انتقل إلى المحتوى

مذبحة رمبولا

هذه المقالة يتيمة. ساعد بإضافة وصلة إليها في مقالة متعلقة بها
مفحوصة
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

مذبحة رمبولا هي مصطلح جامع للأحداث التي جرت في 30 نوفمبر و8 ديسمبر من عام 1941 وقُتل خلالها نحو 25,000 يهودي في غابة رمبولا قرب ريغا، لاتفيا أو في طريقهم إليها وذلك في الحرب العالمية الثانية. باستثناء مذبحة بابي يار في أوكرانيا، كانت هذه المذبحة أكبر فظائع الهولوكوست استمرت ليومين وذلك حتى تفعيل معسكرات الموت. كان نحو 24,000 من الضحايا من يهود لاتفيا من غيتو ريغا وكان 1,000 منهم تقريبًا من اليهود الألمان الذين نُقلوا عبر قطار إلى الغابة. نفَّذت الأينزاتسغروب أ (مجموعة العمليات أ) النازية مذبحةَ رمبولا بمساعدة متعاونين محليين من الأريس كوماندو، وبدعمٍ من آخرين مثل عناصر مساعدة لاتفية. كان القائد الأعلى للشوتزشتافل والشرطة فريدريش يكلن المسؤولَ عن هذه العملية، وكان قد أشرف سابقًا على مذابح مشابهة في أوكرانيا. لعب رودولف لانجه أيضًا دورًا في تنظيم هذه المذبحة، وشارك لاحقًا في مؤتمر وانسيي. تتعلق بعض الأدلة ضد هربرتس كوكرز اللاتفي بتطهير غيتو ريغا على يد الأريس كوماندو. شكلت جرائم رمبولا، إلى جانب العديد من أعمال القتل الأخرى، الأساسَ لمحاكمات أينزاتسغروبن التالية للحرب العالمية الثانية حيث ثبتت إدانة عدد من قادة الأينزاتسغروبن لارتكابهم جرائمَ ضد الإنسانية.[1]

التسمية

[عدل]

تشتهر هذه المذبحة بأسماء مختلفة تتضمن «العملية الكبرى» (The Big Action)، و«عملية رمبولا»، ولكن في لاتفيا سُميت «رمبولا» أو «رمبولي» فقط. تُسمى في بعض الأحيان عملية يكلن نسبةً إلى قائدها فريدريش يكلن. استخدم النازيون كلمة (Aktion) الألمانية، التي تُترجم حرفيًا إلى «فِعل أو عملية» باللغة العربية، لتكون تعبيرًا تلطيفيًا لكلمة «جريمة».[2] بالنسبة إلى رمبولا، كان التعبير التلطيفي الرسمي «عملية إطلاق النار». في محاكمات الأينزاتسغروبن قبل محكمة نورمبرغ العسكرية، لم يُطلق اسمٌ على الحدث، بل وُصف ببساطة بأنه «جريمة قتل 10,600 يهودي» في 30 نوفمبر عام 1941.[3]

الموقع

[عدل]

كانت رمبولا محطة سكك حديدية صغيرة تقع على بعد 12 كيلومترًا (7.5 ميل) جنوب ريغا، وهي عاصمة لاتفيا وإحدى مدنها الكبرى، وقد ربطتها مع دواغافليبس، ثاني أكبر مدينة في لاتفيا، السكةُ الحديدية الممتدة على طول الجانب الشمالي لنهر دوغافا.[4] كان موقع المذبحة «مكانًا مفتوحًا يسهل الوصول إليه» على تلةٍ تبعد 250 مترًا (820 قدمًا) عن المحطة. كان المشهد محجوبًا بالغطاء النباتي، لكن أمكن سماع أصوات إطلاق النار من المحطة. امتدت المنطقة بين خط السكة الحديدية وطريق ريغا-دواغافليبس السريع، إذ كان خط السكة الحديدية يقع شمال الطريق السريع. كانت رمبولا جزءًا من منطقة غابات ومستنقعات تُعرف باللاتفية باسم فارنو ميش، الذي يعني غابة الغربان باللغة العربية. أمكن سماع أصوات إطلاق النار من الطريق السريع. نفّذت سلطات الاحتلال الألمانية عددًا من المذابح الأخرى على الضفة الشمالية لنهر دوغافا في ضاحية رمبولا. كانت التربة رمليةً ومن السهل حفر القبور فيها. في حين كانت غابات الصنوبر المحيطة متناثرةً، كانت هناك منطقة ذات غابات كثيفة في المركز أصبحت موقع الإعدام. سهّل خط السكة الحديدية والطريق السريع نقلَ الضحايا من ريغا (وجب أن يكون على مسافة قريبة من غيتو ريغا في الجانب الجنوبي من المدينة)، بالإضافة إلى نقل مُطلقي النار وأسلحتهم.

الهولوكوست

[عدل]

بدأت الهولوكوست في لاتفيا بتاريخ 22 يونيو من عام 1941 حين غزا الجيشُ الألماني الاتحادَ السوفيتي ومن ضمنه دول البلطيق الثلاث ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا، التي كانت قد احتلتها القوات السوفيتية حديثًا بعد فترة من الاستقلال تلَت الحرب العالمية الأولى. بدأت جرائم قتل اليهود والشيوعيين وآخرين على الفور، وقد ارتكبتها فرق الموت الألمانية المعروفة باسم الأينزاتسغروبن (التي يمكن ترجمتها إلى «فرق المهمات الخاصة»)، وأيضًا شرطة الأمن الألمانية (سيشرهايتسبوليتساي أو سيبو)، وجهاز الأمن التابع لوحدات إس إس (الشرطة الأمنية الألمانية أو سيشرهايتسدينست أَو إس دي). حدثت أول أعمال القتل في ليلة 23 يونيو من عام 1941 في بلدة غروبن قرب ليبايا، حيث قَتل أفرادُ «زوندركوماندو 1أ» ستةً من اليهود في مقبرة الكنيسة. ساعد المحتلين النازيين أيضًا وحدةٌ من اللاتفيين الأصليين معروفة باسم الأريس كوماندو، ودعمتهم إلى حد ما الشرطةُ المساعدة اللاتفية.[5]

تورط السكان المحليين

[عدل]

أراد النازيون جعل الأمر يبدو كما لو كان السكان المحليون اللاتفيون مسؤولين عن قتل اليهود. لقد حاولوا تحريض بوغرومات (مذابح مدبرة) ضد اليهود دون تحقيق نجاح كبير، إذ نشروا شائعات مفادها أن اليهود كانوا مسؤولين عن انتشار أعمال الحرق المتعمد وجرائم أخرى، وأبلغوا رؤساءهم بذلك أيضًا.[6] كانت سياسة التحريض هذه التي أسماها النازيون «أعمال التطهير الذاتي» فاشلةً حسبما أقرَّ فرانز فالتر شتاليكر الذي كان رئيس الأينزاتسغروب أ وخبير أعمال القتل الأساسي لدى النازيين في دول البلطيق.[7][8]

تشكيل غيتو ريغا

[عدل]

كان هدف الشرطة الأمنية الألمانية جعلَ لاتفيا يودينفري (مطهرة من اليهود)، وهي كلمة نازية مستحدثة يمكن ترجمتها إلى «خالٍ من اليهود». بحلول 15 أكتوبر عام 1941، قتل النازيون ما يصل إلى 30,000[9] من أصل 66,000 يهودي تقريبًا لم يتمكنوا من الفرار من البلاد قبل اكتمال الاحتلال الألماني. لم يُرِد هنريش لوهس، الذي أبلغ ألفريد روزنبيرغ بدلًا من هاينريش هيملر رئيس الشرطة الأمنية، إبادةَ اليهود بشدة بل أراد بدلًا من ذلك سرقة كافة ممتلكاتهم، وجمعهم في الغَيتات (الغيتوهات)، واستخدامهم عمالًا عبيدًا للمجهود الحربي الألماني. أبطأ هذا الصراع البيروقراطي وتيرةَ أعمال القتل في شهرَي سبتمبر وأكتوبر من عام 1941. اعتبرت الشرطة الأمنية لوهس، وهو جزء من «الإدارة المدنية»، أنه يعصي مخططاتها.[10][11] في 15 نوفمبر عام 1941، طلب لوهس توجيهاتٍ من روزنبيرغ حول ما إذا كان سيُقتل جميع اليهود «بغض النظر عن الاعتبارات الاقتصادية». بحلول نهاية شهر أكتوبر، جمع لوهس كافة يهود ريغا إلى جانب البعض من المنطقة المحيطة ضمن غيتو في المدينة تبعد بواباته نحو 10 كيلومترات عن رمبولا. كان غيتو ريغا من صنع النازيين أنفسهم ولم يكن له وجود قبل الحرب.[12]

فريدريش يكلن

[عدل]

الدافع

[عدل]

أراد النازيون التخلص من يهود لاتفيا في ريغا لإفساح المجال أمام ترحيل يهود ألمانيا والنمسا إلى غيتو ريغا. ارتُكبت جرائم قتل جماعي بدوافع مماثلة بحق اليهود الشرقيين المجموعين ضمن الغَيتات في كونفو بتاريخ 28 أكتوبر عام 1941 (قُتل 10,000)، وفي مينسك حيث أُطلق الرصاص على 13,000 يهودي بتاريخ 7 نوفمبر وعلى 7,000 آخرين في 20 نوفمبر. استقدم هيملر لتنفيذ هذا المخطط فريدريش يكلن إلى لاتفيا من أوكرانيا، حيث كان قد نظم عددًا من عمليات القتل الجماعي بما فيها بابي يار (قُتل 30,000).[13] وصل طاقم يكلن المؤلف من نحو 50 قاتلًا وفردًا داعمًا إلى ريغا بتاريخ 5 نوفمبر عام 1941. لم يأتِ يكلن معهم، بل ذهب بدلًا من ذلك إلى برلين حيث التقى هيملر في وقت ما بين 10 و12 نوفمبر من عام 1941. طلب هيملر من يكلن أن يقتل كامل غيتو ريغا وأن يُعلِم لوهس في حال اعتراضه أن هذا أمرٌ من هيملر وأدولف هيتلر أيضًا: «أخبِر لوهس أنه أمرٌ مني، وهذه رغبة الفوهرر كذلك».[14]

ذهب يكلن بعد ذلك إلى ريغا وشرح الموقف للوهس ولم يعترض مجددًا. بحلول منتصف نوفمبر عام 1941، اتخذ يكلن لنفسه مبنى في القسم القديم من ريغا عُرف باسم ريتاهاوس (منزل الفارس).[15]

المراجع

[عدل]
  1. ^ Einsatzgruppen trial, p. 16, Indictment, at 6.F: "(F) On 30 November 1941 in Riga, 20 men of Einsatzkommando 2 participated in the murder of 10,600 Jews."
  2. ^ Ezergailis 1996b، صفحات 211–2.
  3. ^ Edelheit, History of the Holocaust. p. 163: "Aktion Jeckeln, named after its commander, Hoeherer SS- und Polizeiführer Friedrich Jeckeln. Undertaken in the Riga ghetto, the Aktion took place between November 30 and December 7, 1941. During the Aktion some 25,000 Jews were transported to the Rumbula Forest and murdered."
  4. ^ Riga trial verdict excerpts, as reprinted in Fleming 1994، صفحات 78–9.
  5. ^ Stahlecker report, at 985: "Special detachments reinforced by selected units -- in Lithuania partisan detachments, in Latvia units of the Latvian auxiliary police -- therefore performed extensive executions both in the towns and in rural areas."
  6. ^ A serious and deadly (approximately 400 Jews murdered) riot in Riga in early July 1941 was one exception.
  7. ^ Stahlecker report, at 984-85: "It proved much more difficult to set in motion similar cleansing actions in Latvia. Essentially the reason was that the whole of the national stratum of leaders had been assassinated or destroyed by the Soviets, especially in Riga. It was possible though through similar influences on the Latvian auxiliary to set in motion a pogrom against Jews also in Riga. During this pogrom all synagogues were destroyed and about 400 Jews were murdered. As the population of Riga quieted down quickly, further pogroms were not convenient. So far as possible, both in Kowno and in Riga evidence by film and photo was established that the first spontaneous executions of Jews and Communists were carried out by Lithuanians and Latvians.
  8. ^ Friedländer, The Years of Extermination, at page 223, refers to the Stahlecker report as evidence that Nazi efforts to induce local pogroms were in general failures in the Baltic states.
  9. ^ Stahlecker, report, at 986: "In Latvia as well the Jews participated in acts of sabotage and arson after the invasion of the German Armed Forces. In Duensburg so many fires were lighted by the Jews that a large part of the town was lost. The electric power station burnt down to a mere shell. The streets which were mainly inhabited by Jews remained unscathed."
  10. ^ Reitlinger, Alibi. p. 186n1.
  11. ^ Browning, Matthäus. Origins of the Final Solution، صفحات 305–7, 406.
  12. ^ Stahlecker report, at 987: "In Riga the so-called "Moskau suburb" was designated as a Ghetto. This is the worst dwelling district of Riga, already now mostly inhabited by Jews. The transfer of the Jews into the Ghetto-district proved rather difficult because the Latvians dwelling in that district had to be evacuated and residential space in Riga is very crowded, 24,000 of the 28,000 Jews living in Riga have been transferred into the Ghetto so far. In creating the Ghetto, the Security Police restricted themselves to mere policing duties, while the establishment and administration of the Ghetto as well as the regulation of the food supply for the inmates of the Ghetto were left to Civil Administration; the Labor Offices were left in charge of Jewish labor."
  13. ^ Ezergailis 1996b، صفحة 241: "On November 12, Jeckeln received his order from Himmler to kill the Jews of the Riga ghetto." Other sources give the date of Himmler's order as November 10 or November 11. Fleming, Hitler and the Final Solution, at 75
  14. ^ Fleming 1994، صفحات 75–7.
  15. ^ Eksteins, Walking Since Daybreak, page 150