انتقل إلى المحتوى

مسابقة الابتكار الحكومي (البحرين)

هذه المقالة يتيمة. ساعد بإضافة وصلة إليها في مقالة متعلقة بها
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

تعد مسابقة الابتكار الحكومي في البحرين مبادرة رائدة تهدف إلى تعزيز ثقافة الابتكار والإبداع في القطاع العام وتطوير حلول جديدة للتحديات التي تواجه الحكومة والمجتمع. انطلقت هذه المسابقة كجزء من استراتيجية الحكومة البحرينية لتحسين الخدمات الحكومية وتعزيز الكفاءة مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة.[1]

تجمع المسابقة بين موظفي الحكومة والمواطنين والمبتكرين لتقديم أفكار ومشاريع مبتكرة تساهم في تحسين الأداء الحكومي وتلبية احتياجات المواطنين. تركز المسابقة على استخدام التكنولوجيا الحديثة وأفضل الممارسات العالمية في مجال الابتكار مما يعزز من قدرة الحكومة على الاستجابة للتغيرات السريعة في بيئة العمل.[2]

أهمية الابتكار الحكومي بمملكة البحرين

[عدل]

في السنوات الأخيرة أصبح مفهوم الابتكار أكثر جاذبية للمسؤولين الحكوميين. كما يدرك رؤساء الحكومات الآن حيوية هذه الأداة لديمومة العمل وتميزه. وعلى الرغم من السمعة الواسعة لابتكار القطاع العام باعتباره رد فعل غير مدروس لحادث عرضي أو صدفة يفترض آخرون إن الابتكار يحدث فقط في أوقات الظروف غير المتوقعة سواء لمواجهة مشكلات غير عادية أو لتقديم مساعدة سريعة تمثل حلولا مبتكرة لتقليل النفقات. وفي كل حال يتطلب الابتكار في هذا القطاع ممارسات واعية ومتعمدة مثل الإدارة التحفيزية والتخطيط الاستراتيجي.[3]

إن عدم القدرة على تصور نتائج الابتكار يخلق رؤية غامضة بين الموظفين العموميين ومواقف مترددة من صناع القرار علاوة على ذلك فإن طبيعة ونوع المؤسسة الحكومية وطبيعة النظام السياسي في الدولة هي كلها عوامل مرتبطة ارتباطاً وثيقا بالاتجاهات والنزعة الابتكارية. بمعنى إذا كانت مخرجات الابتكار واضحة ويمكن قياسها فإن تبني الابتكار يصبح فكرة جديرة بالاعتبار ومن ثم التطبيق.[4]

عمومًا إن ما يقرر ما إذا كانت المؤسسة الحكومية مبتكرة من عدمه هو مدى انفتاحها على التغيير. فالمتتبع لظروف العصر الحالي يجد أن المشكلات التي تعاني منها المجتمع باتت أكثر تعقيدا من ذي قبل وبالتالي فهي تتطلب حلولا استباقية فعالة.[5]

وفي سياق مملكة البحرين التي يعتمد اقتصادها على النفط شأنها في ذلك شأن دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى يتضح بشكل متزايد سعي حكومة البحرين لتحقيق التنوع الاقتصادي عبر مصادر غير نفطية. وقد تحقق ذلك فعليا فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للبحرين من 64% في بداية القرن 21 إلى 80% في عام 2016 بمتوسط معدل نمو سنوي يبلغ 6.2% للفترة (2002-2016). كما تتجه البحرين بشكل جدي ليكون اقتصادها قائما على المعرفة والاستثمار في رأس المال البشري ومع ذلك تشير الدلائل إلى أن الابتكار في القطاع الحكومي لايزال مقتصرا على المبادرات ولم يصل بعد المرحلة أن يكون مدخلا أساسيًا لتطوير العمل الحكومي. علاوة على ذلك يأتي مفهوم الابتكار بشكل هامشي أو غير مهم في الرؤى الوطنية الرؤية الاقتصادية 2030.

وفي نهاية العقد الأول من القرن 21 شهد العمل الحكومي طفرة واضحة في مجال الابتكار فقد تغيرت النظرة للابتكار الحكومي في مملكة البحرين وقد انعكس ذلك في اتخاذ حكومة البحرين خطوات إيجابية لتعزيز ثقافة الابتكار ودمجها في الخدمات الحكومية من خلال طرح برامج عمل الحكومة الفصلية وإطلاق مسابقة الابتكار الحكومي والملتقيات الحكومية التي تناقش أبرز التحديات والتطلعات في جلسات عمل مكثفة.

وبالنظر للقوى العاملة البحرينية فهي تمتلك من المؤهلات الأكاديمية والمعرفة والموهبة والخبرة ما يتناسب مع متطلبات سوق العمل المتغيرة ويكفل دستور البحرين 1973 والإصدار الأحدث من دستور مملكة البحرين (2002) مستويات عالية نسبيًا من الحرية لمؤسسات القطاع العام من أجل تحقيق أهدافها ورؤاها من هذا المنطلق ووفقا لمبدأ فصل السلطات تعمل وزارات وهيئات البحرين الحكومية في ضوء خططها وأهدافها الاستراتيجية الخاصة بها والتي في واقع الأمر لا تخرج عن إطار الاستراتيجية العامة للدولة.

مسابقة الابتكار الحكومي - فكرة

[عدل]

تعد مسابقة الابتكار الحكومي "فكرة" مبادرة عصرية أطلقها رئيس حكومة البحرين الحالي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة عام 2018 حيث دعا شخصيًا كافة موظفي القطاع العام للمشاركة بأفكارهم ومشاريعهم لتطوير الأداء الحكومي.

إن الخط الزمني للمسابقة يبدأ بتقديم الطلبات للمسابقة فور إعلان فتح باب القبول ويمكن المشاركة كأفراد أو كفريق حتى أربعة أفراد على أن يستهدف المشاركون من خلال المشاريع والأفكار لتطوير الخدمات الحكومية أو تحسين الأداء الحكومي وفور تلقي المشاريع إلكترونيا تقوم لجنة خاصة بتقييم أولي ثم تتم مراجعة المشاركات من قبل عدة لجان قبل أن يتم تقييمها النهائي من قبل لجنة وزارية رفيعة المستوى. كما يسمح للجمهور أيضا بالتصويت لأفكارهم المفضلة والتي يتم بعد ذلك تنفيذ أفضلها من قبل الجهات الحكومية ذات الصلة.

ومنذ النسخة الأولى التي شهدت مشاركة واسعة إذ تلقى القائمون على المسابقة 565 فكرة في عامها الأول. وواصلت النسخ المتلاحقة استقطاب اهتمام الكوادر الوطنية وانعكس ذلك في تطور المشاركات ذاتها في كل عام وتطورها النوعي.

ويتم اختيار 40 فكرة بشكل أولي ثم 12 فكرة في المرحلة النهائية يستعرض خلالها المشاركون بشكل مباشر مشاريعهم أمام اللجنة الوزارية بحضور عدد من المسؤولين الحكوميين وسط تغطية إعلامية. ويستمع المتأهلون لتعليقات أعضاء اللجنة كما يجيبون على أي استفسارات ويجادلون بشكل علمي وموضوعي ويدافعون عن أحقية مشاريعهم بالفوز وفي كل حال عقب كل نسخة تحظى أغلب الأفكار باهتمام بالغ من قبل الوزراء والمسؤولين التنفيذيين حيث يستقبل كل وزير أو رئيس مؤسسة حكومية المشاركين الممثلين للوزارة أو الجهة التي يرأسها للاطلاع على تفاصيل المشاريع المقدمة وبحث إمكانية تنفيذها بغض النظر عن تأهلها أو فوزها بالمسابقة، في بادرة تعكس الاهتمام.

النتائج

[عدل]

مراجعة وتقييم المسابقة

[عدل]

من الملاحظ أن العديد من الأفكار والمشاريع المطروحة ضمن المسابقة قد تم تنفيذها بالفعل وللمفارقة فإن مشروع العمل عن بعد أو العمل من المنزل كانت فكرة طرحت في 2018 وها هو العالم اليوم يطبقها مرغما ليس أملا في تقليل التكاليف التشغيلية فحسب بل لاعتبارات صحية أيضا.

ويتبين من التصنيف اهتمام المشاركين بالابتكار التقني حيث اقترح أغلب المشاركون تحويل الخدمات الحكومية الحالية إلى منصات رقمية سهلة الاستخدام.

إن أفكار الموظفين العموميين لا تتعدى كونها أفكارًا إذا لم تدع الحاجة لطرحها ضمن إطار عملي معاصر كمسابقة للابتكار بالتالي فإن تلك الأفكار أو الابتكارات داخلية المنشأ تتحول بفضل المسابقات إلى تطور ملموس على كافة الأصعدة وفي مختلف المجالات بما يضمن استدامة الابتكار الحكومي واستمرارية التطوير من خلال التزود الدائم والمتواصل بأفكار ورؤى جديدة مقدمة بشكل منظم ومنتظم.

ومن خلال مراجعة الأفكار والمشاريع المقترحة لوحظ أن المشاركين على قدر من الوعي لتقديم حلول براغماتية تعالج عددًا من القضايا بطرائق غير مألوفة فاستهدفت أغلب الخدمات المبتكرة ترشيد الإنفاق الحكومي من خلال الاستخدام الأمثل للموارد والأصول وتقليص مدة الانتظار على المستفيدين من الخدمات. وهذه هي المعادلة الأمثل لتحقيق القيمة القصوى من العمل الحكومي الخدماتي.

في الجانب الآخر تتعرض أفكار أخرى لأساليب ذكية تساهم في إحداث تغيير في العمليات الداخلية للمؤسسات الحكومية وبالتالي تنعكس هذه التغييرات على جودة الخدمات المقدمة وكفاءة العمل الداخلي في وقت واحد.

من المهم أيضا الإشارة إلى أن موظفي القطاع الحكومي وهم المشاركين في المسابقة هم أصحاب المشاريع ولكل منهم حسب تخصصه وجهة عمله منظور مختلف مستلهم من بيئة العمل وواقع التجربة ولذلك يتسق المشروع طبيعيًا مع جوانب العمل وينسجم بشكل أكبر مع حاجات المستخدمين أو المستفيدين من الخدمات الحكومية. وعليه فإن الابتكار الحكومي داخلي المنشأ يقدم النموذج الأمثل للابتكار لاسيما إن تم إشراك المجتمع في اختيار المشروع أو الفكرة الأنسب كما هو الحال في مسابقة الابتكار الحكومي بمملكة البحرين.

تقييم المسابقة من حيث آلية التقدم والمشاركة

[عدل]

وفقا لنظامها الحالي تقدم المسابقة للموظفين العموميين على اختلاف مسمياتهم ودرجاتهم مساحة حرة ومتساوية للتعبير عن أفكارهم ورؤاهم من خلال المشاركة بشكل سلس وسهل لا يتطلب عناء التقديم بالشكل التقليدي بل الاكتفاء بالتقديم إلكترونيا. إلا أن طريقة التقديم تحتمل التطوير على النحو التالي:

التقديم الحالي يتطلب ملء قالب محدد وهذا أمر جيد لتوحيد الشكل بين المشاركين إلا أن بعض الأفكار والمشاريع لا يمكن وضعها في القالب المقترح نظرا لخصوصيتها وأسلوب طرحها المختلف.

حاليا يتم كشف أسماء المشاركين عند التقديم وباعتبار مملكة البحرين شأنها شأن دول مجلس التعاون تتألف من مجتمع مترابط يعرف بعضه البعض بشكل أو بآخر. بالإمكان الاستعاضة التقديم بالأسماء صراحة بتطبيق مبدأ السرية التامة حيث يتم استبدال الأسماء وجهات العمل برموز رقمية لضمان التقييم العادل دون انحياز.

رغم أن الهدف من المسابقة هو النهوض بمخرجات العمل الحكومي استلهاما من الموظفين العموميين ووفقًا لإحصائية جهاز الخدمة المدنية لعام 2019 فإن عدد الموظفين العموميين يقارب 40 ألفًا إلا أن من يستخدم الخدمات الحكومية هم في الواقع كافة شرائح المجتمع من موظفين وأصحاب أعمال وغيرهم. وعليه فإنه من المناسب فتح باب المشاركة المسابقة فرعية تأخذ بعين الاعتبار أفكار الجميع دون الالتزام بقالب معين بل الاكتفاء بقالب مبسط مشفوعا ببيانات التواصل في حال دعت الحاجة للتزود بمعلومات إضافية حول الأفكار أو المشاريع.

في الوقت الحالي يتم فتح المجال للمشاركة بأفكار عامة وهذا يضمن حرية الابتكار. فيما يمكن لمسؤولي اللجان التنفيذية في مجلس الوزراء بحث أهم المشكلات التي تواجه العمل الحكومي في الوقت الراهن العام 2024 على سبيل المثال: الركود الاقتصادي أو ارتفاع نسبة البطالة أو نقص الكادر الصحي أو محدودية مساحة المشاريع الإسكانية.. إلخ) وعليه فإن الحلول المبتكرة لن تكون مفيدة للصالح العام فحسب بل ستكون معاصرة وذات فاعلية أكبر وفائدة ملموسة.

تقييم المسابقة من حيث آلية التقييم

[عدل]

يتم في النسخ القائمة الاستعانة بالجمهور للتصويت وهذا أمر إيجابي معزز لمفهوم الابتكار المفتوح الذي تمثله المسابقة. إلا أن التقييم الحالي يتطلب تضمين بيانات المصوت مما يعيق مشاركة مختلف فئة المجتمع في عملية التقييم.

بالإمكان طرح مرحلة تقييم مبدئية اختيارية يقوم خلالها المشاركون بعرض مشاريعهم بشكل أولي على المعنيين في جهة العمل كل في جهته من أجل الحصول على التعليقات والتوصيات والاستئناس بآراء ذوي الاختصاص.

تقييم المسابقة من حيث تنفيذ وتطبيق المشاريع

[عدل]

معظم الأفكار المشارك بها في المسابقة على مر السنوات تعد ذات فائدة وعليه من المفيد أيضا تكوين لجنة منبثقة من المؤسسات الحكومية للوقوف عند تنفيذها وتدويرها في مختلف المؤسسات من أجل تحقيق النفع الأكبر ليس فقط في الجهة ذات العلاقة بل من الممكن أن يتم تطبيق المشاريع في سياقات مكانية وزمانية أخرى.

في كل نسخة يتم استعراض الأفكار والمشاريع المتأهلة من النسخ السابقة بشكل مقتضب لأغراض إعلامية توثيقية إلا أن المطلوب تقديم تتبع شامل للمشاريع وتوثيق خطها الزمني لتكوين ذاكرة حكومية يتم استدعاؤها متى ما دعت الحاجة كما تمثل الحلول الابتكارية المطروحة حقيبة أدوات جاهزة للاستخدام وفقًا لحيثيات المواقف والظروف والسيناريوهات المختلفة.

من الأهمية بمكان أن يتم تحويل مخرجات مشاريع المسابقة لمنتج كمي يمكن قياس أبعاده وآثاره. لا بد من قياس مخرجات الابتكار للإيمان بأهميته والاقتناع بضرورة تطبيقه كما من الضروري أن يتم قياس تأثير المشاريع المنفذة على سير العمل مع إرفاق إحصاءات وأرقام تشير لعوائد الابتكار المقدم بما يساهم في منح المشرعين ثقة أكبر لاقتراح تخصيص دعم أكبر لابتكار القطاع الحكومي في المستقبل.

ضرورة إشراك الأطراف المختلفة والمساهمة في تنمية المجتمع كمؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات التنمية الاقتصادية والقطاع المصرفي لتمويل المشاريع وبالتالي تفعيل المسؤولية الاجتماعية لتلك المؤسسات وتفعيل الشراكة بين مكونات المجتمع بما يساهم في تحقيق الفائدة الأكبر من تنفيذ المشاريع المتأهلة. إذ ستقدم هذه الشراكات دافعًا أكبر للمضي قدما نحو التغيير الإيجابي.

التوصيات والمقترحات

[عدل]

بعد مراجعة وتقييم مسابقة الابتكار الحكومي "فكرة" فإن على المشرعين الاهتمام بالتالي:

ربط الابتكار الحكومي بمؤشرات أداء تساهم في قياس أثره على الأداء المالي والإداري في المؤسسات الحكومية.

تضمين النزعة الابتكارية في عملية تقييم أداء الموظفين لتشجيعهم على التقدم بأفكار ومشاريع ومبادرات.

رفع الوعي بشأن الابتكار الحكومي من خلال الندوات والمحاضرات واستعراض تجارب الدول الرائدة في المجال.

الاستفادة من المشاريع والمبادرات المشارك بها في مسابقة "فكرة" ودراسة إمكانية تطبيقها في إدارات ومؤسسات حكومية مختلفة.

ضرورة إثراء المكتبة العربية والخليجية خصوصا ببحوث كمية ودراسات نوعية تركز على مفاهيم الابتكار والإدارة العامة وتقدم أطر مفاهيمية متعمقة للمعنيين.

تفعيل دور الدراسات والبحوث وصناديق البحث العلمي لرفد المؤسسات الحكومية بأحدث الممارسات الإدارية المبتكرة لتعزيز الأداء وتطوير مخرجات العمل الحكومي.

طرح برامج تبادل خبرات بالتعاون مع الدول المتقدمة والرائدة في مجال الابتكار الحكومي (الدول الإسكندنافية) للاستفادة من التجارب المتوافرة.

مصادر

[عدل]
  1. ^ "حول المسابقة".
  2. ^ "مسابقة الابتكار الحكومي "فكرة".. تميز من أجل النجاح".
  3. ^ "تطوير الأداء الحكومي وتنفيذ الأفكار بكفاءة".
  4. ^ "مسابقة فكرة.. عندما يُجسّد الإبداع".
  5. ^ "إطلاق النسخة الرابعة من مسابقة الابتكار الحكومي «فكرة»".