مستخدم:Hatemet/ملعب
تاريخ الماتلين2
أ- تعريف بالماتلين:
نحن بصدد تحديد موقع جغرافي حديث يقع شمال غرب العاصمة التونسية على خط العرض 37.25 و خط الطول 10.5 تصل أعلى نقطة ارتفاع به 206 متر (676 قدم) و يمتد شريطه الساحلي إلى أكثر من 6 كيلومتر وبه رأس بحري يعرف رأس الزبيب أو كاب زبيب يقع بين رأسين مشهورين هما رأس سيدي علي المكي في غار الملح و الرأس الأبيض في بنزرت، يحمل اسم الماتلين وينتمي إلى معتمدية رأس الجبل.
تبعد الماتلين عن تونس العاصمة قرابة 60 كلم و يمكن الوصول إليها بالطريق السريعة رقم 4 الرابطة بين تونس – بنزرت بالدخول من محول على مستوى مدينة العالية باستعمال الطريق الجهويّة رقم 70 أو محوّل مدينة أوتيك باستعمال الطّريق الجهويّة رقم 69 باتجاه رأس الجبل .
تجاور بلدية الماتلين عدة مدن كبني عطاء شرقا ومنزل الجميل غربا وسيدي علي الشباب جنوبا كما تقترب كل القرب من مدن رأس الجبل و[[[العالية ]]]] ورفراف وغار الملح وعوسجة.
تأسّست بلديّة الماتلين في 3 ماي 1967 و تشمل المنطقة إداريا 3 عمادات:
- تتكوّن الأولى من (ماتلين المدينة، سيدي بوشوشة ورأس الزبيب). - تتكوّن الثانية من (الماتلين الغربية والعوينة والدّمنة). - تتكوّن الثالثة من (القرية وسيدي عبد العزيز و الدّريديّة).
تبلغ مساحتها 2798 هكتارا ويصل عدد سكانها إلى ما يقارب 15 ألف نسمة بعد أن كانت (سنة2014 ⇐ 14.147 نسمة).
تعتبر العيون المائية أحد المميزات الكبرى للمنطقة و هي تنتشر في كل مكان (عين بلد – عين سامورجي – عين شاه ارلي - عين السمار - عين الشفاء - عين الباردة - عين الصغيرة -عين البيت - غدير العين - غدير القصبة – وغيرها....)إلى جانب عدد هام من الآبار (بئر حفيش - بئر زروق-بئر الشتاكة..)و قد قامت حول هذه النقاط المائية عديد الأحياء القديمة والحديثة نذكر من بينها (حي العوينة وحي النخلة..).
كيف جاءت تسمية الماتلين؟
حتى تسعينات القرن الماضي، كانت الاجابة حول السؤال "كيف جاءت تسمية الماتلين؟"، عددا من الروايات والحكايات والتخيّلات التي يرويها كبار السن، بين من يقول أن رجلا ثريا إسمه لين كان يحكم البلدة وكان ظالما مستبدا فلما مات فرح الأهالي فردّدوا فرحين (مات لين مات لين) ومن هنا جاءت التّسمية.
ومن يحكي أنّ مجموعة من رعاة الأغنام أنهكهم العطش فراحوا يبحثون عن الماء في الأنحاء حتّى وجدوه في مكان وراءهم فصرخوا يخبرون أصحابهم (الماء تالانا) أيْ وراءنا وبهذا نشأت التسمية.
وهناك من تخيّل أن موقع البلدة بين تلّتيْن يتواجد فيهما عيون الماء هو ما أسهم في التّسمية فكانت (ماء التّلّتيْن) فكانت بداية التسمية .
كلّ هذه القصص والرّوايات أسهمت بصورة أو بأخرى في جعل ثلّة من المثقفين يحاولون تلمّس الحقيقة حول سبب التّسمية وكانت النتائج باهرة:
رأي المثقفين
هنالك من ربط التّسمية بالأصول الأندلسيّة فقال أنّها ربّما تكون على علاقة بحصن في إسبانيا اليوم عُرِف (مكلين- متلين).
وهناك من قال أنّ التّسمية على علاقة وطيدة بالأصول التركية التي قدمت من جزيرة توجد اليوم في اليونان تعرف(متليني) ولد فيها الإخوة بربروس قادة الأساطيل البحرية الذين حكموا الجزائر واحتلوا بنزرت وتونس.
بينما أرجع آخرون التّسمية إلى الفترة الرّومانية ونسبوها إلى قائد روماني شغل خطّة قنصل في افريقية عرف (ميتالوس)[1].
وتفرّد المرحوم عثمان الكعاك برأي يقول أن التسمية تحمل أصولا بربريّة لعلها لقبيلة مادلين.
الماتلين تسمية تحمل عدّة دلالات
حين نراجع التاريخ في البلاد التونسية تستوقفنا عدة محطات قد تكون لها صلة بتسمية الماتلين، ومن أبرز هذه المحطات، أن المنطقة عريقة الحضارة قد تعود إلى حقبة ما قبل التاريخ، وهذا موكول للأبحاث والتنقيبات وما ستسفر عنه من نتائج، إلا أننا أصبحنا اليوم ندرك عدّة خفايا برزت إلى النور بعد أن حصل شبه يقين أن المنطقة حملت عدة تسميات سابقة أبرزها (تينيزا)، وهذه التسميةالتي تعود بجذورها إلى الفترة البونيقية لتتواصل مع الرومان وقد حاول الكثيرون فك رموزها وأصولها فكانت المفاجأة أنها تعني بالبربرية (محطة للاستراحة والتخييم) رغم تشابهها مع تسمية سمك (التن) الذي اشتهرت بصيده المنطقة عبر الزمان، فهي كانت مثل جارتها أوتيك محطة للتوقف والتزود بالمؤونة بعد قطع مرحلة صعبة في (رأس اشمون /أبولون) لبلوغ بنزرت، وتأكدت أهميتها بعثور الباحثين على ميناء قديم في الدمنة كان يستغل على الأرجح لنقل مواد البناء من المقاطع الحجرية الملاصقة للبحر، هذه الصخور التي نقلت بالمراكب لتشييد أوتيك. ولعل تسمية (تينيزا) تعني (الثنية) (بالبربرية /الأمازيغية) وهي المقصودة في كتاب أبو عبيد البكري المسالك والممالك [2]: حيث قال في (الجزء الثاني):
" ويلي طبرقة من المراسي المشهورة مرسى قرطاجنة، وبينهما من المراسي الصغار مرسى أنف أبي خليفة قبالته جزائر الأخوين. ثمّ مرسى الروم، ثمّ مرسى القبّة وهو مرسى بنزرت، وعلى مقربة منه جزيرة قملارية منه يقطع قواطع الطير من الأندلس وغيرها إلى بلاد الروم، وهناك ترتقب سكون الريح لطيرانها فتستعلي على أوطانها. ثمّ مرسى رأس الجبل وهو مشتى مأمون. ثمّ مرسى الثنية، ثمّ رباط قصر أبي الصقر، وقبالته جزائر الكرّات الّتي قتل فيها زيادة الله عمومته وإخوته. ثمّ مرسى رباط قصر الحجّامين، ثمّ مرسى قرطاجنة."
كماعرفت منطقة الماتلين باسم مرسى بني وجاص تسمية تبدو غريبة ومحرّفة لا نجد لها معنى في تاريخ شمال افريقيا إلا أن تكون بربرية وقد برزت التسمية خلال القرن 12م وهي الفترة التي شهدت نشوء الدولة الموحديّة واتساعها في كامل شمال افريقيا ثمّ بروز حكم السلالة الحفصية في تونس.
أدى استقرار الحكم للحفصيين في البلاد إلى القضاءعلى حكم الدويلات ومنها ما كان يعرف (دولة بني الورد)في بنزرت. هذه الدويلة التي نشأت على إثر الهجرة الهلالية على غرار (بنو خراسان/بنو زيري/بنو حماد/بنو غانية..)وهي تسميات اتخذت نسبة إلى سلالة القبيلة الحاكمة وتحمل إما جذورا عربية أو بربرية، مثلا:
بنو خراسان:يقول عنهم ابن خلدون ("لما تغلّب العرب على القيروان وأسلم المعزّ وتحوّل إلى المهدية، اضطرمت إفريقية نارا. واقتسمت العرب البلاد عمالات، وامتنع كثير من البلاد على ملوك آل باديس مثل أهل سوسة وصفاقس وقابس، وصارت صاغية أهل إفريقية إلى بني حمّاد ملوك القلعة وملكو القيروان، كما تقدّم. وانقطعت تونس عن ملك المعز، ووفد مشيختها على الناصر بن علناس، فولّى عليهم عبد الحق بن عبد العزيز بن خراسان، يقال إنه من أهل تونس، والأظهر أنه من قبائل صنهاجة، فقام بأمرهم وشاركهم في أمره وتودّد إليهم وأحسن السيرة فيهم. وصالح العرب أهل الضاحية على أتاوة معلومة لكفّ عاديتهم. )"
بنو زيري:يرجع نسب بني زيري إلى قبيلة صنهاجة البربرية؛ التي تنتمي إلى فرع من البرانس، ولم تكن صنهاجة مجرد قبيلة؛ بل كانت شعبًا عظيمًا، لا يكاد يخلو قطر من أقطار المغرب من بطونه وأفراده، مما دفع ابن خلدون إلى القول بأنهم يمثلون ثلث البربر. وقد سكنت صنهاجة في مساحات شاسعة؛ امتدت من نول لمطة في جنوب المغرب الأقصى إلى القيروان بإفريقية، وهى منطقة صحراوية، آثروا السكنة فيها على غيرها من المدن الآهلة، لأنها- كما علل ابن خلدون- تتوافق مع طباعهم، ورغبتهم في الابتعاد عن الاختلاط بالناس، والفرار من الغلبة والقهر.
وظهرت أسرة بني زيري -في أول أمرها- في طاعة الفاطميين، وتعاونت معهم في صد الأخطار التي تعرضت لها دولتهم ببلاد المغرب، وكان أول اتصال بينهما في عهد المنصور الفاطمي، حين قدم زيري بن مناد وأهل بيته وقبيلته لمحاربة أبى يزيد الخارجي في سنة (335هـ / 946م)، فخلع عليه المنصور، ووصله، وعقد له على أهل بيته وأتباعه وقبيلته، فعظم شأنه، وصار بنو زيري أعوانًا وأتباعًا للفاطميين، ومن ثَم نشب الصراع بين الصنهاجيين، وقبائل زناتة، لأن زناتة كانت دائمة الإغارة على ممتلكات الدولة الفاطمية.
وحين عزم المعز لدين الله على الرحيل إلى مصر في سنة (361هـ / 972م) للانتقال إليها بخلافته، وقع اختياره على يوسف بُلكِّين بن زيرى بن مناد الصنهاجي ليتولى الإمارة بالمغرب خلفًا للفاطميين.
بنو حماد: ينتمي بنو حماد إلى قبيلة صنهاجة، إحدى أكبر القبائل البربرية في المغرب الأوسط، وكان من زعمائها المشهورين زيري بن مناد الصنهاجي الذي قدم العون للعبيديين الفاطميين، وبعد وفاته ولَّى المعز لدين الله الفاطمي سنة 361هـ/971م حينما أراد التوجه إلى مصر، ابنه بلكين أو بلقين أميرًا على المغرب كله وسماه يوسف، وكناه أبا الفتوح ولقبه سيف الدولة. ويرجع نسب الحماديين إلى حماد بن بلكين بن زيري الصنهاجي، و هو من أشهر ملوك صنهاجة، وكان حماد الرابع في ترتيب أبناء بلكين، وهو أول أمراء الأسرة الحمادية، وكانت ولادته قبل استقلال أبيه بلكين بحكم المغرب الأوسط سنة 361هـ بعدة سنوات، ربما في عام 353هـ أو 354هـ.
بنو غانية: ينتمي بنو غانية حكام الجزائر الشرقية (البليار) إلى قبيلة مسوفة الصنهاجية، وكان كبيرهم علي بن يحي المسوفي مقربا لدى أمير المرابطين يوسف بن تاشفين وأحد رجالاته. فزوَّجه امرأة من أهل بيته تسمى غانية، فنُسبوا إليها، وهو تقليد مرابطي معروف.
بنو جامع: كانت قابس وضواحيها في قسم زغبة من عرب هلال.ثم غلبتهم رياح عليها ونزل مكن بن كامل بن جامع من بني دهمان أخوة فادغ وهما معاً من بني علي إحدى بطون رياح فاستحدث بها مكن ملكاً لقومه بني جامع وأورثه بنيه إلى أن استولى الموحدون على إفريقية وبعث عبد المؤمن عساكره إلى قابس ففر عنها مدافع بن رشيد آخرهم وانتظمها كما ذكرناه في أخبارهم وملكها وانقرض ملك بني جامع وصارت قابس وعملها للموحدين.
بنو مكّي: في قابس، وبنو مكي ونسبهم في لواتة وهو مكي بن فراج بن زيادة الله بن أبي الحسن بن محمد بن زيادة الله بن أبي الحسين اللواتي.وكان بنو مكي هؤلاء خالصة للأمير أبي زكرياء.ولما اعتزم على الاستبداد داخل أبا القاسم عثمان بن أبي القاسم بن مكي وتولى له أخذ البيعة على الناس فكان له ولقومه بذلك مكان من الموالي أبي زكرياء رعى لهم ذمتها ورفع من شأنهم بسببها ورموا ببني سليم نظرائهم في رياسة البلد بصاغيتهم إلى ابن غانية فأخمدوا ذبالهم واستقلوا بشورى بلدهم.
بنو الورد: بنو الورد أو اللخميون نسبة إلى بنو لخم وينتسب بنو الورد إلى الورد بن ذي عابل بن اقيان بن زرعة بن الهميسع بن حمير بن سبا وهو أول من تسمى بالورد, اسم من أسماء الاسد، من قبائل اليمن.
تحدث عنهم المؤرخ عبد الرحمان بن محمد الحضرمي شهر ابن خلدون في كتابه بعنوان تاريخ الأمازيغ والهجرة الهلاليةفقال:
"لما كان أبو رجاء اللخمى عند اضطرام نار الفتنة بالعرب وتقويض المعز عن القيروان إلى المهدية وتغلبهم عليها قد ضم إليه جماعة من الدعار ، وكان ساكنا بقلعة قرسبنة من جبل شعيب فكان يضرب على النواحى بجهة بنزرت فريقان أحدهما من لخم وهو قوم الورد وبقوا فوضى واختلف أمرهم فبعثوا إلى الورد في أن يقوم بأمرهم، فوصل إلى بلدهم فاجتمعوا عليه وأدخلوه حصن بنزرت وقدموه على أنفسهم فحاطهم من العرب ودافع عن نواحيهم وكان بنو مقدم من الاثبج ودهمان من بنى احدى بطون رياح هم المتغلبون على ضاحيتهم فهادنهم على الاتاوة وكف بها عاديتهم واستفحل أمرهم وسمي بالامير وشيّد المصانع والمباني وكثر عمران سدون إلى أن هلك فقام بأمره ابنه طراد ..."
(انتهى الاقتباس)
تواصلت هذه التسمية طيلة حكم الدولة الحفصيّة سنجدها في أطلس علي بن أحمد بن محمد الشرفي الصفاقسي وهو جغرافي تونسي من عائلة علمية أصلها أندلسي، عاش في القرن 16 الميلادي، كما سيرد ذكرها في كتابات محمود بن سعيد مقديش عرف أبي الثناء الصفاقسي من خلال نزهة الأنظار في عجائب التاريخ والأخبار عاش بين( 1154ه - 1228ه = 1742م - 1813م) وهو فقيه ومؤرخ تونسي، وهو الزمن الذي يتوافق مع بروز تسمية الماتلين، حيث يقول:
"وإلى رأس الطرف اثنا عشر ميلا، ومنها إلى بنزرت ثمانية أميال، ومنها إلى مرسى بني وجّاص اثنا عشر ميلا. ومن مرسى بني وجّاص إلى رأس الجبل ثلاثة عشر ميلا جونا، وعلى هذا الجون قصور. فمن أول رأس بني وجّاص إلى قصر مرسى الوادي ثلاثة أميال، وهو مسقط نهر صغير، ومنه إلى قصر مرسى داود (215) ثلاثة أميال، ومنه إلى قصر موسى خمسة أميال، ومنه إلى طرف الجبل ميلان، وهذا الطرف يعرف بالكنيسة، وهو أول الجون الذي في وسطه مدينة تونس وبحيرتها."
وإذا كانت منطقة الشمال الشرقي لولاية بنزرت قليلة الذّكر في المصادر المكتوبة خلال الفترة الموالية للقرن 16م فيمكننا أن نراجع الأحداث التي مرت بها مدينة بنزرت (هيبو زاريتوس): بنزرت أو بني زرت Bizerte / Bizerta :
وهي مدينة على الشاطئ الشمالي لبلاد تونس على مسيرة أربعين ميلا تقريبا من شمالي غرب مدينة تونس، بينها وبين الماتلين غابة الرمال في مدينة منزل الجميل وهي بين البحر وبين بحيرة متوغلة في داخل البلاد مسافة أحد عشر ميلا تبلغ مساحتها 35 ميلا مربعا.
وموقع بنزرت يسيطر على المضيق بين صقلية والشاطئ الإفريقى، ولذلك فقد كان له شأن عظيم من الناحية الحربية خلال العديد من الفترات التاريخية.
عرفت خلال الحقبة الفينيقية باسم هيوديريتوس وقد أصبحت من ممتلكات قرطاجنة، ثم استولى عليها الرومان بعد ذلك وجعلوا منها مستعمرة يحكمها أغسطس.
وخربها القوط ثم فتحها معاوية بن حديج عام 41 هـ 661 - 662 م، واستعادها الروم وظلت في حوزتهم لفترة قصيرة، ثم استولى عليها آخر الأمر حسان بن النعمان بعد أن أحكم سيطرته على قرطاجنة.
وذكرها ابن حوقل في القرن الثالث الهجرى فقال إنها قصبة الكورة البحرية سطفورة، ولو أنها كانت في ذلك الوقت قد هجرها الناس تقريبا وعمها الخراب وأفاقت المدينة من كبوتها، وشاهد ذلك أنها كانت زمن البكرى محاطة بسور من الحجر. وكان بها جامع وعدة أسواق، كما كانت مركزا هاما لتجارة الأسماك.
وكانت تشرف على المدينة قلعة يتخذها أهلها ملجأ يحتمون فيه من غارات الروم ورباطا لأولئك الذين يريدون تكريس حياتهم للعبادة. وكان بالمدينة في ذلك الوقت مرسى يعرف بمرسى القبة.
وروى الإدريسي أن بنزرت مدينة نشطت فيها الحركة التجارية. وقاست بنزرت كثيرا من جراء الفتن والغارات التي خربت بلاد تونس. ووقعت بسبب الغزوة الهلالية في يد أفاق عربي يدعى الورد اللخمى فاستقل بها. وخضعت لعبد المؤمن عام 1160, وغزاها يحيى بن غانية المرابطى فيما بين عامي 1202 - 1203.
وظلت الأحوال راكدة في بنزرت إلى القرن السادس عشر على الرغم من وفود العرب من الأندلس وبنائهم ضاحية الأندلسيين فيها.
ويصفها الحسن بن محمد الزياتى بقوله إنها بليدة أهلها فقراء مساكين وفي القرن الخامس عشر كثر عدد القرصان في هذا الثغر؛ شأنه في ذلك شأن بقية ثغور الدول البربرية، وأخذ هذا العدد يزداد بعد ذلك إلى حد حمل الدول المسيحية على أن تتخذ من الخطوات ما هو كفيل بإيقاف غارات هؤلاء القرصان.
قاد الفرنسيون والجنويون حملة لاخضاع بنزرت بقيادة كبير أساقفة سالرنو عام 1516، غير أنها لم تستطع الاستيلاء على المدينة.
في عام 1534 أصبح خير الدين سيد تونس فاستغل أهل بنزرت ذلك للخروج عن سلطان بنى حفص وخضعوا له.
لكن شارل الخامس استولى علي بنزرت في العام التالي بعد دخوله مدينة تونس فوضع بها حامية. ثم عمد على الفور إلى تخريب الحصون، ولكن الأسبان أعادوا بناءها بعد ذلك وشيدوا قلعة أخرى سموها قلعة أسبانيا؛ ولا تزال هذه القلعة معروفة إلى اليوم.
وانتهى الحكم الأسبانى للمدينة عام 1572 عندما احتلها الأتراك آخر الأمر.
أصبحت بنزرت بعد ذلك معقل قرصان البربر. وكان القراصنة الذين يقلعون من هذا الثغر لا يهابون أن يغيروا على شواطئ صقلية وإيطاليا وأن يهاجموا المراكب الخاصة بأعظم الدول النصرانية على الرغم من وجود مراكب فرسان مالطة. وكان معتقل بنزرت يضم 2.000 أسير من النصارى.
وفي نهاية القرن السابع عشر قررت فرنسا أن تلجأ إلى القوة بعد أن وجدت أن المفاوضات مع حكام تونس لا يمكن أن توقف القرصنة، فضرب القائد دوكوسن Doquesne المدينة بالقنابل عام 1681 وعام 1684 م. وحملت نفس الأسباب الفرنسيين على ضرب المدينة ثانية بالقنابل في القرن الثامن عشر، وتم ذلك على يد عمارة بحرية فرنسية يقودها أمير البحر ده بوفيه de Boves في اليومين الرابع والخامس من يولية عام 1770 م. وبعد 15 سنة أعاد الكرة أمير البحر البندقى إيمو Emo الذي كاد أن يخرب المدينة تخريبا تاما عام 1785.
وأخذت بنزرت في الاضمحلال في القرن التاسع عشر وذلك من جراء إخضاع القراصنة وامتلاء الثغر بالمستنقعات. ولم تكن بنزرت سوى بليدة خيمت عليها التعاسة تخترقها دروب مليئة بالرمال عندما احتلها الجنود الفرنسيون في الأول من ماي سنة 1881 في بداية الحملة على بلاد تونس.
أما اسم بنزرت الحديث الذي كان يكتب (بنى زرت) ففيه إشارة تدل على أنه اسم لعشيرة على غرار أسماء الدويلات التي برزت في تونس بعد الزحف الهلالي وانحلال الحكم الفاطمي وهو قريب كل القرب من من قبيلة بني زيري التي عهد إليها الفاطميون حكم افريقية اثر استقرارهم بالقاهرة.
بروز تسمية الماتلين
خلال أواخر القرن 17م أو بداية القرن 18م برزت تسمية الماتلين وعرفت كمشيخة يترأسها الشيخ قاسم زعوقة إلى حين وفاته سنة 1195هج الموافق لسنة 1780م وقد خلفه حفيده الشيخ الحسن بن علي الذي كان فيمن دافع عن بنزرت حين ورد إليها العدوان في تلك الفترة من قبل البحر وتوفي في شعبان سنة 1246هج الموافق لسنة 1830 م، ذلك أنّ والده عليّا قد أصبح خطيبا بجامع الماتلين الأعظم.[4]
كما ورد ذكرها في رحلة القس الاسباني خاميناز (حوالي 1725) حين قال أنها مدينة أنشأها الأندلسيين تتكون من 200 منزل.
غير أنّ ما شهدته الجهة من الأوبئة ساهم إلى حد كبير في فقدان سكان هذه المنطقة لجذورهم التاريخية.
تاريخ الأوبئة في تونس راجع [5]
قال ليون الإفريقي أن الأوبئة تظهر كل عشرة سنوات أو كل خمس عشرة أو خمسة وعشرين سنة وأكد ذلك أحمد السعداوي فقد أحصى إلى نهاية القرن الخامس عشر حوالي 10 طواعين بمعدّل طاعون كل عشرة أو عشرين سنة ومن بينها طواعين وكانت هذه الطواعين استفاقة للطاعون الأعظم ولكنها أقل فتكا منه وكان بعضها محليا ولم يتمدّد.
تاريخ الوباء في بنزرت خلال القرن 18م
بدأت بوادرالوباء بالظهور خلال سنة 1701 حيث قدمت ثلاث سفن لمراد باي من الاسكندرية وأرسلت في ميناء كاب فارينا وهي تحمل على متنها قرابة ألف جندي كان بعضهم مصابا بالطاعون. وفي سنة 1705 قدم جنود من طرابلس مصابون بالوباء وأصيب به عناصر مكن الجيش وانتشر الوباء بسرعة حاصدا 700 ضحية يوميا في تونس العاصمة وحدها. وفي سنة 1784 كانت موجة جديدة من وباء الطاعون على اثر وصول حجاج من مكة وهو يعتبر الأكثر عنفا.
تأثير الأوبئة على العنصر السكاني في ولاية بنزرت: ّ
مات الكثير من البشر ونزح عدد كبير وهكذا لم تعد يعرف على وجه الدّقة أصول التسميات القديمة ومن بينها الماتلين إلا أن جملة الروايات والقصص التي كان يرويها الأجداد للأطفال عند السمر ربما كانت تحمل بصيصا من الضوء لذلك التاريخ المفقود.
ذلك أن كل قصة منها تحمل جذورا عميقة، حكم الاقطاعيون من الروم البيزنطيين كامل المنطقة وكانوا يرتادونها للنزهة والاصطياف والصيد كما كانوا يملكون أراضيها الخصبة على الساحل كما في الداخل وصولا إلى منطقة القرية، ويمكن معاينة آثار الدهاليز الجالبة للمياه وأحواض الاستحمام ولوحات الفسيفساء القديمة إلى اليوم في أماكن مختلفة من الماتلين الكبرى. كما مثل موقع الماتلين مكانا استراتيجيا هاما يطل على حوض البحر الأبيض المتوسط ومن الثابت لدينا أن البلدة كانت عبارة على قصر محصّن فمن البديهي أن البيزنطيين كانوا يحكمون السكان المحليين من البربر وعلى هذا الأساس فربما كان اسم حاكم الماتلين في ذلك الزمن:" (لين/ليون/إليان)" وترديد أجدادنا أنه "مات" ليس مستبعدا إذا كان هذا نطقهم بلغتهم ولكننا نشك أن تطلق التسمية بهذه الكيفيّة على حاكم مكروه من الأهالي.
كما يمكن أن يكون للقصّة وجه آخر كأن يكون قُبًيْل وصول العثمانيين قد تواجد حاكم من أصول إسبانية اسمه (ليون)يكرهه الأهالي من العرب والبربر فصاحوا فرحين عند موته (مات ليون أو لين).
ولكن قصّة وجود معمّر يوناني يدعى (لين) فعلى حدّ علمنا لا وجود لمثل هذه الرواية في المنطقة، وهي حسب رأينا مجرّد تلفيقات لا أساس لها من الصحة التاريخية ولا في موروثنا الشفويّ.
أما إذا أردنا الخوض في قصة الرّعاة رعاة الغنم الذين بحثوا عن الماء في جهة خلفية فنحن نعتبر أن ذلك مؤشر جاد حول حقيقة أصول السكان الذين اشتهروا بتربية الأغنام (الماعز) وهم الذين استقبلوا الموجات الجديدة من الجنود المتقاعدين ومن الأندلسيين أو الموريسكيين.
عرفت المنطقة بمراعيها الجبلية وأوديتها وعيون الماء الجارية ولا يمكن لهكذا موطن أن يبقى مهجورا بالكامل حتى مع القرصنة البحرية أو حتى هروب السكان من الساحل لأنهم حتما سيحتمون بالتلال أما الدليل على وجود هؤلاء الرعاة وتصنيفهم فيمكن تتبعه إذا علمنا بوجود مكان يعرف (واد الشاوي ) وهي تسمية تعنى بالأمازيغية (شاة)نسبة للشاوية وهم جزء من سكان البلاد الأصليين وهكذا يمكننا أن نمسك طرف الخيط الرّابط بين التسمية وأصولها التاريخية في منطقة ولاية بنزرت وما جاورها. كما عرفت منطقة في المدينة بتربية الماشية والأغنام في الدهاليز الجبلية التي لا يخلو منها بيت فسميت "الدوامس".
كل هذه الروابط والمستجدات جعلتنا نعيد النظر في تاريخ المنطقة وتسميتها ونبحث عن الحقيقة الغائبة بربطها بمحيطها الجغرافي والأحداث التاريخية التي عرفتها وتجنّب البحث عن روابط نراها وهمية حول علاقة لا أحد يعلم بوجودها بين مدينة توجد في الشرق أو أخرى توجد في الغرب تصادف تسميتها بما يشبه "الماتلين".
تاريخ الماتلين من تاريخ بنزرت وما جاورها:
اقليم صطفورةنص غليظ
في أواخر العصر البيزنطي وتغلب المسلمين على قادتهم، اتجه حسان بن النعمان لمقاومة البربر في صطفورة التي كانت تحت إمرأة عرفت الكاهنة ديهيا ومنطقة نفوذها هذه تمتد بين الجزائر وتونس من منطقة الأوراس إلى الوطن القبلي حيث التلال والهضاب.
قال محمد بن محمد الشريف الإدريسي في كتابه "نزهة المشتاق في ذكر الأمصار والأقطار والبلدان والجزر والمداين والآفاق" ولد في سبتة بالمغرب في عصر حكم المرابطين سنة 1100م وتوفي سنة 1165 م ، عاش في بالرمو في جزيرة صقليّة في بلاد الملك روجر الثاني. واصفا جهة بنزرت:
"... ويتصل بأرض قرطاجنة من جهة المغرب إقليم مدينة سطفورة وهو إقليم جليل به ثلاث مدائن فأقربها إلى تونس اشلونة وتينجة وبنزرت وهي مدينة على البحر حصينة أصغر من مدينة سوسة في ذاتها وبين تونس وبنزرت يوم كبير في البر ومدينة بنزرت صغيرة عامرة بأهلها وبها مرافق وأسواق قائمة بذاتها وبالجهة الشرقية منها بحيرتها المعروفة بها والمنسوبة إليها وطولها ستة عشر ميلا وعرضها ثمانية أميال وفمها متصل بالبحر وكلما أخذت في البرية اتسعت وما قربت من البحر ضاقت وانخرطت...
كما تذكر الكثير من المصادر أن حسّان دخل القيروان سنة 74هـ / 694م، وبادر بالزحف على "قرطاجنة"، وهى أكبر قاعدة للبيزنطيين فى إفريقية "تونس" في ذلك الوقت ودمرها تمامًا، ثم طارد فلول الروم والبربر، وهزمهم فى "صطفورة" و"بنزرت" وأقام فيها رباطا لردّ الهجومات المفاجئة للرّوم ثم عاد إلى القيروان.. وتتحدث مصادر أخرى أن أوّل من افتتحها من العرب هو القائد معاوية بن حديج الذي كان مقاتلا في جيش [عبد الملك بن مــروان]] سنة 41 هـ.
وقال عنها الرحالة البكري في كتابه المسالك والممالك، قال:"وبشرقي مدينة طبرقة على مسيرة يوم وبعض آخر قلاع تسمّى بقلاع بنزرت، وهي قلاع يأوي إليها أهل تلك الناحية إذا خرج الروم غزاة إلى بلادهم، فهي مفزع لهم وغوث وهي رباطات للصالحين، وقال محمّد بن يوسف (في ذكر) الساحل من طبرقة إلى مرسى تونس فقال: مرسى القبّة عليه بنزرت وهي مدينة على البحر يشقّها نهر كبير كثير الحوت وعليها سور حصين وبها جامع وأسواق وحمامات وبساتين ، وهي أرخص البلاد حوتا. وافتتحها معاوية بن حديج سنة إحدى وأربعين، وكان معه عبد الملك بن مروان، فشدّ عن الجيش فمرّ بامرأة من العجم من عمل بنزرت فقرته وأكرمت مثواه، فشكر ذلك لها، فلمّا ولي الخلافة كتب إلى عامله بإفريقية في المرأة وأهل بيتها فأحسن إليهم وظاهر النعم لديهم.
وقال عنها ياقوت الحموي: بَنْزَرْتُ، بفتح الزاي، وسكون الراء، وتاء فوقها نقطتان: مدينة بإفريقية، بينها وبين تونس يومان، وهي من نواحي شطفورة مشرفة على البحر، وتنفرد بنزرت ببحيرة تخرج من البحر الكبير إلى مستقرّ تجاهها، يخرج منها في كل شهر صنف من السمك لا يشبه السمك الذي خرج في الشهر الذي قبله إلى انقضاء الشهر، ثم صنف آخر، ويضمنّه السلطان بمال وافر، بلغني أن ضمانته اثنا عشر ألف دينار، قال أبو عبيد البكري: وبشرقي طبرقة على مسيرة يوم وبعض آخر قلاع تسمّى قلاع بنزرت، وهي حصون يأوي إليها أهل تلك الناحية إذا خرج الروم غزاة إلى بلاد المسلمين، فهي مفزع لهم وغوث، وفيها رباطات للصالحين، قال وقال محمد بن يوسف في ذكر الساحل: من طبرقة إلى مرسى تونس مرسى القبة عليه مدينة بنزرت، وهي مدينة على البحر يشقها نهر كبير كثير الحوت، ويقع في البحر، وعليها سور صخر، وبها جامع وأسواق وحمامات، افتتحها معاوية بن حديج سنة 41، وكان معه عبد الملك بن مروان.
واقليم أو كورة صطفورة هو منطقة نفوذ البربر مما لا شك فيه ولا اختلاف.
قبائل البربر وتصنيفهم
قبائل البربر:
هذا الجيل من الآدميين هم سكان المغرب القديم ملئوا البسائط والجبال من تلوله وأريافه وضواحيه وأمصاره يتخذون البيوت من الحجارة والطين ومن الخوص والشجر ومن الشعر والوبر.
ويظعن أهل العز منهم والغلبة لانتجاع المراعي فيما قرب من الرحلة لا يجاوزون فيها الريف إلى الصحراء والقفر الأملس. ومكاسبهم الشاء والبقر والخيل في الغالب للركوب والنتاج.[6]
يتفق علماء النسب أن البربر يجمعهم جذمان عظيمان وهما برنس وماذغيس. ويلقب ماذغيس بالأبتر فلذلك يقال لشعوبه البتر ويقال لشعوب برنس البرانس .
أ) شعوب البرانس: عند النسابين يجمعهم سبعة أجذام:
1-ازداجة
2-مصمودة
3-أوربة
4-عجيسة
5-كتامة
6-صنهاجة
7-أوريغة.
وزاد سابق بن سليم وأصحابه: لمطة وهكسورة وكزولة.
هذه جماع مذاهب أهل التحقيق في شأنهم فمن ازداجة مسطاطة ومن مصمودة غمارة بنو غمار بن مصطاف بن مليل بن مصمود ومن أوريغة هوارة وملد ومغر وقلدن. فمن هوار بن أوريغ مليلة وبنو كهلان ومن ملس أوريغ سطط وورفل وأسيل ومسراتة. ويقال لجميعهم لهانة بنو لهان بن ملد. ويقال إن مليلة منهم. ومن مغر بن أوريغ ماواس وزمور وكبا ومصراي ومن قلدن بن أوريغ قمصاتة وورسطيف وبيانة وفل مليلة.
ب) شعوب البتر: أو بنو مادغيس الأبتر ويجمعهم أربعة أجذام:
1- أداسة
2- نفوسة
3- ضرية
4- بنو لوا الأكبر وكلهم بنو زحيك بن مادغيس.
فأما أداسة بنو أداس بن زحيك فبطونهم كلها في هوارة .وهم سفارة وأندارة وهنزولة وضرية وهداغة وأوطيطة وترهتة. هؤلاء كلهم بنو أداس بن زحيك بن باذغيس وهم اليوم في هوارة. وأما لوا الأكبر فمنه بطنان عظيمان وهما: نفزاوة بنو نفزا وابن لوا الأكبر ولواتة بنو لوا الأصغر بن لوا الأكبر.
فمن لواتة أكوزه وعتروزة وبنو فاصلة بن لوا الأصغر ومنهم مزاتة بنو زاير بن لوا الأصغر. ومغانة وجدانة بنو كطوف بن لوا الأصغر ومن لواتة سرداتة بنو نيطط بن لوا الأصغر. ودخل نسب سدراتة في مغراوة. أبو محمد بن حزم: كان مغراوة تزوج أم سدراتة فصار سدراتة أخا بني مغراوة لأمهم واختلط نسبه بهم. ومن نفزاوة أيضاً بطون كثيرة وهم ولهاصة وغساسة وزهلة وسوماتة وورسيف ومرنيزة وزاتيمة ووركول ومرنسية ووردغروس ووردين كلهم بنو يطوفت من نفراوة. وزاد ابن سابق وأصحابه مجر ومكلاتة. ولولهاصة من نفزاوة بطون كثيرة من بزغاش ودحية بني ولهاص. فمن بزغاش بطون ورفجومة وهم: رجال وطووبورغيش ووانجز وكرطيط وما انجدل وسينتت بنو رفجوم بن بيزغاش بن ولهاص بن يطوفت بن نغزاو. وذكر أن: وبنو بيزغاش لواتة كلهم بجبال أوراس. ومن دحية ورترين وتريرو ورتبونت ومكراولقوس بنو دحية بن ولهاص بن تطوفت بن نفزاو. وأما ضرية وهم بنو ضرى بن زحيك بن مادغيس الأبتر فيجمعهم جذمان عظيمان: بنو تمصيت بن ضرى وبنو يحيى بن ضرى. وقال سابق وأصحابه: إن بطون تمصيت كلها من فاتن بن تمصيت وأنهم اختصوا بنسب ضرسية دون بطون يحيى.
فمن بطون تمصيت:
1- مطماطة
2- صطفورة وهم كومية
3- لماية
4- مطغرة
5- مرينة
6- مغيلة
7- مكزوزة
8- كشاتة
9- دونة
10- مديونة كلهم بنو فاتن بن تمصيت بن ضرى.
ومن بطون يحيى: زناتة كلهم وسمكان وورصطف. فمن ورصطف: مكناسة وأوكنة وورتناج بنو ورصطف بن يحيى. فمن مكناسة ورتيفة وررتدوسن وتفليت ومنصارة وموالات وحرات ورفلابس ومن مكن بولالين وتدين ويصلتن وجرين وفوغال. ومن ورتناج: مكنسة وبطالسة وكرنيطة وسدرجة وهناطة وفولال بنو ورتناج بن ورصطف. ومن سمكان زواغة وزواوة بنو سمكان بن يحيى وابن حزم بعد زواوة التي بالواو في بطون كتامة وهو أظهر ويشهد له الوطن. ومن زواغة بنو ماجر وبنو واطيل وسمكين.
ونقلا عن ابن خلدون [7] :
(كومية) * وهم المعروفون قديما بصطفورة أحد مطاية ومضغرة وهم من ولد فاتن كما قدمنا ولهم ثلاث بطون منها تفرعت شعوبهم وقبائلهم: وهي ندرومة وصغارة وبنو يلول فمن ندرومة مفوطة وحرسة ومردة ومصمانة ومراتة ومن بنى يلول مسيفة ورتيوة وهنشبة وهيوارة ووالغة ومن صغارة ماتيلة وبنو حباسة وكان منهم النسابة المشهور مانى بن مصدور بن مريس بن نغوط هذا هو المعروف في كتبهم وكانت مواطن الكومية بالمغرب الأوسط سيف البحر من ناحية ارسكول وتلمسان وكان لهم كثرة موفوة وشوكة مرهوبة وصاروا من أعظم قبائل الموحدين لما ظاهروا المصامدة على أمر المهدى وكلمه توحيده .
كما نجد في كتاب الاستقصا [8] النص التالي: اعْلَم أَن بني عبد الْمُؤمن لَيْسُوا من المصامدة وَإِنَّمَا هم من كومية ثمَّ من بني عَابِد مِنْهُم وكومية ويعرفون قَدِيما بصطفورة بطن من بني فاتن بن تامصيت بن ضري بن زجيك بن مادغيس الأبتر فهم بَنو عَم زناتة يَجْتَمعُونَ فِي ضري بن زجيك هَذَا هُوَ الصَّحِيح وَبَعض المؤرخين يرفعون نسب عبد الْمُؤمن إِلَى قيس عيلان بن مُضر وَهُوَ ضَعِيف.
القصور والمراسي والمحارس والرباطات التاريخية بولاية بنزرت وما جاورها:
إخترنا الحديث عن هذا الموضوع لقيمته التاريخية حيث تضمنت عديد المراجع تسميات تهم هذه المراكز التي لعبت دور همزة الوصل بين المناطق الداخلية والساحلية وربطت بين القرى والمدن الرئيسية، هذا وقد اتخذت مقاييس مضبوطة لقياس المسافات القصيرة والطويلة، مثل المرحلة، والذراع، والفرسخ، والميل، واليوم.
وفي شمال البلاد التونسية وبالتحديد في ولاية بنزرت تحدث الرحالة عن أهم الطرق ووصفوها حيث نجد الشريف الادريسي قد دون في كتابه نزهة المشتاق في اختراق الآفاق - ج ١ - الصفحة 300-301 ما نصه:
الجون خمسة عشر ميلا روسية وعلى التقوير أربعة وعشرون ميلا وهناك رملة تسمى المنشار ستة عشر ميلا ومن طرف المنشار إلى قلعة أبي خليفة عشرة أميال.
ومنها قطع جون روسية عشرون ميلا وتقويرا ثمانية وعشرون ميلا وإلى رأس الطرف اثنا عشر ميلا ومنها إلى بنزرت ثمانية أميال وقد سبق ذكرها.
ومنها إلى مرسى بني وجاص اثنا عشر ميلا ومن طرف بني وجاص إلى رأس الجبل ثلاثة عشر ميلا جونا وعلى هذا الجون قصور.
فمن أول رأس بني وجاص إلى قصر مرسى الوادي ثلاثة أميال وهو مسقط نهر صغير ومنه إلى قصر ترشة داود ثلاثة أميال .
ومنه إلى قصر صونين خمسة أميال ومنه إلى طرف الجبل ميلان وهذا الطرف يعرف بالكنيسة وهو أول الجون الذي في وسطه مدينة تونس وبحيرتها.
بحذاء طرف الجبل مع التقوير إلى موقع نهر بجردة ستة أميال ومن موقع الوادي إلى قصر جلة على مقربة منه نحو من أربعة أميال ومنه إلى قصر جردان ميلان.
ومنه إلى مدينة قرطاجنة ميلان ومدينة قرطاجنة خراب كما قدمنا ذكرها ومن قرطاجنة إلى حلق وادي تونس ثلاثة أميال وهذا الوادي هو في نصف الجون.
ومن فم الوادي إلى قصر جهم اثنا عشر ميلا ومن قصر جهم إلى قصر قربص ستة عشر ميلا .
ومن قصر قربص إلى طرف أفران أربعة عشر ميلا وهو قرطيل داخل في البحر فجميع تقوير هذا الجون أربعة وسبعون ميلا وقطعة روسية .
من رأس الجبل إلى طرف أفران ثمانية وعشرون ميلا وكذلك من وسط الجون حيث فم وداي تونس إلى طرف أفران إذا قطع روسية ثمانية وعشرون ميلا وتقويرا ستة وخمسون ميلا .
ومن طرف أفران إلى مرسى قصر النخلة ستة أميال ومنه إلى قصر مينزرت اثنا عشر ميلا ومنه إلى قصر نوبة ثلاثون ميلا فذلك من فم وادي تونس إلى نوبة سبعون ميلا.
ويوازي نوبة في البحر الجامور الكبير والجامور الصغير وبينهما سبعة أميال ومن الجامور الكبير إلى نوبة اثنا عشر ميلا ومن نوبة روسية إلى رأس الرخيمة ميل واحد بجون وهذا الجون غلى التقوير ستة أميال وهو قصير كله.
ومن رأس الرخيمة إلى طرف البقلة وهو طرف الجبل المسمى ادارو وهو من ناحية اقليبية في المشرق ومن رأس الرخيمة إلى الجامور الصغير ستة أميال وهذه الجوامير جبلان قائمان في البحر ويرسى بهما انقلاب الرياح فجميع ما بين نوبة واقليبية ثلاثون ميلا ومن طرف اقليبية إلى المنستير مجرى فمن سار من اقليبية إلى قصر أبي مرزوق سبعة أميال ومنه إلى قصر لبنة ثمانية أميال ومن لبنة إلى قصر سعد أربعة أميال. ا.ه.ص 300 الى 301.
هذا النص الذي نجد مثيله في كتاب نزهة الانظار في عجائب التواريخ والاخبار لمحمود مقديش [10] الذي كتب:
ولنرجع إلى ذكر ما تضمنه هذا الباب من مراسي البحر وقراطيله، وما عليه من القصور المعمورة والبلاد المقصودة، وبالله الإستعانة وعليه التكلان.
فمن مدينة بونة الغربية إلى الطّرف ستة أميال إلى جون الأزقاق ، وهو جون صغير وفي آخره مرسى الخرز، وهذا القرطيل داخل في البحر أربعون / ميلا.
ومن مرسى الخرز إلى طبرقة أربعة وعشرون ميلا، ومنها إلى طرف الجون خمسة عشر ميلا روسيّة، وعلى التّقوير أربعة وعشرون ميلا، وهناك طرف يسمّى المنشار ستة عشر ميلا.
ومن طرف المنشار إلى قلعة أبي خليفة عشرة أميال، ومنها قطع جون روسيّة عشرون ميلا، وتقويرا ثمانية وعشرون ميلا.
وإلى رأس الطرف اثنا عشر ميلا، ومنها إلى بنزرت ثمانية أميال، ومنها إلى مرسى بني وجّاص اثنا عشر ميلا.
ومن مرسى بني وجّاص إلى رأس الجبل ثلاثة عشر ميلا جونا، وعلى هذا الجون قصور.
فمن أول رأس بني وجّاص إلى قصر مرسى الوادي ثلاثة أميال، وهو مسقط نهر صغير، ومنه إلى قصر مرسى داود ثلاثة
أميال، ومنه إلى قصر موسى خمسة أميال، ومنه إلى طرف الجبل ميلان، وهذا الطرف يعرف بالكنيسة، وهو أول
الجون الذي في وسطه مدينة تونس وبحيرتها.
فمن طرف الجبل مع التقوير إلى موقع نهر مجردة ستة أميال.
ومن موقع الوادي إلى قصر جلّة أربعة أميال، ومنه إلى قصر جردان ميلان، ومنه إلى قرطاجنّة ميلان، ومنها إلى حلق
وادي تونس ثلاثة أميال، وهذا الوادي في نصف الجون.
هوامش:
هذه النصوص رغم وضوحها وجدنا فيها بعض الاختلافات وخاصة في اسماء المواقع ربّما لعدم معرفة صاحب النص بهذه الأماكن ونقله عن غيره أو لصعوبة كتابة بعض الأسماء التي وردت باللغة العربية وهي في الاصل بربرية وقد حاول الكثيرون تعريبها فزادوا وأنقصوا وغيروا من الشكل لتلائم اللغة المستعملة وقد سقط غيرهم في تدوين اسماء بالسماع والمشافهة كأن يقال له صطفورة فيكتبها سطفورة أو شطفورة أو سطفرة والأمثلة كثيرة.
مرسى بني وجاص..
ماهي التسمية الحقيقية لهذا المرسى؟
اعتقد البعض أن مرسى بني وجاص هو (وقاص) نسبة الى قبيلة عربية عرف منها الصحابي سعد ابن أبي وقاص..لكن هذه القراءة بعيدة كل البعد عن الحقيقة فليس لهذا اللقب في تاريخ المغرب الاسلامي أي وجود..فماذا يمكن أن يكون؟
الحقيقة أن هذا الاسم قد وقع صياغته في عدة نصوص بأشكال مختلفة ومنها أجاص وجاص اولاص ولكن الاسم الصحيح لا يبعد أن يكون أولهاص نسبة لاسماء الذكور في البربرية الذي تبدا بالالف كما تبدا اسماء الاناث بالتاء.
وأولهاص هو جد قبيلة ولهاصة وهي جذم من قبيلة نفزاوة من بني يطوفت بن لوا الاصغر الذي عرفت باسمه قبيلة لواته; والألف والتاء كما ذكر ابن خلدون زيادة للجمع لأن البربر إذا أرادوا الجمع زادوا الألف والتاء فصار لوات، فلما عربته العرب حملوه على الأفراد وألحقوا به هاء الجمع.ولهاصة
نلاحظ في الصفحة 202 من كتاب مسالك الابصار في مسالك الامصار ..السفر الرابع [11]
المؤلف:أحمد بن يحيى بن فضل الله القرشي العدوي العمري، شهاب الدين (المتوفى: 749هـ)
حين يقول .."ويليهم طائفة من البربر من تونس الى تبسة الى بلد العناب .قال وهؤلاء من هوارة ...يليهم طائفة أخرى زراع من البربر وألهاصة..وفي الهامش يبين انهم ولهاصة. وشيخهم صخر بن موسى. ثم يذكر في الصفحة الموالية أن هذا النقل عن الشريف الادريسي."
وبني ولهاص (أو بني وجاص) كما وردت تعني أبناء قبيلة بربرية ذلك أن زمن نشأة هذا الاسم تصادف بروز دولة الموحدين بعد انقسام بلاد افريقية إلى عديد الدويلات التي ذكرناها فيما سبق (بنو خراسان/بنو الورد/بنو جامع...) فهي إما عربية أو بربرية.
كما برزت تسميات أخرى لبلدات قريبة من (مرسى بني وجاص) عرفت منها (بني عطاء/بني غالب/عوسجة/الختمين/الزواوين..) وكلها تشير إلى جذم يعود إلى قبيلة معروفة.
وولهاصة هذه تنتسب إلى لواتة نجدها عند ابن خلدون حيث يقول:
" وأما لو الأكبر فمنه بطنان عظيمان وهما نفزاوة بنو نفزاو بن لو الأكبر ولواتة بنو لو الأصغر ومن لواتة سرداتة بنو نيطط بن لو الأصغر ودخل نسب سرداتة في مغراوة قال أبو محمد بن حزم كان مغراوة تزوج أم سرداتة فسار سرداتة أخا بنى مغراوة لأمهم واختلط نسبه بهم ومن نفزاوة أيضا بطون كثيرة وهم ولهاصة وغساسة وزهلة وسوماتة وورسيف ومرنيزة وزاتيمة ووركول ومرسينة وورد غروس ووردن كلهم بنو تطوفت من نفزاو وزاد ابن سابق وأصحابه مجر ومكلاتة وقال ويقال ان مكلاتة ليس من البربر وانه من حمير وقع إلى تطوفت صغيرا فتبناه وهو مكلاتن رعان بن كلاع حاتم بن سعد بن حمير ولو لهاصة من نفزاوة بطون كثيرة من بيزغاش ودحية ابني ولهاص فمن بزغاش بطون ورمجوسة وهم رجال وطو وبورغيش ووانجذ وكرطيط وما انجول سينتت بنو ومجوح بن بيزغاش بن ولهاص بن تطوفت بن نغزاو قال ابن سابق وأصحابه وبنو بيزغاش من لواتة كلهم بجبال أوراس ومن دحية ورترين وتر يروور تبونت ومكرا ولقوس بنو دحية بن ولهاص بن تطوفت بن نفزاو وأما ضرية وهم بنو ضرى بن زحيك بن مادغيس الأبتر فيجمعهم جذمان عظيمان بنو تمصيت بن ضرى وبنو يحيى بن ضرى وقال سابق وأصحابه أن بطون تميصت اختصوا بنسب ضرية دون بطون يحيى فمن بطون تمصيت مطماطة وصطفورة وهم كومية ولماية ومطغرة ومرينة ومغيلة ومعزوزة وكشاتة ودونة ومديونة كلهم بنو فاتن ابن تمصيت بن ضرى ومن بطون يحيى زنانة كلهم وسمكان وورصطف فمن ورصطف مكناسة وأوكنة وورتناج بنو ورصطف بن يحيى فمن مكناسة ورثيفة ووربر ومن معليت قنصارة وموالات وحراب ورفلابس ومن ملز لولالين ولرتر ويصلتن وجرير وفرغان ومن ورتناج مكنسة ومطاسة وكرسطة وسردجة وهناطة وفولال بنو ورتناج بن ورصطف ومن سمكان زواغة وزواوة بنو سمكان بن يحيى وابن حزم يعد زواوة التي بالواو في بطونها وهو أظهر ويشهد له الوطن فالغالب ان زواوة بنو سمكان بن يحيى وعير ابن حزم بعد زواوة التي بالواو في بطون كتامة والتي تعد في سمكان هي التي بالزاي وهي قبيلة معروفة ومن زواغة بنو ماجر وبنو واطيل وسمكين وسيأتي الكلام فيهم مستوفى عند ذكرهم ان شاء الله تعالى هذا آخر الكلام في شعوب هذا الجيل مجملا ولا بد من تفصيل فيه عند تفصيل أخبارهم. اه "
هل يمكننا معرفة أصل تسمية الماتلين؟
بعد استعراض كل هذه المعطيات التاريخية يمكننا القول أن الإجابة عن أصل تسمية الماتلين لا يمكن أن يبقى غامضا بالعودة إلى تفرعات القبيلة التي عرفت باستيطانها لمنطقة بنزرت وما جاورها.
فصطفورة هو اسم اقليم بربري واسع عرف أيضا (كورة بنزرت) ومن أهم مدنه أنبلونة وبنزرت وتينجة أو متيجة كما ذكرها النسابون وقد تحول في زمن حكم الموحدين إلى (كومية) نؤكد على ذلك كما ورد في النص السابق:
"فمن بطون تمصيت مطماطة و(صطفورة وهم كومية) ولماية ومطغرة ومرينة ومغيلة ومعزوزة وكشاتة ودونة ومديونة كلهم بنو فاتن ابن تمصيت بن ضرى.
ونضيف أن من بطون الكومية[12]:
"لهم ثلاث بطون منها تفرغت شعوبهم وقبائلهم وهي ندرومة ومغارة وبنو يلول.
⇐ فمن ندرومة مفوطة وحرسة ومردة ومصمانة ومراتة .
⇐ومن بني يلول مسيفة ورتيوة وهشبة وهيوارة ووالغة.
⇐ومن مغارة(صغارة) ماتيلة وبنو حباسة وكان منهم النسابة المشهور ماني بن مصدور بن مريس بن نقوط هذا هو المعروف في كتبهم وكانت مواطن كومية بالمغرب الأوسط لسيف البحر من ناحية أرشكول وتلمسان وكان لهم كثرة موفورة وشوكة مرهوبة وصاروا من أعظم قبائل الموحدين لما ظاهروا المصامدة على أمر المهدي وكلمة توحيده."
⇔وهنا تبرز القبيلة التي قدمت اسم الماتلين:
ماتيلة ولد صغارة ولد كومية (صطفورة) ولد فاتن ولد تمصيت ولد ضري إلى أن يلتقى النسب مع ولهاصة.
ولمزيد التأكيد على صحة هذه المعلومات نراجع في مكان قريب على الشريط الساحلي في الجزائر أن قرية (ماتيلة) كانت موجودة بالفعل يقول الدكتور بن عبد المومن إبراهيم -أستاذ التاريخ في جامعة العربي بن مهيدي-أم البواقي الجزء الأول [13]
تعتبر منطقة جبالة من القلاع الحصينة التي تحصنت بها جبهة وجيش التحرير الوطني خلال ثورة التحرير المباركة، فلا زالت الذاكرة الشعبية تستذكر تضحيات الأبطال، ومجازر الاحتلال بها، لهذا سنحاول من خلال هذا المقال أن نلامس بعض الأحداث التي عرفتها المنطقة.
جبالة هي بلدية تابعة حاليا لدائرة ندرومة، تقع شمال غرب ولاية تلمسان، كانت زمن الاستعمار الفرنسي تابعة للبلدية المختلطة "ندرومة"، وأصبحت بلدية مستقلة بتاريخ 11 أفر يل 1957، تبعد عن عاصمة الولاية بحوالي 80 كلم، وتتربع على مساحة 115 كلم 2، وتحدها بلديات: السواني، مغنية، حمام بوغرارة، عين الكبيرة، ندرومة، والسواحلية.
- جبالة : أصل التسمية والسكان :
جبالة: لا نعرف تحديدا متى سميت بهذا الاسم، نعتقد أنه في فترة متأخرة من العصر الوسيط، أصولهم من زناتة وبالضبط من كومية قبيلة عبد المؤمن بن علي المؤسس العسكري لدولة الموحدين، عرفت كومية تغييرا في الاسم في فترة متأخرة هي الأخرى فسميت بترارة وهي الكلمة التي تعني "التْرارسْ - رجال شجعان "، ويرى الباحث "كنال" أن جبالة جاؤوا إلى المنطقة قبل دخول الإسلام تحت قيادة زعيمهم دُريس "ادريس" في 790 م" لكن لا نعتقد أن هذا الاسم كان لشخصية بربرية في الأيام الأولى للإسلام ببلاد المغرب، فربما تقديس جبالة لإدريس الأول وآل البيت جعلهم ينسبون أنفسهم لهذا الاسم، حتى ولو لم يكن هو نفسه ادريس العلوي. وقد عرفت جبالة في فترة بالريف الصغير تيمنا ببلاد الريف بالمغرب الأقصى لكثرة كتاتيبها ومساجدها وعلمائها. لم تذكر لنا المصادر والمراجع أصل تسمية "جبالة"، ولعل أصل التسمية "جبالة" يشتق من اسم الجبل، لأن المنطقة هي جبلية محضة تعبرها جبال اترارة ضمن سلسلة جبال الأطلس الكبير، وسكانها يسمون بالجبائليين يعني ساكنة الجبل، وتوجد هذه التسمية في عدة مناطق من المغرب العربي، بحيث توجد منطقة جبالة في الشمال المغربي، كما توجد في الشرق الجزائري منطقة تسمى جبالة لخميسي وبالضبط في ولاية قالمة، وغالب الولايات أو المدن الشمالية الجزائرية تسمي الريفيين الذين يسكنون الجبال بالجبليين، لذلك نعتقد بشكل كبير أن أصل التسمية مستمد من الطبيعة الجغرافية والتضاريسية للمنطقة، وأن اسم جبالة يشمل أيضا السكان، فيطلق على المنطقة اسم جبالة، وعلى السكان اسم جبالة أيضا، فعادة ما ينُادى أحد سكان المنطقة بجبالة لأنه جبلي، وجبالة جمع جبلي. وينقسم عرش جبالة تاريخيا إلى أربعة فروع وهي مسيفة - العيون – ماتيلة - زاوية سيدي عبد الرحمن اليعقوبي. مسيفة: إحدى أهم وأقوى فروع بني يلول وهي القطب الروحي لجبالة، لا زالت لحد الساعة تسمى بهذا الاسم، يقال في المثل الشعبي مسيفة راس الطعام، يعني انها تشبه صحن الكسكس، وامسيفة (آمسيف) باللهجة البربرية تعني صدر الدجاج، والمعروف أن البربر يطبخون الكسكسي بصدر الدجاج ويضعونه فوق الصحن، لذا اخذت هذا الاسم حسب ما نعتقد، وحسب ما يروى، عُمّرت هذه القرية وهُجرت عدة مرات عبر التاريخ، ذكرها ابن خلدون لما تعرض لحملة أبي يعقوب يوسف المريني على تلمسان فقال: «.. خرج أبو يعقوب من فاس سنة 695 ه 1295 م غازيا إلى تلمسان ومر بوجدة فهدم أسوارها وتغلب على مسيفة والزغاوة أو الزغارة ضواحي بوطرق حاليا وانتهى إلى ندرومة ونازلها أربعين يوما ورماها بالمنجنيق وضيق عليها وامتنعت عليه. عٌرفت مسيفة أيضا على أنها مركز علمي بامتياز، تخرج منها كبار العلماء من شتى حواضر المغرب الإسلامي، كانت فيها مساجد وأحواش وبيوتات علم كثيرة، لعبت دورا كبيرا في فترة الثورة التحريرية بأن تخرج من جامعها العتيق كبار قادة الثورة في المنطقة وهي التي لا زالت قائمة إلى يومنا هذا، ولطالما عرفت صراعا حادا مع نظيرتها ماتيلة فكان لها قوة وسلطان منذ القدم فالروايات الشعبية تروي أن مسيفة كانوا يدخلون إلى "متيلة " وبساتينها وجناتها فيأكلون ويشربون فلا يتعرض لهم أحد، وأهالي ندرومة كانوا يتوسطون لليهود مع أعيان ماتيلة (الحوانت وضواحيها حاليا) ومسيفة لكي يمروا بتجارتهم إلى المغرب مقابل دفع الفدية ولا زالت العادات في ندرومة تحتفظ في ذاكرتها بأن بني يلوّل هم سادة كل من ندرومة وامسيردة وترارة منذ القدم. العيون: إحدى فروع جبالة، فهي ومسيفة السالفة الذكر القبيلتان اللتان تنتشر فيهما جموع بني يلول وقصورهم ومصادر قوتهم، المصادر الشفوية في جبالة تقول بأن غالبية الأعراق من العيون، وقد تفرقت عبر الزمن في جبالة، اشتهرت العيون بمساجدها وتعليمها المميزّ وكثر بها الطلبة والمسافرون، ويقال أنها كانت محطة هامة لاستراحة قوافل التجارة وعابري السبيل خاصة بدشرة دار الناصر، كما أن مداشر العيون كانت محاطة بأسوار وفيها أبواب كباب الدّْشرَ مثلا، ولازال جامع العيون شاهدا على فترة تاريخية جد عريقة، والذي كان يعتبر الجامع الوحيد الذي كانت تقام فيه صلاة الجمعة من بين جميع مساجد ومصليات فرع العيون.
ماتيلة: من فروع صغّارة من كوميةّ كما ذكر ابن خلدون قومها يسمّون" زرارة" وهم الذين بنوا مداشر وقرى ماتيلة كالَحْوَانت والحواطة وأولاد العباس وهي القرى المقابلة للبحر بموقع جد استراتيجي، لعبت ماتيله دورا هاما في تاريخ المنطقة تخرج من كتاتيبها علماء وفقهاء كعائلة منصوري وطالب، من أشهر مساجدها جامع الجرف العتيق.
استقرت قبائل الكومية وولهاصة بحسب ابن خلدون على سواحل افريقيا الشمالية وكان بنو يلومي وبنو يفرن يجاورونهم من ناحية المشرق ومكناسة من ناحية المغرب. وكان من رجالاتهم المذكورين جرير بن مسعود كان أميراً عليهم وكان مع أبي حاتم وأبي قرة في فتنتهم وأجاز إلى الأندلس في طوالع الفتح كثير منهم فكان لهم هنالك استفحال.
وماتيلة من القبائل الشاوية لذلك عرفت الماتلين بتربية الماعز والشاة:
ومن القبائل التي عرفت بهذا الاسم: ( لواتة وزَناتَة وهوّارة)، لاشتهارهم بتربية الشاة. ولواتة اسم مدينة في بنزرت. وقد ذكرهم ابن سعيد المغربي في (القرن 13م)، فقال: ثم يتصل بذلك جبل أوراس المشهور الذي كانت فيه الكاهنة، وسكانه أهل.. وعصيان لا يدخلون تحت طاعة سلطان لامتناع جبلهم العريض الطويل، ولما عندهم من الحيل والرجالة والأسلحة. وهو كثير الخيرات وأهله خوارج ومعظمهم من لواتة، وهم خلق كثير داخلون في الرعية إهـ.
وقال ابنُ خلدون عنهُم: وكان منهم بجبل أوراس الأوراس أمة عظيمة ظاهروا أبا يزيد مع بني كملان على أمره. ولم يزالوا بأوراس لهذا العهد مع من به من قبائل هوّارة وكتامة، ويدهم العالية عليهم تناهز خيالتهم ألفاً وتجاوز رجالاتهم العدة إهـ. ومن بُطون لواتَة الكبيرة التي استوطَنت جبل أوراس: سدراتَة ومزاتَة.
وذكر ابن خلدون من بطون لواتة بجبل أوراس: بني سعادة وبني زنجان وبني باديس. فأمّا بنو سعادة، فصاروا في إقطاع أولاد محمد من الذواودة من مرداس رياح الهلاليين، وأصبحوا من جملة رعاياهم.
يقول الجغرافي محمود مقديش[14] في الجزء 1 صفحة 122:
"[بنزرت]
وتحيط بمدينة قرطاجنّة أوطية من الأرض وسهول، ولها مزارع وضروب غلات، ومنافع جمّة. ويتصل بقرطاجنة من جهة المغرب إقليم سطفورة وهو إقليم جليل به ثلاث مدن. فأقر بها إلى تونس أشلونة وتينجة وبنزرت، وهي مدينة على البحر أصغر من مدينة (سوسة) في ذاتها (وكانت غير مسوّرة حتى سوّرها المرحوم علي باشا في نيف وخمسين ومائة وألف).
خاتمة:
تعتبر ولاية بنزرت وما جاورها موطن البربر فلا غرابة أن تكون (الماتلين وعوسجة وصونين والزواوين والخيتمين وجومين ولواتة) عرفت بهذه الأسماء نسبة إلى بعض القبائل البربرية الأصلية.
وفي المقابل اشتهرت أسماء مدن (بني غالب وبني عطاء ورفراف ومنزل الجميل ومنزل عبد الرحمان وسيدي علي الشباب)وهي تنتسب كما يبدو إلى قبائل عربية.
والخلاصة أن التسميات التي عرفت بها مدن الشمال الشرقي لولاية بنزرت تعود إلى القبيلة التي استوطنتها.
عمل من انجاز الكاتب حاتم بن الهادي سعيد.
- ^ https://fr.wikipedia.org/wiki/Quintus_Caecilius_Metellus_Numidicus
- ^ https://al-maktaba.org/book/23849/736
- ^ https://www.wikiwand.com/ar/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D9%84%D8%A9
- ^ مسامرات الظريف بحسن التعريف لمحمد السنوسي صفحة 353
- ^ https://www.culture-news.tn/wp/?p=5205
- ^ كتاب تاريخ ابن خلدون - الكتاب الثالث في أخبار البربر والأمة ..
- ^ تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٧ - الصفحة ١١٦
- ^ كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى ص99[لأحمد بن خالد الناصري]
- ^ نزهة المشتاق في اختراق الآفاق
- ^ نزهة الانظار في عجائب التواريخ والاخبار لمحمود مقديش
- ^ مسالك الابصار في مسالك الامصار
- ^ كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر»
- ^ الثورة في منطقة جبالة (أحداث-مآثر وشخصيات 1962 - 1954)
- ^ كتاب نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار