انتقل إلى المحتوى

مستخدم:جوهرة أحمد/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

عنوان المقال:

من يقف وراء تخلف الدول النامية؟[عدل]

مقدمة:

   كثيرون يتساءلون لم تتواجد دول متقدمة وأخرى متأخرة ؟ ما هو السر في تقدم الولايات المتحدة الأميركية -مثلا- اقتصاديا وتأخر معظم دول العالم العربي ودول أمريكا اللاتينية ؟ ومع كل ما تقدمه الدول المتقدمة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية  من مساعدات مالية ضخمة بهدف دعم الدول الفقيرة ومساعدتها للخروج من دائرة التخلف وتطوير بناها التحتية إلا أنه لا تغيّر يطرأ على اقتصاديات تلك الدول، وتظل تعاني التأخر في الجانب الاقتصادي مما يجعها تابعة  للدول المتقدمة، ويجعل اتخاذ القرار في تلك الدول أمرا شبه مستحيل.. فالقوة الاقتصادية هي الوحيدة التي تمنح السيادة للدول وغيابها يعني بشكل قطعي التبعية بل والعبودية للدول المنتجة.

في هذا المقال ومن خلال مطالعة كتاب الاغتيال الاقتصادي للأمم أو -اعترافات قرصان اقتصادي-  الذي ألفه الخبير الاقتصادي جون بركنز، نحاول الإجابة على الأسئلة التالية:

لم تظل دول العالم الثالث تحت وطأة التخلف والتبعية الاقتصادية رغم ما لديها من موارد طبيعية واقتصادية متنوعة؟

هل للدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية دور في بقاء هذه الدول متخلفة؟

ما هي وسيلة الولايات المتحدة الأمريكية في السيطرة على دول العالم الثالث من خلال اعترافات جون بركنز مؤلف الكتاب الذي بين أيدينا؟

لم تعيش بعض البلدان في غفلة وتسمح لهذه الشركات بالتحكم في قراراتها وأنشطها الاقتصادية...؟؟

كتاب "الاغتيال الاقتصادي للأمم" للكاتب الأمريكي "جون بيركنز" الذي يحوي اعترافاته بكونه قرصانا اقتصاديا عمل، تتراءى لنا إجابات على بعض هذه  الأسئلة التي تؤرق المهتمين بالشأن الاقتصادي للدول النامية منذ أمد بعيد..

معلومات عن كتاب الاغتيال الاقتصادي للأمم:[عدل]

العنوان: "الاغتيال الاقتصادي للأمم" اعترافات قرصان اقتصادي

الكاتب: جون بركنز

سنة الإصدار: 2004

عدد الصفحات: 250

التعريف بجون بركنز:[عدل]

جون بركنز من مواليد 1945 في ولاية نيوهامشاير في الولايات المتحدة الأمريكية، لأبوين متعلمين من طبقة متوسطة وفي ذلك يقول:" كانت عائلتي دائما في احتياج للمال، لكننا لم نكن نرى أنفسنا فقراء.." 1، تدرج في مراحل الدراسة والتحق بكلية إدارة الأعمال في جامعة بوسطن، اشتهر الرجل بعد نشره للكتاب الذي لاقى رواجا منقطع النظير وتُرجم إلى ثلاثين لغة من بينها اللغة العربية.2

   وجد الكاتب بركنز صعوبة بالغة في نشر كتاب ينطوي على هذه المعلومات الخطيرة ..حيث اعترف أنّه تلقى رشاوى وتهديدات جمّة في سبيل ثنيه عن نشر أفكاره واعترافاته، حتى وصل إلى قرار تجاهل كل هذه العقبات وذلك بعد حديث له مع ابنته الوحيدة، وفي ذلك يقول:" ما لذي جعلني أخيرا أتجاهل التهديدات والرشاوى؟ الإجابة المختصرة هي أنّ ابنتي جيسيكا تخرجت من الجامعة  وخرجت إلى العالم وحين سألتها عن رأيها في نشر الكتاب وأطلعتها على مخاوفي قالت لي:" لا تخف، لو أنّهم استطاعوا النيل منك فإنّني سأكمل الطريق من حيث وصلت.."3

من هم القتلة الاقتصاديون؟[عدل]

   يعرفهم الكاتب بقوله:"رجال محترفون يتقاضون أجراً عالياً لخداع دول العالم بابتزاز ترليونات الدولارات. وهم بهذا يحوِّلون الأموالَ من البنك الدولي، ومن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (بالإنجليزية: USAID)، ومن منظمات (مساعداتٍ) أجنبية أخرى، لتصبَّ أخيرًا في خزائن الشركات الضخمة وجيوب قلةٍ من الأسر الغنية التي تتحكم بموارد الأرض الطبيعية. وسبيلهم إلى ذلك تقاريرُ مالية محتالة، وانتخاباتٌ مُزوَّرة، ورشاوى، وابتزاز، وجرائم قتل. إنهم يمارسون لعبةً قديمةً قِدَمَ الإمبراطوريات، ولكنها لعبةٌ اتخذت في هذا الزمن العولمي أبعاداً جديدة رهيبة."4

من خلال هذا التعريف نستخلص الدور الذي لعبه "بركنز" وأمثاله في بسط نفوذ الشركات الأميركية على العالم أجمع. كما نفهم وسيلتهم في ذلك.

وسائل قراصنة الاقتصاد في إخضاع الدول :[عدل]

أ‌-  يلعب قراصنة الاقتصاد دورا يتمحور حول خلق ظروف تؤدي إلى خضوع الدول النامية لهيمنة النخبة الأمريكية التي تدير الحكومة والشركات والبنوك، فالخبير أو "القرصان" يقوم بإعداد الدراسات والتي بناءً عليها توافق المنظمات المالية على تقديم قروض للدول النامية المستهدفة بغرض تطوير البنية الأساسية لها وبناء محطات توليد الكهرباء وبناء الطرق والموانئ والمطارات وتشييد المدن الصناعية، شرط أن تتولى شركات الهندسة والمقاولات الأمريكية تلك المشاريع، مما يعني أن الأموال لن تغادر حسابات الولايات المتحدة الأمريكية، فهي تتحول من حسابات البنوك إلى حسابات الشركات الأمريكية، ويبقى على تلك الدول سداد القرض وفوائده.

ب‌- الوسيلة الأهم التي ذكرها "بركنز" هي نماذج التنبؤ الاقتصادي التي يستعين بها الخبير لدراسة تأثير استثمارات مليارات الدولارات في بلد ما على النمو الاقتصادي المتوقع لسنوات قادمة ولتقويم المشروعات المقترحة، فهي نماذج تعطي أرقاما وتشير إلى أن اقتصاد تلك الدول سيحقق قفزة نوعية ويحقق ناتجا وطنيا كبيرا، ويكشف الطابع المخادع للأرقام الجافة، فنمو الناتج القومي-على سبيل المثال- ما هو إلا استفادة أقلية من المواطنين على حساب الأغلبية، أقلية تدين بالولاء لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية ولو على حساب مصالح وطنها.

ت‌- الدولار كعملة ورقية : يرى "بركنز" صاحب الكتاب أن هذه المنظومة تعتمد في سياستها على كون الدولار يلعب دور العملة القياسية الدولية، فالولايات المتحدة الأمريكية هي التي يحق لها طبع الدولار على مستوى بنكها المركزي، بصفة مطلقة ودون أي غطاء، الأمر الذي يجعلها تقدم القروض للدول مع علمها أن جل تلك الديون لن تتمكن من سدادها.

نموذج حي: الإكوادور

يعترف الخبير الاقتصادي "بركنز" بضلوعه رفقة زملائه في دفع الإكوادور للإفلاس، فخلال عقود ثلاثة ارتفع حد الفقر من 50 % إلى 70%  وازدادت نسبة البطالة من 15%إلى 70% وارتفع الدين العام من 240 مليون دولار إلى 17 مليار دولار، وتخصص الإكوادور اليوم قرابة 50% من ميزانيتها السنوية لسداد الديون الخارجية، ولم من تجد من حل أمامها سوى بيع غاباتها الاستوائية  لشركات البترول الأمريكية حيث يكشف "بركنز" أن الهدف من إغراق الإكوادور في الديون هو الحصول على غاباتها الاستوائية التي اكتشف مؤخرا أنها تسبح على بركة نفط يُعتقد أنها تنافس كميات النفط لدى الشرق الأوسط، واليوم فإنّ لكل مئة دولار للبرميل الواحد من النفط المستخرج من غابات الإكوادور، تحصل شركات البترول الأمريكية على 75 دولار مقابل 25 دولار يقدم لحكومة الإكوادور، حيث تقدم هذه الأخيرة معظم حصتها من عوائد النفط لسداد الديون الخارجية، وعليه فلا يبقى للشعب إلا بقايا فتات لا تُسمن ولا تغني من جوع.

ما حدث مع دولة الإكوادور حدث ويحدث مع غيرها من دول العالم الثالث، حيث ذكر الخبير الاقتصادي في اعترافاته أمثلة كثيرة كدولة بنما، وإندونيسيا والمملكة العربية السعودية وغيرها.. كلها دول تعرضت للقرصنة الاقتصادية من طرف "بركنز" ورفقائه في شركات كشركة   MAIN التي عمِل لديها "بركنز" على مدى عقد من الزمن.

الوسائل القذرة: التصفية الجسدية من طرف رجال المخابرات الأمريكية[عدل]

كل ما سبق ذكره من وسائل للسيطرة على اقتصاديات الدول النامية ماهي إلا أساليب تأخذ طابعا سلميا يبتعد عن القوة أو الهمجية، ولكن السؤال الآن هو:هل تلجأ هذه المنظومة لأسلوب القوة لتحقيق أهدافها حسب ما ورد في اعترافات الخبير الاقتصادي؟ حسب اعترافات "بركنز" في كتابه فإن الولايات المتحدة الامريكية لجأت عدة مرات لأسلوب التصفية الجسدية لبعض رؤساء الدول وزعمائها الذي تعارضت أفكارهم السياسية مع مصالحها الشخصية، ويضرب لذلك مثالا بما حدث لرئيسي دولة بنما والإكوادور، كانت البداية مع "خايمي رولدوس"  رئيس الإكوادور الذي لقي مصرعه في عملية اغتيال مدبرة من طرف مخابرات الولايات المتحدة الامريكية حسب ما قاله صاحب الاعترافات، حيث يقول واصفا  الرئيس "رولدوس": كان "خايمي رولدوس" يتحرك قدما للإمام، ويتعامل مع حملته الواعدة بجدية وأطلق هجماته على شركات البترول بدى أنه يرى بوضوح الأشياء التي فاتت على الكثيرين على جانبي قناة بنما أو اختاروا أن يتجاهلوها عن عمد، فقد فهم أن مجرى الأحداث الحالية يهدد بخضوع العالم للإمبراطورية العالمية، والتي سوف تقصي شعب دولته إلى دور ثانوي للغاية، وتطوقهم بالعبودية.

الرئيس "رولدوس" قام باستصدار قوانين جديدة تحدد العلاقة مع شركات النفط الأمريكية، وهددها أنها في حال لم تقدم المساعدة للشعب الإكوادوري فإنّها قد تُرغم على مغادرة البلاد، مواقفه هذه اضطرت الإدارة الأمريكية على اتخاذ إجراءات تقضي بتصفيته جسديا وذلك بتفجير طائرته في الرابع والعشرين مايو 1981، وفي هذا يقول "بركنز":" ليس لدي أدنى شك في أنّ قتل "رولدوس" لم يكن حادثا، فكل دلائل الحادث تؤكد أنّها عملية اغتيال رَتب لها رجال المخابرات الأمريكية CIA"

المثال الثاني كان لرئيس دولة بنما "عمر توريخوس"،هذا الأخير كان يَعُد رئيس الإكوادور المغتال "شقيقه"، إذ كانت سياسية عمر غير بعيدة عن سياسية "رولدوس"، كان رجلا محبوبا لمواقفه الإنسانية ولوقوفه ضد الولايات المتحدة الأمريكية وإجبارها على التخلي عن قناة بنما وإعادتها لأصحابها، هذه المواقف وغيرها جعلت الرئيس عمر في مرمى أسلحة المخابرات الأمريكية وفي عام1981 وبعد شهرين من اغتيال رئيس الإكوادور تحديدا في 31 يوليو، تم اغتيال "عمر توريخوس" بتفجير طائرته، ويصف القرصان الاقتصادي "بركنز" ما حدث قائلا:" انقلبت أمريكا اللاتينية والعالم رأسا على عقب. كان "توريخوس" شخصا معروفا في العالم أجمع، وكان احترامه نابعا من أنه أرغم الولايات المتحدة الأمريكية على التخلي عن قناة بنما وتركها لأصحابها الحقيقين، وواصل الوقوف ضد "رولاند رجان". كان بطلا في الدفاع عن حقوق الإنسان، ورئيس دولة فتحت ذراعيها للاجئين السياسيين، بمن فيهم شاه إيران، وكان ذا صوت مؤثر في جانب العدالة الاجتماعية، واعتقد الكثيرون أنه سيرشح لجائزة نوبل للسلام. والان ها هو قد مات".

جماعة من البشر يتسلحون بشتى أنواع الأسلحة ويتخذون ما قاله ميكيافيلي من "أن الغاية تبرر الوسيلة" مبدأ لا يحيدون عنه إذا ما تعلق الامر بمصالحهم داخليا وخارجيا. وهذا ما دفع صاحب الكتاب للإدلاء باعترافاته أملا في أن يشرق غد أفضل، يحصل فيه الجميع على فرص متساوية ومعيشة متقاربة، وفي هذا يقول: " لقد كتبت هذا الكتاب علّنا نستفيق ونشرع في تصحيح المسار الذي تتجه إليه الحضارة الإنسانية. فلا شك أنّه حين يدرك أعداد متزايدة منا كيف تستغلنا الآلة الاقتصادية التي تخلق شهوة لا ترتوي لالتهام ثروات العالم، وتنتهي بأنظمة تحتضن العبودية، فإننا لن نتقبلها، بل سنعيد بناء دورنا في هذا العالم الذي تسبح أقليته في الغنى، وتغرق الأغلبية في الفقر والتلوث والعنف، ونكرس أنفسنا للإبحار باتجاه التعاطف الإنساني والديمقراطية وإقرار العدالة الاجتماعية للجميع. ويضيف قائلا:" إنّ الاعتراف بالمشكلة هو أول خطوة في طريق حلها، والاعتراف بالخطيئة هو بداية الخلاص، فليكن هذا الكتاب هو بداية خلاصنا، ليكن نبراسا يلهمنا الإخلاص في العمل، ويدفعنا أن نحقق حلمنا في بناء متوازنة اجتماعيا وجديرة بالاحترام.

هوامش المقال:

1- الاغتيال الاقتصادي للأمم ، اعترافات قرصان اقتصاد، جون بركنز، ترجمة، مصطفى الطناني وعاطف معتمد، دار النشر الهيئة  المصرية العامة للكتب، القاهرة ، 2012.