حديث مسلسل

الحديث المسلسل في سياق علم الحديث هو ما تتابع رجال إسناده على صفة واحدة أو حال واحدة للرواة أو للرواية، بعبارة أخرى فالحديث المسلسل هو الحديث الذي تناقله الرواة عن بعضهم البعض بهيئة معينة تحاكي هيئة قائله، كأن يقول النبي ﷺ حديثا ثم يقبض على لحيته، فيأتي الراوي ليروي ما قاله النبي ﷺ ثم يقبض الراوي على لحيته كما فعل النبي، ثم يأتي الراوي الذي بعده فيروي الحديث ثم يقبض على لحيته وهكذا، وذلك يقوي معنى الاتصال في الحديث، لأن فيه دلالة على اتصال السماع وزيادة ضبط الراوي، إذ أن الرواي لم يكتفي بنقل العبارة النبوية فقط، بل تجاوزها ليحاكي هيئة النبي ﷺ أثناء الحديث.

أمثلة على المسلسلات

المسلسل بأحوال الرواة الفعلية

مثل الحديث الذي رواه أبو هريرة قائلا:

«شبك بيدي أبو القاسم وقال لي: خلق الله عز وجل التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل.»

فكان أبو هريرة إذا حدث أحد الرواة بهذا الحديث يشبك يده بيد الرواي ثم يقول له: «شبك بيدي أبو القاسم وقال لي: خلق الله عز وجل التربة...»، فإذا أراد هذا الراوي أن يحدث راو آخر بهذا الحديث فإنه يشبك يده بيد هذا الراوي الثاني ويقول له:

« شبك أبو هريرة يده بيدي وقال: «شبك بيدي أبو القاسم وقال لي: خلق الله عز وجل التربة...»»

وهذا المسلسل يُسمى مسلسل التشبيك باليد، حيث أن كل راو من رواة الحديث كان يشبك يده بيد من يروى عنه.

المسلسل بأحوال الرواة القولية

مثل الحديث الذي رواه معاذ بن جبل قائلا:

«أخذ بيدي النبي ﷺ فقال: يا معاذ، قلت: لبيك، قال: إني أحبك، قلت: وأنا والله أحبك، قال: ألا أعلمك كلمات تقولها في دبر كل صلاتك، قلت: نعم، قال: قل اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك»

فكان معاذ إذا حدث أحد الرواة بهذا الحديث يقول له: «إني أحبك فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك»، فإذا أراد هذا الراوي أن يحدث راو آخر بهذا الحديث فإنه يروي الحديث ثم يقول لمن للراوي الذي يسمعه: «إني أحبك فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك»، وهكذا.

ومثل الحديث الذي روته عائشة قائلة:

قال رسول الله ﷺ «إن من الشعر حكمة»

قالت عائشة : يرحم الله لبيدا وهو الذي يقول:

ذهب الذين يعاش في أكنافهم

وبقي في خلف كجلد الأجرب

يتأكلون خيانة مذمومة

ويعاب سائلهم وإن لم يشغب

ثم قالت عائشة : «يرحم الله لبيدا كيف لو أدرك زماننا هذا»، وقد روى عن عائشة هذا الحديث عروة بن الزبير الذي رواه ثم قال: «رحم الله عائشة كيف لو أدركت زماننا هذا» ثم تسلسل الرواة بقولهم: «رحم الله فلانا كيف لو أدرك زماننا هذا»

المسلسل بأحوال الرواة الفعلية والقولية معا

مثل الحديث الذي رواه أنس بن مالك قائلا:

قال رسول الله ﷺ« لا يجد العبد حلاوة الإيمان حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، حلوه ومره»، وقبض رسول الله ﷺ على لحيته وقال:«آمنت بالقدر خيره وشره، حلوه ومره»

فكان أنس إذا حدث أحد الرواة بهذا الحديث يقبض على لحيته ويقول: «آمنت بالقدر خيره وشره، حلوه ومره»، فإذا أراد هذا الراوي أن يحدث راو آخر بهذا الحديث فإنه يروي الحديث ثم يقبض على لحيته ويقول: «آمنت بالقدر خيره وشره، حلوه ومره»

وهذا المسلسل يُسمى القبض على اللحية مع قول «آمنت بالقدر خيره وشره حلوه ومره»، حيث أن كل راو من رواة الحديث كان يقبض على لحيته ويقول ذلك.

المسلسل بصفات الرواة

هو المسلسل بصفة من صفات الرواة، مثل اتفاق أسماء الرواة كالمسلسل بالمحمدين، ومثل اتفاق صفاتهم كالمسلسل بالفقاء أو الحفاظ أو نسبتهم كالمسلسل بالمكيين والمسلسل بالمدنيين والمسلسل بالمصريين.

المسلسل بصفات الرواية

وتتعلق بزمان الرواية أو مكانها أو صيغ أدائها. مثال زمان الرواية ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في يوم عيد، قائلا:

شهدت مع سيدنا ومولانا رسول الله ﷺ في يوم عيد فطر أو أضحى، فلما فرغ من الصلاة أقبل بوجهه الكريم، فقال: «أيها الناس قد أصبتم خيرا، فمن أحب أن ينصرف فلينصرف، ومن أحب أن يقيم حتى يسمع الخطبة فليقم»

وقد روى هذا الحديث عن ابن عباس عطاء بن أبي رباح في يوم عيد، ثم رواه عن عطاء ابن جريج في يوم عيد، ثم رواه عن ابن جريج سفيان الثوري في يوم عيد، ولذلك يُسمى المسلسل بروايته يوم العيد. ومثله المسلسل بيوم عاشوراء، وهو حديث أبي قتادة الأنصاري قال: سمعت رسول الله في يوم عاشوراء يقول:« صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله».

والمسلسل بصيغ الأداء هو المسلسل بقول كل واحد من رواته «سمعت» أو «أخبرنا» أو «أخبرنا فلان والله»

ومثال صفات الرواية المكانية المسلسل بإجابة الدعاء في الملتزم.

كتب المسلسلات

كثرت الكتب التي جمعت الأحاديث المسلسلة حتى فاقت المائة كتاب، منها:

• المسلسلات الكبرى، تأليف: السيوطي.
• جياد المسلسلات، تأليف: السيوطي.
• مسلسلات ابن حبان.
• مسلسلات ابن شاذان.
• مسلسلات أبي نعيم الأصبهاني.
• مسلسلات ابن عساكر.
• مسلسلات ابن الطباخ.
• «رسالة المسلسلات» محمد بن جعفر الكتاني
• «العجالة في الأحاديث المسلسلة» محمد ياسين الفاداني

انظر أيضا

• حديث مطروح.