متلازمة الذاكرة الكاذبة
في علم النفس، متلازمة الذاكرة الكاذبة هي حالة منطوية على تأثر هوية الفرد وعلاقاته الاجتماعية بالذكريات الكاذبة الناجمة عن تعرضه للصدمة النفسية، إذ تمثل هذه الذكريات مجموعة من إعادة التجميعات غير الصحيحة واقعيًا التي يؤمن بها الفرد بشدة.[1] صاغ بيتر جيه فرايد هذا المصطلح جزئيًا عند تفسيره ما أطلق عليه الاتهام الكاذب بعد اتهامه من قبل ابنته جينيفر فرايد بالاعتداء الجنسي، ليساهم عمله اللاحق بعنوان أساس متلازمة الذاكرة الكاذبة (إف إم إس إف) في تعميم هذا المفهوم.[2][3] يلقى هذا المبدأ، الذي ينطوي على قدرة الأفراد على تشكيل ذكريات كاذبة ووجود تأثير خارجي محتمل في تكوين مثل هذه الذكريات، قبولًا واسعًا بين أوساط العلماء. مع ذلك، لم تُصنف متلازمة الذاكرة الكاذبة بوصفها مرضًا نفسيًا في أي دليل طبي بما في ذلك المراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للأمراض (آي سي دي - 10)[4] والدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية،[5] الطبعة الخامسة (دي إس إم - 5).[6]
من المحتمل حدوث متلازمة الذاكرة الكاذبة كنتيجة لعلاج الذاكرة المستعادة،[7] التي تمثل أيضًا أحد المصطلحات المحددة بواسطة أساس متلازمة الذاكرة الكاذبة في أوائل تسعينيات القرن العشرين، وتشير إلى مجموعة من الطرق العلاجية التي من شأنها تحفيز عملية التخريف. تُعتبر عالمة النفس إليزابيث لوفتس الشخصية الأبرز والأكثر تأثيرًا في نشوء هذه النظرية.[8]
التعريف
[عدل]متلازمة الذاكرة الكاذبة هي حالة مقترحة تركز فيها هوية الشخص وعلاقاته الشخصية على ذكرى تجربة مؤلمة يدعي المتهم أنها لم تحدث أبدًا ولكن الضحية المزعومة تعتقد بشدة أنها حدثت.[9]
مفهوم FMS مثير للجدل،[10][11] ولا يتضمنه الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية ولا التصنيف الدولي للأمراض. اقترح عضو FMSF Paul R. McHugh،[3] من بين مؤيدين آخرين لبناء متلازمة الذاكرة الكاذبة،[12] أن المصطلح لم يتم اعتماده في الإصدار الرابع من الدليل لأن اللجنة ذات الصلة، وفقًا لماكهيو، كان يرأسها مؤمنون باستعادة الذاكرة. رفض المشاركون في عملية التحرير والنشر DSM-IV هذا الاتهام ووصفوا ادعاء ماكهيو بأنه تآمري، مشيرًا إلى أن أحدث إصدار من التصنيف الدولي للأمراض اختار أيضًا عدم تضمين متلازمة الذاكرة الكاذبة مع تضمين فقدان الذاكرة الانفصالي.[13]
علاج الذاكرة المستعادة
[عدل]علاج الذاكرة المستعادة هو مصطلح صاغه المشككون في دقة الذكريات المنفصلة سابقًا لوصف العمليات والأساليب العلاجية التي يعتقدون أنها تخلق ذكريات خاطئة ومتلازمة الذاكرة الخاطئة. تتضمن هذه الأساليب التنويم المغناطيسي، والمهدئات، وكتابة اليوميات، وسؤال العميل عن إساءة المعاملة في مرحلة الطفولة المحتملة، والعلاج الجماعي، والنظر إلى صور الطفولة، وأسئلة التحقيق وأي نوع من العلاج النفسي المنحى، لا سيما عندما يعتقد المعالج أن الذكريات المكبوتة للأحداث الصادمة هي سبب حدوث مشاكل العميل.[14][15] لم يتم سرد المصطلح في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الرابع أو استخدامه من قبل أي طريقة علاج نفسي رسمية سائدة، مما أدى إلى اتهامات بأن المصطلح أكثر قليلاً من مجرد ازدراء.[16]
لا يمكن إنكار أن مثل هذه التقنيات قد استخدمت في الماضي. ومع ذلك، فإن كلاً من ملاءمة بعض التقنيات والمدى الذي تسببت فيه في انتشار وباء مفترض للذكريات الزائفة أمر مثير للجدل بشدة.
الأدلة على الذكريات الكاذبة
[عدل]تُعتبر الذاكرة البشرية مستحدثة وإيحائية بشدة، إذ يمكنها خلق مجموعة متنوعة وواسعة من الذكريات المخيفة، والمحرجة وغير المؤذية عبر العديد من التقنيات المختلفة – بما في ذلك الصور الموجهة، والتنويم المغناطيسي والإيحاءات بواسطة الآخرين. على الرغم من عدم النجاح في تطوير الذكريات لدى جميع الأفراد المعرضين لهذه التقنيات، تشير التجارب إلى قدرتها على تطوير الذكريات لدى عدد معتبر من الناس، الذين سيدافعون بفعالية عن وجود هذه الأحداث الكاذبة، حتى بعد إعلامهم بأنها كاذبة ومزروعة عمدًا. خلقت التساؤلات حول إمكانية وجود ذكريات كاذبة اهتمامًا كبيرًا جدًا بإيحائية الذاكرة البشرية ما سمح بالزيادة الكبيرة في المعرفة حول كيفية تشفير الذكريات، وتخزينها واسترجاعها، وانتهى بمجموعة من التجارب الرائدة مثل تجربة الضياع في المركز التجاري.[17] في تجربة روديغر وماكديرموت (1995)، عرض الباحثون قائمة من العناصر (مثل السكاكر، والسكر والعسل) التي يجب دراستها على مجموعة من الأفراد المشاركين في التجربة. عندما طُلب من المشاركين تذكر هذه العناصر، كان من المرجح تذكرهم بعض الكلمات غير الموجودة ذات الصلة اللغوية (مثل الحلوى) بشكل أكبر من العناصر المدروسة بالفعل، ما خلق بالتالي ذكريات خاطئة.[18] ما تزال هذه التجربة مثيرة للجدل على الرغم من تكرارها على نطاق واسع، إذ يرجع ذلك إلى احتمال ميل المشاركين في التجربة إلى تخزين العناصر المرتبطة لغويًا من قائمة الكلمات بشكل مفاهيمي عوضًا عن تخزينها كلغة، ما يبرر أخطاء تذكر الكلمات دون خلق ذكريات خاطئة. اكتشفت سوزان كلانسي أن الأفراد الذين يزعمون أنهم ضحايا اختطاف الفضائيين أكثر ميلًا نحو تذكر الكلمات المرتبطة لغويًا مقارنة بتذكر مجموعة الكلمات المضبوطة في تلك التجربة.[19]
تُعتبر تجربة الضياع في المركز التجاري طريقة بحثية مصممة لزرع ذاكرة كاذبة بتعرض الفرد للضياع في مركز تجاري في طفولته بهدف مناقشة القدرة على خلق «ذاكرة» عن حدث غير موجود عند مناقشة هذا الحدث الكاذب. في دراستها الأولية، وجدت إليزابيث لوفتس تطوير 25% من الأفراد المشاركين في الدراسة «ذاكرة» عن حدث غير موجود في السابق.[20] أظهرت امتدادات تقنية الضياع في المركز التجاري وانحرافاتها إمكانية اقتناع ما متوسطه ثلث الأفراد المشاركين في الدراسة بمرورهم بأشياء غير حقيقية في طفولتهم، حتى عندما تشمل هذه الأشياء تجارب صادمة أو مستحيلة.[21]
أظهر الباحثون التجريبيون القدرة على تعديل خلايا الذاكرة في حصين الفئران بهدف خلق ذكريات كاذبة اصطناعية.[22][23]
المراجع
[عدل]- ^ McHugh، Paul Rodney (2008). Try to remember: Psychiatry's clash over meaning, memory and mind. Dana Press. ص. 66–67. ISBN:978-1-932594-39-3.
- ^ Heaney، Katie (6 يناير 2021). "The Memory War". The Cut. Vox Media. مؤرشف من الأصل في 2022-10-13.
- ^ ا ب McHugh 2008، صفحة 55.
- ^ Rix، Rebecca (2000). Sexual abuse litigation: a practical resource for attorneys, clinicians, and advocates. Routledge. ص. 33. ISBN:978-0-7890-1174-9.
- ^ "icd 10 codes: psychiatry". Priory Lodge Education Ltd. مؤرشف من الأصل في 2023-03-05. اطلع عليه بتاريخ 2013-10-21.
- ^ American Psychiatric Association (2013). Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (ط. Fifth). Arlington, VA: American Psychiatric Publishing. ISBN:978-0-89042-555-8. مؤرشف من الأصل في 2022-12-01.
- ^ Whitfield، Charles L.؛ Joyanna L. Silberg؛ Paul Jay Fink (2001). Misinformation Concerning Child Sexual Abuse and Adult Survivors. Haworth Press. ص. 56. ISBN:978-0-7890-1901-1.
- ^ Zagorski، N. (2005). "Profile of Elizabeth F. Loftus". Proceedings of the National Academy of Sciences. ج. 102 ع. 39: 13721–13723. Bibcode:2005PNAS..10213721Z. DOI:10.1073/pnas.0506223102. PMC:1236565. PMID:16172386.
- ^ Kihlstrom, J.F. (1998). Exhumed memory. In S.J. Lynn & K.M. McConkey (Eds.), Truth in memory, (pp. 3-31). New York: Guilford. نسخة محفوظة 2023-05-13 على موقع واي باك مشين.
- ^ Otgaar H, Howe ML, Patihis L, Merckelbach H, Lynn SJ, Lilienfeld SO؛ وآخرون (2019). "The Return of the Repressed: The Persistent and Problematic Claims of Long-Forgotten Trauma". Perspect Psychol Sci. ج. 14 ع. 6: 1072–1095. DOI:10.1177/1745691619862306. PMC:6826861. PMID:31584864.
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link) - ^ Howe ML, Knott LM (2015). "The fallibility of memory in judicial processes: lessons from the past and their modern consequences". Memory. ج. 23 ع. 5: 633–56. DOI:10.1080/09658211.2015.1010709. PMC:4409058. PMID:25706242.
- ^ Patihis، Lawrence؛ Otgaar، Henry؛ Merckelbach، Harald (2019). "Expert Witnesses, Dissociative Amnesia, and Extraordinary Remembering Response to Brand et al". Psychological Injury and Law. ج. 12: 281-285. مؤرشف من الأصل في 2023-06-18. اطلع عليه بتاريخ 2023-06-18.
- ^ Dalenberg، Constance J.؛ Brand، Bethany L.؛ Loewenstein، Richard J.؛ Frewen، Paul A.؛ Spiegel، David (12 يونيو 2020). "Inviting Scientific Discourse on Traumatic Dissociation: Progress Made and Obstacles to Further Resolution". Psychological Injury and Law. ج. 13: 135-154.
- ^ McHugh 2008، صفحة 63.
- ^ Saletan، William (4 يونيو 2010). "The memory doctor: the future of false memories". Slate. مؤرشف من الأصل في 2023-06-19. اطلع عليه بتاريخ 2012-05-08.
- ^ Whitfield، Charles L.؛ Joyanna L. Silberg؛ Paul Jay Fink (2001). Misinformation Concerning Child Sexual Abuse and Adult Survivors. Haworth Press. ص. 56. ISBN:978-0-7890-1901-1.
- ^ Schacter، DL (2002). The Seven Sins of Memory: How the Mind Forgets and Remembers. هوتون ميفلين هاركورت. ص. 123–30. ISBN:978-0-618-21919-3.
- ^ Roediger، Henry L.؛ Kathleen B. McDermott (يوليو 1995). "Creating False Memories: Remembering Words Not Presented in Lists". Journal of Experimental Psychology: Learning, Memory, and Cognition. 4. ج. 21 ع. 4: 803–14. CiteSeerX:10.1.1.495.353. DOI:10.1037/0278-7393.21.4.803.
- ^ "Starship memories". جامعة هارفارد. 31 أكتوبر 2002. مؤرشف من الأصل في 2022-09-25. اطلع عليه بتاريخ 2014-02-23.
- ^ Wilson، A (3 نوفمبر 2002). "War & remembrance: Controversy is a constant for memory researcher Elizabeth Loftus, newly installed at UCI". Orange County Register. مؤرشف من الأصل في 2022-09-25. اطلع عليه بتاريخ 2009-01-19.
- ^ Strange، D؛ Clifasefi S؛ Garry M (2007). "False memories". في Garry M؛ Hayne H (المحررون). Do Justice and Let the Sky Fall: Elizabeth F. Loftus and Her Contributions to Science, Law, and Academic Freedom. Mahwah, NJ: Lawrence Erlbaum Associates. ص. 137–68. ISBN:978-0-8058-5232-5.
- ^ Ramirez, S., et al., (2013). Creating a False Memory in the Hippocampus Science 26 July 2013: Vol. 341 no. 6144 pp. 387–91 دُوِي:10.1126/science.1239073
- ^ Jha، Alok (25 يوليو 2013). "False memory planted in mouse's brain". The Guardian. مؤرشف من الأصل في 2023-03-05.