انتقل إلى المحتوى

مستخدم:بيان الصعيري/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

دوافع ابن العلقمي وسقوط بغداد

[عدل]

سيرة إبن العلقمي:

[عدل]

هو أبو طالب مؤيد الدين محمد بن أحمد بن علي بن أبي طالب ابن العلقمي البغدادي الرافضي، وزير آخر خلفاء بني العباس المستعصم. اشتغل بالأدب حتى ارتفعت مكانته وتولَّى الوزارة سنة 642 هـ ، وحصل له من التعظيم والوجاهة في أيام المستعصم ما لم يحصل لكَثير مِمن قَبله من الوزراء ، وإن كان من الفضلاء الأدباء إلا أنَه كان رافضيا خبيثا، رديء الطوية على الاسلام وأهله، وحسن ابن العلقمي للمستعصم قطع عسكَر بغداد الذين كانو مائَة ألف فَارس أيام المستنصر ليصيرو دون عشرين ألفا ، فصرف الجيوش واسقط اسمهم من الديوان وصرفهم عن إقطاعاتهم وبلغت حالة الجيش وعساكر الخلافة بالذات مبلغا من الذل والهوان حتى ثاروا ببغداد لقطع أرزاقهم سنة 648، وكان ابن العلقمي حريصا على زوال دولة بنى العبّاس ونقلها إلى العلويين ، فكان يوهم بأنه يدافع التتار بما يتوفر من أرزاق إقطاعات الجند في الدولة، ولما قصد هولاكو قلعة الموت 655ه بلغه في طريقه كتاب ابن الصلايا صاحب إربل وفيه وصية من ابن العلقمي وزير المستعصم الى هولاكو يستحثه لقصد بغداد، ويهون عليه أمرها، فرجع عن بلاد الإسماعيلية وسار إلى بغداد .

موقف ابن العلقمي من دخول المغول لبغداد:

[عدل]

أجمعت المصادر التاريخية على أن ابن العلقمي من راسل هولاكو وحثه للقدوم لبغداد ، واستخدم في هذه المكاتبات شتى الحيل حتى قيل تحيل مرة إلى أن أخذ رجلا وحلق رأسه حلقا بليغا وكتب ما أراد عليه بوخز الإبر كما يفعل بالوشم، ونفض عليه الكحل وتركه عنده إلى أن طلع شعره وغطى ما كتب فجهزه وقال: إذا وصلت التتر مرهم بحلق رأسك ودعهم يقرأون ما فيه، وكان في آخر الكلام: قطِعوا الورقة، فضربت رقبته، وهذا غاية في المكر والخزي . توجه هولاكو قائد التتر إلى بغداد وفى جيشه خلق من الرافضة على رأسهم وزيره نصير الدين الطوسي ومدد من صاحب الموصل ركن الدين إسماعيل ، وبرز للقائهم ركن الدين أيبك الدوادار في عسكر بغداد فتقتلوا وانهزم المسلمون وحالت مياه دجلة دونهم و بغداد فغرق بعضهم وتبعهم التتار وقتل الدوادار وأسر الأمراء الذين معه . نزل هولاكو بغداد من الجانب الشرقي من البر وضرب سورا وخندقا على عسكره وأحاط ببغداد، فأشار ابن العلقمى على الخليفة المستعصم بمصانعتهم وقال له: أخرج إليهم أنا في تقرير الصلح ،وخرج ابن العلقمي إلى هولاكو فاستأمن لنفسه ، ورجع بالأمان للخليفة وقال أن هولاكو يبقيك كما فعل بسلطان الروم ويريد أن يزوج ابنته ابنك أبي بكر ، فخرج المستعصم ومعه الفقهاء والأعيان وجميع سادة بغداد فقبض عليه لوقته، وقتل جميع من كان معه وبذلوا السيف في بغداد وهجموا دار الخلافة وقتلوا كل من كان فيها من الأَشراف ودام القتل والنهب في بغداد أربعين يوما فلم ينج منهم إلّا من اختفى، ويقال إن الذي أحصى ذلك اليوم من القتلى ألف ألف وستمائة ألف وتزيد، واستولا التتار من قصور الخلافة وذخائرها على ما لا يبلغه الوصف ولا يحصره الضبط والعدّ، وألقيت كتب العلم التي كانت بخزائنهم جميعها في دجلة، وكانت شيئا لا يعبر عنه مقابلة في زعمهم بما فعله المسلمون لأول الفتح في كتب الفرس عند فتح المدائن ، ثم نودى بعد ذلك بالأمان، فظهر من كان اختفى وهم قليل من كثير.قبيبببليبليبيلبلبل ختلف في قتل المستعصم فقيل أن الخليفة وابنه أبا بكر قتلا خنقا وقيل غرقا في دجلة وقيل وضعا في عدل وماتا وطأ بالأقدام لتجافيهم بزعمهم عن دماء أهل البيت ويقال إن الذي أشار بذلك ابن العلقمي ونصير الدين الطوسي، وانقرض أمر الخلافة الإسلامية لبني العبّاس ببغداد 656هـ وبقيت البلاد بلا خليفة ثلاث سنين وأعاد لها ملوك الترك رسما جديدا في خلفاء نصبوهم هنالك من أعقاب الخلفاء الأولين .

دوافع ابن العلقمي في مولاة المغول:

[عدل]

يكاد أن يجمع المؤرخون على أن مذهبية ابن العلقمي الرافضية هي الدافع الأول والرئيسي لفعلته السوداء حيث كان حريصا على زوال دولة بنى العباس ونقلها إلى العلويين ، ورغم أن الخليفة المستعصم كان موصوفا بالصلاح والتمسك بالسنة إلا أنه كان الين واقل حزما من اباءه وعين أبن العلقمي وزيرا له الذي يظهر للخليفة خلاف رغبته ولا يطلعه على باطن الأمور ولا زال يثير الفتن بين أهل السنّة وأهل الشيعة وكان مسكن الشيعة بالكرخ في الجانب الغربي من بغداد وكان الوزير ابن العلقميّ منهم، فسطوا بأهل السنة حتى تجالدوا بالسيوف وقتلو ونهبوا، فاشتكى أهل باب البصرة إلى ركن الدين الدوادار وللأمير أبى بكر ابن الخليفة فأنفذ المستعصم ابنه والدوادار بالجند وأمرهم بنهب بيوتهم بالكرخ وارتكبوا معهم العظائم ولم يراع فيهم ذمة الوزير ابن العلقمى فآسفه ذلك الوزير ونوى الشر وأمر أهل الكرخ بالصبر والكف عن القتال وهذا رأي ابن خلدون و ابن تغري بردي وهو الأمر الذي ذكر في رسالة ابن العلقمي إلى وزير إربل وكان من نصها دون الأبيات "إِنَّه قد نهب الكرخ المكرم، وَقد ديس الْبسَاط النَّبَوِيّ الْمُعظم وَقد نهبت العترة العلوية، واستؤسرت الْعِصَابَة الهاشمية وَقد عزموا على نهب الْحلَّة والنيل بل سَوَّلت لَهُم أنفسهم أمرا فَصَبر جميل؛ فلنأتيهم بِجُنُود لَا قبل لَهُم بهَا ولنخرجهم مِنْهَا أَذِلَّة وهم صاغرون؛ وَكن لما أَقُول بالمرصاد وَتَأَول أول النَّجْم واحرص وَالله أعلم ". فيحين دافع عبد الهادي الطهمازي وهو من مؤرخي الشيعة المعاصرين عن ابن العلقمي واتهم ركن الدين الدويدار بها فقال:" كان الدويدار رجلا طائفيا وصوليا أنانيا لا يبالي بشيء في سبيل الوصول الى أغراضه الشخصية، وكان يحمل عداءا شخصيا للوزير ابن العلقمي، ويسعى بكل جهده لإفشال مشاريع الوزير وتدبيراته، مستغلا تعاطف ابن الخليفة الأكبر معه، وقد تسبب الدويدار في النكبة التي حلَّت ببغداد" وأقتبس من ابن كثير قوله:" أن هولاكو لما كان أول بروزه من همدان متوجها إلى العراق أشار الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي على الخليفة بأن يبعث إليه بهدايا سنية ليكون ذلك مداراة له عما يريده من قصد بلادهم، فخذَّل الخليفة عن ذلك دويداره الصغير أيبك وغيره (من الحاشية)، وقالوا إن الوزير إنما يريد بهذا مصانعة ملك التتار بما يبعثه إليه من الأموال، وأشاروا بأن يبعث (الخليفة) بشيء يسير، فأرسل شيئا من الهدايا فاحتقرها هولاكو خان، وأرسل إلى الخليفة يطلب منه دويداره المذكور، وسليمان شاه، فلم يبعثهما إليه ولا بالا به حتى أزف قدومه، ووصل بغداد بجنوده الكثيرة، ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر" وهو أمر صحيح إلا أن سبب ضعف بغداد الأكبر قلة الجند وقطع أرزاقهم كما ذكرنا قبلا أن الخليفة المستنصر قد استكثر من الجند إلا أن ابن العلقمي الذي صانع التتار في الباطن وكاتبهم وهاديهم وطلب منهم أن يكون نائبهم بالبلاد فوعدوه بذلك، أشار على المستعصم بقطع أكثر أرزاق الجند، وأنّه بمصانعة التتار وإكرامهم يحصل بذلك المقصود ولا حاجة لكثرة الجند ففعل الخليفة ذلك وكان خليا من الرأى والتدبير ! على أن إنكار الحقائق ليس سمة الشيعة المعاصرين فحسب بل سبقهم إلى ذلك شيعة آخرون؛ فابن الطقطقي العلوي أصاحب كتاب الفخري في الآداب السلطانية دافع بحماس عن موقف ابن العلقمي، بل غالى في الثناء على دولة المغول بشكل مثير أبعده عن الإنصاف، ومما قاله في سبيل الدفاع عن موقف ابن العلقمي: "ونسبه الناس إلى أنه خامر، وليس ذلك بصحيح، ومن أقوى الأدلة على عدم مخامرته سلامته في هذه الدولة؛ فإن السلطان هولاكو لما فتح بغداد وقتل الخليفة سلم البلد إلى الوزير وأحسن إليه وحكَّمه، فلو كان قد خامر على الخليفة لما وقع الوثوق إليه"ويظهر للمتأمل أن هذا الدليل من علائم التهمة والمواطأة لا من دلائل البراءة والنزاهة . لذا فان الدافع الحقيقي لخيانة هذا ابن العلقمي هو ما يكنه من عقائد الرافضة، حيث أنهم لا يرون إقامة الجهاد إلا بحضور المهدي إمامهم الثاني عشر العودة كما قال ابن تيمية : "وهؤلاء – يعني الرافضة – من أعظم من أعان التتار على المسلمين باليد واللسان، بالمؤازرة والولاية وغير ذلك؛ لمباينة قولهم لقول المسلمين واليهود والنصارى، ولهذا كان ملك الكفار هولاكو يقرر أصنامهم " ونقل أيضا أن الرافضة – بشكل عام – من أهل الجبل، والجرد، والكسروان، وأهل جزين وما حواليها وسائر أهل هذا المذهب فرحوا بمقدم التتار إلى بلاد المسلمين ؛ و اجتمع إلى هذا تلك الوعود الطيبة التي أغرت ابن العلقمي والوفاق والتعاون مع نظيره في المعتقد الطوسيوالذي أصبح وزيرا لهولاكو.

مصير ابن العلقمي :

[عدل]

لم يتم للوزير ابن العلقمى ما أراد ولم يعتقد أن التتار يبذلون السيف مطلقا في أهل السنة والرافضة معا، وراح مع الطائفتين أيضا أمم لا يحصون كثرة، وذاق ابن العلقمي الهوان والذل من أراذل التتار والمرتدة ابن تغري ، وحكي أنه كان في الديوان جالسا فدخل بعض التتار ممن لا وجاهة له راكبا فرسه، فساق إلى أن وقف بفرسه على بساط الوزير وخاطبه بما أراد، وبال الفرس على البساط وأصاب الرشاش ثياب الوزير وهو صابر لهذا الهوان يظهر قوة النفس وأنه بلغ مراده ، ولم تطل أيامه بعد ذلك حتى صار يركب إكديشا وسائق يضرب فرسه فنادته عجوز وقالت: يا ابن العلقمي هكذا كان بنو العباس يعاملوك ؟ فوقعت كلمتها في قلبه وانقطع في داره حين لا ينفع الندم ، حتى مات كمدا عن ٦٦عاما كما نص الذهبي بعد دخول التتار بغداد بثلاثة أشهر وقد سمع بأذنيه ورأى بعينيه من الإهانة من التتار والمسلمين ما لا يحد ولا يوصف، وتولى بعده ولده الوزارة وكانت مدة وزارته ١٤ عاما . أحسن الذهبي في تعبيره ووصفه حالته حين قال: "وحفر للأمة قليبا فأُوقِع فيه قريبا، وذاق الهوان، وبقي يركب كديشا وحده بعد أن كانت ركبته تضاهي موكب السلطان؛ فمات غبنا وغما، وفي الآخرة أشد خزيا وأشد تنكيل "، وقال ابن الوردي :" أَرَادَ ابْن العلقمي نصْرَة الشِّيعَة فنصر عَلَيْهِم وحاول الدّفع عَنْهُم فَدفع إِلَيْهِم، وسعى وَلَكِن فِي فسادهم، وعاضد وَلَكِن على سبي حريمهم وَأَوْلَادهمْ، وَجَاء بجيوش سلبت عَنهُ النِّعْمَة ونكبت الإِمَام وَالْأمة، وسفكت دِمَاء الشِّيعَة وَالسّنة، وخلدت عَلَيْهِ الْعَار واللعنة " .

المراجع

[عدل]

{{ابن الوردي الكندي، عمر بن مظفر بن عمر بن محمد ابن أبي الفوارس أبو حفص زين الدين ابن الوردي المعري (1417هـ) تاريخ ابن الوردي ، بيروت، دار الكتب العلمية .}} ابن خلدون , ولي الدين الحضرمي الإشبيلي (1408ه) ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر, بيروت: دار الفكر. ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري الدمشقي (1418هـ) البداية والنهاية ، دار هجر،د.م. ابن تغري بردي، جمال الدين يوسف بن تغري بردي بن عبد الله الظاهري الحنفي أبو المحاسن ، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ، مصر، وزارة الثقافة والإرشاد القومي- دار الكتب، د.ت. الصياد، فؤاد عبد المعطي(1980م) المغول في التاريخ ، بيروت ، دار النهضة العربية . الطهمازي، عبد الهادي، مقال الوزير ابن العلقمي والغزو المغولي ، موقع كتابات في الميزان، 18/12/2017م. العودة ، سليمان بن حمد بن عبد الله(1422هـ) كيف دخل التتر بلاد المسلمين، دار طيبة . - موسوعة الفرق ،الباب الثامن، الفصل 22: خيانات الشيعة وأثرها في هزائم أمة الإسلام، الدرر السنية ،إشراف علوي عبدالقادر السقاف.