انتقل إلى المحتوى

جرائم تضليل الناخبين في التشريع البحريني

هذه المقالة يتيمة. ساعد بإضافة وصلة إليها في مقالة متعلقة بها
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

جرائم تضليل الناخبين هي مجموعة من الأفعال التي تهدف إلى التأثير على إرادة الناخب بشكل غير مشروع، سواء عن طريق تقديم معلومات مضللة أو استخدام وسائل غير مشروعة للتأثير على قراره الانتخابي. هذه الجرائم تمثل تهديدًا مباشرًا لسلامة العملية الانتخابية ونزاهتها، وتقوض مبدأ المساواة بين المرشحين وتساوي الفرص أمام الناخبين.

المقدمة

[عدل]

معظم التشريعات لم تورد تعريفا خاصا للجرائم الانتخابية واكتفت بنص على ما هو جريمة انتخابية وأوردت العقاب القانوني جراء اقترافها وهذا ما أخذ به المشرع البحريني في الفصل الرابع الخاص بجرائم الاستفتاء والانتخاب في المادة ال30 إلا أن الفقه أورد تعريفات متنوعة لها فعرفها البعض ب "الأفعال التي من شأنها المساس العملية الانتخابية في مراحلها المختلفة" وفي السياق ذاته عرفها بعض الفقه بأنها "كل فعل إيجابي أو سلبي يعاقب عليه القانون ويرمي إلى الاعتداء على حق سياسي من خلال الاستهداف السيئ بحرية أو شرعية أو علامة أو سرية أو نزاهة الاستفتاءات أو الانتخابات قبلها أو أثناء وبعد الاقتراع" وأوجزها جانب آخر من الفقه بكونها "كل تجاوز أو خرق للقواعد الانتخابية حددت له عقوبة جنائية".[1]

البنيان القانوني لجريمة التضليل

[عدل]

مما سبق يتضح أن الجرائم الانتخابية هي ذات طبيعة وقتية تتعلق بانتخابات مجلس النواب والمجلس البلدي فتضم جميع أنماط السلوك المجرم المرتكب في مختلف مراحل العملية الانتخابية. إضافة إلى ذلك فالجرائم المنظمة بالنصوص الخاصة قد أوردت لها القوانين تنظيما خاصا بها وهذا ما نص عليه المشرع في القانون الخاص بمباشرة الحقوق السياسية في شأن انقضاء الدعوى الجنائية بمرور ستة أشهر من تاريخ إعلان النتائج أو من تاريخ آخر إجراء قضائي بصددها. كذلك فيما يتعلق بعدم جواز وقف تنفيذ عقوبة الغرامة في هذه الجرائم وتقرير عقوبة الشروع فيها بمثل الجريمة التامة.[2]

التضليل قد يتسم بكونه ذو معنى الفضفاض إلا أن صورته المعاقب عليها بشكل واضح تكمن في نص المادة 30 الفقرة السابعة من قانون مباشرة الحقوق السياسية فيتمثل تأثيرها تضليل في هيئة نشر أو إذاعة أقوال كاذبة سواء فيما يتعلق بالانتخابات كموضوع أو أحد المرشحين أو أخلاقهم. بالتالي فإن من المهم جدا بيان متى تنهض المسؤولية عن هذا الفعل كجريمة.[3]

كأية جريمة فإنه لا بد من توافر الركن المادي والمعنوي في جرائم التضليل فبالنسبة للركن المادي يكون لدينا سلوك أحد عناصره يرتكب فعل إيجابي ولا يمكن أن يتصور وقوعه بطريقة سلبية وذلك بصريح نص المادة التي اشترطت أن يتخذ الفعل صورة نشر أو إذاعة فلا يتصور أن يرتكب إلا بطريقة إيجابية وعليه فإن مجرد سكوت المرشح بخصوص أمر يتعلق بموضوع الانتخابات ونتج عن ذلك نوع من التضليل فلا يعد الفعل السلبي المتمثل بالسكوت هنا معاقبا عليه جنائيا. أضف إلى ذلك الفعل الإيجابي المتمثل بالنشر والإذاعة لا بد أن يكون في صورة أقوال كاذبة حتى يتحقق الفعل المعاقب عليه وفقا للتشريع البحريني وبهذا نرى أن الجريمة الانتخابية المتمثلة بفعل التضليل تختلف عن بقية الجرائم الانتخابية حيث أن هناك جرائم انتخابية ارتكاب السلوك السلبي مثل امتناع الناخب عن التصويت دون عذر مقبول في الدول التي تفرض على الناخب وجوب التصويت أو امتناع المرشح عن إزالة إعلان من مكان غير مخصص لذلك. وهنا يجب التنويه إلى أن مملكة البحرين تأخذ بالتقسيم الثنائي للجرائم وعليه نرى معظم أنماط السلوك السلبي كمثال عدم إزالة الإعلانات هي من قبيل المخالفات وليس الجرائم الانتخابية وذلك بالرجوع لجميع أنواع الجرائم الانتخابية في القوانين الخاصة التي لا يتصور السلوك بالركن المادي إلا في صورة فعل إيجابي.[4]

ومن جانب عنصر السلوك لا بد أن يتواجد لدينا عنصر النتيجة الإجرامية لهذا الفعل والنتيجة المتطلبة تختلف على حسب النص التشريعي المجرم للفعل التضليل. فالمثال الصريح المتمثل في نشر أو إذاعة أقوال كاذبة عن سلوكه أو أخلاق أحد المرشحين لا يتطلب أن يحدث فعلا التضليل تأثيرا واقعيا على الانتخابات فإن النتيجة الإجرامية مفترضة بالقيام بالفعل من إخلال بالحق الدستوري في الانتخاب والتأثير على نتائج العملية الانتخابية وانتهاك ضمانات العملية الانتخابية وتشويهها.

وعليه في الركن المادي في جريمة التضليل يتحقق في القيام بالفعل وأن تربط بين الفعل والنتيجة الإجرامية العلاقة السببية والتي كان واضحا المشرع البحريني بتنظيمها في نصوص العامة بقانون العقوبات ولاكتمال قيام جريمة التضليل لا بد أن يتوافر الركن المعنوي أيضا في صورة قصد جنائي ألا يمكن أن تتم هذه الجريمة عن طريق الخطأ فيشترط توافر القصد العام في صورة العلم بالوقائع القانونية والواقعية وإرادة الفعل بجانب القصد الخاص ألا وهو أن ترتكب الجريمة بقصد التأثير في نتيجة الانتخابات هذا بخصوص جريمة التضليل الواضحة في نص المادة 30 سابقة الذكر من قانون مباشرة الحقوق السياسية.[5]

وبما أن هذه الجريمة تعد جنحة فقد نص المشرع في المادة 33 من ذات القانون بالعقاب على الشروع فيها بحيث يكون العقاب عقوبة الجريمة التامة ألا وهي الحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تتجاوز ال2000 دينار بحريني ولا يمكن قيام المسؤولية الجنائية للمرشح في حال قيام أشخاص آخرين بدون تدخل المرشح بأي صورة بإشاعة بأي وسيلة أي من الأخبار الكاذبة وان عدتم ساسة بمرشح آخر بذات الدائرة فلا يمكن محاسبة المرشح من ناحية جنائية في هذه الحالة تطبيقا لمبدأ شخصية العقوبة والقواعد العامة المتعلقة المساهمة الجنائية التي نص عليها قانون العقوبات البحريني وأن بإمكان مسائلة المرشح مدنيا في حال القيام بالفعل استنادا إلى مسؤولية التابع عن أعمال متبوعة.

وهنا يتبين لنا أن جميع النظم القانونية على اختلافها سواء مدنية أو عرفية فهي تتفق على أساسيات المسؤولية الجنائية فلا يمكن إدانة شخصا عن أفعال الآخرين حيث هذا هو مبدأ أصيل لحماية حقوق الإنسان بأن تكون العقوبة شخصية فلا يؤخذ الشخص بجريرة غيره. يظهر ذلك جليا في الجلسات المنعقدة من قبل لجنة التحقيق في اقتحام الكونغرس الأميركي التي تهدف بشكل رئيسي للوصول إلى ما كان الرئيس الأميركي السابق ترامب مسؤولا جنائيا عن هذه الأحداث. فالجدل دار بشكل محوري حول ما إذا كان بالإمكان محاسبة الرئيس الأسبق دونالد ترامب المنطلق توجيه إلى المتشددين للقيام بالاقتحام وعليه فإن وجد بأن خطابه كان غامضا بدرجة كافية ولم يقصد بقوله قتال مهاجمة مبني الكونغرس وكذلك عدم إمكان بأي حال ربطه بهذه الوقائع جنائية لن يدان ونرى هذا تجسيدا واضحا لمبدأ شخصية العقوبة.

مدى كفاية التشريع البحريني لحماية الناخبين من التضليل

[عدل]

عند إيضاح الجرائم الانتخابية التي نص عليها المشرع البحرين فإن بعضها يمكن تصنيفها أيضا من قبيل جرائم التضليل نظرا لأثرها على الشريحة الانتخابية وهي تلك الواردة النص عليها في قانون مجلسي الشورى والنواب في المادة 22 الفقرة ألف تحديدا الضوابط أربعة وخمسة والفقر باء المواد 23 و24 و27. فتحديد النطاق المكاني للدعاية الانتخابية والصمت الانتخابي الغرض الرئيسي منها عدم التأثير على الناخبين عند الاقتراع خاصة أن أعمال الدعاية في زمان ومكان معين قد يشكلان تضليلا يؤثر على توجه الناخبين. والجدير بالذكر أن هذه الجرائم قد نص عليها المشرع بصورة واضحة وكافية وأسهب في بيانها كما في القرار رقم 141 لسنة 2022 بشأن تنظيم الدعاية الانتخابية لانتخابات أعضاء مجلس النواب والمجالس البلدية. وعليه فإننا نرى أن هذه الجرائم هي تصنف على أنها تضليل لشريحة الناخبة إلا أن الإشكالية ثور بخصوص الصمت الانتخابي وتنظيمه من قبل المشرع البحريني حيث كان نص المادة 27 من قانون مجلسي الشورى والنواب على أن: " توقف جميع أعمال الدعاية الانتخابية في أنحاء المملكة قبل الموعد المحدد لعملية الاقتراع ب24 ساعة". ولم يختلف الناس عن ذات المعنى في المادة 11 من قرار وزير شؤون البلديات والزراعة.

فيتضح من النص أن فترة الصمت بدأ قبل 24 ساعة من عملية الاقتراع دون تحديد متى تنتهي هذه الفترة وهذا خلاف لكثير من المشرعين الذين حددوا فترة الانتهاء لهذه الفترة والتي غالبا ما تكون عند إغلاق صناديق الاقتراع.

إن المشرعين حول العالم تباينوا في تنظيم الصمت الانتخابي فنرى البعض حدد بالصمت الانتخابي قبل 48 ساعة وآخرين ب24 ساعة من بدء عملية الاقتراع ولكنهم أيضا تفاوتوا في فحوى الصمت الانتخابي. مثلا نجد أن قانون ولاية تينيسي يحظر القيام بحملات دعائية على بعد 100 قدم من مكان الاقتراع ومن ثم تجوز الدعاية يوم الاقتراع في حين نرى أن المشرع اللبناني في قانون الانتخاب حصل الصمت الانتخابي على وسائل الإعلام المحلية دون المرشحين في المقابل مثلا المشرع التونسي والمشرع الفلسطيني و المشرع الفلبيني قد شمل بالصمت الانتخابي جميع أنواع الدعاية وجميع الأشخاص ومنعوها إلى حينها بصناديق الاقتراع. إلا أن المشرع البحريني لم يكن واضحا بشكل يبين إمكانية تطبيق عقوبة الصمت الانتخابي المحددة بموجب المادة 31 من قانون مجلسي الشورى والنواب وهي: " الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن 300 دينار ولا تجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين". فإن من يقرأ النص البحريني يرى أنه غير واضح في معناه وأنه ليس من المعقول أن يكون هنالك حقل استئناف الدعاية الانتخابية بجميع أنواعها سواء كانت جهات أو مرشحين أم أفراد عند بدء الاقتراح هذا يؤدي إلى تضليل الفئة الناخبة ويؤثر بالتالي على العملية الديمقراطية. إلا أن في الحقيقة وأرض الواقع البحريني نجد أنه عند بدء الاقتراع بدأت أعمال الدعاية الانتخابية في مختلف أرجاء مملكة البحرين مع الإلتزام فقط بالضوابط المكانية كما ورد في قرار وزير البلديات. ومن ثم ضاعت هباء الغاية التشريعية من وراء النص على الصمت الانتخابي وهذا يعود إلى قصور في صياغة النصر وارد في كل من قانون مجلسي الشورى والنواب والقرار الصادر من وزير شؤون البلديات والزراعة فلم يتم تحديد متى تنتهي فترة الصمت الانتخابي. ذلك أن النصوص الجنائية في دول القانون المدني يجب أن تكون واضحة لا تدع مجالا للتأويل فالأصل في الأشياء الإباحة.

التضليل الانتخابي والوعود الانتخابية

[عدل]

جرائم التضليل جرائم خاصة بفترة زمنية معينة ألا وهي فترة الانتخابات وهي جرائم عمدية يتصور فيها الشروع ولا مجال للحديث عن الجريمة الخطئية هنا تثور عدد من التساؤلات أولها هل كان ما يبديه المرشح يعد تضليلا معاقبا عليه كجريمة انتخابية سواء كان يقصد ذلك أم لا؟ وهل يجب أن يصدر السلوك من المرشح ذاته أم يكفي أن يصدر من أشخاص تابعين له؟ وماذا لو كانت الأفعال التي يمكن وصفها بأنها تضليلية قد بدأت قبل الإعلان الرسمي عن موعد الدعاية الانتخابية؟

صور السلوك المجرم في جريمة التضليل

[عدل]

كان المشرع البحريني واضحا في تحديد موعد بدء الدعاية الانتخابية وأنواعها وقد نص الدستور في المادة 42 فقرة ألف بأن جلالة الملك المعظم هو من يوجه بإصدار الأوامر إجراء الانتخابات لمجلسي الشورى والنواب ويحدد موعد الترشيح وفقا لما تم النص عليه في المادة 15 أن يكون الأمر الملكي صدر قبل التاريخ المحدد لإجراء الانتخابات ب45 يوم على الأقل وفقا لقانون مباشرة الحقوق السياسية ولا يجوز أن تبدأ الدعاية الانتخابية قبل تاريخ قبول الترشيح وفق المادة 22 من قانون مجلسي الشورى والنواب. ومن ثم فإن أي فعل يع دعاية انتخابية قبل التاريخ المحدد يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. حيث ذلك يعتبر من المحاذير التي نص عليها القانون وقرر لها عقوبة الحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر أو غرامة لا تتجاوز 500 دينار بحريني أو بإحدى هاتين العقوبتين ومن ثم إذا كان الإعلان عن نية الترشح فقط دون أن يصطحب ذلك دعاية انتخابية فهو لا يدخل من ضمن المحاذير التي نص عليها القانون.

في المقابل أي عمل قد يقوم به الشخص قد يعتبر تضليلا وفق نص المادة 30 الفقرة سبعة من قانون مباشرة الحقوق السياسية فإنه لا حاجة بأن يقترن أو يكون في هيئة دعاية انتخابية. فجريمة التضليل وفقا لهذه المادة تتكون من الركن المادي أولا في صورة فعل إيجابية يتخذ صورة النشر أو إذاعة لأقوال كاذبة أو ما يتعلق بالسلوك أو أخلاق أحد المترشحين ثانيا حصول النتيجة وهي الفعل ذاته دون اشتراط تحقق نتيجة فعلية ملموسة لفعل التضليل وثالثا يجب أن تتوافر العلاقة السببية بين الفعل والنتيجة وبما أن هذه الجريمة هي جريمة عمدية فالقصد الجنائي الخاص متطلب هو في صورة قصد التأثير على نتيجة الانتخاب بجانب القصر العام في صورة العلم والإرادة.

وعليه نؤسس أنه وفقا لنص المادة القانونية المادة 30 الفقرة سبعة ليس كل ما يبديه المرشح يعد تضليلا معاقبا عليه كجريمة انتخابية إلا إذا كان ما صدر عن المرشح تجاوز كونه مجرد وعد. فضلا عن ذلك فإذا كان الفعل صادرا من المترشح قد مس بالحياة الخاصة للآخرين كمرشح آخر أو أحد أقاربه ولم تتوافر به جميع أركان الجريمة وفق المادة 30 الفقرة سبعة كعدم تحقق القصد الخاص فإن فعل المترشح سيظل تحت طائلة النصوص العقابية العامة الموجودة في قانون العقوبات والتي هدفت مشرف منها حماية الأشخاص وحياتهم الخاصة واعتباراتهم بشكل عام.

لو أن فرد ينتمي لعائلة المرشح أو حملته الانتخابية قام بسلوك تضليلي معاقبا عليه فإنه لا مجال لمساءلة المرشح جنائيا إلا في حال كان بالإمكان تطبيق قواعد المساهمة الجنائية وفقا للقواعد العامة إذا ما كان المرشح الشرك في صورة المساعدة أو الاتفاق أو التحريض.

لكن الجدلية القانونية تنهض إذ لو كان ما صدر من سلوك من المرشح أو نائب منتخب قبل فترة الانتخابات اتخذ صورة وعود انتخابية فهل يمكن أن يعتبر ما قام به تضليلا وهل يقع تحت طائلة المسائلة القانونية؟

الوعود الانتخابية بين التجريم والعقاب

[عدل]

الوعد الانتخابي هو عبارة عن تصريح موجه لشريحة الانتخابية بقصد كسب أصواتهم من خلال إعطائه هذه الوعود وبالتالي فإن لا بد من فحص مشروعية هذا الوعد. قد جرم المشرع البحريني بشكل صريح تتخذ الدعاية الانتخابية صورة تقديم هدايا أو تبرعات أو مساعدات نقدية أو عينيه أو الوعد بها ألا من استقرار نص المادة 25 يتضح أنه لتقوم هذه الجريمة لا بد من توافر صفة المرشح في الشخص العارض لهذه الأفعال أو المتلقي لها أما قبل توافر هذه الصفة فلا يمكن أن تقوم هذه الجريمة كذلك فإن جرائم التضليل كما نص عليها المشرع البحريني في المادة 30 الفقرة سبعة واضحة.

ولكن هل يعني ذلك أنه لا توجد حماية من تضليل فئة الناخبين بوعود غير واردة في نطاق المادة 25 والمادة 30؟

هنالك قضيتان تناولتا هذا الموضوع في الولايات المتحدة الأمريكية. القضية الأولى في سنة 1964 حيث ما قررته المحكمة العليا الأمريكية يبحث التعديل الأول من الدستور الأمريكي الخاص بحرية التعبير فتضمن حكم المحكمة أن إعطاء بيان أو تصريح كاذب بشكل متهور ومتجاهل الحقيقة لا يتمتع بالحماية الدستورية على الرغم من صدوره من سياسي حكومي وبالتالي فإن فالتشهير غير محمي قانونا وإن كان صحيحا. ولا يختلف ذات الأمر عنه في التشريع البحريني.[6]

وتعاقب النصوص العامة في قانون العقوبات على التشهير بالحياة الخاصة للأفراد ولو كانت صحيحة وتطال هذه الحماية جميع المواطنين من جميع الأشخاص على اختلاف مراكزهم ومناصبهم القانونية بل ويطال ذلك أعضاء المجلس الوطني حيث لا يتمتعون بالحصانة الموضوعية فيما يبدونه من أقوال وآراء متى ما تعلقت بالقذف الحياة الخاصة للأفراد فحرية التعبير والعمل البرلماني بما يحققه من مصلحة عامة يقف إلى هذا الحد لحماية حقوق وحريات الأفراد المكفولة بالدستور.

ولكن ماذا لو كانت هذه الأقوال في هيئة تصريحات تتضمن وعودا فكثيرا ما يعطي المرشح وعودا لكسب أصوات الناخبين فما هو الوضع القانوني لهذه الوعود؟

إن هذا يقودنا لتناول القضية الثانية التي حدثت بالولايات المتحدة الأمريكية في محكمة العدل العليا الأمريكية في سنة 1982 بحثت مسألة وعود الحملات الانتخابية حيث وعد مرشح لمنصب مفوض المقاطعة بالعمل دون اقتضاء دون اقتضاء الراتب المخصص لما أصاب في حال انتخابه إلا أن هنالك بالمقابل قانون خاص غير قابل للطعن ينص على إلزامية قبول الراتب بالكامل في حال الانتخاب وبالتالي فإن هذا القانون يمنع المرشح من تنفيذ وعده في حال انتخابه وعليه فإن صدر هذا الوعد يعد خرقا صريحا للقانون الولاية الخاص ب الممارسات الانتخابية، ولا يعرف المرشح من المسؤولية حتى وأن تعذر بعدم علمه بوجود هذا القانون تطبيقا لقاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون. في المقابل تخلو معظم التشريعات حول العالم والتشريع البحريني خصوصا من تنظيم يعنى بالممارسات الانتخابية التي تنطوي على الفساد ولهذا نرى على أرض الواقع وعودا غير منطقية يتعهد بها من عقد النية على ترشح أو من أصبح مترشح للانتخابات النيابية. ولكن ماذا لو كان الوعد لا يشكل خرقا صريحا لنص قانوني وهذا ما يحدث كثيرا في الحملات الانتخابية من وعود غير واقعية كالقضاء على البطالة بشكل مطلق ورفع الرواتب بشكل لا يتماشى مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الدولة وبالتأكيد على انتخاب هذا المرشح الذي قطع هذه الوعود لن يستطيع الوفاء بها. إن هذه الإشكالية قد أثيرت في جمهورية الهند وقد قررت محكمة الله أباد العليا إنه لا يوجد أي نصف قانوني يمكن بموجبها محاسبة الأحزاب السياسية أو ممثليها المنتخبين عن الوعود التي تم إعطائها ضمن الحملة الانتخابية وأن تأكد عدم وفائهم بالوعود وصولهم للمجلس المنتخب وانتهاء عضويتهم به دون تنفيذهم أي وعد قطعوه. ما انتهى إليه القضاء الهندي ليس بشيء حديثا حيث وذاتهم سلك القضاء الأسترالي في قضية ديورانت سنة 1990 حيث رفع والدا الطفل يدرس في مدرسة ابتدائية دعوى قضائية ضد رئيس وزراء نيو ساوث ويلز ووزير التعليم تتعلق بتصريحاتهم خلال الانتخابات بأن مدرسة ابنهم لن تغلق إلا بعد انتخابهم حدث العكس مما أدى إلى تكبد والدي الطفل الخسائر نتيجة اعتمادهم على هذه التصريحات التي أخذت هيئة وعود انتخابية والسند في ذلك إلى قانون التجارة العادلة الذي يحمي من الغش والاحتيال. إلا أن المحكمة قررت أن هذه التصريحات لم تكن ضمن الممارسات التجارية وبالتالي تخرج من نطاق هذا القانون كونها ممارسات سياسية وعليه فمسألة الفشل في تحقيق هذه الوعود الانتخابية لا يمكن المساءلة عليها جنائيا. فعلى فرض عرض هذه المسألة على القضاء البحريني فإن إعطاء الوعود الانتخابية من المرشح أو حتى صدور تصريحات فيما بعد من قبل عضو البرلمان وعدم تحقيقها لا يعتبر هذا جريمة ولا يمكن مساءلته عن هذه التصريحات والوعود. فالوعود التي يقطعها المرشح ويصلبه الكرس البرلمان أو تلك الوعود التي يقطعها للشعب أو التصريحات التي يدلي بها في فترة عضويته بالبرلمان تدخل كنوع لكسب ود الناخبين والتأثير على خيارهم فبالتالي يجب أن تكون ضمن نطاق القواعد المنظمة للممارسات السياسية كما لو كان ما صدر من ال مرشح أو النائب تعديا على اختصاص سلطة أخرى بموجب الدستور مثاله أن المسؤول عن وضع مشروع الميزانية السنوية وفقا للدستور مملكة البحرين هي الحكومة وتقوم بتقديمها لمجلسي الشورى والنواب وإذا ما أريد التعديل على المشروع لا بد أن يكون بالاتفاق مع الحكومة. وعليه فإن إعطاء وعد أو تصريح يتضمن مخالفة صريحة للدستور أو القانون لا بد من إمكان المساءلة الجنائية عنه كما حدث في قضية براون ضد هارت ليك لكن يجب ألا يفهم من ذلك أن المقصود باقتراح ضرورة وجود قواعد منظمة للممارسات السياسية هو تكبيل الحياة السياسية في البحرين بل العكس هو حماية لهذه الحياة السياسية عبر حماية الفئة الناخبة في الاختيار دون الوقوع ضحية للخداع السياسي لما لذلك من أثر في إضعاف الثقة بعمل البرلمان ويؤدي بالتالي إلى إحجام الفئة الناخبة في المشاركة السياسية.

وعليه نرى أن المشرع البحريني وفر الحماية الجنائية للفئة الناخبة إلا أن في ضوء التطورات ومضي ما يزيد على ال20 سنة على عودة الحياة الديمقراطية في مملكة البحرين ظهرت الكثير من الممارسات سواء من المرشحين لمجلس النواب أو البرلمانيين مست الحماية الواجبة للفئة الناخبة من التضليل.

مصادر

[عدل]
  1. ^ "الحماية الجنائية للعملية الانتخابية" (PDF).
  2. ^ "التنظيم القانوني للجرائم الانتخابية في مملكة البحرين".
  3. ^ "المواجهة القانونية والأمنية للجرائم الانتخابية".
  4. ^ "ما هي الجرائم الماسّة بالجداول الانتخابية؟".
  5. ^ "قانون العقوبات".
  6. ^ "في ندوة «الأيام» حول «الجرائم الانتخابية»: تجريم التشهير".