تدبير متلازمة توريت
متلازمة توريت (تُعرف اختصارًا باسم توريتس أو «تي إس») هي أحد أنواع اضطرابات النمو العصبي الوراثية التي تبدأ في مرحلة الطفولة أو المراهقة، وتتسم بتطور العرات الحركية والصوتية. يهدف تدبير متلازمة توريت إلى تدبير أعراضها للوصول إلى الحد الأمثل من الأداء الوظيفي عوضًا عن القضاء على هذه الأعراض؛ لا يتطلب جميع المصابين بمتلازمة توريت العلاج،[1] ولا يُستخدم أي دواء شاف أو فعال عالميًا.[2] تُعتبر طمأنة المريض وتفسير الحالة له علاجًا كافيًا في غالبية الحالات؛ يمثل التثقيف جزءًا هامًا من أي خطة علاجية.[3]
قد يختبر المرضى المصابين بمتلازمة توريت أعراضًا مرتبطة بحالات مراضة مشتركة بالإضافة إلى العرات الحركية والصوتية. تشمل الحالات المرضية المترافقة مع المتلازمة اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (إيه دي إتش دي)، والاضطراب الوسواسي القهري (أو سي دي)، وعجز التعلم واضطرابات النوم. قد يعاني المرضى المصابون باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط إلى جانب متلازمة توريت أيضًا من اضطرابات في السلوك الممزق، والأداء الوظيفي العام والوظيفة المعرفية. يُعتبر الاضطراب الوسواسي القهري المترافق مع المتلازمة أيضًا أحد مصادر العجز التي تتطلب العلاج الضروري. لا يعاني جميع المصابين بمتلازمة توريت من حالات مرضية مرافقة أخرى ولا يتطلب جميعهم العلاج، لكن تبرز ضرورة العلاج عند ترافق المتلازمة مع اضطرابات مرضية أخرى.
أولويات التدبير
[عدل]يمكن تقسيم تدبير متلازمة توريت إلى علاج العرات وعلاج الحالات المرضية المرافقة، التي تُعتبر في حال وجودها مصدرًا أكبر للعجز الوظيفي من العرات نفسها.[4]
لا يوجد علاج لمتلازمة توريت. لا يُستخدم دواء واحد في علاج جميع الأعراض بفعالية، ولا توجد أي موافقة على استخدام معظم الأدوية المستخدمة لهذا الغرض، بالإضافة إلى عدم ترافق كل من هذه الأدوية مع خطر تطور آثار ضارة هامة. يركز العلاج على تحديد الأعراض المسببة لأكبر درجة من العجز ومن ثم مساعدة الفرد على تدبيرها. نظرًا إلى اعتبار الحالات المرضية المرافقة المصدر الأكبر للعجز والاضطراب عوضًا عن العرات، يقع علاج مثل هذه الحالات في أولويات تدبير المتلازمة. يُعتبر تدبير متلازمة توريت مخصصًا لكل فرد ويضم عمليات اتخاذ القرار الطبي المشترك بين الطبيب، والمريض، والعائلة ومقدمي الرعاية.[5][6]
تُعتبر توعية المريض، وطمأنته وإخضاعه للعلاج النفسي السلوكي تدابيرًا كافية في غالبية الحالات.[7][8] على وجه التحديد، تمثل التربية النفسية الموجهة للمرضى وعائلاتهم ومجتمعهم المحيط استراتيجية التدبير الجوهرية. يُعد الانتظار اليقظ بدوره «نهجًا مقبولًا» لدى المرضى الذين لا يعانون من العجز الوظيفي. قد يشمل تدبير الأعراض كلًا من العلاجات السلوكية، والنفسية والدوائية.[9] لا يُوصى بالتدخل الدوائي إلا في حالات الأعراض الشديدة، بينما يُستخدم العلاج النفسي أو العلاج السلوكي المعرفي (سي بي تي) لتحسين أعراض الاكتئاب والعزلة الاجتماعية وتعزيز الدعم العائلي.[5] يمكن اتخاذ قرار استخدام العلاج السلوكي أو الدوائي عادة «بعد التدخل التوعوي والداعم على مدى شهور عدة، مع وجود أعراض شديدة مستمرة من العرات التي تشكل مصدرًا للعجز فيما يتعلق بتقدير الذات، أو العلاقات مع العائلة أو الأقران أو الأداء المدرسي».[10]
علاج اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط في وجود اضطرابات العرات
[عدل]يمتلك المرضى المصابين بمتلازمة توريت المحالين إلى العيادات التخصصية معدلًا مرتفعًا للإصابة باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (إيه دي إتش دي) بشكل مترافق مع المتلازمة، لذلك يشكل علاج اضطراب «إيه دي إتش دي» المترافق مع العرات جزءًا من العلاج السريري لمتلازمة توريت. قد يختبر الأفراد المصابون باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط إلى جانب متلازمة توريت مشاكل في السلوكيات الممزقة، والأداء الوظيفي العام والوظيفة المعرفية، إذ تعود هذه الأعراض إلى اضطراب «إي دي إتش دي»، ما يسلط الضوء على أهمية تحديد مثل هذه الحالات المرافقة عند وجودها إلى جانب علاجها.[11]
تُعد المنبهات وغيرها من الأدوية الأخرى مفيدة في علاج اضطراب «إيه دي إتش دي» عند ترافقه مع اضطرابات العرات. يمكن استخدام مختلف العقاقير من الفئات الدوائية الأخرى عند فشل المنبهات. يوجد عدد متوسط من الأدلة الداعمة لانخفاض معدل العرات عند استخدام الكلونيدين مع الميثيل فينيدات، أو الديسيبرامين أو الميثيل فينيدات لوحده بشكل أكبر من استخدام الأدوية الوهمية عند ترافق المتلازمة مع اضطراب «إيه دي إتش دي»؛ نادرًا ما يُستخدم الديسيبرامين بعد ورود تقارير بحدوث الموت المفاجئ لدى الأطفال. لا يؤدي استخدام الأتوموكسيتين إلى تفاقم العرات، إلا أنه يسبب فقدان الوزن وزيادة معدل ضربات القلب.[12][13]
أثار موضوع علاج اضطراب «إيه دي إتش دي» في وجود اضطرابات العرات الجدل لوقت طويل. تجنبت الممارسة الطبية القديمة استخدام المنبهات (مثل الريتالين) في وجود العرات، بسبب المخاوف المتعلقة بتأثير المنبهات السلبي على العرات ما يؤدي إلى تفاقمها؛ مع ذلك، أظهرت خطوط بحثية عديدة إمكانية الاستخدام الحذر للمنبهات في وجود اضطرابات العرات.[14] أظهرت العديد من الدراسات أن استخدام المنبهات غير مسؤول عن تفاقم العرات بدرجة أكبر من استخدام الأدوية الوهمية، وأشارت إلى إمكانية استخدامها للتقليل من شدة هذه العرات. ما يزال هذا الموضوع جدليًا، ويستمر المرجع الرقمي لإعطاء الوصفات الطبية (بّي دي آر) في التحذير من استخدام المنبهات في وجود اضطرابات العرات، ما يؤدي إلى إحجام الأطباء عن استخدامها. يشعر أطباء آخرون بالراحة إزاء استخدامها ويؤيدون الدخول في تجارب استخدام المنبهات عند ترافق العرات مع اضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة، نظرًا إلى أعراض العجز الشديدة لاضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة مقارنة بأعراض العرات.[15]
تمثل المنبهات الخط العلاجي الأول لاضطراب «إيه دي إتش دي» مع فعالية مثبتة، لكن تصل نسبة فشلها إلى 20% من الحالات، حتى في الحالات غير المترافقة مع اضطرابات العرات.[4] تشمل أدوية المنبهات الموصوفة في الوقت الحالي: الميثيل فينيدات (يتوفر بالاسم التجاري ريتالين، أو ميتاديت أو كونسيرتا)، والديكسترومفيتامين (دديكسيرين وأملاح الأمفيتامين المختلطة (آداريل). يمكن استخدام عدد من الأدوية الأخرى عند تعذر استخدام المنبهات. تشمل هذه الأدوية ناهضات ألفا 2 (كلونيدين وغاونفاسين). يوجد دعم تجريبي جيد لاستخدام الديسيبرامين، والبوبروبيون والأتوموكسيتين (يتوفر بالاسم التجاري ستراتيرا). يمثل الأتوموكسيتين الدواء الوحيد غير الخاضع لرقابة إدارة الغذاء والدواء (إف دي إيه) والموافق عليه كعلاج لاضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، لكن فعاليته منخفضة مقارنة بالمنبهات بالنسبة لعلاج الاضطراب. يظهر هذا الدواء أيضًا حالات فردية من تلف الكبد ويحمل إنذار الصندوق الأسود بشأن التفكير الانتحاري، بالإضافة إلى حدوث زيادة معدل ضربات القلب، وانخفاض الشهية والغثيان الناتج عن العلاج عند استخدامه وفقًا لدراسات عدة.[16]
المراجع
[عدل]- ^ Zinner SH (نوفمبر 2000). "Tourette disorder". Pediatr Rev. ج. 21 ع. 11: 372–83. DOI:10.1542/pir.21.11.372. PMID:11077021. S2CID:245066112.
- ^ Morand-Beaulieu S, Leclerc JB (Jan 2020). "[Tourette syndrome: Research challenges to improve clinical practice]". Encephale (بالفرنسية). 46 (2): 146–152. DOI:10.1016/j.encep.2019.10.002. PMID:32014239. S2CID:226212092.
- ^ Peterson BS، Cohen DJ (1998). "The treatment of Tourette's syndrome: multimodal, developmental intervention". J Clin Psychiatry (Review). ج. 59 ع. Suppl 1: 62–74. PMID:9448671.
Because of the understanding and hope that it provides, education is also the single most important علاج (طب) that we have in TS.
Full text, archived May 25, 1998. Also see Zinner SH (نوفمبر 2000). "Tourette disorder". Pediatrics in Review. ج. 21 ع. 11: 372–83. PMID:11077021. - ^ ا ب Scahill L، Erenberg G، Berlin CM، وآخرون (أبريل 2006). "Contemporary assessment and pharmacotherapy of Tourette syndrome". NeuroRx. ج. 3 ع. 2: 192–206. DOI:10.1016/j.nurx.2006.01.009. PMC:3593444. PMID:16554257.
- ^ ا ب Pringsheim T، Okun MS، Müller-Vahl K، وآخرون (مايو 2019). "Practice guideline recommendations summary: Treatment of tics in people with Tourette syndrome and chronic tic disorders". Neurology (Review). ج. 92 ع. 19: 896–906. DOI:10.1212/WNL.0000000000007466. PMC:6537133. PMID:31061208.
- ^ Müller-Vahl KR (2013) in Martino D, Leckman JF, eds, p. 628.
- ^ Stern JS (أغسطس 2018). "Tourette's syndrome and its borderland" (PDF). Pract Neurol (Historical review). ج. 18 ع. 4: 262–70. DOI:10.1136/practneurol-2017-001755. PMID:29636375. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2023-03-15.
- ^ Stern JS، Burza S، Robertson MM (يناير 2005). "Gilles de la Tourette's syndrome and its impact in the UK". Postgrad Med J (Review). ج. 81 ع. 951: 12–19. DOI:10.1136/pgmj.2004.023614. PMC:1743178. PMID:15640424.
- ^ Robertson MM (مارس 2000). "Tourette syndrome, associated conditions and the complexities of treatment" (PDF). Brain (Review). ج. 123 ع. Pt 3: 425–62. DOI:10.1093/brain/123.3.425. PMID:10686169. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2007-06-14.
- ^ Sukhodolsky, et al (2017), p. 248.
- ^ Sukhodolsky DG، Scahill L، Zhang H، وآخرون (يناير 2003). "Disruptive behavior in children with Tourette's syndrome: association with ADHD comorbidity, tic severity, and functional impairment". Journal of the American Academy of Child and Adolescent Psychiatry. ج. 42 ع. 1: 98–105. DOI:10.1097/00004583-200301000-00016. PMID:12500082.* Hoekstra PJ، Steenhuis MP، Troost PW، وآخرون (أغسطس 2004). "Relative contribution of attention-deficit hyperactivity disorder, obsessive-compulsive disorder, and tic severity to social and behavioral problems in tic disorders". Journal of Developmental and Behavioral Pediatrics. ج. 25 ع. 4: 272–279. DOI:10.1097/00004703-200408000-00007. PMID:15308928.
- Carter AS، O'Donnell DA، Schultz RT، Scahill L، Leckman JF، Pauls DL (فبراير 2000). "Social and emotional adjustment in children affected with Gilles de la Tourette's syndrome: associations with ADHD and family functioning. Attention Deficit Hyperactivity Disorder". Journal of Child Psychology and Psychiatry, and Allied Disciplines. ج. 41 ع. 2: 215–23. PMID:10750547.
- ^ Pringsheim T، Holler-Managan Y، Okun MS، وآخرون (مايو 2019). "Comprehensive systematic review summary: Treatment of tics in people with Tourette syndrome and chronic tic disorders" (PDF). Neurology (Review). ج. 92 ع. 19: 907–15. DOI:10.1212/WNL.0000000000007467. PMC:6537130. PMID:31061209.
- ^ Palumbo D، Spencer T، Lynch J، Co-Chien H، Faraone SV (2004). "Emergence of tics in children with ADHD: impact of once-daily OROS methylphenidate therapy". Journal of Child and Adolescent Psychopharmacology. ج. 14 ع. 2: 185–294. DOI:10.1089/1044546041649138.* Kurlan R (يوليو 2003). "Tourette's syndrome: are stimulants safe?". Current Neurology and Neuroscience Reports. ج. 3 ع. 4: 285–8. DOI:10.1007/s11910-003-0004-2. PMID:12930697.
- Law SF، Schachar RJ (أغسطس 1999). "Do typical clinical doses of methylphenidate cause tics in children treated for attention-deficit hyperactivity disorder?". Journal of the American Academy of Child and Adolescent Psychiatry. ج. 38 ع. 8: 944–51. DOI:10.1097/00004583-199908000-00009. PMID:10434485.
- Nolan EE، Gadow KD، Sprafkin J (أبريل 1999). "Stimulant medication withdrawal during long-term therapy in children with comorbid attention-deficit hyperactivity disorder and chronic multiple tic disorder". Pediatrics. ج. 103 ع. 4 Pt 1: 730–7. DOI:10.1542/peds.103.4.730. PMID:10103294.
- ^ Tourette Syndrome Study Group (فبراير 2002). "Treatment of ADHD in children with tics: a randomized controlled trial". Neurology. ج. 58 ع. 4: 527–36. DOI:10.1212/wnl.58.4.527. PMID:11865128.
- ^ Freeman, RD. Tourette's Syndrome: minimizing confusion. Retrieved on February 8, 2006. Roger Freeman, MD, is the clinical head of the Neuropsychiatry Clinic, British Columbia's Children's Hospital, professional advisory board member of the Tourette Syndrome Foundation of Canada, and former member of the Tourette Syndrome Association Medical Advisory Board. Dr. Freeman has over 180 journal-published articles on PubMed. نسخة محفوظة 2022-10-19 على موقع واي باك مشين.
- ^ Allen AJ، Kurlan RM، Gilbert DL، وآخرون (ديسمبر 2005). "Atomoxetine treatment in children and adolescents with ADHD and comorbid tic disorders". Neurology. ج. 65 ع. 12: 1941–9. DOI:10.1212/01.wnl.0000188869.58300.a7. PMID:16380617. S2CID:878719.