انتقل إلى المحتوى

مستخدم:رطاس عنتر/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

حسين بن محسن الأنصاري اليماني (( الأنصاري ))[عدل]

   

حسين بن مُحْسِن الأنصاري اليماني[عدل]

١٢٤٥-١٣٢٧هـ[عدل]

العالم العلامة القاضي المحدّث المسند المِفَنّ الأثري، من كبار علماء الحديث في وقته

اليمني المولد نزيل بلاد الهند

نسبه:

هو حسين بن محسن بن محمد بن مهدي بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن أحمد بن عثمان بن محمد بن عُمر بن محمد بن حسين بن أحمد بن حسين بن إبراهيم بن إدريس بن تقي الدين بن سُبيع بن عامر بن عَنْبَسة بن ثعلبة بن عَنْبَسة بن عوف بن مالك بن عمرو بن كعب بن الخزرج بن قيس بن سعد بن عُبادة بن دُليم بن حارثة بن حرام بن حَزِيمة بن ثعلبة بن طَريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأكبر، الخزرجي السعدي الأنصاري[1]، الحُديدي اليماني وطنًا، السُّبْعي بيتًا.

أبو محمد، ويكنى أبا الرجال أيضًا. ترجمته الذاتية[2]:

قال رحمه الله تعالى: ((وُلد الحقير بالحُديدة -بلدة على ساحل البحر، بين جدة وعدن- في شهر جمادى الأولى، لأربع عشرة خلت منه، سنة 1245 ألف ومائتين وخمسة وأربعين، وقرأت القرآن وأنا ابن اثني عشر سنة. وفي السنة الثالثة عشر بعد موت والدي رحمه الله تعالى رحلت إلى قرية المراوعة -بينها وبين الحديدة عشرون ميلًا تقريبًا- لتحصيل علم الحديث والفقه على مذهب الإمام الشافعي، على شيخنا السيد العلامة ذي المنهج الأعدل حسن بن عبد الباري الأهدل الحسيني، وكانت مدة طلبي لعلم الحديث والفقه والنحو قدر ثمان سنين ونصف، ولازمت فيها شيخنا المذكور ملازمة طويلة، وببركة توجهه إليّ ودعائه لي فتح الله عليّ بأن وفقني لتحصيل علم لحديث والفقه والنحو على يده على أكمل الأحوال، مع المباحثة المفيدة، وحل الإشكالات الشديدة. ثم بعد ذلك رجعت إلى وطني الحديدة، وأقمت بها مدة. ورحلت إلى مدينة زَبيد -بلدة مشهورة من أرض اليمن، التي سكنها آخرًا المجد الشيرازي صاحب القاموس- ولازمت فيها السيد العلامة، محدّث زمانه، وفقيه أوانه، مفتي مدينة زبيد كأبيه وجدّه: سليمان بن محمد بن عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل؛ مدة سنين، وكنت أتردد إليه، وقرأت عليه أطرافًا من الأمهات الست وغيرها، وحزب الإمام النووي، وشرحه للعلامة عبد الله بن سليمان الجرهزي، وحزب ابن عربي وغيرهما، وأجازني بخطه إجازة خاصة وعامة. ثم إني كنت أتردد إلى مكة المشرفة كل سنة، ولقيت فيها شيخنا السيد العلامة الحافظ محمد بن ناصر الحسني الحازمي، وكان يحج في كل سنة أيضًا، وكان يقدم مكة من ابتداء شهر رجب، ويقيم بها إلى آخر ذي الحجة، فلازمته كل سنة، وقرأت عليه الصحاح الست، ومسند الإمام الدارمي، ومسلسلات العلامة محمد بن أحمد المعروف بعقيلة المكي. وكلٌّ من مشايخي الثلاثة المذكورون أجازوني إجازة شاملة كاملة، خاصة وعامة، مسطرة موجودة عندي.

وكلهم علماء محدّثون فقهاء نحويون، لكن الشريف محمد بن ناصر الحسني الحازمي أعلمهم في فن الحديث، وكلام العرب وأشعارها وبلاغتها، وكان له في التاريخ اليد الطولى، وحفظا عجيبا، بحيث إنه يملي كلام أئمة السلف والحديث وشروحه عن ظهر قلب، من غير مراجعة كتاب، وإذا راجعت إملاءه عليك وجدته بلفظه لا يخرم منه حرفا، والحاصل أنه نادرة زمانه، ومحدّث أوانه. وأخذت أيضًا على يد شيخنا القاضي العلامة الإمام الرباني أحمد بن محمد بن علي الشوكاني أطرافا من الأمهات الست، وأجازني إجازة كاملة، فإنه رحمه الله وصل من مدينة صنعاء اليمن إلى الحديدة مع الإمام المتوكل محمد بن يحيى، فأقام بها مدة، فلازمته فيها، وأخذت عليه بحيث لم أفارقه إلا وقت النوم، بل كان أكلي وشربي معه رحمه الله تعالى، وهو إمام جليل، له حفظ وقدر جليل، فإن الصحاح الستة ومؤلفات والده وأقوال السلف وأئمة الحديث تجري على لسانه من غير توقف، وله خلق عظيم، ولسان مستقيم، ومرتبة عظيمة عند علماء اليمن، وكافة الرؤساء والأمراء، وهو القائم في صنعاء في عهدة قضاء بعد موت أبيه إلى أن مات رحمه الله.

وأما مدة عمري حال التاريخ فسبعون سنة، وتتم في شهر جمادى الأولى لأربع عشرة منه، وأرجو من الله حسن الختام عند موافاة الحمام، وأن يتجاوز عني ما اكتسبتُه من الآثام. وسكوني الآن في بلدة بوبال من أرض الهند مع أهلي وأولادي وأولاد أولادي، وما أدري ما يكون وراء ذلك. ومذهبي ومذهب آبائي وأجدادي: مذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي، لكن بغير تعصب، بل متى صح الحديث والدليل في مسألة من مسائل الدين كان العمل به، من غير قدح [في][3] أئمة الدين، عليهم رحمة رب العالمين، عملًا بقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: إذا صح الحديث فهو مذهبي.

وأصل وطن أجدادي المدينة المنورة، وخرج والدي وأخوه زين العابدين من بلدهما قرية الرجيع إلى مدينة زبيد من أرض اليمن لطلب العلم، والرجيع قرية غربي مدينة صَبْيا من أرض اليمن، انتقل إليها جدي عمر بن محمد بن حسين من بغداد مع جملة من انتقل منها من السادات وغيرهم، منهم السيد علي بن عمر الأهدل جد السادة الأهدليين، فسكن جدي قرية الرجيع المذكورة، وتوفي بها، وانتشرت ذريته فيها إلى الآن. فأما عمي زين العابدين فتوفي بمدينة زبيد من مرض الجدري. وأما والدي محسن بن محمد فبعد فراغه من تحصيل العلوم العقلية والنقلية من حديث وفقه ونحو وأصول وغيرها على يد المشايخ الأجلاء الأعلام، كالسيد مفتي زبيد وابن مفتيها عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل، والشيخ عبد الله بن عمر الخليل، وغيرهما، رحل إلى مدينة صنعاء، وأخذ على شيخ الإسلام الحافظ الرباني القاضي محمد بن علي الشوكاني، ثم رجع إلى مدينة زبيد، وصار نائبا فيها عند قاضي زبيد، ثم بعد ذلك صار قاضيًا في بلدة اللُّحَيَّة من أرض اليمن مدة ثمان سنين، ثم صار قاضيًا في بلدة الحديدة مدة اثنين وثلاثين سنة، إلى أن مات فيها في شهر محرم الحرام سنة 1259 ألف ومائتين وتسعة وخمسين، رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه جنات تجري من تحتها الأنهار، آمين. هذا خلاصة الكلام في هذا المقام، والحمد لله رب العالمين. حرره الحقير حسين بن محسن بقلمه، صبح يوم الجمعة المبارك، لأربع خلون من شهر ربيع الآخر سنة 1315، ألف وثلاثمائة وخمسة عشر، والحمد لله رب العالمين)). شيوخه:

تقدم في الترجمة الذاتية بعضهم، وهذا مسرد من وقفت عليه منهم:

1) حسن بن عبد الباري الأهدل: لازمه في المرواعة ثمان سنوات ونصف، وأخذ عنه عدة علوم، ومنها النحو، والفقه الشافعي، وأفاد عبد الحي الحسني أنه أتقنه حق الإتقان، وقال أيضا إن المترجم قرأ عليه الكتب الستة في الحديث وذكر أن قراءته كانت ((على الترتيب: أولًا سنن ابن ماجه، ثم النسائي، ثم أبي داود، ثم الترمذي، ثم الجامع الصحيح للبخاري، ومسلم))، وقال المترجم في ثبت أسانيد الستة وغيرها (خ) عن البخاري: ((أخبرني.. شيخي وعمدتي ومرشدي النور الساري السيد حسن بن عبد الباري قراءة وسماعا من أوله إلى آخره مرة بعد مرة، وكرة بعد كرة، قال: أخبرني شيخي السيد الجليل والعالم النبيل شيخ الإسلام ومفتي الأنام وجيه الإسلام عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن مقبول الأهدل رحمه الله تعالى..)) الخ، وأجازه إجازة عامة.

2) سليمان بن محمد بن عبد الرحمن الأهدل: نص المترجم أنه قرأ عليه في الحديث أطراف الكتب الستة وغيرها، وذلك في زبيد، وأنه أجازه عامة، وكذلك نقل عنه صديق خان في أبجد العلوم (3/212 وعنه الدهلوي في فيض الملك 1/405)، وقال عبد الحي الحسني: ولم يزل شيخنا حسين يتردد إليه كل سنة للأخذ عنه، فإذا تأخر استدعاه إليه.

3) محمد بن ناصر الحازمي: نص في ترجمته الذاتية الآنفة أنه قرأ عليه في مكة الأمات الست[4]، ومسند الإمام الدارمي، ومسلسلات ابن عقيلة، ونص في إجازته بالأوائل السنبلية للعطار (من مشيخته ق38) ولنور الحسن بن صديق خان (خ) أنه قرأها على الحازمي، ونص في ثبت كتبه سنة 1280 فيه مرويات ومسلسلات عن شيخه الحازمي (خ) قال: ((وقع لي الاتفاق والصحبة بشيخنا الشريف المحدث الفهامة محمد بن ناصر الحسني الحازمي بمكة المشرفة، في أعوام متعددة، من آخرها هذا العام في شهر ذي القعدة الحرام سنة ثمانين ومائتين [ثم خرم قدر كلمتين، أظن فيه بقية التاريخ]، وكنت قرأت عليه أوليات الشيخ محمد سعيد سنبل المدني من أولها إلى آخرها، وشمائل الإمام أبي عيسى الترمذي من أولها إلى آخرها، ومسند الإمام الدارمي، وبعضًا من الجامع الصغير للإمام السيوطي، وسمعت منه بعض الأحاديث المسلسلة[5] الآتي بيانها، وقد كتب لي الإجازة بخطه الشريف الخاصة والعامة بجميع مروياته ومسموعاته)).

وزاد العطار (ق37) من مقروءاته على الحازمي: شيئا من أول تفسير الإمامين الجلالين، وغيرها))، وساق العطار (ق42 و43) إجازتين من الحازمي للمترجم. 4) أحمد بن محمد الشوكاني: نص المترجم أنه قرأ عليه أطرافًا من الستة، وأجازه عامة.

فهؤلاء الأربعة نص على إجازته لهم. 5) محمد بن محسن الأنصاري: قال صديق حسن خان في أبجد العلوم (3/211 وعنه العظيم آبادي في غاية المقصود 1/68 والدهلوي في فيض الملك 1/404): ((وأخذ أيضا على أخيه وشقيقه الكبير القاضي العلامة محمد بن محسن الأنصاري، فقرأ عليه صحيح البخاري قراءة بحث وتحقيق من أوله إلى آخره، وفي كثير من علوم الحديث والفقه والفرائض وغيرها، والشيخ محمد بن محسن المذكور من الآخذين على شيخه السيد حسن بن عبد الباري)).

ونص شيخنا أحمد بن عبد الله الحازمي في كشف النقاب (229) أنه استجاز من أخيه، وهو ظاهر صنيع المترجم من رواية ما في إتحاف الأكابر من طريق أخيه.  6) محمد بن عثمان المرغني: أخذ عنه بعضًا من النحو في اليمن، وليست له منه إجازة، كما نص العطار في مشيخته (ق37 وعنه الدهلوي في الفيض 1/405).

توليه التدريس والقضاء:

بعد فراغه من القراءة تصدى للتدريس وإفادة الطلبة في بلاده، وأخذ عنه جمع في بلاده، كما في غاية المقصود (1/69). وأما القضاء فقال في نزهة الخواطر (8/123): ((وشيخنا حسين ولي القضاء ببلدة لُحية- بضم اللام- بلدة من بلاد اليمن قريبة من الحديدة مسافة ثلاثة أيام أو أكثر، وتولى بها القضاء نحو أربع سنين، ثم استعفى منها لواقعة وقعت عليه، وهي أن رجلًا من نواب الحديدة ممن بيده الحل والعقد من الأتراك يقال له أحمد باشا طلب من تجار اللُحية مكسًا غير معين على اللؤلؤ الذي يستخرجونه من البحر من غير أن يعلم مقداره وثمنه، وأحضر العلماء على ذلك وأراد منهم الفتوى، فامتنع الشيخ حتى إن الباشا المذكور أحضر المدفع لتخويفه وقال له: إن لم تكتب على هذه الفتوى أرميك بهذا المدفع حتى يصير جسمك أوصالًا. فقال: افعل ما أردت هذا لا يضر قطعًا لا عند الله ولا عند الناس ولا في العرف ولا في الاصطلاح، ولا عندك من مولانا السلطان في ذلك حكم تحتج به علينا، ولو فرضنا أن عندك في ذلك حكمًا فطاعة السلطان إذا أمر بما أمر الله به فأمره مطاع، وإن أمر بخلاف الكتاب والسنة فلا طاعة له علينا، وحاشاه أن يحكم بغير كتاب أو سنة! وهذا الاستعفاء مقدم في خدمتكم من هذا المنصب. فشدد عليه ثلاثة أيام، ومنعه من الأكل والشرب، وأصهره في الشمس ثلاثة أيام حتى تغيرت صورته، وأنكره كل من عرفه، فتحمل هذه المشاق، ولم يرض أن يحكم بخلاف الكتاب والسنة وأقوال الأئمة، وترك وطنه ومسقط رأسه)). رحلاته بين الهند واليمن:

بعد أن ترك القضاء توجه للهند لزيارة أخيه القاضي زين العابدين في بهوبال[6]، يقول الحسني: ((وذلك بعد خمس سنين من الفتنة العظيمة بالهند، فدخل بهوبال في عهد سكندر بيكم، وأقام بها سنتين، ثم رجع إلى وطنه، ثم عاد بعد خمس سنين في عهد شاهجهان بيكم، وأقام ببلدة بهوبال أربع سنوات، ثم رجع إلى وطنه، ثم عاد إلى الهند بعد خمس سنين، وتوطن ببلدة بهوبال))، فكانت مستقره إلى وفاته، وتخلل ذلك بعض رحلات إلى دهلي وغيرها من بلاد الهند واليمن، وكان في بهوبال شيخ الحديث ومدرسًا في مدرسة الرئاسة.

ولست أجد وصفا أعلى من قول مجيزنا الشيخ أبي الحسن الندوي رحمه الله حيث قال (في شخصيات وكتب 77): ((وكانت إقامة الشيخ حسين بن محسن في بوفال قد جعلتها مدرسة للحديث تضاهي شيراز واليمن، وظل ((موتى مسجد)) ببوفال مثل الأزهر الشريف، يدوي صوت: ((قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)) أكثر من ثلاثين سنة، وانتشر عبيره في أنحاء الهند المختلفة))[7].

قلت: وخلال رحلاته لليمن كان يجلب معه نفائس المخطوطات للهند، ونَشَر تراث وكتب عدد من العلماء في طرفي رحلته، فقال صديق خان في أبجد العلوم ( 3 / 213 ): جاءنا بمؤلفات علماء اليمن الميمون، وأمطر علينا نفائس الكتب كالغيث الهتون، كم قد ذهب في طلب كتب الحديث لنا إلى أرض الحجاز وغيرها، ورجع من هناك برسائل نفيسة، ومجاميع عزيزة، وكتب الشروح والمتون، ودواوين العلوم على الحقيقة دون المجاز، أحسن الله إليه كما أحسن إليّ وتفضل عليّ، وقد بذلنا في تحصيل هذه الكتب وتلك الصحف مالًا جمّا، وجمعناها على يده من بلاد شتى، نحو: صنعاء، وزَبيد، وأبي عَريش، واليمن، والحُديدة، والبصرة، ومصر، والحرمين الشريفين، وهو -عافاه الله تعالى- صرف همته العليا في إشاعة مؤلفاتنا أيضا، حتى بلغ بها إلى أقصى اليمن، وأبلغها إلى الأماكن البعيدة، سوى ما سارت بها الركبان إلى بلاد الله تعالى من هذه البلدة، ومن مكة المشرفة، ولله الحمد كل الحمد والمنة.  وقال الوشلي في نشر الثناء الحسن (3/180): إنه كان واسطة بين صديق خان وبين أهل اليمن من العلماء الأعلام بالمكاتبة، وصار إرسال الكتب التي ألّفها النواب إليهم على يديه، كتفسيره المفيد الذي تبع فيه الإمام الشوكاني في تفسيره فتح القدير بالرواية والدراية، وسماه فتح البيان، وغير ذلك من مؤلفاته، وكان صاحب الترجمة يجلب للنواب الكتب النفيسة من اليمن، يشتريها له بأغلى ثمن، وما زال يتردد من اليمن إلى الهند حتى توفاه الله. العلاقة بين المترجم ونذير حسين:

كان هذان الإمامان المحدثان الأثريان على صلة قوية، وجهودهما متفقة في نشر السنة، بل كان كل منهما يشيد بالآخر ويحول إليه طلبته، كما قال لنا شيخنا العلامة محمد إسرائيل السلفي، وقال: كان من المعتاد أن الذي يدرس ويتخرج عند نذير حسين في دهلي يتوجه إلى حسين بن محسن في بهوبال، والعكس، وهو ظاهر في التراجم.

وقال عبد الحي الحسني في ترجمة نذير حسين (8/525): ((كان شيخنا حسين بن محسن الأنصاري اليماني يحبه حبًا مفرطًا ويثني عليه، وقد كتب في جواب عن سؤال ورد عليه في حق السيد نذير حسين المترجم له: إن الذي أعلمه وأعتقده وأتحققه في مولانا السيد الإمام والفرد الهمام نذير حسين الدهلوي: أنه فرد زمانه، ومسند وقته وأوانه، ومن أجل علماء العصر، بل لا ثاني له في إقليم الهند في علمه وحلمه وتقواه، وأنه من الهادين والمرشدين إلى العمل بالكتاب والسنة والمعلمين لهما، بل أجلُّ علماء هذا العصر المحققين في أرض الهند أكثرهم من تلامذته، وعقيدته موافقة لعقيدة السلف الموافقة للكتاب والسنة[8]، وفي رؤية الشمس ما يغنيك عن زحل.

فدع عنك قول الحاسد العذول، والأشر المخذول، فإن وبال حسده راجع إليه وآيل عليه: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله} فمن نال من هذا الإمام الهادي إلى سنة خير الأنام فقد باء بالخسران المبين، وما أحسن ما قال القائل:

ألا قُـلْ لـمـن كـان لـي حـاسـدًا        أتـدري عـلـى مـن أسـأتَ  الأدبْ؟

أسـأتَ عـلـى الله فـي مُـلـكــه        لأنـك لـم تـرضَ لـي مـا وهــبْ

اللهم زد هذا الإمام شرفًا ومجدًا، واخذل شانئه ومعاديه، ولا تبق منهم أحدًا، هذا ما أعلمه وأتحققه في مولانا السيد نذير حسين أبقاه الله، والله يتولى السرائر. انتهى ما كتب شيخنا حسين بن محسن المذكور)). آخر أيامه، ووفاته: بعد وفاة تلميذه صديق حسن خان انقطعت جرايته للمترجم، وضاقت أحواله، ولا سيما أنه كان يصرف على أخواته في بلاده، وأصابه المرض، مع كبر سنه[9]. وقال عبد الحي الحسني في النزهة (8/125): ((وقد كان كثير التردد إلى بلدة لكهنو في آخر عمره، وكان ينزل عندي، ويحبني كحب الآباء للأبناء، وقد دخل لكهنو قبل موته بنحو أربعة أشهر، وأقام بها نحو شهر أو أقل، ثم رحل عنها إلى حبيب كنج قرية من أعمال عليكره، بعد طلب مولانا حبيب الرحمن بن محمد تقي الشرواني، فأقام عنده نحو أربعة أشهر، وفي آخر جمادى الأولى قوض خيام الارتحال منها إلى مدينة بهوبال فلم يمكث بها إلا نحو خمسة عشر يومًا، ثم انتقل إلى رحمة الله سبحانه، وقبل وفاته بنحو عشر ساعات خرج من البيت -وكان يوم الثلاثاء عاشر جمادى الآخرة- على أحسن حالة لملاقاة أحبابه، وطلب منهم الدعاء لحسن الختام عن حلول الحمام، ثم دار على بيوت أولاده كالمودع لهم، وكان ذلك بعد صلاة الظهر إلى بعد صلاة العصر في اليوم المذكور، وبعد أن صلى العصر ورجع إلى بيت ولده عبد الله بن حسين عرضت له مذاكرة معه في أن خديجة رضي الله عنها كان لها ولد في الجاهلية يسمى بعبد العزى أم لا، فأمر ولده المذكور بإحضار بعض الكتب التي كان يتخيل حل تلك المسألة منها فأحضرها، وأملى عليه ما شاء الله أن يملي منها، فقارب ذلك غروب الشمس، فنهض عبد الله للوضوء فتوضأ ورجع، وكان شيخنا متكئًا على وسادة له، وإذا برأسه قد خفق، وعلى تلك الوسادة قد أطرق، فاستلقى على ظهره ممدودة يديه ورجليه مغمضة بلا تغميض عينيه، وإن جبينه ليتفصد من العرق، فظنه عبد الله نائمًا، فحرّكه وإذا بروحه قد فارقت جسده، وكانت تلك الليلة ليلة الأربعاء، وفي صبيحتها، لعله قبيل الضحى، خرجوا بنعشه وأودعوه في رمسه، وكان ذلك في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وألف، رحمه الله ونفعنا ببركاته)).ومصدره كلام محمد ابن المترجم في مقدمة الفتاوى (1/14-15) بتلخيص وتصرف، وزاد: أن الكتاب الذي كان يراجعه هو فتح الباري، وأن الذي صلى عليه ابنه عبد الله. وأرّخ لوفاته الشيخ المفتي يحيى بن القاضي محمد أيوب بلفظة (غفورا). ورثاه ابنه محمد بقصيدة مطلعها:

أحـقًّـا جـرى مـا يُـسْـبِـلُ الـعـبـراتِ        ويُـذري دمـاء الـعـيـن لا الـدمـعــاتِ

مؤلفاته: قال في نزهة الخواطر: ((وشيخنا حسين لم يكن له كثرة اشتغال بتأليف، ولو أراد ذلك لكان له في الحديث ما لا يقدر عليه غيره، وله رسائل حافلة ومباحث مطولة هي مجموعة في مجلد، وقد فاته كثير وذهب، ولكنه لم يحرص على جمع ذلك، وله تعليقات على سنن أبي داود[10])). وقال العظيم آبادي في غاية المقصود (1/69): له تعليقات شتى، وكلها مفيدة نافعة، مملوءة من مباحث علم الحديث. وقال الفريوائي في جهود مخلصة (101): وله رسائل وبحوث قيمة في علم السنة. ومن كتبه: التحفة المرضية في حل بعض المشكلات الحديثية، والبيان المكمل في تحقيق الشاذ والمعلل، والقول الحسن المتيمن في ندب المصافحة باليد اليمنى وأن الذي أظهرها أهل اليمن، وكلها طبعت أكثر من مرة، وفتاوى في جزأين اسمها نور العين, طُبع الأول منهما قديمًا، وأخبرني الشيخ أصغر علي بن إمام مهدي السلفي وغيره في الهند أن هناك المجموعة الأخرى ما تزال موجودة عند حفيد حفيده. وله تعليقات على عدد من كتب الحديث (كما في غاية المقصود 1/69)، ومنها على سنن النسائي، وقد ضمّنها الفوجياني في حاشيته عليه، وهي مطبوعة. وله رسالة في تحقيق حديث: لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، كما في غاية المقصود. وذكر العظيم آبادي أيضًا في عون المعبود (11/314 العلمية): أن شيخه ألّف رسالة سماها: الفتح الرباني في الرد على القادياني. وقال عبيد الله الرحماني في المرعاة (5/108) ضمن كلامه على رسالة السهسواني في الزمن الأضحية: قد رد عليه شيخ مشايخنا الشيخ الإمام الرحلة حسين بن محسن الأنصاري رادًا مشبعًا في رسالة مستقلة سماها: إقامة الحجة في الرد على من ادعى جواز التضحية إلى آخر ذي الحجة، وهي ملحقة بفتاواه المطبوعة، فعليك أن تطالعها. وأما في الرواية فله إجازات كثيرة وقفت على بعضها، ورأيت له ثبتًا فيه مرويات ومسلسلات عن شيخه الحازمي، كتبه سنة 1280، وثبتًا بأسانيد الستة وغيرها عن شيخه حسن بن عبد الباري الأهدل، كتبه سنة 1278، ثم ذيّل عليه ناسخه صديق حسن خان بأسانيد للمترجم وأخيه لكتب أخرى، وأشياء، وأسماه بثبت الشيخ حسين عن شيخه حسن الأهدل. من ثناء العلماء عليه: قال تلميذه صديق حسن خان -وتوفي قبله بعشرين سنة- في أبجد العلوم (3/212-213): كم له من تلامذة في بلدتنا بهوبال المحمية، وهو الغنيمة الكبرى للطالبين، والنعمة العظمى للراحلين.. له علم نافع، وعمل صالح، وفكرة صحيحة، وهمة في إشاعة علم الحديث رفيعة، ولقاء مبارك. وقال في الحطة (260): شيخي وثقتي، بقية السلف الصلحاء، تذكار العرب العرباء، سبّاق الغايات، صاحب الآيات، عمدة الخِيَرة، زبدة المَهَرة، نخبة البررة، ناصر السنة، ماحي البدعة، حاوي الكمالات الوافرة، مستجمع العلوم والمبرات النافعة في الأولى والآخرة، العارف الذكي، عارضة الأحوذي، أعز الأحبة في الله، وأحب الأعزة في ذات الله، عين الإنسان، وإنسان العين. وقال في ذيل ثبت مرويات المترجم عن شيخه حسن بن عبد الباري الأهدل (خ): شيخي الصالح الثقة الأمين. وقال الشيخ محمد ابن المترجم (في مقدمة فتاوى أبيه 1/8): شيخ الشيوخ، وإمام الناسخ والمنسوخ، خاتمة الحفاظ، فارس المعاني والألفاظ. وقال في رسالة رثائه (من المقدمة المذكورة 1/13): خاتمة الحفاظ، فارس المعاني والألفاظ، ملحق الأحفاد بالأجداد، نقّادة العصر، ومحدث الدّهر. وقال العظيم آبادي في غاية المقصود (1/68): شيخنا العلامة البدر المنير، الفهامة العمدة النحرير، ذو المناقب الجليلة، والمحامد الشريفة، المدقق الكامل، والبحر الذي له في سعة النظر من ساحل، جمال العلماء الصالحين، شيخ الإسلام والمسلمين، البارع المحدّث المتقن، والمفسر المتبحر الفطن. وقال (1/69): وجدته جامعًا بين العلم والعمل، شيخا عزيز الوجود، عظيم الشأن، رفيع القدر، بحرًا زخارًا لا ساحل له، محدّثا محققًا، موضحًا لمعاني كتاب الله، سلطان أهل الحديث، مطلعًا على علل الأحاديث والرجال، ماهرًا في علم أصول الحديث واللغة. وقال في ثبته الوجازة (39): الإمام العلامة المحقق، شيخنا وبركتنا، المحدّث القاضي، حسين بن محسن الأنصاري اليماني، إمام عصره بلا نزاع. وقال أحمد بن إبراهيم بن عيسى النجدي في إجازته لعبد الجبار الغزنوي (ضمن إجازة الغزنوي لمنهاج الدين -خ): الشيخ البارع الورع المحدّث. وقال في إجازته للنعمان الألوسي (ضمن ثبت النعمان -خ): الشيخ الإمام، الحبر الهمام.وقال أبو الخير العطار في مشيخته (ق35): ومنهم، بل من أجلّهم وأكملهم، وأعلمهم وأفضلهم، الذي هو في علم الحديث طويل الباع، وفي فنونه واسع الاطلاع، شيخنا المحقق المسند المحدّث على الإطلاق، الحافظ الحجة خاتمة المحدّثين بالاتفاق، شرف الإسلام.. شيخنا الذي أكثر ما انتفعت به، وتخرجت عليه، كان جل فتوحي في علم الحديث على يديه. وقال عبد الحي الحسني في نزهة الخواطر (8/121) الشيخ الإمام العلامة المحدث القاضي. وقال (8/124): طار صيته في جميع الأقطار الهندية، وأقر له بالتفرد في علم الحديث وأنواعه كل أحد من كبار العلماء، وإني رأيتهم يتواضعون له ويخضعون لعلمه، ويستفيدون منه، ويعترفون بارتفاع درجته عليهم. وقال يحيى بن محمد الحازمي في سنده للبخاري (كما في المحاسن المجتمعة 593): شيخنا العالم العلامة النبيل، المحدّث القاضي. ووصفه أبو بكر خوقير في ثبته (18) بالمحدّث الشهير.وقال سعد بن عتيق النجدي في إجازته للعنقري (75 بتحقيقي): الشيخ الفاضل البدر الساري. ووصفه (94) بالمحدّث. وقال سليمان بن سحمان في قصيدة لإسحاق آل الشيخ (ديوانه ص269 ط.الهند):

إلـيـك وحـبـرٍ فـي الـحـديــث مـحـقــقٍ        حـسـيـنٌ إلـى الأنـصـار  مـتـصـلُ  الـجَــدِّ

تـفـرَّد فــي عـلــم الـحـديــثِ وإنـمــا        إلـى مـثـلـه تُـزجـى الـمُـطِـيُّ مـن الـبُـعْـدِ

وقال عبد الرحمن المباركفوري في مقدمة تحفة الأحوذي (1/53): وممن سعى في نشر علوم الحديث في الهند، واجتهد في إشاعة السنن النبوية وإحيائها، وبذل مجهوده لإعلاء الصراط المستقيم، وأفرغ جهده لإماتة المحدثات والمنكرات: شيخنا المحدّث المفسّر الفقيه، آية الله في الأرض، الشيخ حسين بن محسن الأنصاري الخزرجي السَّعدي اليماني. وقال في إجازته للمولوي محمد عبد الله (خ): سند المحدثين العلامة القاضي الشيخ.ووصفه بالمحدّث الأجل في إجازته لرقية بنت خليل بن محمد بن المترجم (خ، استفدتها من كتاب الشيخ عبد الله الشهراني عن المباركفوري ص437). وقال الوشلي في نشر الثناء الحسن (3/180): كان عالمًا فاضلا تولى القضاء ببندر اللُّحَيّة. ووصفه رحمة الله بن أحمد الله الرانديري الحنفي في إجازته لعبد الهادي المدراسي (كما في هادي المسترشدين ص238): شيخي وسندي العلامة الشيخ حسين محسن الأنصاري. وقال حسن بن علي النعماني الكنكوهي في ثبته ((الدر الفريد في معرفة الأسانيد)) الذي أجاز به عبد الهادي المدراسي (كما في هادي المسترشدين ص248): المحدث المتقن المتفنن. وقال عبد الستار الدهلوي في فيض الملك (1/403): العالم الفاضل، الذي له في العلم الباع الطويل، وفي فنون الحديث مفرد الوقت.. الغنيمة الكبرى للطالبين، والنعمة العظمى للراحلين، الشيخ العلامة، العمدة الفهامة. وقال يوسف حسين الخانفوري في ثبته الجوائز والصلات (ق7): ومن أجلة شيوخي الإمام العلامة المحقق، شيخنا وبركتنا، المحدّث القاضي حسين بن محسن الأنصاري اليماني، حافظ عصره بالإجماع، وحجة وقته بلا نزاع. وقال (ق51): زين الفرقدين، الشيخ العلامة، الحافظ الضابط. وقال (ق55): المحدّث العلامة الحافظ.وقال أحمد الله الدهلوي (في إجازته للقرعاوي خ، وكما في سند الرواية لتلميذه أبي سعيد محمد عبد الله اللكنوي ص66 مع النجم البادي): أجازني شيخنا الأكرم مسند المحدثين رئيس المحققين. وقال حفيد المترجم خليل بن محمد بن حسين الأنصاري (فيما كتبه أول فتاوى جده): الفاضل الكامل، وحيد دهره، وحافظ عصره. وقال أبو سعيد شرف الدين في إجازته لبديع الدين الراشدي السندي (خ): شيخ العرب الشيخ القاضي العلامة. ووصفه عبد الحي الكتاني في فهرس الفهارس (1/86): بشيخ محدثي العصر. وفي (2/1086): بالعلامة المحدّث. ووصفه أبو سعيد اللكنوي (في سند الرواية ضمن النجم البادي ص72): بالشيخ العلامة المحدّث. وقال عبيد الله الرحماني في إجازته ليحيى عثمان المدرس (ص80 مع النجم البادي): سند المحدثين العلامة. وقال في مرعاة المفاتيح (3/207): شيخ مشايخنا خاتمة الحفاظ. وقال (5/108): شيخ مشايخنا الشيخ الإمام الرحلة. وقال شيخي بالإجازة أبو الحسن الندوي في شخصيات وكتب (76): كان إماما في فن الحديث، ومثالا رائعا للمحدّثين القدامى، الذين تتحدث كتب السير والتراجم عن حفظهم وسعة اطلاعهم مما يبعث على العجب، وانتهت إليه رئاسة تدريس الحديث في الهند، قال أستاذي حيدر حسن خان، أستاذ الحديث بدار العلوم ندوة العلماء: إنه كان يكاد يحفظ 13 مجلدًا لفتح الباري شرح البخاري! ووصفه في تقديمه لكتاب ترجمة حيدر حسن خان الطونكي (14): بشيخ الإسلام العلامة.ووصفه في بعض إجازاته (انظر ترجمة حيدر الطونكي 150): بالعلامة، رأس المحدثين، وعمدة المحدثين، وخاتم المحدثين، شيخ الإسلام. من الآخذين عنه: أخذ عنه عدد غفير، فقال صديق خان قبل وفاة المترجم بنحو ثلاثين سنة: كم له من تلامذة في بلدتنا بهوبال المحمية. وقال المباركفوري: انتشر صيته في بلاد الهند، وطار ذكره في أقطارها، ورحل إليه طلبة الحديث من كل ناحية، وتلمذ له جماعة من العلماء المشهورين بالفضل والكمال ممن لا يمكن حصرهم. وقال أبو الحسن الندوي: كان يفتخر كبار الأساتذة وجهابذة فن الحديث أصحاب المؤلفات القيمة -الذين تلاميذه يعدون بالمئات- بالانتساب إلى زمرة تلاميذه. فمنهم: أخوه زين العابدين، ومحمد بن حسين ابنه، وحفيده خليل بن محمد. ومنهم: إبراهيم بن عبد العلي الآروي، وأحمد بن إبراهيم بن عيسى النجدي، وأحمد الله البرتابكرهي الدهلوي (قرأ عليه الصحيحين والترمذي والنسائي)، وأحمد أبو الخير العطار (ذكر في مشيخته أنه لازمه كأبنائه في بيته خمس سنوات، ثم مرات متقطعة، وقرأ عليه بعض مؤلفاته، وأكثر المسلسلات، وجميع سنن النسائي، وسنن ابن ماجه، ومسند الدارمي، والشمائل، والأوائل السنبلية، وطرفا من الجلالين، وجزأين من البخاري، ونصف مسلم، وجميع سنن أبي داود قراءة وسماعا، وأثبات: الوجيه الأهدل، والشوكاني، والبصري، والأمير، وفتاوى ابن تيمية، ومن رسائل محمد حياة السندي، والباعث الحثيث على معرفة علوم الحديث لابن كثير، وغيرها)، وإسحاق بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب النجدي (قرأ عليه في الأصول والفروع، وسمع منه الأولية، وأجازه[11])، وإسماعيل الرانديري، وإسماعيل بن منهاج الدين، وإعجاز أحمد السهسواني، وتلطف حسين الدهلوي، وحبيب الله الشرواني (قرأ عليه الستة قراءة تحقيق، وأجازه)، وحسين بن حيدر الهاشمي، وحيدر حسن الطونكي، وذو الفقار أحمد المالوي، ورحمة الله السورتي، وسعد بن حمد بن عتيق، وسلامة الله الجيراجفوري، وشمس الحق العظيم آبادي (سمع منه الأولية، وقرأ عليه قطعا من الستة والدارمي والدارقطني، والسنبلية، وغيرها)، وصديق حسن خان (قرأ عليه البخاري وأبا داود والموطأ والشمائل وبلوغ المرام كاملات ومسلسلات الحازمي والسنبلية، وكتب له إجازة مطولة رأيت صورتها، وساقها في الحطة 260)، وعبد التواب بن عبد الوهاب الإسكندر آبادي، وعبد الحليم الويلوري، وعبد الحي بن عبد الكبير الكتاني (مكاتبة)، وعبد الحي بن فخر الدين الحسني (قرأ عليه الأوائل السنبلية، والحصن الحصين، والصحيحين، والترمذي، وأبا داود، كلها كاملات، وجملة صالحة من بلوغ المرام، وسمع عليه: النسائي، وابن ماجه، والدارمي، والموطأ، والمشكاة، وغيرها، وسمعت منه كثيرًا من المسلسلات)، وعبد الرحمن الأمروهي، وعبد الرحمن المباركفوري (قرأ عليه أطراف: الستة، والموطأ، والدارمي، ومسند الشافعي، ومسند أحمد، والأدب المفرد، ومعجم الطبراني الصغير، والدارقطني، وسمع السنبلية، وأجازه)، وعبد الرحمن الولايتي الدهلوي، وعبد السلام المباركفوري (وأجازه)، وعبد العزيز الرحيم آبادي، وعبد العلي بن عبد الحي الحسني (قرأ عليه السنبلية وأجازه)، وعبد الكبير الكتاني (مكاتبة)، وعبد الكريم الشيخلي البغدادي الملقب بالصاعقة، وعبد الله الروبري، عبد الله الغازيبوري، وعبد الله الطونكي، وعبد الوهاب بن منهاج الدين، وعبيد الله الأتاوي الدهلوي، وعلي بن النعمان الألوسي، وفضل حق الرامبوري، وفقير الله الكثهوي، ومحمد بشير السهسواني، ومحمد بن جمال الدين الفوجياني، ومحمد حسن الطونكي، ومحمد طيب المكي الرامفوري، ومحمد بن عبد الصمد الغزنوي (وقرأ عليه أطراف السبعة، وأجازه في 17 شوال 1322)، ومحمد بن عبد الكبير الكتاني، ومحمد عرفان الطونكي، ومحمد بن نور الدين الهزاروي، ومحمد بن هاشم السورتي، ومحمود حسن خان الطونكي (ذكر أنه قرأ الستة عليه)، ومحمود بن محمد السورتي، ومنهاج الدين بن سراج الدين البنجابي (وعندي صورة إجازته له ولولديه)، ونعمان الألوسي (أجازه مكاتبة)، ونور أحمد الديانوي، ونور الحسن بن صديق حسن خان (وأجازه إجازة مطولة)، وهبة الله بن محمود المهدي الملاني، وهداية الله بن عبد الله الحنبلي الفارسي السوري (أجازه)، ووحيد الزمان الحيدر أبادي (وأجازه)، ويحيى بن محمد الحازمي، ويوسف حسين الخانفوري (أجازه، وقرأ عليه بعض البخاري)، ويوسف بن علي اللكنوي (قرأ عليه السنبلية) وأبو بكر خوقير (سمع منه الأولية، وقرأ عليه السنبلية، وأجازه في بهوبال سنة 1312)، وأبو سعيد شرف الدين[12]، ولحاظ النساء السهسوانية (ولها منه إجازة). ونقل العطار في مشيخته (ق43) من خط المترجم إجازته لشمس الحق العظيم آبادي، ونصه: ((أجزته وأولاده وإخوانه وذويه ومن سيولد له[13]، وكل من أدرك حياتي إجازة عامة شاملة في جميع العلوم منطوقها ومفهومها)). وهي مؤرخة يوم الجمعة عاشر شعبان سنة 1314. ونقل الإجازة بكمالها أبو بكر خوقير في ثبت الأثبات الشهيرة (40-41). من مصادر ترجمته: أبجد العلوم (3/211)، ومقدمة فتاوى المترجم (1/8)، وغاية المقصود (1/68)، ومشيخة أبي الخير العطار (ق35)، ونزهة الخواطر (8/121)، ومقدمة تحفة الأحوذي (1/53)، وفيض الملك الوهاب المتعالي (1/403)، ونشر الثناء الحسن (3/180)، والأعلام (2/253)، ومعجم المؤلفين (4/43)، والتعليقات السلفية على النسائي (1/27)، وشخصيات وكتب للندوي (75-77 و241)، وهجر العلم ومعاقله (4/1933)، وكشف النقاب عن نبذة حجاب (229)، وجهود مخلصة (100)، وحياة المحدّث شمس الحق وأعماله (271)، ولآلئ الدرر في تراجم رجال القرن الثالث عشر (120).


ـــــــــــــــــــــــــــــ

[1] نقله تلميذه أبو الخير العطار في مشيخته (ق35)، وقال: ((هكذا كتب لي شيخنا نسبه الشريف بخطه المبارك، وناولني، وقرأته عليه، وضبطت مشكله)). ولهذا قدّمتُه على غيره، وهكذا نقل صديق خان في أبجد العلوم (3/211) -وهو أقدم أخذًا من العطار- والدهلوي في فيض الملك الوهاب المتعالي (1/403) -وهو ناقل عن العطار وصديق خان-، وأما في مطبوعتي غاية المقصود (1/68) ونزهة الخواطر (8/121) فسقطت بعض الأسماء، وتصحفت أخرى.

[2] قال العطار (ق35): ((طلبت منه حفظه الله ترجمته لكي أثبتها في معجم الشيوخ، فكتب لي بخطه الشريف، وناولنيها صبيحة يوم الجمعة في شهر ربيع الآخر سنة 1315، وقرأتها عليه في ساعته، ما لفظها.. )) وساقها بكمالها كما نقلتُها عنه هنا، وقال عقبها: ((انتهى ما كتبه لي شيخنا ودفعه إليّ، جزاه الله خيرًا)). ونقل الشيخ محمد ابن المترجم أخبارًا مهمة عن أبيه وأسرته في مقدمة فتاوى المترجم (1/8 وبعدها).

[3] في الأصل: ((من))، ولعل الصواب ما أثبته.

[4] بل قال صديق خان في أبجد العلوم (3/211 وعنه الدهلوي في فيض الملك 1/404): ((قرأ عليه الأمهات الست قراءة بحث وتحقيق)). وكذلك قال العظيم آبادي في غاية المقصود (1/68)، وأما في نزهة الخواطر فقد انقلب عنده النقل سهوًا، فجعل قراءة المترجم على الحازمي قراءة أطراف، وقراءته على سليمان الأهدل للستة بالإطلاق، والعكس هو الصحيح.

وكذا قال إن أول ما قرأه المترجم على الحازمي: مسند الدارمي، برفقة المفتي أيوب بن قمر الدين الفلتي. ولعله قصد إنه أول كتاب في الرحلة التي قرئ فيها، لأن المترجم نص أنه في مقروءات لقاء سنة 1280، وأن هناك لقاءات قبله.

[5] هي مسلسلات الحازمي التي ذكرها المترجم في بعض إجازاته، وليست مسلسلات ابن عقيلة، فإن أكثر التي ساقها في الجزء من غير طريقه.

[6] وقد فصّل محمد ابن المترجم في مقدمة فتاويه قصة علاقة أسرته مع مملكة بهوبال، خلاصتها أن المحسنة المشهورة النواب سكندر بيغم ملكة بهوبال نزلت في الحديدة في طريقها للحج، واتفق أن نزلت في مكان قريب من بيت القاضي محمد بن محسن، وكان وزيرها الفاضل المنشي جمال الدين مدة إقامتهم ملازمًا لمجلسه العلمي الذي يحضره إخوانه والعلماء، ومن جملتهم المترجم، فيتذاكرون، ولا سيما في علمَي التفسير والحديث، فلما أرادت المذكورة الارتحال لمكة طلبت من القاضي محمد أن يصحبها للحج أو أحد إخوانه، فاعتذر بالقضاء، واستأذن من والدته لأخيه زين العابدين، فرافقها، ورأت من علمه وزهده وورعه، ولما رجعوا بذلت جهدها لإرضاء أمه لتأخذه إلى بلادها، فأذنت، وأكرمته هناك، وولّته نيابة القضاء وهو في الثانية والعشرين من عمره، وبعد سنة توفي قاضي رئاستها شريف حسين فولته محله، وصار من أهل المكانة والجاه والغنى.

وبعد أربع سنين اشتاقت له أمه، فأرسلت أخاه حسين المترجم ليحضره، وهناك التقى بالملكة، وأكرمته، وفوّضت إليه دار الحديث، وأمرته بالإقراء فيه، فاستفاد منه جمع. وبعد سنة أو سنتين استأذنها في الرجوع مع أخيه القاضي، فأذنت للمترجم وحده دون أخيه، فرجع لبلاده معززا مكرما، وبعد نحو سنتين توفيت أمه، فكتب لأخيه القاضي زين العابدين، وأجابه أخوه بأن النواب سكندر توفيت كذلك، وتولت بنتها شاهجهان. ثم وصل الحديدة صديق خان إلى الحج سنة 1285 ومعه صدقات الملكة، ونزل عند المترجم، وأقام في الحديدة أربعين يوما، وسافرا معًا للحرمين، ثم رجع صديق إلى بهوبال، وتزوج الملكة شاهجهان المذكورة، وحسنت سيرتها، ثم أرسل القاضي زين الدين لأخيه المترجم بأن يرسل أحد أبنائه، فأرسل ولده محمدًا إلى بهوبال، وبعد وقت قصير طلبت الملكة المترجم إلى الهند، وأن يستوطنها بأهله، وكتب إليه أخوه القاضي زين الدين بذلك، فجاءها واستوطنها، متصديا للإقراء والتدريس، ورجع بعد استقرارها لليمن نحو ثلاث مرات لحاجات قضاها. انتهى ملخصًا. [7] وقال في تقديمه لكتاب صديق حسن خان من تأليف محمد اجتباء الندوي: ومن مآثره وحسناته [يعني صديق خان] أنه كان السبب في انتقال العلامة الشيخ حسين بن محسن الأنصاري اليماني الانتقال الأخير الدائم، وإقامته في بهوفال، وهو الذي انتهت إليه رئاسة تدريس الحديث الشريف، وانتشرت إجازته في الهند في أوائل القرن الرابع عشر الهجري، وتخرج عليه أئمة تدريس الحديث وكبار أساتذته في شبه القارة الهندية، وبوجود العلامة الأمير على منصة الرئاسة والإمارة، وطلوع السهيل اليماني في جواره وحماه: أصبحت بهوفال محط رحال العلماء، ومنتجع رواد الحديث، وكانت لعلم الحديث نهضة وانتفاضة لا نظير لها حتى في البلاد العربية، وفي مراكز هذا العلم القديمة، ونشطت حركة التأليف والتدريس والشرح في طول الهند وعرضها، وكان للسنة وحَمَلتها والدعاة إليها جولة وصولة، وكان لأهل البدع ضعف واختفاء في ربوع هذه الإمارة الإسلامية التي مَلَك زمام الأمور فيها مدة من الزمن، وكانت له فيها الكلمة المسموعة والأعلام المرفوعة. انتهى.

قلت: ومن نافلة القول بأن هذه النهضة هي -للإنصاف- نتاج جهد مشترك ومتمم بين مدرسة المترجم ومدرسة نذير حسين في دهلي، كما هو ماثل في التاريخ وأرض الواقع، ويأتي بعض الحديث عنه قريبًا. ومما تنبغي الإشارة إليه أيضا أن للمترجم وذريته دور عظيم في إحياء اللغة العربية وآدابها في الهند، وآثارهم باقية إلى الآن، ولا سيما في ندوة العلماء.

[8] أما كون المترجم على نهج السلف الصالح، وهو أحد أبرز الذين كتبوا تأييدًا للغزنويين في مسائل الصفات ضمن تقاريظ رسالة الأربعين، وخبرها مذكور في ترجمة الإمام عبد الجبار الغزنوي في هذا الكتاب.

ومن جهود المترجم في المنافحة عن الإسلام والسنة: أنه من أول وأكبر من أصدر فتوى تكفير الزنديق ميرزا غلام أحمد القادياني، في الوقت الذي انطلى على بعضهم أنه من الأولياء! إلى أن ادعى النبوة فلم يبق له عذر لمعتذر. ونص المباركفوري في ثنائه عليه اجتهاده في إحياء السنن وقمع البدع والمنكرات. وقال في إجازته لإسحاق آل الشيخ: الولد العلامة الكامل: إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، الداعي إلى توحيد الإله المجيد التواب، زاكي الحسب، عريق النسب.. الخ.

[9] جاء خبر ذلك في مراسلة بين المترجم وتلميذه منهاج الدين بن سراج الدين، عندي صورتها.

[10] قلت: تعليقاته ذكر أنها في مكتبة ندوة العلماء، وهي على مشكلات السنن، ويظهر من النقول عنها تحقيقه وسعة اطلاعه، ومن ذلك في قول أبي داود (رقم 975): حدثنا محمد بن داود بن سفيان، ثنا يحيى بن حسّان، ثنا سُليمان بن موسى أبو داود، ثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جُنْدُب، حدثني خُبيب بن سليمان بن سَمُرة، عن أبيه سُليمان بن سَمُرة، عن سَمُرة بن جُنْدُب رضي الله عنه: أما بعد، أَمَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في وَسَطِ الصلاة أو حين انقضائها فابدؤوا قبل التسليم فقولوا: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ وَالصَّلَوَاتُ وَالْمُلْكُ لله، ثُمَّ سَلِّمُوا على الْيَمِينِ، ثُمَّ سَلِّمُوا على قَارِئِكُمْ وَعَلَى أَنْفُسِكُمْ.

قال أبو داود: سُليمان بن موسى كوفيُّ الْأصل كان بدمشق. قال أبو داود: دلّت هذه الصحيفةُ  على أن الحسن سمع من سَمُرة.

فأشكل قوله الأخير على عدد من العلماء، وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب (2/235): لم يظهر لي وجه الدلالة بعد. ولكن المترجم حلّ الإشكال في فتاويه نور العين (1/قبل 138): بأنه وقع في بعض النسخ الخطية لأبي داود: وقال أبو داود: وحدثنا جعفر بن سعيد بن سمرة بن جندب، قال: حدثني الحسن، قال: سمعت سمرة يقول في خطبته: أما بعد. ونقله في حاشية بذل المجهود (5/300-301) عن مكتوب للمولوي عبد الجبار من أهل الحديث، عن فتاوى المترجم. وعزاه أحد من علق على سنن أبي داود لجميع وسائط النقل في الحاشية عدا واسطة أهل الحديث المذكورة.

[11] وإجازته محفوظة في مكتبة شيخنا المعمر محمد بن عبد الرحمن بن إسحاق آل الشيخ حفظه الله.

[12] وقال: إنه أجازه بعد الامتحان. وهذه فائدة.

[13] ورأيت في مجموع إجازته عبد الحي الكتاني (ق195) نص إجازة المترجم، وأجاز فيها عبد الحي، وأخاه محمد، وأباهما عبد الكبير، وقال: وأولاد جميعهم، وتاريخها يوم الأربعاء الخامس والعشرين من شهر صفر سنة 1325، فدخل بذلك عدد في الإجازة.

وكان شيخ الرواية عبد الحي الكتاني المذكور يفاخر وينوه بإجازة المترجم، انظر مثلا: فهرس الفهارس (2/694 و860).

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/culture/0/7590/%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D9%86-%D9%85%D9%8F%D8%AD%D9%92%D8%B3%D9%90%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A/#ixzz887aOftft :

هو حسين بن محسن بن محمد بن مهدي بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن أحمد بن عثمان بن محمد بن عُمر بن محمد بن حسين بن أحمد بن حسين بن إبراهيم بن إدريس بن تقي الدين بن سُبيع بن عامر بن عَنْبَسة بن ثعلبة بن عَنْبَسة بن عوف بن مالك بن عمرو بن كعب بن الخزرج بن قيس بن سعد بن عُبادة بن دُليم بن حارثة بن حرام بن حَزِيمة بن ثعلبة بن طَريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأكبر، الخزرجي السعدي الأنصاري[1]، الحُديدي اليماني وطنًا، السُّبْعي بيتًا.

أبو محمد، ويكنى أبا الرجال أيضًا. ترجمته الذاتية[2]:

قال رحمه الله تعالى: ((وُلد الحقير بالحُديدة -بلدة على ساحل البحر، بين جدة وعدن- في شهر جمادى الأولى، لأربع عشرة خلت منه، سنة 1245 ألف ومائتين وخمسة وأربعين، وقرأت القرآن وأنا ابن اثني عشر سنة. وفي السنة الثالثة عشر بعد موت والدي رحمه الله تعالى رحلت إلى قرية المراوعة -بينها وبين الحديدة عشرون ميلًا تقريبًا- لتحصيل علم الحديث والفقه على مذهب الإمام الشافعي، على شيخنا السيد العلامة ذي المنهج الأعدل حسن بن عبد الباري الأهدل الحسيني، وكانت مدة طلبي لعلم الحديث والفقه والنحو قدر ثمان سنين ونصف، ولازمت فيها شيخنا المذكور ملازمة طويلة، وببركة توجهه إليّ ودعائه لي فتح الله عليّ بأن وفقني لتحصيل علم لحديث والفقه والنحو على يده على أكمل الأحوال، مع المباحثة المفيدة، وحل الإشكالات الشديدة. ثم بعد ذلك رجعت إلى وطني الحديدة، وأقمت بها مدة. ورحلت إلى مدينة زَبيد -بلدة مشهورة من أرض اليمن، التي سكنها آخرًا المجد الشيرازي صاحب القاموس- ولازمت فيها السيد العلامة، محدّث زمانه، وفقيه أوانه، مفتي مدينة زبيد كأبيه وجدّه: سليمان بن محمد بن عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل؛ مدة سنين، وكنت أتردد إليه، وقرأت عليه أطرافًا من الأمهات الست وغيرها، وحزب الإمام النووي، وشرحه للعلامة عبد الله بن سليمان الجرهزي، وحزب ابن عربي وغيرهما، وأجازني بخطه إجازة خاصة وعامة. ثم إني كنت أتردد إلى مكة المشرفة كل سنة، ولقيت فيها شيخنا السيد العلامة الحافظ محمد بن ناصر الحسني الحازمي، وكان يحج في كل سنة أيضًا، وكان يقدم مكة من ابتداء شهر رجب، ويقيم بها إلى آخر ذي الحجة، فلازمته كل سنة، وقرأت عليه الصحاح الست، ومسند الإمام الدارمي، ومسلسلات العلامة محمد بن أحمد المعروف بعقيلة المكي. وكلٌّ من مشايخي الثلاثة المذكورون أجازوني إجازة شاملة كاملة، خاصة وعامة، مسطرة موجودة عندي.

وكلهم علماء محدّثون فقهاء نحويون، لكن الشريف محمد بن ناصر الحسني الحازمي أعلمهم في فن الحديث، وكلام العرب وأشعارها وبلاغتها، وكان له في التاريخ اليد الطولى، وحفظا عجيبا، بحيث إنه يملي كلام أئمة السلف والحديث وشروحه عن ظهر قلب، من غير مراجعة كتاب، وإذا راجعت إملاءه عليك وجدته بلفظه لا يخرم منه حرفا، والحاصل أنه نادرة زمانه، ومحدّث أوانه. وأخذت أيضًا على يد شيخنا القاضي العلامة الإمام الرباني أحمد بن محمد بن علي الشوكاني أطرافا من الأمهات الست، وأجازني إجازة كاملة، فإنه رحمه الله وصل من مدينة صنعاء اليمن إلى الحديدة مع الإمام المتوكل محمد بن يحيى، فأقام بها مدة، فلازمته فيها، وأخذت عليه بحيث لم أفارقه إلا وقت النوم، بل كان أكلي وشربي معه رحمه الله تعالى، وهو إمام جليل، له حفظ وقدر جليل، فإن الصحاح الستة ومؤلفات والده وأقوال السلف وأئمة الحديث تجري على لسانه من غير توقف، وله خلق عظيم، ولسان مستقيم، ومرتبة عظيمة عند علماء اليمن، وكافة الرؤساء والأمراء، وهو القائم في صنعاء في عهدة قضاء بعد موت أبيه إلى أن مات رحمه الله.

وأما مدة عمري حال التاريخ فسبعون سنة، وتتم في شهر جمادى الأولى لأربع عشرة منه، وأرجو من الله حسن الختام عند موافاة الحمام، وأن يتجاوز عني ما اكتسبتُه من الآثام. وسكوني الآن في بلدة بوبال من أرض الهند مع أهلي وأولادي وأولاد أولادي، وما أدري ما يكون وراء ذلك. ومذهبي ومذهب آبائي وأجدادي: مذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي، لكن بغير تعصب، بل متى صح الحديث والدليل في مسألة من مسائل الدين كان العمل به، من غير قدح [في][3] أئمة الدين، عليهم رحمة رب العالمين، عملًا بقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: إذا صح الحديث فهو مذهبي.

وأصل وطن أجدادي المدينة المنورة، وخرج والدي وأخوه زين العابدين من بلدهما قرية الرجيع إلى مدينة زبيد من أرض اليمن لطلب العلم، والرجيع قرية غربي مدينة صَبْيا من أرض اليمن، انتقل إليها جدي عمر بن محمد بن حسين من بغداد مع جملة من انتقل منها من السادات وغيرهم، منهم السيد علي بن عمر الأهدل جد السادة الأهدليين، فسكن جدي قرية الرجيع المذكورة، وتوفي بها، وانتشرت ذريته فيها إلى الآن. فأما عمي زين العابدين فتوفي بمدينة زبيد من مرض الجدري. وأما والدي محسن بن محمد فبعد فراغه من تحصيل العلوم العقلية والنقلية من حديث وفقه ونحو وأصول وغيرها على يد المشايخ الأجلاء الأعلام، كالسيد مفتي زبيد وابن مفتيها عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل، والشيخ عبد الله بن عمر الخليل، وغيرهما، رحل إلى مدينة صنعاء، وأخذ على شيخ الإسلام الحافظ الرباني القاضي محمد بن علي الشوكاني، ثم رجع إلى مدينة زبيد، وصار نائبا فيها عند قاضي زبيد، ثم بعد ذلك صار قاضيًا في بلدة اللُّحَيَّة من أرض اليمن مدة ثمان سنين، ثم صار قاضيًا في بلدة الحديدة مدة اثنين وثلاثين سنة، إلى أن مات فيها في شهر محرم الحرام سنة 1259 ألف ومائتين وتسعة وخمسين، رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه جنات تجري من تحتها الأنهار، آمين. هذا خلاصة الكلام في هذا المقام، والحمد لله رب العالمين. حرره الحقير حسين بن محسن بقلمه، صبح يوم الجمعة المبارك، لأربع خلون من شهر ربيع الآخر سنة 1315، ألف وثلاثمائة وخمسة عشر، والحمد لله رب العالمين)). شيوخه:

تقدم في الترجمة الذاتية بعضهم، وهذا مسرد من وقفت عليه منهم:

1) حسن بن عبد الباري الأهدل: لازمه في المرواعة ثمان سنوات ونصف، وأخذ عنه عدة علوم، ومنها النحو، والفقه الشافعي، وأفاد عبد الحي الحسني أنه أتقنه حق الإتقان، وقال أيضا إن المترجم قرأ عليه الكتب الستة في الحديث وذكر أن قراءته كانت ((على الترتيب: أولًا سنن ابن ماجه، ثم النسائي، ثم أبي داود، ثم الترمذي، ثم الجامع الصحيح للبخاري، ومسلم))، وقال المترجم في ثبت أسانيد الستة وغيرها (خ) عن البخاري: ((أخبرني.. شيخي وعمدتي ومرشدي النور الساري السيد حسن بن عبد الباري قراءة وسماعا من أوله إلى آخره مرة بعد مرة، وكرة بعد كرة، قال: أخبرني شيخي السيد الجليل والعالم النبيل شيخ الإسلام ومفتي الأنام وجيه الإسلام عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن مقبول الأهدل رحمه الله تعالى..)) الخ، وأجازه إجازة عامة.

2) سليمان بن محمد بن عبد الرحمن الأهدل: نص المترجم أنه قرأ عليه في الحديث أطراف الكتب الستة وغيرها، وذلك في زبيد، وأنه أجازه عامة، وكذلك نقل عنه صديق خان في أبجد العلوم (3/212 وعنه الدهلوي في فيض الملك 1/405)، وقال عبد الحي الحسني: ولم يزل شيخنا حسين يتردد إليه كل سنة للأخذ عنه، فإذا تأخر استدعاه إليه.

3) محمد بن ناصر الحازمي: نص في ترجمته الذاتية الآنفة أنه قرأ عليه في مكة الأمات الست[4]، ومسند الإمام الدارمي، ومسلسلات ابن عقيلة، ونص في إجازته بالأوائل السنبلية للعطار (من مشيخته ق38) ولنور الحسن بن صديق خان (خ) أنه قرأها على الحازمي، ونص في ثبت كتبه سنة 1280 فيه مرويات ومسلسلات عن شيخه الحازمي (خ) قال: ((وقع لي الاتفاق والصحبة بشيخنا الشريف المحدث الفهامة محمد بن ناصر الحسني الحازمي بمكة المشرفة، في أعوام متعددة، من آخرها هذا العام في شهر ذي القعدة الحرام سنة ثمانين ومائتين [ثم خرم قدر كلمتين، أظن فيه بقية التاريخ]، وكنت قرأت عليه أوليات الشيخ محمد سعيد سنبل المدني من أولها إلى آخرها، وشمائل الإمام أبي عيسى الترمذي من أولها إلى آخرها، ومسند الإمام الدارمي، وبعضًا من الجامع الصغير للإمام السيوطي، وسمعت منه بعض الأحاديث المسلسلة[5] الآتي بيانها، وقد كتب لي الإجازة بخطه الشريف الخاصة والعامة بجميع مروياته ومسموعاته)).

وزاد العطار (ق37) من مقروءاته على الحازمي: شيئا من أول تفسير الإمامين الجلالين، وغيرها))، وساق العطار (ق42 و43) إجازتين من الحازمي للمترجم. 4) أحمد بن محمد الشوكاني: نص المترجم أنه قرأ عليه أطرافًا من الستة، وأجازه عامة.

فهؤلاء الأربعة نص على إجازته لهم. 5) محمد بن محسن الأنصاري: قال صديق حسن خان في أبجد العلوم (3/211 وعنه العظيم آبادي في غاية المقصود 1/68 والدهلوي في فيض الملك 1/404): ((وأخذ أيضا على أخيه وشقيقه الكبير القاضي العلامة محمد بن محسن الأنصاري، فقرأ عليه صحيح البخاري قراءة بحث وتحقيق من أوله إلى آخره، وفي كثير من علوم الحديث والفقه والفرائض وغيرها، والشيخ محمد بن محسن المذكور من الآخذين على شيخه السيد حسن بن عبد الباري)).

ونص شيخنا أحمد بن عبد الله الحازمي في كشف النقاب (229) أنه استجاز من أخيه، وهو ظاهر صنيع المترجم من رواية ما في إتحاف الأكابر من طريق أخيه.  6) محمد بن عثمان المرغني: أخذ عنه بعضًا من النحو في اليمن، وليست له منه إجازة، كما نص العطار في مشيخته (ق37 وعنه الدهلوي في الفيض 1/405).

توليه التدريس والقضاء:

بعد فراغه من القراءة تصدى للتدريس وإفادة الطلبة في بلاده، وأخذ عنه جمع في بلاده، كما في غاية المقصود (1/69). وأما القضاء فقال في نزهة الخواطر (8/123): ((وشيخنا حسين ولي القضاء ببلدة لُحية- بضم اللام- بلدة من بلاد اليمن قريبة من الحديدة مسافة ثلاثة أيام أو أكثر، وتولى بها القضاء نحو أربع سنين، ثم استعفى منها لواقعة وقعت عليه، وهي أن رجلًا من نواب الحديدة ممن بيده الحل والعقد من الأتراك يقال له أحمد باشا طلب من تجار اللُحية مكسًا غير معين على اللؤلؤ الذي يستخرجونه من البحر من غير أن يعلم مقداره وثمنه، وأحضر العلماء على ذلك وأراد منهم الفتوى، فامتنع الشيخ حتى إن الباشا المذكور أحضر المدفع لتخويفه وقال له: إن لم تكتب على هذه الفتوى أرميك بهذا المدفع حتى يصير جسمك أوصالًا. فقال: افعل ما أردت هذا لا يضر قطعًا لا عند الله ولا عند الناس ولا في العرف ولا في الاصطلاح، ولا عندك من مولانا السلطان في ذلك حكم تحتج به علينا، ولو فرضنا أن عندك في ذلك حكمًا فطاعة السلطان إذا أمر بما أمر الله به فأمره مطاع، وإن أمر بخلاف الكتاب والسنة فلا طاعة له علينا، وحاشاه أن يحكم بغير كتاب أو سنة! وهذا الاستعفاء مقدم في خدمتكم من هذا المنصب. فشدد عليه ثلاثة أيام، ومنعه من الأكل والشرب، وأصهره في الشمس ثلاثة أيام حتى تغيرت صورته، وأنكره كل من عرفه، فتحمل هذه المشاق، ولم يرض أن يحكم بخلاف الكتاب والسنة وأقوال الأئمة، وترك وطنه ومسقط رأسه)). رحلاته بين الهند واليمن:

بعد أن ترك القضاء توجه للهند لزيارة أخيه القاضي زين العابدين في بهوبال[6]، يقول الحسني: ((وذلك بعد خمس سنين من الفتنة العظيمة بالهند، فدخل بهوبال في عهد سكندر بيكم، وأقام بها سنتين، ثم رجع إلى وطنه، ثم عاد بعد خمس سنين في عهد شاهجهان بيكم، وأقام ببلدة بهوبال أربع سنوات، ثم رجع إلى وطنه، ثم عاد إلى الهند بعد خمس سنين، وتوطن ببلدة بهوبال))، فكانت مستقره إلى وفاته، وتخلل ذلك بعض رحلات إلى دهلي وغيرها من بلاد الهند واليمن، وكان في بهوبال شيخ الحديث ومدرسًا في مدرسة الرئاسة.

ولست أجد وصفا أعلى من قول مجيزنا الشيخ أبي الحسن الندوي رحمه الله حيث قال (في شخصيات وكتب 77): ((وكانت إقامة الشيخ حسين بن محسن في بوفال قد جعلتها مدرسة للحديث تضاهي شيراز واليمن، وظل ((موتى مسجد)) ببوفال مثل الأزهر الشريف، يدوي صوت: ((قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)) أكثر من ثلاثين سنة، وانتشر عبيره في أنحاء الهند المختلفة))[7].

قلت: وخلال رحلاته لليمن كان يجلب معه نفائس المخطوطات للهند، ونَشَر تراث وكتب عدد من العلماء في طرفي رحلته، فقال صديق خان في أبجد العلوم ( 3 / 213 ): جاءنا بمؤلفات علماء اليمن الميمون، وأمطر علينا نفائس الكتب كالغيث الهتون، كم قد ذهب في طلب كتب الحديث لنا إلى أرض الحجاز وغيرها، ورجع من هناك برسائل نفيسة، ومجاميع عزيزة، وكتب الشروح والمتون، ودواوين العلوم على الحقيقة دون المجاز، أحسن الله إليه كما أحسن إليّ وتفضل عليّ، وقد بذلنا في تحصيل هذه الكتب وتلك الصحف مالًا جمّا، وجمعناها على يده من بلاد شتى، نحو: صنعاء، وزَبيد، وأبي عَريش، واليمن، والحُديدة، والبصرة، ومصر، والحرمين الشريفين، وهو -عافاه الله تعالى- صرف همته العليا في إشاعة مؤلفاتنا أيضا، حتى بلغ بها إلى أقصى اليمن، وأبلغها إلى الأماكن البعيدة، سوى ما سارت بها الركبان إلى بلاد الله تعالى من هذه البلدة، ومن مكة المشرفة، ولله الحمد كل الحمد والمنة.  وقال الوشلي في نشر الثناء الحسن (3/180): إنه كان واسطة بين صديق خان وبين أهل اليمن من العلماء الأعلام بالمكاتبة، وصار إرسال الكتب التي ألّفها النواب إليهم على يديه، كتفسيره المفيد الذي تبع فيه الإمام الشوكاني في تفسيره فتح القدير بالرواية والدراية، وسماه فتح البيان، وغير ذلك من مؤلفاته، وكان صاحب الترجمة يجلب للنواب الكتب النفيسة من اليمن، يشتريها له بأغلى ثمن، وما زال يتردد من اليمن إلى الهند حتى توفاه الله. العلاقة بين المترجم ونذير حسين:

كان هذان الإمامان المحدثان الأثريان على صلة قوية، وجهودهما متفقة في نشر السنة، بل كان كل منهما يشيد بالآخر ويحول إليه طلبته، كما قال لنا شيخنا العلامة محمد إسرائيل السلفي، وقال: كان من المعتاد أن الذي يدرس ويتخرج عند نذير حسين في دهلي يتوجه إلى حسين بن محسن في بهوبال، والعكس، وهو ظاهر في التراجم.

وقال عبد الحي الحسني في ترجمة نذير حسين (8/525): ((كان شيخنا حسين بن محسن الأنصاري اليماني يحبه حبًا مفرطًا ويثني عليه، وقد كتب في جواب عن سؤال ورد عليه في حق السيد نذير حسين المترجم له: إن الذي أعلمه وأعتقده وأتحققه في مولانا السيد الإمام والفرد الهمام نذير حسين الدهلوي: أنه فرد زمانه، ومسند وقته وأوانه، ومن أجل علماء العصر، بل لا ثاني له في إقليم الهند في علمه وحلمه وتقواه، وأنه من الهادين والمرشدين إلى العمل بالكتاب والسنة والمعلمين لهما، بل أجلُّ علماء هذا العصر المحققين في أرض الهند أكثرهم من تلامذته، وعقيدته موافقة لعقيدة السلف الموافقة للكتاب والسنة[8]، وفي رؤية الشمس ما يغنيك عن زحل.

فدع عنك قول الحاسد العذول، والأشر المخذول، فإن وبال حسده راجع إليه وآيل عليه: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله} فمن نال من هذا الإمام الهادي إلى سنة خير الأنام فقد باء بالخسران المبين، وما أحسن ما قال القائل:

ألا قُـلْ لـمـن كـان لـي حـاسـدًا        أتـدري عـلـى مـن أسـأتَ  الأدبْ؟

أسـأتَ عـلـى الله فـي مُـلـكــه        لأنـك لـم تـرضَ لـي مـا وهــبْ

اللهم زد هذا الإمام شرفًا ومجدًا، واخذل شانئه ومعاديه، ولا تبق منهم أحدًا، هذا ما أعلمه وأتحققه في مولانا السيد نذير حسين أبقاه الله، والله يتولى السرائر. انتهى ما كتب شيخنا حسين بن محسن المذكور)). آخر أيامه، ووفاته: بعد وفاة تلميذه صديق حسن خان انقطعت جرايته للمترجم، وضاقت أحواله، ولا سيما أنه كان يصرف على أخواته في بلاده، وأصابه المرض، مع كبر سنه[9]. وقال عبد الحي الحسني في النزهة (8/125): ((وقد كان كثير التردد إلى بلدة لكهنو في آخر عمره، وكان ينزل عندي، ويحبني كحب الآباء للأبناء، وقد دخل لكهنو قبل موته بنحو أربعة أشهر، وأقام بها نحو شهر أو أقل، ثم رحل عنها إلى حبيب كنج قرية من أعمال عليكره، بعد طلب مولانا حبيب الرحمن بن محمد تقي الشرواني، فأقام عنده نحو أربعة أشهر، وفي آخر جمادى الأولى قوض خيام الارتحال منها إلى مدينة بهوبال فلم يمكث بها إلا نحو خمسة عشر يومًا، ثم انتقل إلى رحمة الله سبحانه، وقبل وفاته بنحو عشر ساعات خرج من البيت -وكان يوم الثلاثاء عاشر جمادى الآخرة- على أحسن حالة لملاقاة أحبابه، وطلب منهم الدعاء لحسن الختام عن حلول الحمام، ثم دار على بيوت أولاده كالمودع لهم، وكان ذلك بعد صلاة الظهر إلى بعد صلاة العصر في اليوم المذكور، وبعد أن صلى العصر ورجع إلى بيت ولده عبد الله بن حسين عرضت له مذاكرة معه في أن خديجة رضي الله عنها كان لها ولد في الجاهلية يسمى بعبد العزى أم لا، فأمر ولده المذكور بإحضار بعض الكتب التي كان يتخيل حل تلك المسألة منها فأحضرها، وأملى عليه ما شاء الله أن يملي منها، فقارب ذلك غروب الشمس، فنهض عبد الله للوضوء فتوضأ ورجع، وكان شيخنا متكئًا على وسادة له، وإذا برأسه قد خفق، وعلى تلك الوسادة قد أطرق، فاستلقى على ظهره ممدودة يديه ورجليه مغمضة بلا تغميض عينيه، وإن جبينه ليتفصد من العرق، فظنه عبد الله نائمًا، فحرّكه وإذا بروحه قد فارقت جسده، وكانت تلك الليلة ليلة الأربعاء، وفي صبيحتها، لعله قبيل الضحى، خرجوا بنعشه وأودعوه في رمسه، وكان ذلك في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وألف، رحمه الله ونفعنا ببركاته)).ومصدره كلام محمد ابن المترجم في مقدمة الفتاوى (1/14-15) بتلخيص وتصرف، وزاد: أن الكتاب الذي كان يراجعه هو فتح الباري، وأن الذي صلى عليه ابنه عبد الله. وأرّخ لوفاته الشيخ المفتي يحيى بن القاضي محمد أيوب بلفظة (غفورا). ورثاه ابنه محمد بقصيدة مطلعها:

أحـقًّـا جـرى مـا يُـسْـبِـلُ الـعـبـراتِ        ويُـذري دمـاء الـعـيـن لا الـدمـعــاتِ

مؤلفاته: قال في نزهة الخواطر: ((وشيخنا حسين لم يكن له كثرة اشتغال بتأليف، ولو أراد ذلك لكان له في الحديث ما لا يقدر عليه غيره، وله رسائل حافلة ومباحث مطولة هي مجموعة في مجلد، وقد فاته كثير وذهب، ولكنه لم يحرص على جمع ذلك، وله تعليقات على سنن أبي داود[10])). وقال العظيم آبادي في غاية المقصود (1/69): له تعليقات شتى، وكلها مفيدة نافعة، مملوءة من مباحث علم الحديث. وقال الفريوائي في جهود مخلصة (101): وله رسائل وبحوث قيمة في علم السنة. ومن كتبه: التحفة المرضية في حل بعض المشكلات الحديثية، والبيان المكمل في تحقيق الشاذ والمعلل، والقول الحسن المتيمن في ندب المصافحة باليد اليمنى وأن الذي أظهرها أهل اليمن، وكلها طبعت أكثر من مرة، وفتاوى في جزأين اسمها نور العين, طُبع الأول منهما قديمًا، وأخبرني الشيخ أصغر علي بن إمام مهدي السلفي وغيره في الهند أن هناك المجموعة الأخرى ما تزال موجودة عند حفيد حفيده. وله تعليقات على عدد من كتب الحديث (كما في غاية المقصود 1/69)، ومنها على سنن النسائي، وقد ضمّنها الفوجياني في حاشيته عليه، وهي مطبوعة. وله رسالة في تحقيق حديث: لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، كما في غاية المقصود. وذكر العظيم آبادي أيضًا في عون المعبود (11/314 العلمية): أن شيخه ألّف رسالة سماها: الفتح الرباني في الرد على القادياني. وقال عبيد الله الرحماني في المرعاة (5/108) ضمن كلامه على رسالة السهسواني في الزمن الأضحية: قد رد عليه شيخ مشايخنا الشيخ الإمام الرحلة حسين بن محسن الأنصاري رادًا مشبعًا في رسالة مستقلة سماها: إقامة الحجة في الرد على من ادعى جواز التضحية إلى آخر ذي الحجة، وهي ملحقة بفتاواه المطبوعة، فعليك أن تطالعها. وأما في الرواية فله إجازات كثيرة وقفت على بعضها، ورأيت له ثبتًا فيه مرويات ومسلسلات عن شيخه الحازمي، كتبه سنة 1280، وثبتًا بأسانيد الستة وغيرها عن شيخه حسن بن عبد الباري الأهدل، كتبه سنة 1278، ثم ذيّل عليه ناسخه صديق حسن خان بأسانيد للمترجم وأخيه لكتب أخرى، وأشياء، وأسماه بثبت الشيخ حسين عن شيخه حسن الأهدل. من ثناء العلماء عليه: قال تلميذه صديق حسن خان -وتوفي قبله بعشرين سنة- في أبجد العلوم (3/212-213): كم له من تلامذة في بلدتنا بهوبال المحمية، وهو الغنيمة الكبرى للطالبين، والنعمة العظمى للراحلين.. له علم نافع، وعمل صالح، وفكرة صحيحة، وهمة في إشاعة علم الحديث رفيعة، ولقاء مبارك. وقال في الحطة (260): شيخي وثقتي، بقية السلف الصلحاء، تذكار العرب العرباء، سبّاق الغايات، صاحب الآيات، عمدة الخِيَرة، زبدة المَهَرة، نخبة البررة، ناصر السنة، ماحي البدعة، حاوي الكمالات الوافرة، مستجمع العلوم والمبرات النافعة في الأولى والآخرة، العارف الذكي، عارضة الأحوذي، أعز الأحبة في الله، وأحب الأعزة في ذات الله، عين الإنسان، وإنسان العين. وقال في ذيل ثبت مرويات المترجم عن شيخه حسن بن عبد الباري الأهدل (خ): شيخي الصالح الثقة الأمين. وقال الشيخ محمد ابن المترجم (في مقدمة فتاوى أبيه 1/8): شيخ الشيوخ، وإمام الناسخ والمنسوخ، خاتمة الحفاظ، فارس المعاني والألفاظ. وقال في رسالة رثائه (من المقدمة المذكورة 1/13): خاتمة الحفاظ، فارس المعاني والألفاظ، ملحق الأحفاد بالأجداد، نقّادة العصر، ومحدث الدّهر. وقال العظيم آبادي في غاية المقصود (1/68): شيخنا العلامة البدر المنير، الفهامة العمدة النحرير، ذو المناقب الجليلة، والمحامد الشريفة، المدقق الكامل، والبحر الذي له في سعة النظر من ساحل، جمال العلماء الصالحين، شيخ الإسلام والمسلمين، البارع المحدّث المتقن، والمفسر المتبحر الفطن. وقال (1/69): وجدته جامعًا بين العلم والعمل، شيخا عزيز الوجود، عظيم الشأن، رفيع القدر، بحرًا زخارًا لا ساحل له، محدّثا محققًا، موضحًا لمعاني كتاب الله، سلطان أهل الحديث، مطلعًا على علل الأحاديث والرجال، ماهرًا في علم أصول الحديث واللغة. وقال في ثبته الوجازة (39): الإمام العلامة المحقق، شيخنا وبركتنا، المحدّث القاضي، حسين بن محسن الأنصاري اليماني، إمام عصره بلا نزاع. وقال أحمد بن إبراهيم بن عيسى النجدي في إجازته لعبد الجبار الغزنوي (ضمن إجازة الغزنوي لمنهاج الدين -خ): الشيخ البارع الورع المحدّث. وقال في إجازته للنعمان الألوسي (ضمن ثبت النعمان -خ): الشيخ الإمام، الحبر الهمام.وقال أبو الخير العطار في مشيخته (ق35): ومنهم، بل من أجلّهم وأكملهم، وأعلمهم وأفضلهم، الذي هو في علم الحديث طويل الباع، وفي فنونه واسع الاطلاع، شيخنا المحقق المسند المحدّث على الإطلاق، الحافظ الحجة خاتمة المحدّثين بالاتفاق، شرف الإسلام.. شيخنا الذي أكثر ما انتفعت به، وتخرجت عليه، كان جل فتوحي في علم الحديث على يديه. وقال عبد الحي الحسني في نزهة الخواطر (8/121) الشيخ الإمام العلامة المحدث القاضي. وقال (8/124): طار صيته في جميع الأقطار الهندية، وأقر له بالتفرد في علم الحديث وأنواعه كل أحد من كبار العلماء، وإني رأيتهم يتواضعون له ويخضعون لعلمه، ويستفيدون منه، ويعترفون بارتفاع درجته عليهم. وقال يحيى بن محمد الحازمي في سنده للبخاري (كما في المحاسن المجتمعة 593): شيخنا العالم العلامة النبيل، المحدّث القاضي. ووصفه أبو بكر خوقير في ثبته (18) بالمحدّث الشهير.وقال سعد بن عتيق النجدي في إجازته للعنقري (75 بتحقيقي): الشيخ الفاضل البدر الساري. ووصفه (94) بالمحدّث. وقال سليمان بن سحمان في قصيدة لإسحاق آل الشيخ (ديوانه ص269 ط.الهند):

إلـيـك وحـبـرٍ فـي الـحـديــث مـحـقــقٍ        حـسـيـنٌ إلـى الأنـصـار  مـتـصـلُ  الـجَــدِّ

تـفـرَّد فــي عـلــم الـحـديــثِ وإنـمــا        إلـى مـثـلـه تُـزجـى الـمُـطِـيُّ مـن الـبُـعْـدِ

وقال عبد الرحمن المباركفوري في مقدمة تحفة الأحوذي (1/53): وممن سعى في نشر علوم الحديث في الهند، واجتهد في إشاعة السنن النبوية وإحيائها، وبذل مجهوده لإعلاء الصراط المستقيم، وأفرغ جهده لإماتة المحدثات والمنكرات: شيخنا المحدّث المفسّر الفقيه، آية الله في الأرض، الشيخ حسين بن محسن الأنصاري الخزرجي السَّعدي اليماني. وقال في إجازته للمولوي محمد عبد الله (خ): سند المحدثين العلامة القاضي الشيخ.ووصفه بالمحدّث الأجل في إجازته لرقية بنت خليل بن محمد بن المترجم (خ، استفدتها من كتاب الشيخ عبد الله الشهراني عن المباركفوري ص437). وقال الوشلي في نشر الثناء الحسن (3/180): كان عالمًا فاضلا تولى القضاء ببندر اللُّحَيّة. ووصفه رحمة الله بن أحمد الله الرانديري الحنفي في إجازته لعبد الهادي المدراسي (كما في هادي المسترشدين ص238): شيخي وسندي العلامة الشيخ حسين محسن الأنصاري. وقال حسن بن علي النعماني الكنكوهي في ثبته ((الدر الفريد في معرفة الأسانيد)) الذي أجاز به عبد الهادي المدراسي (كما في هادي المسترشدين ص248): المحدث المتقن المتفنن. وقال عبد الستار الدهلوي في فيض الملك (1/403): العالم الفاضل، الذي له في العلم الباع الطويل، وفي فنون الحديث مفرد الوقت.. الغنيمة الكبرى للطالبين، والنعمة العظمى للراحلين، الشيخ العلامة، العمدة الفهامة. وقال يوسف حسين الخانفوري في ثبته الجوائز والصلات (ق7): ومن أجلة شيوخي الإمام العلامة المحقق، شيخنا وبركتنا، المحدّث القاضي حسين بن محسن الأنصاري اليماني، حافظ عصره بالإجماع، وحجة وقته بلا نزاع. وقال (ق51): زين الفرقدين، الشيخ العلامة، الحافظ الضابط. وقال (ق55): المحدّث العلامة الحافظ.وقال أحمد الله الدهلوي (في إجازته للقرعاوي خ، وكما في سند الرواية لتلميذه أبي سعيد محمد عبد الله اللكنوي ص66 مع النجم البادي): أجازني شيخنا الأكرم مسند المحدثين رئيس المحققين. وقال حفيد المترجم خليل بن محمد بن حسين الأنصاري (فيما كتبه أول فتاوى جده): الفاضل الكامل، وحيد دهره، وحافظ عصره. وقال أبو سعيد شرف الدين في إجازته لبديع الدين الراشدي السندي (خ): شيخ العرب الشيخ القاضي العلامة. ووصفه عبد الحي الكتاني في فهرس الفهارس (1/86): بشيخ محدثي العصر. وفي (2/1086): بالعلامة المحدّث. ووصفه أبو سعيد اللكنوي (في سند الرواية ضمن النجم البادي ص72): بالشيخ العلامة المحدّث. وقال عبيد الله الرحماني في إجازته ليحيى عثمان المدرس (ص80 مع النجم البادي): سند المحدثين العلامة. وقال في مرعاة المفاتيح (3/207): شيخ مشايخنا خاتمة الحفاظ. وقال (5/108): شيخ مشايخنا الشيخ الإمام الرحلة. وقال شيخي بالإجازة أبو الحسن الندوي في شخصيات وكتب (76): كان إماما في فن الحديث، ومثالا رائعا للمحدّثين القدامى، الذين تتحدث كتب السير والتراجم عن حفظهم وسعة اطلاعهم مما يبعث على العجب، وانتهت إليه رئاسة تدريس الحديث في الهند، قال أستاذي حيدر حسن خان، أستاذ الحديث بدار العلوم ندوة العلماء: إنه كان يكاد يحفظ 13 مجلدًا لفتح الباري شرح البخاري! ووصفه في تقديمه لكتاب ترجمة حيدر حسن خان الطونكي (14): بشيخ الإسلام العلامة.ووصفه في بعض إجازاته (انظر ترجمة حيدر الطونكي 150): بالعلامة، رأس المحدثين، وعمدة المحدثين، وخاتم المحدثين، شيخ الإسلام. من الآخذين عنه: أخذ عنه عدد غفير، فقال صديق خان قبل وفاة المترجم بنحو ثلاثين سنة: كم له من تلامذة في بلدتنا بهوبال المحمية. وقال المباركفوري: انتشر صيته في بلاد الهند، وطار ذكره في أقطارها، ورحل إليه طلبة الحديث من كل ناحية، وتلمذ له جماعة من العلماء المشهورين بالفضل والكمال ممن لا يمكن حصرهم. وقال أبو الحسن الندوي: كان يفتخر كبار الأساتذة وجهابذة فن الحديث أصحاب المؤلفات القيمة -الذين تلاميذه يعدون بالمئات- بالانتساب إلى زمرة تلاميذه. فمنهم: أخوه زين العابدين، ومحمد بن حسين ابنه، وحفيده خليل بن محمد. ومنهم: إبراهيم بن عبد العلي الآروي، وأحمد بن إبراهيم بن عيسى النجدي، وأحمد الله البرتابكرهي الدهلوي (قرأ عليه الصحيحين والترمذي والنسائي)، وأحمد أبو الخير العطار (ذكر في مشيخته أنه لازمه كأبنائه في بيته خمس سنوات، ثم مرات متقطعة، وقرأ عليه بعض مؤلفاته، وأكثر المسلسلات، وجميع سنن النسائي، وسنن ابن ماجه، ومسند الدارمي، والشمائل، والأوائل السنبلية، وطرفا من الجلالين، وجزأين من البخاري، ونصف مسلم، وجميع سنن أبي داود قراءة وسماعا، وأثبات: الوجيه الأهدل، والشوكاني، والبصري، والأمير، وفتاوى ابن تيمية، ومن رسائل محمد حياة السندي، والباعث الحثيث على معرفة علوم الحديث لابن كثير، وغيرها)، وإسحاق بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب النجدي (قرأ عليه في الأصول والفروع، وسمع منه الأولية، وأجازه[11])، وإسماعيل الرانديري، وإسماعيل بن منهاج الدين، وإعجاز أحمد السهسواني، وتلطف حسين الدهلوي، وحبيب الله الشرواني (قرأ عليه الستة قراءة تحقيق، وأجازه)، وحسين بن حيدر الهاشمي، وحيدر حسن الطونكي، وذو الفقار أحمد المالوي، ورحمة الله السورتي، وسعد بن حمد بن عتيق، وسلامة الله الجيراجفوري، وشمس الحق العظيم آبادي (سمع منه الأولية، وقرأ عليه قطعا من الستة والدارمي والدارقطني، والسنبلية، وغيرها)، وصديق حسن خان (قرأ عليه البخاري وأبا داود والموطأ والشمائل وبلوغ المرام كاملات ومسلسلات الحازمي والسنبلية، وكتب له إجازة مطولة رأيت صورتها، وساقها في الحطة 260)، وعبد التواب بن عبد الوهاب الإسكندر آبادي، وعبد الحليم الويلوري، وعبد الحي بن عبد الكبير الكتاني (مكاتبة)، وعبد الحي بن فخر الدين الحسني (قرأ عليه الأوائل السنبلية، والحصن الحصين، والصحيحين، والترمذي، وأبا داود، كلها كاملات، وجملة صالحة من بلوغ المرام، وسمع عليه: النسائي، وابن ماجه، والدارمي، والموطأ، والمشكاة، وغيرها، وسمعت منه كثيرًا من المسلسلات)، وعبد الرحمن الأمروهي، وعبد الرحمن المباركفوري (قرأ عليه أطراف: الستة، والموطأ، والدارمي، ومسند الشافعي، ومسند أحمد، والأدب المفرد، ومعجم الطبراني الصغير، والدارقطني، وسمع السنبلية، وأجازه)، وعبد الرحمن الولايتي الدهلوي، وعبد السلام المباركفوري (وأجازه)، وعبد العزيز الرحيم آبادي، وعبد العلي بن عبد الحي الحسني (قرأ عليه السنبلية وأجازه)، وعبد الكبير الكتاني (مكاتبة)، وعبد الكريم الشيخلي البغدادي الملقب بالصاعقة، وعبد الله الروبري، عبد الله الغازيبوري، وعبد الله الطونكي، وعبد الوهاب بن منهاج الدين، وعبيد الله الأتاوي الدهلوي، وعلي بن النعمان الألوسي، وفضل حق الرامبوري، وفقير الله الكثهوي، ومحمد بشير السهسواني، ومحمد بن جمال الدين الفوجياني، ومحمد حسن الطونكي، ومحمد طيب المكي الرامفوري، ومحمد بن عبد الصمد الغزنوي (وقرأ عليه أطراف السبعة، وأجازه في 17 شوال 1322)، ومحمد بن عبد الكبير الكتاني، ومحمد عرفان الطونكي، ومحمد بن نور الدين الهزاروي، ومحمد بن هاشم السورتي، ومحمود حسن خان الطونكي (ذكر أنه قرأ الستة عليه)، ومحمود بن محمد السورتي، ومنهاج الدين بن سراج الدين البنجابي (وعندي صورة إجازته له ولولديه)، ونعمان الألوسي (أجازه مكاتبة)، ونور أحمد الديانوي، ونور الحسن بن صديق حسن خان (وأجازه إجازة مطولة)، وهبة الله بن محمود المهدي الملاني، وهداية الله بن عبد الله الحنبلي الفارسي السوري (أجازه)، ووحيد الزمان الحيدر أبادي (وأجازه)، ويحيى بن محمد الحازمي، ويوسف حسين الخانفوري (أجازه، وقرأ عليه بعض البخاري)، ويوسف بن علي اللكنوي (قرأ عليه السنبلية) وأبو بكر خوقير (سمع منه الأولية، وقرأ عليه السنبلية، وأجازه في بهوبال سنة 1312)، وأبو سعيد شرف الدين[12]، ولحاظ النساء السهسوانية (ولها منه إجازة). ونقل العطار في مشيخته (ق43) من خط المترجم إجازته لشمس الحق العظيم آبادي، ونصه: ((أجزته وأولاده وإخوانه وذويه ومن سيولد له[13]، وكل من أدرك حياتي إجازة عامة شاملة في جميع العلوم منطوقها ومفهومها)). وهي مؤرخة يوم الجمعة عاشر شعبان سنة 1314. ونقل الإجازة بكمالها أبو بكر خوقير في ثبت الأثبات الشهيرة (40-41). من مصادر ترجمته: أبجد العلوم (3/211)، ومقدمة فتاوى المترجم (1/8)، وغاية المقصود (1/68)، ومشيخة أبي الخير العطار (ق35)، ونزهة الخواطر (8/121)، ومقدمة تحفة الأحوذي (1/53)، وفيض الملك الوهاب المتعالي (1/403)، ونشر الثناء الحسن (3/180)، والأعلام (2/253)، ومعجم المؤلفين (4/43)، والتعليقات السلفية على النسائي (1/27)، وشخصيات وكتب للندوي (75-77 و241)، وهجر العلم ومعاقله (4/1933)، وكشف النقاب عن نبذة حجاب (229)، وجهود مخلصة (100)، وحياة المحدّث شمس الحق وأعماله (271)، ولآلئ الدرر في تراجم رجال القرن الثالث عشر (120).


ـــــــــــــــــــــــــــــ

[1] نقله تلميذه أبو الخير العطار في مشيخته (ق35)، وقال: ((هكذا كتب لي شيخنا نسبه الشريف بخطه المبارك، وناولني، وقرأته عليه، وضبطت مشكله)). ولهذا قدّمتُه على غيره، وهكذا نقل صديق خان في أبجد العلوم (3/211) -وهو أقدم أخذًا من العطار- والدهلوي في فيض الملك الوهاب المتعالي (1/403) -وهو ناقل عن العطار وصديق خان-، وأما في مطبوعتي غاية المقصود (1/68) ونزهة الخواطر (8/121) فسقطت بعض الأسماء، وتصحفت أخرى.

[2] قال العطار (ق35): ((طلبت منه حفظه الله ترجمته لكي أثبتها في معجم الشيوخ، فكتب لي بخطه الشريف، وناولنيها صبيحة يوم الجمعة في شهر ربيع الآخر سنة 1315، وقرأتها عليه في ساعته، ما لفظها.. )) وساقها بكمالها كما نقلتُها عنه هنا، وقال عقبها: ((انتهى ما كتبه لي شيخنا ودفعه إليّ، جزاه الله خيرًا)). ونقل الشيخ محمد ابن المترجم أخبارًا مهمة عن أبيه وأسرته في مقدمة فتاوى المترجم (1/8 وبعدها).

[3] في الأصل: ((من))، ولعل الصواب ما أثبته.

[4] بل قال صديق خان في أبجد العلوم (3/211 وعنه الدهلوي في فيض الملك 1/404): ((قرأ عليه الأمهات الست قراءة بحث وتحقيق)). وكذلك قال العظيم آبادي في غاية المقصود (1/68)، وأما في نزهة الخواطر فقد انقلب عنده النقل سهوًا، فجعل قراءة المترجم على الحازمي قراءة أطراف، وقراءته على سليمان الأهدل للستة بالإطلاق، والعكس هو الصحيح.

وكذا قال إن أول ما قرأه المترجم على الحازمي: مسند الدارمي، برفقة المفتي أيوب بن قمر الدين الفلتي. ولعله قصد إنه أول كتاب في الرحلة التي قرئ فيها، لأن المترجم نص أنه في مقروءات لقاء سنة 1280، وأن هناك لقاءات قبله.

[5] هي مسلسلات الحازمي التي ذكرها المترجم في بعض إجازاته، وليست مسلسلات ابن عقيلة، فإن أكثر التي ساقها في الجزء من غير طريقه.

[6] وقد فصّل محمد ابن المترجم في مقدمة فتاويه قصة علاقة أسرته مع مملكة بهوبال، خلاصتها أن المحسنة المشهورة النواب سكندر بيغم ملكة بهوبال نزلت في الحديدة في طريقها للحج، واتفق أن نزلت في مكان قريب من بيت القاضي محمد بن محسن، وكان وزيرها الفاضل المنشي جمال الدين مدة إقامتهم ملازمًا لمجلسه العلمي الذي يحضره إخوانه والعلماء، ومن جملتهم المترجم، فيتذاكرون، ولا سيما في علمَي التفسير والحديث، فلما أرادت المذكورة الارتحال لمكة طلبت من القاضي محمد أن يصحبها للحج أو أحد إخوانه، فاعتذر بالقضاء، واستأذن من والدته لأخيه زين العابدين، فرافقها، ورأت من علمه وزهده وورعه، ولما رجعوا بذلت جهدها لإرضاء أمه لتأخذه إلى بلادها، فأذنت، وأكرمته هناك، وولّته نيابة القضاء وهو في الثانية والعشرين من عمره، وبعد سنة توفي قاضي رئاستها شريف حسين فولته محله، وصار من أهل المكانة والجاه والغنى.

وبعد أربع سنين اشتاقت له أمه، فأرسلت أخاه حسين المترجم ليحضره، وهناك التقى بالملكة، وأكرمته، وفوّضت إليه دار الحديث، وأمرته بالإقراء فيه، فاستفاد منه جمع. وبعد سنة أو سنتين استأذنها في الرجوع مع أخيه القاضي، فأذنت للمترجم وحده دون أخيه، فرجع لبلاده معززا مكرما، وبعد نحو سنتين توفيت أمه، فكتب لأخيه القاضي زين العابدين، وأجابه أخوه بأن النواب سكندر توفيت كذلك، وتولت بنتها شاهجهان. ثم وصل الحديدة صديق خان إلى الحج سنة 1285 ومعه صدقات الملكة، ونزل عند المترجم، وأقام في الحديدة أربعين يوما، وسافرا معًا للحرمين، ثم رجع صديق إلى بهوبال، وتزوج الملكة شاهجهان المذكورة، وحسنت سيرتها، ثم أرسل القاضي زين الدين لأخيه المترجم بأن يرسل أحد أبنائه، فأرسل ولده محمدًا إلى بهوبال، وبعد وقت قصير طلبت الملكة المترجم إلى الهند، وأن يستوطنها بأهله، وكتب إليه أخوه القاضي زين الدين بذلك، فجاءها واستوطنها، متصديا للإقراء والتدريس، ورجع بعد استقرارها لليمن نحو ثلاث مرات لحاجات قضاها. انتهى ملخصًا. [7] وقال في تقديمه لكتاب صديق حسن خان من تأليف محمد اجتباء الندوي: ومن مآثره وحسناته [يعني صديق خان] أنه كان السبب في انتقال العلامة الشيخ حسين بن محسن الأنصاري اليماني الانتقال الأخير الدائم، وإقامته في بهوفال، وهو الذي انتهت إليه رئاسة تدريس الحديث الشريف، وانتشرت إجازته في الهند في أوائل القرن الرابع عشر الهجري، وتخرج عليه أئمة تدريس الحديث وكبار أساتذته في شبه القارة الهندية، وبوجود العلامة الأمير على منصة الرئاسة والإمارة، وطلوع السهيل اليماني في جواره وحماه: أصبحت بهوفال محط رحال العلماء، ومنتجع رواد الحديث، وكانت لعلم الحديث نهضة وانتفاضة لا نظير لها حتى في البلاد العربية، وفي مراكز هذا العلم القديمة، ونشطت حركة التأليف والتدريس والشرح في طول الهند وعرضها، وكان للسنة وحَمَلتها والدعاة إليها جولة وصولة، وكان لأهل البدع ضعف واختفاء في ربوع هذه الإمارة الإسلامية التي مَلَك زمام الأمور فيها مدة من الزمن، وكانت له فيها الكلمة المسموعة والأعلام المرفوعة. انتهى.

قلت: ومن نافلة القول بأن هذه النهضة هي -للإنصاف- نتاج جهد مشترك ومتمم بين مدرسة المترجم ومدرسة نذير حسين في دهلي، كما هو ماثل في التاريخ وأرض الواقع، ويأتي بعض الحديث عنه قريبًا. ومما تنبغي الإشارة إليه أيضا أن للمترجم وذريته دور عظيم في إحياء اللغة العربية وآدابها في الهند، وآثارهم باقية إلى الآن، ولا سيما في ندوة العلماء.

[8] أما كون المترجم على نهج السلف الصالح، وهو أحد أبرز الذين كتبوا تأييدًا للغزنويين في مسائل الصفات ضمن تقاريظ رسالة الأربعين، وخبرها مذكور في ترجمة الإمام عبد الجبار الغزنوي في هذا الكتاب.

ومن جهود المترجم في المنافحة عن الإسلام والسنة: أنه من أول وأكبر من أصدر فتوى تكفير الزنديق ميرزا غلام أحمد القادياني، في الوقت الذي انطلى على بعضهم أنه من الأولياء! إلى أن ادعى النبوة فلم يبق له عذر لمعتذر. ونص المباركفوري في ثنائه عليه اجتهاده في إحياء السنن وقمع البدع والمنكرات. وقال في إجازته لإسحاق آل الشيخ: الولد العلامة الكامل: إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، الداعي إلى توحيد الإله المجيد التواب، زاكي الحسب، عريق النسب.. الخ.

[9] جاء خبر ذلك في مراسلة بين المترجم وتلميذه منهاج الدين بن سراج الدين، عندي صورتها.

[10] قلت: تعليقاته ذكر أنها في مكتبة ندوة العلماء، وهي على مشكلات السنن، ويظهر من النقول عنها تحقيقه وسعة اطلاعه، ومن ذلك في قول أبي داود (رقم 975): حدثنا محمد بن داود بن سفيان، ثنا يحيى بن حسّان، ثنا سُليمان بن موسى أبو داود، ثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جُنْدُب، حدثني خُبيب بن سليمان بن سَمُرة، عن أبيه سُليمان بن سَمُرة، عن سَمُرة بن جُنْدُب رضي الله عنه: أما بعد، أَمَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في وَسَطِ الصلاة أو حين انقضائها فابدؤوا قبل التسليم فقولوا: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ وَالصَّلَوَاتُ وَالْمُلْكُ لله، ثُمَّ سَلِّمُوا على الْيَمِينِ، ثُمَّ سَلِّمُوا على قَارِئِكُمْ وَعَلَى أَنْفُسِكُمْ.

قال أبو داود: سُليمان بن موسى كوفيُّ الْأصل كان بدمشق. قال أبو داود: دلّت هذه الصحيفةُ  على أن الحسن سمع من سَمُرة.

فأشكل قوله الأخير على عدد من العلماء، وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب (2/235): لم يظهر لي وجه الدلالة بعد. ولكن المترجم حلّ الإشكال في فتاويه نور العين (1/قبل 138): بأنه وقع في بعض النسخ الخطية لأبي داود: وقال أبو داود: وحدثنا جعفر بن سعيد بن سمرة بن جندب، قال: حدثني الحسن، قال: سمعت سمرة يقول في خطبته: أما بعد. ونقله في حاشية بذل المجهود (5/300-301) عن مكتوب للمولوي عبد الجبار من أهل الحديث، عن فتاوى المترجم. وعزاه أحد من علق على سنن أبي داود لجميع وسائط النقل في الحاشية عدا واسطة أهل الحديث المذكورة.

[11] وإجازته محفوظة في مكتبة شيخنا المعمر محمد بن عبد الرحمن بن إسحاق آل الشيخ حفظه الله.

[12] وقال: إنه أجازه بعد الامتحان. وهذه فائدة.

[13] ورأيت في مجموع إجازته عبد الحي الكتاني (ق195) نص إجازة المترجم، وأجاز فيها عبد الحي، وأخاه محمد، وأباهما عبد الكبير، وقال: وأولاد جميعهم، وتاريخها يوم الأربعاء الخامس والعشرين من شهر صفر سنة 1325، فدخل بذلك عدد في الإجازة.

وكان شيخ الرواية عبد الحي الكتاني المذكور يفاخر وينوه بإجازة المترجم، انظر مثلا: فهرس الفهارس (2/694 و860).

مصادر : موقع شبكة الألوكه