انتقل إلى المحتوى

داود في الإسلام

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
داود
تخطيط اسم النبي داود بخط الثُّلُث
خليفةُ الله، العبد الأواب
الولادة غير معروف
الوفاة غير معروف
المهنة ملك، حدَّاد
مبجل(ة) في الإسلام
رموز الزبور
شفيع(ة) بني إسرائيل
النسب داود بن إيشا بن عوبيد بن بوعز بن سلمون بن نحشون بن عميناداب بن رام بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل

داوُد هو أحد الأنبياء في الديانة الإسلامية، أنزِل عليه الزبور «المزامير» في الديانة الإسلامية. يذكر القرآن أن داوُد كان في جيش طالوت، الذي يفهم على أن الأخير هو نفسه شاول. وجالوت الذي هو نفسه جليات عند اليهود الذي قتله داوُد. ووَرَدَ في سورة البقرة: ﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ۝٢٥١.[1]

نسبه ووصفه

[عدل]

كما هو الحال بالنسبة لجميع الأنبياء، لا يذكُر القرآن نسب داود عليه السلام. ولكن المؤرخين المسلمين نقلوا من المصادر التاريخية المختلفة أنساب بعضَ الأنبياء.

قتله لجالوت وتنصيبه ملكًا

[عدل]

تقدم أنه لما قتل جالوت، وكان قتله له فيما ذكر ابن عساكر عند قصر أم حكيم قرب مرج الصفر، فأحبته بنو إسرائيل ومالوا إليه وإلى ملكه عليهم، فكان من أمر طالوت ما كان وصار الملك إلى داود عليه السلام. وجمع الله له بين الملك والنبوة، بين خيرى الدنيا والآخرة، وكان الملك يكون في سبط والنبوة في آخر، فاجتمعا في داود عليه السلام.

قال تعالى: ﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ۝٢٥١، أي: لولا إقامة الملوك حكامًا على الناس، لأكل قوي الناس ضعيفهم.

وجاء في بعض الآثار: (السلطان ظل الله في أرضه).

وقال أمير المؤمنين عثمان بن عفان: (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن).

وقد ذكر ابن جرير في تاريخه أن جالوت لما بارز طالوت وقال له: اخرج إلي وأخرج إليك، فندب طالوت الناس فانتدب داود فقتل جالوت.

قال وهب بن منبه: فمال الناس إلى داود، حتى لم يكن لطالوت ذكر، وخلعوا طالوت وولوا عليهم داود.

وقيل إن ذلك عن أمر شمويل حتى قال بعضهم: إنه ولاه قبل الوقعة.

قال ابن جرير: والذي عليه الجمهور إنما ولى الملك بعد قتل جالوت والله أعلم.

وروى ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز أن قتله جالوت كان عند قصر أم الحكيم وأن النهر الذي هناك هو المذكور في الآية فالله أعلم.

حياته بعد مقتل جالوت

[عدل]

قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ۝١٠ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ۝١١.[4] وقال: ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ۝٧٩ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ۝٨٠.[5] أعانه الله على عمل الدروع من الحديد ليحصن المقاتلة من الأعداء، وأرشده إلى صنعتها وكيفيتها فقال: {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} أي: لا تدق المسمار فيفلق، ولا تغلظه فيفصم.

قال الحسن البصري، وقتادة، والأعمش: كان الله قد ألان له الحديد حتى كان يفتله بيده، لا يحتاج إلى نار ولا مطرقة.

قال قتادة: فكان أول من عمل الدروع من زرد، وإنما كانت قبل ذلك من صفائح.

قال ابن شوذب: كان يعمل كل يوم درعاً يبيعها بستة آلاف درهم، وقد ثبت في الحديث: «ما أكل أحد طعامًا خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده».[6]

وقال تعالى: ﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ۝١٧ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ ۝١٨ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ ۝١٩ وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ۝٢٠.[7]

قال ابن عباس، ومجاهد: الأيد: القوة في الطاعة، يعني: ذا قوة في العبادة والعمل الصالح.

قال قتادة: أُعطي قوة في العبادة، وفقهاً في الإسلام.قال: وقد ذكر لنا أنه كان يقوم الليل، ويصوم نصف الدهر.

وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود: كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوماً، ويفطر يوماً، ولا يفر إذا لاقى».

وقوله: ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ ۝١٨ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ ۝١٩ كما قال: {يا جبال أوبي معه والطير} أي: سبحي معه. {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ} أي: عند آخر النهار وأوله. وذلك أنه كان الله قد وهبه من الصوت العظيم ما لم يعطه أحداً، بحيث أنه كان إذا ترنم بقراءة كتابه يقف الطير في الهواء، يُرجع بترجيعه، ويسبح بتسبيحه، وكذلك الجبال تجيبه وتسبح معه، كلما سبح بكرة وعشياً صلوات الله وسلامه عليه.

وقال الأوزاعي: حدثني عبد الله بن عامر قال: أعطي داود من حُسن الصوت ما لم يعط أحد قط، حتى أن كان الطير والوحش ينعكف حوله، حتى يموت عطشاً وجوعاً، وحتى إن الأنهار لتقف.

وقال وهب بن منبه: كان لا يسمعه أحد إلا حجل كهيئة الرقص، وكان يقرأ الزبور بصوت لم تسمع الآذان بمثله، فيعكف الجن، والإنس، والطير، والدواب على صوته، حتى يهلك بعضها جوعاً.

عن عائشة قالت: سمع رسول الله صوت أبي موسى الأشعري وهو يقرأ فقال: «لقد أوتي أبو موسى من مزامير آل داود».

وقد كان داود مع هذا الصوت الرخيم، سريع القراءة لكتابه الزبور كما قال الإمام أحمد: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: «خفف على داود القراءة، فكان يأمر بدابته فتسرج، فكان يقرأ القرآن من قبل أن تسرج دابته، وكان لا يأكل إلا من عمل يديه».

والمراد بالقرآن ههنا الزبور: الذي أنزله الله عليه، وأوحاه إليه، وقد كان ملكاً له أتباع، فكان يقرأ الزبور بمقدار ما تسرج الدواب، وهذا أمر سريع مع التدبر والترنم والتغني به على وجه التخشع، صلوات الله وسلامه عليه، وقد قال الله: {وَآتَيْنَا دَأوُدَ زَبُوراً}.

وقوله: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} أي: أعطيناه ملكاً عظيماً، وحكماً نافذاً. روى ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس: أن رجلين تداعيا إلى داود في بقر: ادعى أحدهما على الآخر أنه اغتصبها منه، فأنكر المدعى عليه، فأرجأ أمرهما إلى الليل، فلما كان الليل أوحى الله إليه أن يقتل المدعي، فلما أصبح قال له داود: إن الله قد أوحى إلي أن أقتلك، فأنا قاتلك لا محالة، فما خبرك فيما ادعيته على هذا؟ قال: والله يا نبي الله إني لمحق فيما ادعيت عليه، ولكني كنت اغتلت أباه قبل هذا، فأمر به داود فقتل، فعظم أمر داود في بني إسرائيل جداً وخضعوا له خضوعاً عظيماً. قال ابن عباس: وهو قوله تعالى: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ}.

وقوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ} أي: النبوة. {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} قال شريح، والشعبي، وقتادة، وأبو عبد الرحمن السلمي، وغيرهم: فصل الخطاب: الشهود والأيمان، يعنون بذلك البينة على المدعي، واليمين على من أنكر. وقال مجاهد والسدي: هو إصابة القضاء وفهمه. وقال مجاهد: هو الفصل في الكلام، وفي الحكم.

وقال تعالى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ ۝٢١ إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ۝٢٢ إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ۝٢٣ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۝٢٤ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ۝٢٥.[8] وقد ذكر كثير من المفسرين من السلف والخلف ههنا، قصصاً وأخبارا أكثرها إسرائيليات، ومنها ما هو مكذوب لا محالة، تركنا إيرادها هنا قصداً، اكتفاء واقتصاراً على مجرد تلاوة القصة من القرآن العظيم، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

وقوله: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} أي: إن له يوم القيامة لزلفى، وهي القربة التي يقربه الله بها، ويدنيه من حظيرة قدسه بسببها، كما ثبت في الحديث عن رسول الله: «إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلساً إمام عادل، وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشدهم عذاباً إمام جائر».

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا جعفر بن سليمان، سمعت مالك بن دينار في قوله تعالى: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} قال: يقوم داود يوم القيامة عند ساق العرش، فيقول الله: يا داود مجدني اليوم بذلك الصوت الحسن الرخيم، الذي كنت تمجدني في الدنيا، فيقول: وكيف وقد سلبته؟ فيقول: إني أرده عليك اليوم. قال: فيرفع داود بصوت يستفرغ نعيم أهل الجنان.

قال تعالى: ﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ۝٢٦.[9] هذا خطاب من الله مع داود، والمراد ولاة الأمور، وحكام الناس، وأمرهم بالعدل، واتباع الحق المنزل من الله لا ما سواه من الآراء والأهواء، وتوعد من سلك غير ذلك، وحكم بغير ذلك. وقد كان داود هو المقتدى به في ذلك الوقت في العدل، وكثرة العبادة، وأنواع القربات، حتى إنه كان لا يمضي ساعة من آناء الليل وأطراف النهار إلا وأهل بيته في عبادة ليلاً ونهاراً، كما قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَأوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}

عن أبي الجلد قال: قرأت في مسألة داود أنه قال: يا رب كيف لي أن أشكرك، وأنا لا أصل إلى شكرك إلا بنعمتك، قال: فأتاه الوحي أن يا داود: ألست تعلم أن الذي بك من النعم مني؟ قال: بلى يا رب. قال: فإني أرضى بذلك منك.

وقال البيهقي: عن ابن شهاب قال: قال داود: الحمد لله كما ينبغي لكرم وجهه، وعز جلاله، فأوحى الله إليه إنك أتعبت الحفظة يا داود.

وعن عمر مولى عفرة قال: قالت يهود لما رأت رسول الله يتزوج النساء: انظروا إلى هذا الذي لا يشبع من الطعام، ولا والله ما له همة إلا إلى النساء، حسدوه لكثرة نسائه وعابوه بذلك، فقالوا: لو كان نبياً ما رغب في النساء، وكان أشدهم في ذلك حيي بن أخطب، فأكذبهم الله وأخبرهم بفضل الله وسعته على نبيه صلوات الله عليه وسلامه، فقال: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ۝٥٤.[10] يعني بالناس رسول الله. يعني: ما أتى الله سليمان بن داود كانت له ألف امرأة، سبعمائة مهرية، وثلاثمائة سرية، وكانت لداود مائة امرأة منهن: امرأة أوريا أم سليمان بن داود، التي تزوجها بعد الفتنة، وهذا أكثر مما لمحمد، وقد ذكر الكلبي نحو هذا، وإنه كان لداود مائة امرأة، ولسليمان ألف امرأة منهن ثلاثمائة سرية.

صيامه وعبادته

[عدل]

عن أبي هريرة الحمصي، عن صدقة الدمشقي، أن رجلًا سأل ابن عباس عن الصيام فقال: «لأحدثنك بحديث كان عندي في البحث مخزونًا إن شئت أنبأتك بصوم داود، فإنه كان صوامًا قوامًا، وكان شجاعًا لا يفر إذا لاقى، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا». وقال رسول الله: « أفضل الصيام صيام داود، وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتًا يكون فيها، وكانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه، ويبكي ببكائه كل شيء، ويصرف بصوته الهموم والمحموم ». وإن شئت أنبأتك بصوم ابنه سليمان، فإنه كان يصوم من أول الشهر ثلاثة أيام، ومن وسطه ثلاثة أيام، ومن آخره ثلاثة أيام، يستفتح الشهر بصيام، ووسطه بصيام، ويختمه بصيام.

حياته ووفاته وجنازته في الإسلام

[عدل]

لما خلق الله عز وجل آدم عليه السلام، استخرج ذريته من ظهره، فرأى فيهم آدم عليه السلام الأنبياء عليهم السلام ورأى فيهم رجلاً يُزهر، فقال: أي رب من هذا؟ قال: هذا ابنك داود. قال: أي رب كم عمره؟ قال: ستون عاماً. قال: أي رب زد في عمره. قال: لا، إلا أن أزيده من عمرك. وكان عمر آدم ألف عام فزاده أربعين عاماً. فلما انقضى عمر آدم عليه السلام جاءه ملك الموت عليه السلام، فقال: بقي من عمري أربعون سنة، ونسي آدم عليه السلام ما كان وهبه لولده داود عليه السلام، فأتمها الله عز وجل لآدم عليه السلام ألف سنة، ولداود عليه السلام مائة سنة.

وفاته

[عدل]

وأما وفاته فقال الإمام أحمد في مسنده: عن أبي هريرة، أن رسول الله قال: «كان داود فيه غيرة شديدة، فكان إذا خرج أغلق الأبواب فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع، فخرج ذات يوم وغلقت الدار، فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار، فإذا رجل قائم وسط الدار، فقالت لمن في البيت: من أين دخل هذا الرجل والدار مغلقة؟ والله لنفتضحن بداود. فجاء داود، فإذا الرجل قائم في وسط الدار، فقال له داود: من أنت؟ فقال: أنا الذي لا أهاب الملوك ولا أمنع من الحجاب. فقال داود: أنت والله إذاً ملك الموت، مرحباً بأمر الله. ثم مكث حتى قبضت روحه، فلما غسل وكفن وفرغ من شأنه طلعت عليه الشمس، فقال سليمان للطير: أظلي على داود، فأظلته الطير حتى أظلمت عليه الأرض، فقال سليمان للطير: أقبضي جناحاً». قال أبو هريرة: فطفق رسول الله يرينا كيف فعلت الطير، وقبض رسول الله بيده وغلبت عليه يومئذ المضرحية.[11][12] ومعنى قوله: «وغلبت عليه يومئذ المضرحية» أي وغلبت على التظليل عليه المضرحية وهي الصقور الطوال الأجنحة واحدها مضرحي. قال الجوهري: وهو الصقر الطويل الجناح.

وقال السدي عن أبي مالك، عن ابن مالك، عن ابن عباس قال: مات داود فجأة وكان بسبت، وكانت الطير تظله. وقال السدي أيضاً، عن مالك وعن سعيد بن جبير قال: مات داود يوم السبت فجأة.

عن قتادة، عن الحسن، قال: مات داود وهو ابن مائة سنة، ومات يوم الأربعاء فجأة. وقال أبو السكن الهجري: مات إبراهيم الخليل فجأة، وداود فجأة، وابنه سليمان فجأة، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.[13]

وروي عن بعضهم أن ملك الموت جاءه وهو نازل من محرابه، فقال له: دعني أنزل أو أصعد، فقال: يا نبي الله قد نفدت السنون والشهور والآثار والأرزاق. قال: فخر ساجداً على مرقاة من تلك المراقي فقبضه وهو ساجد.

وعن وهب بن منبه قال: إن الناس حضروا جنازة داود فجلسوا في الشمس في يوم صائف. وقد شيع جنازته يومئذ أربعون ألف راهب عليهم البرانس سوى غيرهم من الناس، ولم يمت في بني إسرائيل بعد موسى وهارون أحد، كانت بنو إسرائيل أشد جزعاً عليه منهم على داود. فآذاهم الحر فنادوا سليمان أن يعمل لهم وقاية لما أصابهم من الحر، فخرج سليمان فنادى الطير فأجابت فأمرها أن تظل الناس، فتراص بعضها إلى بعض من كل وجه، حتى استمسكت الريح فكاد الناس أن يهلكوا غماً فصاحوا إلى سليمان من الغم، فخرج سليمان فنادى الطير أن أظلي الناس من ناحية الشمس وتنحي عن ناحية الريح. ففعلت فكان الناس في ظل تهب عليهم الريح، فكان ذلك أول ما رأوه من ملك سليمان.[14]

المصادر

[عدل]
  1. ^ القرآن الكريم، سورة البقرة، الآية 251.
  2. ^ ابن كثير، عماد الدين أبو الفداء إسماعيل. البداية والنهاية. ج. 2. ص. 12.
  3. ^ تاريخ الطبري، الجزء 1، صفحة 336.
  4. ^ القرآن الكريم، سورة سبأ، الآيتان 10 و 11.
  5. ^ القرآن الكريم، سورة الأنبياء، الآيتان 79 و 80.
  6. ^ رواه البخاري في الصحيح.
  7. ^ القرآن الكريم، سورة ص، الآيات 17 إلى 20.
  8. ^ القرآن الكريم، سورة ص، الآيات 21 إلى 25.
  9. ^ القرآن الكريم، سورة ص، الآية 26.
  10. ^ القرآن الكريم، سورة النساء، الآية 54.
  11. ^ مسند الإمام أحمد.
  12. ^ انفرد بإخراجه الإمام أحمد، وإسناده جيد قوي، رجاله ثقات.
  13. ^ رواه ابن عساكر.
  14. ^ البداية والنهاية، ابن كثير.
داود في الإسلام
سبقه
هارون
الأنبياء في الإسلام

داود

تبعه
سليمان