذه الحالة فإننا حينها لن نكون أمام جريمة الشذوذ الجنسي، على اعتبار أن النية لم تكن لدى الفاعل وبالتالي انتفاء الركن المعنوي في الجريمة، فالقانون إذن يشترط أن يتم الفعل في هذه الجريمة بالإرادة الحرة النزيهة بهدف ممارسة الشذوذ، وذلك للتأكد من أن الجريمة قد تحققت فعلاً ولم تمارس عن طريق الإكراه، وبالتالي لا تكيف بأنها جريمة هتك عرض.
إقامة العلاقات الجنسية المثلية
[عدل]تتحقق الجرائم الجنسية عادة من خلال ارتكاب أفعال تستمد هذا الوصف من ذاتيتها، وعلى هذا فإن الفعل الجنسي يتمثل بكل فعل يتصل بالحياة الجنسية سواء اتخذ صور الممارسة الجنسية بمفهومها الطبيعي أو غير الطبيعي كما في حالة اللواط والسحاق، أو أن يكون في صورة لا تبلغ هذا الحد كما في انتهاك العرض والفعل الفاضح بحيث يخدش الحياة، وتتخذ إقامة العلاقات الجنسية المثلية عدة صور.
صور إقامة العلاقات الجنسية المثلية
[عدل]تتخذ إقامة العلاقات الجنسية في إطار الشذوذ الجنسي المثلي عدة طرق متصورة على النحو الآتي:
- الممارسة العابرة: تعني ارتكاب أو مباشرة أو مزاولة فعل الجنس المثلي ولو لمرة واحدة، ويتم ذلك من خلال علاقة جنسية غير طبيعية بين أشخاص من نفس الجنس ذكر مع ذكر تتحقق بالوطء وهو الإيلاج الكلي أو الجزئي للعضو التناسلي للذكر في الدبر أو ما يسمي طبياً بالشرج سواء تم قذف المادة المنوية أو لم يتم قذفها فالمهم أن يقع الإيلاج حقيقة، أو بين أنثى وأنثى من خلال إتيان المرأة المرأة بالتدالك الجنسي بطريق استغلال أماكن الإثارة لدى الأنثى بما فيها الأعضاء التناسلية.
- المخادنة: وهي تصلح للمعاشرة الطبيعية بين الذكور والإناث أو للمعاشرة الشاذة بين ذات الجنس، وتكون على نوعين: مستديمة ومؤقتة، المستديمة: فهي الاتفاق بين الطرفين على أن يستمتع كل منهما بالآخر استمتاع غير محدد المدة، أما المؤقتة: فهي تعني الرغبة في قضاء الشهوة الجنسية الشاذة مرة واحدة أو عدة مرات بدافع الحب أو عاطفة الاشتهاء الجنسي بين الطرفين.
- الاعتياد: يعني تكرار ارتكاب الفعل الجنسي الشاذ كان يلحق رجل شاذ نفسه بحالة ديمومة إنزال جسده للكافة دون تمييز لإرضاء شهوتهم الجنسية على سبيل التكرار (وهو ما يماثل مصطلح الدعارة في العلاقات الجنسية الطبيعية)، ويحصل هذا الأمر في مجال الشذوذ الجنسي كثيراً إذ يرغب رواد الملتقيات المباشرة للشاذين جنسياً كالمقاهي والنوادي والأماكن السياحية وصالونات التدليك من ممارسة الجنس مع أكبر قدر ممكن من الشباب مع تواجد حالة التكرار.
الشكل الإجرامي لصور إقامة العلاقات الجنسية المثلية
[عدل]لابد أولاً إجراء تكييف قانوني لأنماط السلوك الشاذ عند إقامة العلاقات الجنسية بين المثليين بحثاً وراء إلحاق تلك الصور وما يترتب عليها من وقائع بنصوص القوانين العقابية النافذة في مختلف البلدان العربية، وهذا يقتضي إجراء عملية تبدأ بالفهم الكامل لصور السلوك وما يتجسد منها من واقعة منصورة وفهم كامل للنص القانوني، وأخيراً تطبيق كل منهما على الآخر بغية الوصول إلى الوصف القانوني لكل صورة وترتيب الأحكام القانونية عليها من عقوبات وتدابير، وقد لا تنطبق الصور والوقائع على النص أو قد يغيب النص المعالج فلا يتحقق الوصف الجرمي لذلك السلوك. وفي البداية لابد من القول بأن الحرية الجنسية وفقاً للمفهوم الاجتماعي للعرض تعد حقاً لصاحبها يجوز أن يتصرف كيفما يشاء بالرضاء الصحيح، وقد أدى ظهور هذا المفهوم إلى تراجع واندثار المفهوم الأخلاقي للعرض وزوال الارتباط الذي كان قائماً بين المشروعية والعرض، إذ أصبحت صيانة الجسد عن الممارسات الجنسية غير المشروعة تمثل حقاً للفرد يجوز أن يتصرف فيه من دون أن يؤاخذ على تفريطه في حفظه، وقد ظهر هذا المفهوم مع بداية الثورة الفرنسية وسيطرة النظرة العلمانية على المفاهيم الاجتماعية، إذ انفصلت المضامين الاجتماعية للقيم عن المضامين الدينية والأخلاقية، فلم يعد من اللازم أن يشكل الفعل الذي يعد خطيئة في نظر الدين أو عيباً في نظر الأخلاق عملاً غير مشروع في نظر القانون، فلم يعد العرض مرادفاً للفضيلة الاجتماعية للقانون، وإنما يعني الحرية الجنسية، فيعد السلوك اعتداء على العرض إذا تضمن مساساً بهذه الحرية أو خروجاً عن الحدود الموضوعة لها. هذا ويمكن تكييف السلوك الشاذ وحسب صورة تحققه وترتب الواقعة بشأنه:
ارتكاب فعل إقامة العلاقات الجنسية الشاذة برضا أو بغير رضا الطرفين البالغين
[عدل]تنظر الكثير من التشريعات للحرية الجنسية على أنها حرية شخصية، والتي ينبغي احترام حرية الأفراد في مباشرتها باستثناء حالات محددة ، فعندما ترتكب المواقعة الجنسية بين طرفي العلاقة المثلية بموافقة الطرفين نجد أن قوانين العقوبات في كثير من البلدان لا تنظم هذه الحالة بنص صريح، ما لم ترتكب بغير رضا، ويتحقق عدم الرضا في حالة استعمال القوة أو الإكراه المادي أو المعنوي متى استعملت بصورة فعلية، حيث يترك الفاعل دليلاً على ذلك من علامات الجماع وعلامات وقوع الشدة على الجسم وقد تكون مصحوبة بالقسوة، ولا يشترط لتحقق الجريمة بالملاوطة بالإكراه استمراره على مدار السلوك، إذ يكتفي بأن يكون المتهم قد استعمل الإكراه فتغلب به على مقاومة المجني عليه، وتعتبر علامات عدم الرضا قائمة في حالة إصابة المجني عليه بضعف أو فقدان الإدراك، أو العجز عن المقاومة لأي سبب كان، كالإصابة بالعته أو الجنون أو تحت تأثير مسكر أو مخدر أو بسبب فقدان الوعي أثناء النوم أو التنويم المغناطيسي، ويفقد الرضا قيمته أيضاً إذا صاحب السلوك مباغتة أو حيلة كالرضاء المعطى من قبل المجني عليه وهو يعتقد بأن الجاني كان سيقوم بإجراء عملية جراحية، وهذا الأمر يتعلق بمجال اللواطة بين الذكور وقد نص قانون العقوبات العراقي على ذلك بموجب المادة (393) بقولها: "أو لاط بذكر أو أنثى بغير رضاه أو رضاها".
ويلاحظ أن المشرع العراقي قد ساوى في العقاب بين جريمة الاغتصاب وجريمة اللواط، فلم يفرد لها نصاً خاصاً، إذ يرى جانب من الفقه الجنائي العراقي أن الأمر غير مقبول إذ لا يمكن أن تستوي الجريمتين، إذ أن الآثار التي تقوم عليها الأسرة، مما يقتضي وضع نص خاص للواطة تكون فيه العقوبة أقل درجة من عقوبة الاغتصاب مراعاة لجسامة كل جريمة على حده. أما في مجال ممارسة السحاق بين الإناث فلم ينظم المشرع العراقي هذا الأمر، فإذا وقع السلوك برضا الطرفين ممن أكملا سن الثامنة عشرة من العمر وكان الرضا صحيحاً فلا يشكل السلوك جريمة، أما إذا حصل من دون رضا المجني عليها فيمكن أن يقع تحت طائلة جرائم هتك العرض المنظمة بموجب المادة (396) عقوبات عراقي.
وفي القوانين العقابية لدول أخرى نجد أن هناك من يسير على ذات النهج التشريعي العراقي، كقانون العقوبات البحريني[10]، إذ لا يوجد نص يجرم ممارسة الجنس الطبيعي والمثلي بالتراضي بين البالغين، إلا أنه توجد نصوص أخرى كنصوص المادة (324، 328) والتي تعاقب على الفعل المخل بالحياء والتحريض على الفجور، والتي طبقت على حالات التشبه بالجنس الآخر والعلانية بإظهار المشاعر الشاذة في الأماكن العامة بين أشخاص من نفس النوع أو حفلات المثليين، كذلك الحال في قانون العقوبات المصري والأردني والقطري والجيبوتي، إذ لم تورد نصاً بخصوص ممارسة الجنس الشاذ برضا الطرفين، وعليه عدتها من جرائم هتك العرض إن وقعت بالإكراه أو الخداع أو الحيلة. في حين تتجه تشريعات أخرى إلى عدم الاعتراف بالرضا بين الطرفين فتجرم السلوك الشاذ المثلي بحد ذاته، سواء أكانت لواطة أم سحاق، فتعد ممارسة الجنس الشاذ جريمة قائمة بذاتها، ومن هذه القوانين قانون العقوبات الجزائري، إذ نصت المادة (338) "كل من ارتكب فعلاً من أفعال الشذوذ الجنسي على شخص من نفس جنسه يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة من 500 إلى 2000 دينار جزائري". وهذا النص يشمل كل صور الشذوذ الجنسي بالرضا وبدونه، أما إذا تمت أفعال شاذة مخلة بالحياء بطريق العلانية فيندرج السلوك ضمن المادة (333) التي تنص على العقاب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 1000 إلى 10000 د.ج".
أما بموجب قانون العقوبات السوري تنص المادة (520) "كل مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات". وسار بذات التسمية بنص مقارب قانون العقوبات اللبناني فنصت المادة (534) "كل مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس حتي سنة واحدة"، ونجد أن طرفي المواقعة خاضع للعقوبة بغض النظر عن الرضا. وبتعبير مقارب استعمله قانون العقوبات الموريتاني "أفعال منافية للطبيعة" جاءت المادة (308) لتحديد العقاب بالرجم حتى الموت وبتعبير يندرج ضمن ذات النطاق ذكرت المادة (152) من قانون العقوبات الفلسطيني المطبق في قطاع غزة بمعاقبة طرفي العلاقة الجنسية إذا وقعت خلافاً لنواميس الطبيعة بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات".
وقد كان القانون الجزائي المغربي أكثر دقة، إذ ذكر مصطلح "أفعال الشذوذ الجنسي" في نطاق المادة (489) والتي تنص على أنه: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات وغرامة لا تقل عن مائتي درهم ولا تزيد عن ألف درهم من ارتكب فعلاً من أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه، ما لم يشكل فعله جريمة أشد". وأفعال الشذوذ الواردة هنا تشمل اللواط والسحاق والتشبه بالجنس الآخر وأي سلوك آخر يندرج ضمن نطاق الشذوذ شاملاً طرفي العلاقة الجنسية أو ملحقاتها ومن دون أن يهتم برضا الطرفين. أما الموقف القانوني التونسي نرى بأن نص الفصل (230) من المجلة الجزائية التونسية "يعاقب من ارتكب اللواط أو المساحقة بالسجن مدة لا تزيد على ٣ سنوات". وفي الإمارات العربية المتحدة تنص المادة (80) من قانون العقوبات على معاقبة طرفي العلاقة الجنسية المثلية التي تمت بالتراضي بالحبس مدة لا تتجاوز أربعة عشرة سنة، أما لم تتم بالتراضي فتكون عقوبتها أشد.
وقد جاء قانون العقوبات اليمني بتعريف اللواط والمساحقة مع تبني أحكام الشريعة الإسلامية في تحديد مقدار العقاب، إذ نصت المادة (264) "اللواط هو إتيان الإنسان من دبره، ويعاقب اللائط والملاط به ذكراً كان أم أنثى بالجلد مائة مرة إن كان غير محصن ويجوز تعزيره بالحبس مدة لا تتجاوز سنة، ويعاقب بالرجم حتى الموت إن كان محصن". وعلى هذا الأساس اهتمت هذه المادة بتصنيف المجرمين المتزوجين وغير المتزوجين لتحديد مقدار العقاب مع محاسبة طرفي العلاقة الجنسية الشاذة. وضمن نفس الإطار المتبني لأحكام الشريعة الإسلامية، مع تركيزه على مسألة (العود) لدى مرتكبي السلوك الشاذ في تحديد مقدار العقاب، نصت المادة (148) من قانون العقوبات السوداني على أنه: "أولاً: يعد مرتكباً جريمة اللواط كل رجل أدخل حشفته أو ما يعادلها في دبر امرأة أو رجل آخر أو مكن رجلاً آخر من إدخال حشفته أو ما يعادلها في دبره".
من يرتكب جريمة اللواط يعاقب بالجلد مائة مرة كما يجوز معاقبته بالسجن مدة لا تتجاوز خمس سنوات.
إذا أدين الجاني للمرة الثانية يعاقب بالجلد مائة جلدة وبالحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات.
إذا أدين الجاني للمرة الثالثة يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد.
ارتكاب الفعل الجنسي الشاذ برضا أو بغير رضا الطرفين مع توافر ظرف مشدد
[عدل]لا يعتد بالرضا الذي يصدر من المجني عليه إذا كانت قد استغلت حاجته أو ضعفه أو صغر سنه بأن لم يبلغ سن الرشد، ونظراً لأهمية حماية الصغار والأحداث من السلوك الجنسي الشاذ خلال هذه الفترة العمرية التي تشوبها المراهقة ونقص القدرات الذهنية والمهارات العقلية. إذ تنص المادة (393) عقوبات عراقي على اعتبار أن أفعال اللواط بذكر (في حالة الرضا أو عدمه) معاقب عليها بعقوبة مشددة "السجن المؤبد أو المؤقت" في الحالات الآتية:
- إذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يبلغ من العمر ثمانية عشرة سنة، أما إذا كان اللواط حاصلاً برضا المجني عليه وكان قد أتم الخامسة عشرة ولم يتم الثامنة عشرة فتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات" استناداً لنص المادة (394) عقوبات عراقي.
- إذا كان الجاني من المتولين تربية المجني عليه أو ملاحظته أو ممن له سلطة عليه أو كان خادماً عنده، وعلى هذا الأساس يدخل ضمن هذا الوصف الأخ والعم والوصي وزوج الأم والسيد بالنسبة لخدمه وصاحب العمل بالنسبة لعماله وغير هؤلاء ممن له على المجني عليه سلطة قانونية أو فعلية.
- إذا كان الفاعل من الموظفين أو المكلفين بخدمة عامة أو من رجال الدين أو الأطباء واستغل مركزه أو مهنته أو الثقة به، وعلى هذا الأساس تكون صفة الفاعل قد سهلت مهمة القيام بالسلوك.
- إذا ساهم في ارتكاب السلوك شخصان فأكثر تعاونوا في التغلب على مقاومة المجني عليه، مما يسهل عليهم ارتكاب الفعل، وهنا نجد أن الحكمة من التشديد هو أن مساهمة أكثر من شخص في السلوك يشل من قدرات المجني عليه وفاعلية مقاومته، أو إذا أصيب المجني عليه بمرض تناسلي.
- إذا أفضى الفعل إلى موت المجني عليه فتكون العقوبة السجن المؤبد.
وأيضاً في مجال التشريعات المقارنة، نجد هذا التمييز في مجال ارتكاب السلوك الصغار والأحداث بحيث يرتب عقوبة أشد في كل الأحوال، كما هو الحال في المادة (193) من قانون العقوبات الكويتي، إذ استهدفت بالعقاب مرتكبي جرائم اللواط (بطرفيها الفاعل والمفعول به مادام أنها وقعت بتراضي الطرفين وعلى أساس التمييز بالعمر لتحديد مقدار العقاب، إذ نصت المادة المشار إليها إذا واقع رجل رجل آخر بلغ الحادية والعشرين وكان ذلك برضاه عوقب كل منهما بالسجن مدة لا تتجاوز سبع سنوات)، أما لمن لم يتجاوز سن الحادية والعشرين فتكون العقوبة للجاني فقط بموجب المادة (192) بعقوبة أشد، ويلاحظ أنه لم ينظم أو يذكر سلوك السحاق.
وفي جزر القمر، نجد أن المشرع فيها، جاء بنص عام يشمل اللواط والسحاق ليحاسب على ارتكاب السلوك الشاذ ويشدده إذا ما وقع على صغير أو مع قاصر على حد تعبير النص، إذ تنص المادة (230-231) على معاقبة كل من ارتكب فعلاً منافياً للآداب العامة أو الطبيعة مع شخص من نفس الجنس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة مالية من 50000 إلى 1000000 فرنك وفي حال تم ارتكاب السلوك مع قاصر ستطبق عقوبة أشد. ولا يفوتنا أن نذكر ملاحظة عامة أن أغلب التشريعات العقابية في مختلف البلدان التي تم استعراضها لا تهتم بالباعث من وراء السلوك الشاذ المجرم، سواء أكان إرضاء لشذوذه الجنسي البحث أم تلبية لرغبة جامحة في الإشباع الجنسي من دون وجود النوازع الشاذة لدى الجاني في طبيعته الذاتية النفسية، كما لا ينظر للدوافع هل كال من ورائها الرغبة في إذلال المجني عليه أو الانتقام منه أو من أهله وفضحه بارتكاب السلوك الشاذ ضده، أو بدافع الفضول، أو بدافع الانتفاع المادي البحث، إذ يلجأ بعض المصابين بالشذوذ الجنسي إلى دعوة الأشخاص الطبيعيين للممارسة الجنسية لقاء مبالغ مالية مجزية.
والجدير بالذكر أيضاً أن عدم المعاقبة على أفعال السلوك الشاذ بنص صريح في بعض التشريعات العقابية المقارنة وقانون العقوبات العراقي إذا وقع السلوك في حالة الرضا، لا يعني عدم إمكانية محاسبة مرتكبيها، إذ حصل من خلال السلوك الشاذ - أياً كانت صورته أو شدته - اعتداء على مصالح معتبرة أخرى، كالعلانية في ارتكاب السلوك الشاذ، حيث يترتب على ذلك انطباق نصوص الفعل الفاضح العلني المخل بالحياء على وفق المادة (401) من قانون العقوبات العراقي، وكذلك المادة (328، 324) من قانون العقوبات البحريني والتي تعاقب على الفعل المخل بالحياء والتحريض على الفجور، وتستعمل النيابة العامة في مصر المادة (10) من قانون مكافحة الدعارة لعام 1960 للمحاسبة على الأفعال الفاضحة المخلة بالحياء العام عند ارتكاب السلوك المثلي ضمن نطاق القالب القانوني.
يبقى أن نبين أن الدول الغربية كانت على النقيض من كل ذلك، حيث اعترفت قانونياً بعقد زواج المثليين من نفس الجنس أو من نفس الهوية الجنسية، إذ اعترفت بالزواج المدني وعقد الشراكة المنزلية وأنواع أخرى للاعتراف بشتى صور العلاقات المثلية وكانت أول تلك الدول هولندا عام 2000، ثم بلجيكا 2003، إسبانيا 2005، جنوب أفريقيا 2006، النرويج 2009، السويد 2010، البرتغال 2010، آيسلندا 2010، الأرجنتين 2010، الدنمارك 2012، المكسيك معترف به في ولاية مكسيكو فقط 2010، أورغواي 2013، نيوزلندا 2013، فرنسا 2013، البرازيل 2013، بريطانيا (إنجلترا وويلز وإسكتلندا فقط) عام 2014.
إجراء عمليات تحويل الجنس
[عدل]عندما ظهرت مشكلة الرغبة في تحول الجنس لأول مرة في فرنسا، فإن الفقه والقضاء وصفا التدخل الجراحي لإجراء هذا التحول بأنه غير مشروع من وجهة نظر القانون الجنائي، وبناء عليه كانت المحاكم ترفض طلب تعديل الحالة المدنية المستند لهذا التحول مما كان يرتب عليه معاناة اجتماعية ونفسية تنعكس على الواقع الحياتي للمتحول، إذ تتعارض حالته الجديدة مع مستنداته الشخصية الرسمية، فيعاني من البطالة والسخرية فيضطر إلى العيش على هامش المجتمع. ولا يخفى أن هذا الموضوع تعتريه مشاكل دينية واجتماعية يضاف لها المشاكل القانونية، إذ تشير الإحصاءات في عام 1975 في الولايات المتحدة الأمريكية أن واحد في كل 65000 من الرجال مصابون بالرغبة بتغيير الجنس وواحد في كل 13000 من النساء، أما في السويد فإن النسبة واحد في كل 37000 من الرجال، وواحد في كل 100000 من النساء وأصبحت في عام 1990 (7-8%)، وأجريت مئات العمليات لتحويل الجنس في ألمانيا وبريطانيا وسويسرا وبلجيكا، وفي المغرب تجري حوالي 800 عملية سنوياً بواسطة الطبيب بورو وفريقه الجراحي.
معنى الرغبة في تحويل الجنس والعمليات الجراحية المؤدية إليه
[عدل]يقصد بالمصطلح الفرنسي الذي ظهر لأول مرة عام ١٩٤٩ "Transsexualisme" الحالة التي يوجد فيها شخص من جنس محدد، مقتنعاً اقتناعاً مطلقاً بانتمائه إلى الجنس الآخر، مما يثير بداخله تناقضاً رهيباً، هذا التناقض يضفي عليه الشعور بأنه مجني عليه في غلط لا يحتمل من الطبيعة، إذ يشعر بأنه أنثى في جلد رجل أو العكس، فيبغض جسده بغضاً يدفعه إلى سلوك مسلك الجنس الآخر كالتخنث والانحطاط أو إلى قطع عضوه بنفسه أو الانتحار، إلا أنه على الرغم من ذلك لا يعد مجنوناً.
أن عملية تحويل الذكر إلى أنثى تتم بأن يقوم الجراح بإزالة القضيب والخصيتين، ثم يقوم بعمل فتحة شبيهة بفتحة المهبل، وفي نفس الوقت يتم إعطاء المريض بعض الهرمونات الأنثوية التي تؤدي إلى اختفاء الشارب والذقن، ثم تبدأ ملامح الأنوثة على الجسم عندما يتم توزيع الدهون على أجزاء معينة من الجسم لتأكيد ملامح الأنوثة وسوف لا يزعجه من بعد أن يؤكد له الطبيب أنه لن يحمل ويلد، فهو لا يفكر إلا في التخلص من الأعضاء التناسلية الذكرية، ولا يهم بعد ذلك أن يتزوج أو لا، ويرتبط برجل أو لا يرتبط، أما عمليات تحويل الأنثى إلى ذكر، فهي عملية صعبة، وتشوه مظهر من يجريها، فالجراح يبدأ بإزالة الثديين والرحم، ثم يفتح جدار البطن لأخذ جزء من أنسجته لاستخدامها في إعداد قضيب، هذا القضيب يكون عضلياً ولا ينتصب كباقي القضبان الذكرية لكنه يستخدم في التبول، وفي نفس الوقت يتم قفل الشفرة الداخلية والخارجية للمهبل، على أنه تتعين ملاحظة أن هذه الجراحات التي تجري لتحويل الأنثى إلى ذكر تنتهي بإصابة المريض بالاكتئاب، وبعض هذه الحالات أدى بها الاكتئاب إلى الإقدام على الانتحار، ولابد من الإشارة أن الشخص الراغب في تغيير جنسه، فأنه لا يفعل ذلك الغرض جنسي أو للحصول على لذة جنسية، بل أنه يفعل ذلك تحت تأثير رغبة ملحة وسيطرة من المخ الذي ينتسب إليه بعضوه التناسلي الموجود أصلاً، ويتوجب علي الطبيب قبل إجراء عملية تحويل الجنس أن يتأكد أولاً من أن هذه الرغبة ليست ناتجة عن مرض عقلي.
ويرى الأطباء بأن جراحة تحويل الجنس في حالة الخنوثة الحقيقية هي نوع من أنواع جراحة التجميل، وأنها تستهدف إصلاح عضو وإعطاءه الشكل الطبيعي - كفصل الإصبعين الملتصقين - أو إزالة إصبع سادس فمن السائغ إباحتها إذا لم يكن من شأنها أن تنال الصحة بضرر.
ومن الحالات الواقعية في جراحات تحويل الجنس إجراء عملية تحويل الجنس للزوج، حتى يشابه زوجته في جنسها، بسبب حبه وعشقه الشديد لها، وقد حدث ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية، فبعد أن أنجب الزوج طفلين من زوجته، اكتشف زوجته إنها لا تطيق معاشرة الرجال وتكره أن تعيش مع رجل، وقد صرحت بذلك لزوجها، ونظراً لكون هذا الزوج كان يحب زوجته حباً شديداً، لجأ إلى الجراح لاستئصال أعضاء الذكورة من جسمه، ثم داوم على استعمال الهرمونات مع ارتداء زي النساء، وكان من نتيجة ذلك أن تم حل المشكلة واستمرت الزوجة بالحياة مع زوجها بعد أن أصبح من بنات جنسها.
وهناك واقعة أخرى مغايرة تكتب شيء من المنطقية، راجعت مريضة للطبيب الجراح المصري وكانت تشكو من عدم وصول دماء الدورة، وعدم ظهور الثديين، فضلاً عن الملامح الذكرية التي على جسمها وقد جاءت المريضة بصحبة والدتها وابن عمها، واتضح للطبيب بعد فحصها أنه ليس لها أعضاء تناسلية سواء أنثوية أو ذكرية، وبعد دراسة الحالة بدقة اتضح أن عملية الختان تمت بطريقة قاسية، ومن خلال هذه العملية تمت إزالة الخصيتين والقضيب، ولم ينتبه أحد لوجود هذه الأعضاء نظراً لضمورها الشديد، وهكذا مرت سنوات على هذا المولود الذكر بينما البيئة المحيطة به تؤكد على أنثويته، بل أن الحب قد جمع بينه وبين ابن عمه، وكانت السعادة غامرة لابن العم، عندما أجريت جراحة تجميل العمل فتحة للمهبل، مع إعطاء هرمونات التي تعطي للجسم المظهر الأنثوي، بعد ذلك تزوج الرجل ابن عمه ومرت سنوات على زواجهما والسعادة ترفرف على حياة الزوجين مع علم الزوج وثقته التامة أنه لن ينجب من ابن عمه.
التكييف القانوني لعمليات تحويل الجنس بالنسبة للشاذ وللطبيب القائم بها
[عدل]لا يمكن لأحد أن يهون من حجم المشاكل القانونية التي تترتب على تحويل الجنس بدءاً من الحكم على مشروعية العملية ذاتها لعلاقتها بالأخلاق والدين والنظام العام ومعصومية الجسد، وانتهاء بترتيب ما يتولد عنها من آثار خطيرة نتيجة انتقال الشخص من مصاف الإناث إلى مصاف الذكور أو بالعكس، مع ما يترتب على ذلك من تأثير حتمي على الاسم الذي يحمله وأوراقه الرسمية ووضعه الأسري والتزاماته القانونية السابقة خاصة المتعلقة بزواجه القائم أو الذي يزمع إبرامه.
بالنسبة للشخص الشاذ
[عدل]سبق الإشارة إلى الشخص الراغب في تغيير جنسه لا يفعل ذلك لغرض جنسي أو للحصول علي لذة جنسية، بل أنه يفعل ذلك تحت تأثير رغبة ملحة وسيطرة من المخ الذي ينتسب إليه بعضوه التناسلي الموجود أصلاً، وهذا ما يحصل لدى طائفة المخنثين وأشباه الخناث التي سبقت الإشارة إليهما، لكن هناك رغبات في عمليات تحويل الجنس من دون وجود علامات خُلقية بل مجرد شهوات جنسية جامحة، إذ أن عمليات تغيير الجنس قد تحصل لأغراض تقويمية تصحيحية للفرد وهي في هذا الشأن حالها حال أية عملية علاجية أو تجميلية لا غبار عليها لكونها كاشفة للأنوثة أو للذكورة، أما إذا كانت الأغراض المطابقة مع نوع الجنس النفسي فحسب أو ما يسمي بالخنوثة الكاذبة. فالموضوع يثير بعض الإشكالات القانونية والشرعية، على الرغم من الفكر السائد لدى القضاء والفقه الغربي بأن مبدأ ثبات حالة الأشخاص وعدم المساس بها، أصبح يقبل العديد من الاستثناءات، فالتعديلات حتى الإرادية فيها أصبحت ممكنة، ويكفي أن تتخذ الإجراءات الإدارية اللازمة لضمان استمرار الشخصية القانونية، وحتى احترام معصومية جسم الإنسان ذاته لم يعد يتصور على نحو مطلق، إذ أصبح مقبولاً لدى الفقه الفرنسي الآن أن تقديس الشخص يجب أن يتوقف أمام حريته في أن يتصرف على نحو ما في نفسه، لضمان وضع أفضل لشخصيته وعند البحث في مواد قانون العقوبات المصري وبعض التشريعات العقابية العربية لم نجد ما يفيد إخضاع عملية تغيير الجنس بالنسبة للشاذ لأية عقوبة، سوى تلك المتعلقة بالأفعال المخلة بالحياء العام، على الرغم من أن سلوك الشاذ بإجراء هذه العملية أشد جسامة علي تكوينه وتكامله الجسدي من مجرد سلوك الإفصاح بميوله أو التشبه بالجنس الآخر عن طريق التصرفات أو ارتداء ملابس الجنس المغاير والتي يمكن أن تندرج فعلاً تحت مضمون النصوص ذات الصلة بالإخلال بالحياء العام، وتعد عمليات تغيير الجنس أكثر وقعاً وخطورة على الفرد الشاذ لكونها تؤدي إلى قطع أو بتر جزء من أعضاءه سواء الخارجية كالقضيب والخصيتين أو الداخلية مثل الرحم والمبايض، مما يؤدي إلى إصابته بعاهة مستديمة تتمثل بعدم إمكانيته من الحمل أو الإنجاب.
وعلى هذا الأساس ولعدم ورود نص عقابي يجرم إيذاء الفرد لذاته أو تحوله الجنسي بناء على جنسه النفسي، يبقى الأمر بعيداً عن التجريم، سوى تلك الأفعال المتعلقة بالإخلال بالحياء العام، ولهذه الجريمة شروطها التي قد لا تتحقق في سلوك التحول الجنسي عبر العمليات الجراحية، وأقصى ما يمكن أن يتخذ ضد المتحول هو عدم إمكانيته من تغيير حالته في أوراقه الرسمية وسجله المدني، إضافة إلى إجراءات إدارية أخرى، خاصة إن كانت تلك العمليات قد جرت لأفراد لم يحصلوا على موافقات أصولية قبل المباشرة بعملية تحويل جنسه، باعتبار أن ذلك متطلباً وفق تقرير طبي من أطباء جراحين ونفسيين في الدول التي وافقت على قانونية إجراء عمليات تغيير الجنس.
وفي قضية تحول جنسي هي الأهم في مصر، إذ أجريت عملية تحويل جنسي لطالب في كلية الطب جامعة الأزهر عام 1988 بموجب عملية جراحية بمستشفى خاص وبمعرفة أحد مستشاري جراحة التجميل، تم استئصال القضيب والخصيتين للطالب واستحدثت له فتحة صناعية خلف مجرى البول الخارجي، وتبين من خلال التحقيق أن الطالب كان كامل الذكورة وكانت أعضاءه التناسلية مكتملة كما كانت خصيتاه بحجمها العادي وبمكانها الطبيعي في الصفن ولم تكن له أي أعضاء تناسلية أنثوية خارجية أو داخلية، وقد بينت اللجنة التحقيقية أن الجراحة التي أجريت لم يكن لها دواع طبية عضوية علي الإطلاق، وأنه كان يجب التركيز علي العلاج النفسي مع التوقف عن تعاطي الهرمونات الأنثوية بدلاً من الجراحة اللا أخلاقية التي أجريت له، وقد ترتب على ذلك فصل الطالب من الجامعة المذكورة وعند الطعن أمام محكمة القضاء الإداري رفضت المحكمة طلب الطالب في وقف تنفيذ القرار وإلغاءه، وعليه لم تعول المحكمة الجنس النفسي الذي تمثل في تشبه الطالب بالنساء ولبس ملبسهن والتزين بزينتهن وسلوك مسلكهم والانتماء كلية إليهم، وجاء في الحكم نفسه أن الطالب خالف الالتزام بقواعد الشريعة الإسلامية التي هي منهج جامعة الأزهر، واستندت إلى ما جاء بفتوى دار الإفتاء في مصر بقولها استناداً إلى الأحاديث الشريفة نرى جواز إجراء العمليات الجراحية بتحويل الرجل إلى امرأة والمرأة إلى رجل متى انتهى الطبيب الثقة إلى وجود الدواعي الخلقية في ذات الجسد، بعلامات الأنوثة المطمورة أو علامات الذكورة المغمورة، باعتبار أن هذه الجراحة كاشفة للأعضاء المطمورة أو المغمورة، تداوياً من علة جسدية لا تزال إلا بهذه الجراحة.
ومن خلال استقراء القوانين الأجنبية الغربية حول الموضوع يتبين أن بعض التشريعات قد أجازت ذلك مع وضع ضوابط محددة لها، فقد أباح القانون الدنماركي الصادر في 11 مايو 1935 إخصاء الأشخاص الذين يصابون بشذوذ جنسي بسبب عيب في تكوينهم الفسيولوجي أو نتيجة لانحطاط خلقي جسيم قد يدفعهم إلى ارتكاب جريمة، وقد بين القانون الذي يصدر لينظم لأول مرة هذا الموضوع في أوروبا، أن هناك شروطاً لابد من استيفائها وهي الحصول على موافقة وزارة العدل وبعد فحص الشخص إكلينيكياً وخاصة فيما يتعلق بالغدد الصماء، على أن العملية لا تجرى إلا بالنسبة للأشخاص حاملي الجنسية الدنماركية حصراً، كما نص قانون تحويل الجنس السويدي الصادر عام 1937 إلى ضرورة أخذ الإذن من جهة مختصة محددة قبل إجراء العملية وإلا تعرض العقوبات جزائية منصوص عليها في المادتين السابعة والثامنة من هذا القانون، وقد بينت المادة (1) من القانون أنه من حق أي شخص مقيد بالسجلات الوطنية عند إدراكه سن البلوغ التقدم بطلب لتغيير نوع جنسه إذا ما انتابه شعور أو رغبة نحو الجنس الآخر، بشرط أن يكون قد أتم سن 18 سنة من عمره لكي تتوافر لديه القدرة على إعطاء رضاء صحيح، في حين بينت المادة (3) من هذا القانون أن يكون طالب التغيير متمتعاً بالجنسية السويدية مع عدم سبق الزواج له، وعليه لا تجرى العملية إلا إذا استوفى التصريح الشروط الخاصة بالإخصاء والعقم وبعد إجراء الفحص والتحقق من الشروط، ويمكن الطعن بقرار الجهة المختصة أمام المحكمة الإدارية بموجب المادة (6) من ذات القانون، وفي ألمانيا الإتحادية صدر قانون عام 1981 أجاز فيه عمليات تغيير الجنس للشخص الذي يعاني من الميل إلى الجنس الذي ينتمي إليه، بعد استيفاء الشروط الواردة في المادة (8) منه وهي أن يكون بالغ من العمر 25 سنة وأن لا يكون قد سبق له الزواج، وأن يكون فاقداً القدرة تماماً على الإنجاب، وأن يبدي استعداده لإجراء عملية جراحية لتصحيح أعضاءه التناسلية بغية إكسابها مظهراً يتفق والتحول الجنسي إلى الجنس الآخر، وأخيراً لابد من الإشارة إلى أن عدم أخذ تصريح وفق التشريعات التي تسمح به سيعرض الفرد والطبيب إلى المسئولية الجنائية وفق العقوبات المقرة في تلك القوانين.
مسئولية الطبيب الذي أجرى عملية التحويل الجنسي
[عدل]تنص القوانين في معظم الدول إن لم يكن في جميعها على أن الشخصية الإنسانية مصونة، فلا يمكن لأي شخص أن يمس بشخص الغير دون رضاه ومن دون أن يكون مصرحاً له قانوناً، ولابد أن يتفق الشرطان لتبرير أي تصرف يصدر من الطبيب تجاه مرضاه، إذ أن مسئولية الطبيب هنا وبالتحديد في عمليات تحويل الجنس يمكن أن تثار ليس لمجرد الخطأ الطبي، فدور الطبيب في هذا الخصوص خطير إذ يستلزم قبل مباشرتها - وفق رأي فقهاء القانون الجنائي في الدول التي تجيز قوانينها تلك العمليات وبالتحديد في فرنسا - توافر الغرض العلاجي للعملية والتأكد من التناسب بين مغانمها ومغارمها وأن يبصر المريض على نحو كاف بكل المخاطر التي يتعرض لها سواء أثناء الجراحة أم بعدها، فهذه العمليات لا تزال رغم قدمها النسبي في طور التجارب، ولابد للمريض أن يحسب فرص النجاح ومخاطر التجربة، فإذا سلمنا في ضوء ما وصلت إليه العلوم الطبية الآن، بأن عمليات تغيير الجنس تسبب تحسناً لحالة مجريها النفسية وأنها تخرجه من آلامه ومعاناته، فأنه لاشك في مشروعيتها وعدم مخالفتها للنظام العام، بشرط أن نكون بصدد تغيير حقيقي للجنس وأن تكون حالة المريض لا يمكن علاجها بوسيلة أخرى، هذا وأن الفترة الاستعدادية الطويلة التي يخضع لها المريض تضمن وجود رضاه، ذلك الرضا الذي يستلزم أن يكون حراً مستنيراً، إلا أن الأمر لن يكون سهلاً لأن المريض في أغلب الأحيان يكون تحت ضغط نفسي شديد، وربما لا يعيش إلا بهدف إجراء هذه العملية، وتلزم الكثير من الدول أن يأخذ الطبيب موافقة خطية متبوعة باستيثاق أن المريض قد تلقى الشروح الكافية حول طبيعة وهدف الجراحة ونتائجها المحتملة.
وعلى الرغم من التقارب الفكري القانوني بين الدول الغربية عموماً إلا أن بعض الدول وعلى وفق التحليل الفقهي الجنائي، فإن النصوص العقابية يمكن أن تنطبق على الطبيب إذا لم تستوفي الشروط القانونية في العملية المذكورة، إذ يلاحظ أن الفقه الكندي يستند إلي المادة (45) من قانون العقوبات لكي يبرر إجراء تلك العمليات، حيث تقتضي هذه المادة بإعفاء كل شخص لم يحصل على رخصة من مزاولة عملية طبية من أي مسئولية جنائية وذلك إذا كان مبتغاها مصلحة شخص آخر بعد توافر شرطين أولهما: أن تجرى بعناية ومهارة معقولتين، وثانيهما: أن يكون هناك ما يدعوا إلى الاعتقاد بضرورة إجراء العملية بالنظر إلى الحالة الصحية للشخص لحظة إجراء العملية، ويشترط الفقه الكندي أن يكون المريض بحالة نفسية سيئة بحيث تكون الوسيلة الحصرية للقضاء علي الاضطرابات النفسية التي يعاني منها، بالإضافة إلى رضاء المريض الحر المستنير، إذ يقع على عاتق الطبيب مهمة تقدير العلاج المناسب لحالة المريض، إذ يساوي الفقه الكندي بين قصد العلاج النفسي الفسيولوجي وبين العلاج البدني فهما وجهان لعملة واحدة، ولكن يعاقب الطبيب الذي يمارس عملية تحويل الجنس بدون أدنى ضرورة علاجية وفقاً للمادة (228) والتي تقرر عقوبة الحبس الذي تصل مدته إلى 14 سنة لكل شخص تسبب في إيذاء الغير بدنياً أولاً: عن طريق الجرح، أو إحداث تشويه لديه، ثانياً: تعريض حياته للخطر، في حين تعاقب المادة (245) عقوبات كندي بالحبس مدة تصل إلى خمس سنوات لكل من تسبب بدون وجه حق في إيذاء الغير بدنياً أو التعدي عليه.
ويذهب الفقه الجنائي الإيطالي إلى تحريم تحويل الجنس إذا لم يتوافر القصد العلاجي في هذا النوع من العمليات وفي حالة مخالفة ذلك تطبق المادة (552) من قانون العقوبات الإيطالي والتي تنص على: "يعاقب بالحبس ما بين ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من 8000 إلى 40000 ليرة كل شخص ارتكب أفعالاً من شأنها تفقد شخص آخر قدرته على الإنجاب حتى ولو كان برضاه". وفي فرنسا يري الفقه الجنائي الفرنسي أن العملية إذا جرت من دون القصد العلاجي فأنها يمكن أن تعد جريمة معاقب عليها وفق المادة (316) من قانون العقوبات التي تعاقب على جريمة الإخصاء عندما ترتكب من خلال استئصال كل عضو ضروري من أجل الإنجاب.
أما في الدول التي ترى فيها محذورات شرعية واجتماعية، فإن الموضوع يختلف باتجاه التشديد على بعض الشروط الواجب توافرها في هذه العملية، وإلا وقع سلوك الطبيب ضمن أنواع السلوك غير المشروع، ففي القضية التي تناولها القضاء المصري بخصوص الطالب في جامعة الأزهر سابقة الذكر، إذ أحيل الطبيب الجراح إلى هيئة التأديب الابتدائية في نقابة الأطباء حيث قررت إسقاط عضويته من النقابة، ومعاقبة طبيب التخدير بغرامة مائتي جنيه، وتمت إحالة الموضوع إلى النيابة العامة، ألا تقرير الطب الشرعي السابق الذي بين الطالب كان ذكراً كامل الذكورة من الناحية العضوية ولكنه كان يعاني من حالة نفسية وهي تحول جنسي نفسي - اضطراب في الهوية الجنسية - وقد عولج المذكور نفسياً وبالأدوية والمعايشة لمدة طويلة وبالرغم من ذلك لم يتم شفاءه، خاصة وأن العلاج النفسي لهذه الحالة لا يجدي بعد سن البلوغ وأن التدخل الجراحي التحويلي هو الحل الأوحد في مثل هذه الحالة المرضية النفسية، ونتيجة لعدم وجود الخطأ الفني الطبي يُنسب إلى الطبيب ولم تتخلف لدي المذكور أية عاهة مستديمة وأن المدعو يعتبر بعد إجراء هذه العملية أنثى رغم عدم وجود رحم ومبايض أو حدوث دورة شهرية، وقد استفادت النيابة العامة من هذا التقرير، إذ استبعدت شبهة الجناية لدي الطبيب مما استتبعه قرارها بتقيدها وحفظها إدارياً، واعتمد هذا التقرير النائب العام.
وفي العراق وبالرغم من عدم وجود نصوص منظمة لهذا الأمر، إلا إننا يمكن أن ترتب مسئولية الطبيب في حالتين: الحالة الأولى: عندما يجري الطبيب هذه العملية من دون وجود القصد العلاجي البحث، كاستهداف الطبيب الربح المادي أو الشهرة أو الرغبة في الانتقام أو الإضرار بالمريض أو جعل المريض محلاً للتجربة، أو استهداف جعل المريض غير صالح للخدمة العسكرية، أو استئصال مبيض أو إجراء عملية تعقيم للرجال بغير قيام حالة الضرورة، ويدخل في نطاق القصد العلاجي إصلاح عضو أو إعطاءه الشكل الطبيعي لإصابته بعارض أو تشويه أو إزالة الزيادات الخلقية، وإن ينطوي علي ذلك تحسين الحالة النفسية لمن تجري له وهو أمر لا يقل فائدة عن تحسين الصحة الجسدية أو العضوية. الحالة الثانية: في حال تحقق خطأ الطبيب عند إجراء الجراحة التقويمية للجنس، ويتحقق ذلك من خلال:
- عند عدم موائمة الطبيب بين خطر الحالة المرضية وبين الجراحة، فإذا كان المرض بحيث لا يهدد سلامة المريض فأنه لا يكون هناك محل لتعريض الفرد المثلي لجراحة من شأنها تؤذيه أو ترديه.
- عدم فحص الفرد المثلي مختبرياً قبل إجراء الجراحة للتأكيد من ميله الجنسي، فقد تكون رغبة التحول عبارة عن رغبة جنسية نفسية جامحة بحتة وليست حالة مرضية تشوهية، إذ قد تستلزم علاجاً نفسياً ودوائياً فقط.
- عدم استحصال موافقة المريض وتبصيره بالشكل الكافي بخطورة العملية وتفصيلاتها وما يترتب عليها من مضاعفات نفسية وجسدية وبالتحديد حرمانه من الحمل والإنجاب.
ويمكن أن ينطبق على سلوك الطبيب العمدي طبقاً للمادة (413) التي تتضمن جرائم الإيذاء العمد بالجرح أو الضرب أو إعطاء المادة الضارة أو بالعنف أو أي فعل مخالف للقانون فيسبب له أذى أو مرضاً والتي تعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، أو يعاقب بموجب المادة (410) عقوبات والتي تتضمن الإيذاء المفضي إلى موت إذا حصلت الوفاة لطالب التحويل الجنسي، أو بموجب المادة (412) المتضمنة الإيذاء المفضي إلى عاهة مستديمة والتي تعني حسب النص القانوني (قطع أو انفصال عضو من أعضاء الجسم أو بتر جزء منه أو فقد منفعة أو نقصها ... إلخ)، وجدير بالذكر أن المشرع العراقي قد ساوى بين القصد المباشر والقصد الاحتمالي الذي يتحقق عندما يقصد الجاني السلوك ويتوقع النتيجة الجرمية ويستمر في السلوك قابلاً المخاطرة بحصولها وذلك على وفق المادة (34/ (ب)) عقوبات، وهذه الصورة منصورة عند الطبيب الذي يجري عملية تغيير الجنس.
الخاتمة
[عدل]أن الشذوذ الجنسي المتمثل بالمثلية يتحقق من خلال الانجذاب الجنسي أو الشعوري أو الرومانسي بين أشخاص من نفس الجنس، ويعبر عنه بعدة تسميات كالشاذ جنسياً والمثلي واللوطي (عندما تكون الميول متعلقة بالذكر)، أو سحاقية (عندما يتعلق الأمر بالانجذاب الجنسي بين النساء)، ويترتب على ذلك أن الأشخاص المثليين أو الشاذين جنسياً ينجذبون بشكل أساسي إلى أشخاص يماثلونهم الجنس، وقد ينجذبون بصورة ضئيلة أو معدومة إلى الجنس الآخر.
تحول الشذوذ الجنسي من مرحلة العمل السري إلى مرحلة التحدي والعلن، وفي بلدان أخرى إلى مرحلة المطالبة العلنية بكافة الحقوق التي تتطلبها حالة الشذوذ، من زواج قانوني، إلى الحق في التبني والتوظيف والمناصب والعناية والضمان الصحيين.
تنظر الكثير من التشريعات للحرية الجنسية على أنها حرية شخصية، فعندما ترتكب المواقعة الجنسية بين طرفي العلاقة المثلية بموافقة الطرفين نجد أن قوانين العقوبات في كثير من البلدان لا تنظم هذه الحالة بنص صريح، ما لم ترتكب بغير الرضا، ويتحقق عدم الرضا في حالة استعمال القوة أو الإكراه المادي أو المعنوي متى استعملت بصورة فعلية.
أن زواج المثليين مجرم في الشرائع السماوية ولا تقره البلاد الإسلامية.
هناك حملة ممنهجة من الإعلام، من أجل الترويج للمثلية الجنسية في المجتمع العربي، تنفيذاً لسياسات الأمم المتحدة والدول الغربية ومن نحا نحوها، فثمة حملة جدية، بصورة مباشرة أو غير مباشرة على تشريعات الدول التي تجرم المثلية الجنسية، إذ تصدرت موضوعات المثلية الجنسية وثائق الأمم المتحدة ولجانها المعنية بحقوق الإنسان، وتم التأكيد على ضرورة العمل على إلغاء تجريم المثلية الجنسية في القوانين العقابية العربية المجرمة لها، لعدم دستوريتها بزعم انتهاكها لحقوق الإنسان والحرية الجنسية.
تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً وخطيراً في الوقت الحالي، في نشر المثلية الجنسية والترويج لممارستها بين أوساط الشباب تحت مدعاة الحضارة والتمدن والرقي، إذ بإمكان هذه الوسائل الدخول إلى كل بيت دون استئذان وبعيداً عن رقابة الأهل، الأمر الذي يدفع كثير من الشباب إلى الانخراط ضمن ممارسي هذه الظاهرة، إما بدافع الفضول، أو نتيجة للملل كنوع من التغيير، أو حب التقليد، أو نتيجة مشكلات مجتمعية، وما شاكل ذلك من البواعث.
الرغبة في التحول الجنسي تعني الحالة التي يوجد فيها شخص من جنس محدد، مقتنعاً اقتناعاً مطلقاً بانتمائه إلي الجنس الآخر، مما يشير بداخله تناقضاً رهيباً، هذا التناقض يضفي عليه الشعور بأنه مجني عليه في غلط لا يحتمل من الطبيعة، إذ يشعر بأنه أنثى في جلد رجل أو العكس، فيبغض جسده بغضاً يدفعه إلى سلوك مسلك الجنس الآخر مع الرغبة باستئصال أعضاءه التناسلية الحالية، وأن الشخص الراغب في تغيير جنسه، فأنه لا يفعل ذلك لغرض جنسي أو للحصول على لذة جنسية، بل أنه يفعل ذلك تحت تأثير رغبة ملحة وسيطرة من المخ الذي ينتسب إليه بعضوه التناسلي الموجود أصلاً.
لقد وضعت الكثير من الدول شروطاً مهمة للموافقة على إجراء عمليات تغيير الجنس أولها أن تكون ذات قصد علاجي انتهى الطبيب الثقة إلى وجود الدواعي الخلقية في ذات الجسد، بعلامات الأنوثة المطمورة أو علامات الذكورة المغمورة، باعتبار أن هذه الجراحة كاشفة للأعضاء المطمورة أو المغمورة، تداوياً من علة جسدية لا تزول إلا بهذه الجراحة، بحيث تكون الجراحة هو الوسيلة الحصرية للعلاج.
مصادر
[عدل]- ^ "السَبي البابلي | سبي بابل | سبي المملكة الجنوبية | سبي يهوذا".
- ^ "قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل".
- ^ "قرار جمهوري بالقانون رقم (12) لسنة 1994م بشأن الجرائم والعقوبات".
- ^ "شباب: وسائل التواصل الاجتماعي "بيئة خصبة" لتفشي الشائعات".
- ^ "قانون رقم (11) لسنة 2004 بإصدار قانون العقوبات".
- ^ "توفر شبكة قوانين الشرق قاعدة بيانات قانونية تزيد على الـ 20 مليون وثيقة ومعلومة قانونية".
- ^ "الفصل 230".
- ^ "قانون العقوبات العام 148 لعام 1949".
- ^ "قانون العقوبات".
- ^ "مرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976 بإصدار قانون العقوبات".