انتقل إلى المحتوى

مستخدم:Histolo2/sak

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

خطبة المترجم[عدل]

اطلعت على مجلة ويكيبيديا العبرية لأرى كيف تقوم باقي المجتمعات في حجمنا بعمل مجلاتها ليلفت نظري الموضوع الذي ترجمته أدناه.

جذبتني بداية لأنها تتكلم عن موضوع يهمني فمنذ قراءتي لكذا أنا يا دنيا (وبعدها أجزاءا من اليوميات الكاملة) وأنا مبهور بشخصية خليل السكاكيني كما أن المسالة التي تقصاها كاتب المقالة هي مسألة كتبت عنها قبل قبل عام ونصف.

في المقالة مستوى رمزي أرجح أن كاتب المقالة لم يقصده عامدا لكنه خلال وصفه لبعض الأمور تسللت الرمزية إليه، فبيت السكاكيني الذي تستخدمه مؤسسة خيرية إسرائيلية ليس حالة فريدة فأملاك اللاجئين صادرتها دولة إسرائيل الناشئة بجرة قلم (في قانون سنته في الخمسينات) وحي القطمون هو حي كان حديثا خارج أسوار المدينة القديم يقع في القدس الغربية وقد سكن فيه عرب ويهود فالقدس الغربية لم تكن يهودية بالكامل كما قد يعتقد البعض، يجدر بالذكر أن اليوميات التي بين يدينا لخليل السكاكيني تبدأ عام ١٩٠٧ لأن باقي يومياته (التي بدأ بكتابتها منذ حداثته) بقيت في بيته القديم وفقدت.

في النص أيضا وصف بليغ للتفاعل في مجتمع ويكبيدي آخر فنرى فيه مثلا قيامهم برحلات مشتركة توطد أواصر العلاقة بينهم وتثري معلوماتهم فيكتبون مقالات عما شاهدوه ويرفعون الصور التي التقطوها على كومنز، نرى كيف تنمو المقالات من بذيرة تافهة إلى مقالة جديرة بالقراءة وكيف تبدأ المشاريع الكبيرة من كتابة فقرة في مقالة.

خلال الترجمة حرت فيما سأترجم مصطلحات مثل يروشلايم وإيرتس يسرائيل (أورشليم وأرض إسرائيل) فالتسمية الدارجة بالعربية هي القدس وفلسطين لكنني إن ترجمتها كذلك فسوف أحوّر من معنى النص الأصلي وقررت في النهاية أن أستخدم القدس وأرض إسرائيل وذلك ليس تبينا لآرائه بل لأنقل لكم النص بأمانة وأترككم لتحكموا عليها. من ناقل القول أن هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن آرائي لا في ما يعبر عنه ولا في انتقائه لكلمات دون كلمات.

توكيوني وتمارة في أعقاب جواسيس منسيين[عدل]

تبدأ قصتي في صباح مقدسيّ مشمس، عندما توقفت مجموعة من الويكيبيديون أمام بيت أطفال فيتسو في حي القطمون في القدس وتوجهت كل العيون إلى مرشدتنا المعروفة بكونها "معملا لإنتاج مقالات مختارة تتعلق بالقدس". لماذا قررت أن نتوقف هنا بالذات؟ تبين لنا أن هذا البيت بنته إحدى الشخصيات المقدسية الأكثر إثارة في فترة نهاية الحكم العثماني وخلال الانتداب البريطاني، الحديث عن خليل السكاكيني العربي المسيحي. بينما كانت تمارة تخبرنا بسيرة حياته أعجبت بهذا المرب (ذو التوجهات التربوية التقدمية) المثقف والقومي العربي. لذا حينما قالت لنا تمارة في نهاية حديثها أن وضع المقالة عنه لا يحسد عليه وسألت عن متطوع للمساعدة بتحسينها، رفعت يدي حالا. مقابل ذلك أعارتني كتاب يوميات خليل السكاكين الذي يحمل عنوان "كذا أنا يا دنيا"، وحصلت على دعاء بالتوفيق. بدأت في نفس اليوم بقراءة الكتاب ولفتت نظري قضية هي الأكثر إثارة للاهتمام التي حدثت خلال الحرب العالمية الأولى.

إليكم ملخصها: أسبوعين قبل احتلال البريطانيين للقدس، طلب صديق يهودي لخليل السكاكيني أن يأويه في بيته، لأن الأتراك لاحقوه بتهمة التجسس. كان هذا الصديق شاعرا ووكيل تأمين باسم ألتر لفين. رغم معرفة السكاكيني بالعقاب الذي يلقاه من يخفي في بيته جاسوسا أو حتى مشتبه به بالتجسس لكنه قرر إيواء لفين. في نهاية الأمر ضبطتهما السلطات التركية واعتقلتهما وعندما انسحب الأتراك من القدس أخذوهما مكبلين بالأغلال حتى وصلوا دمشق حيث حكم عليهما بالإعدام.

بعد بضعة أسابيع من رحلتنا إلى القطمون، تحسن وضع مقالة السكاكيني جدا لكن خلال تحريري له اكتشفت أن الصديق اليهودي ألتر لفين كان لا يزال "وصلة حمراء". بحث سريع في جوجل أظهر بعض المعلومات عنه في المقالة المختارة التي كتبتها تمارة عن الحي التي ترعرعت فيه، روميما. لذا قمت بنسخ سيرة حياته من مقالة روميما ولصقها في مقالة جديدة سرعان ما تحولت إلى بذرة بعنوان "ألتر لفين". كتبت في نقاش المقالة: "عاش ألتر لفين خمسين عاما لكن ههنا مكتوب بالأساس عن أسبوع واحد في حياته. سبب ذلك هو أن مؤلف المقالة (الذي هو أنا) ببساطة لا يملك أي معلومات أخرى عنه". هناك من يدعي عدم حاجتنا لكتابة بذرات من هذا النوع خاصة وأن المعلومات فيها موجودة في مقال آخر في ويكيبيديا. حسب رأيي فإن تتمة القصة تبيّن جدوى كتابة مثل هذه البذور.

مر عام تقريبا، وفي أحد الأيام دخل مستخدم مجهول إلى صفحة النقاش وكتب فقرة زعم فيها أنه ابن حفيد لفين، وأن لديه وثائق عديدة عن جده الأكبر، يود أن يشاركنا بها. من نافل القول أنني وتمارة انقضضنا على هذه الفرصة وكتبنا أننا سنسر بلقاءه. وهكذا، في مساء مقدسيّ بارد، التقينا، تمارة وأنا، في بيت ابن حفيد ألتر لفين - أريئيل مونين. تبين لشدة دهشتي أنه تماما مثل ألتر لفين فإنه أيضا وكيل تأمين، زد على ذلك فقد كان وكيل تأميني، وبيننا قرابة عائلية بعيدة... جلسنا في بيته حيث قرأ لنا أرئيل مونين رسالة كتبتها ابنة لفين شولميت (التي كانت جدته) تسرد فيها قصة اعتقال ونفي السكاكيني ولفين تخللتها بعض الملاحظات والشروحات التي أخبرتنا بها تمارة استمدتها من معرفتها الكبيرة في مسائل القدس. في نهاية اللقاء حصل كل واحد من ثلاثتنا - أريئيل، تمارة وأنا - على صندوق يحوي وثائق واتفقنا أن نلتقي لاحقا على أمل أن نجد في الوثائق معلومات تتعلق باللغزين الكبيرين المتعلقين بلفين: أ- هل كان حقا جاسوسا في الحرب العالمية الأولى؛ ب- هل حقا انتحر عام ١٩٣٣.

قضيت أمسيات كثيرة في مطالعة الوثائق في صندوقي وعلي أن أعترف أنه خلال ذلك سعدت لكوني فيزيائيا وليس مؤرخا... أغلب الوثائق في الصندوق كانت تتعلق بأملاك لفين. تبين أن الكثير من الأشخاص كانوا مدينين له بالمال وبعد موته لم يسدد الدين سوى قلائل منهم. في بعض الأحيان اكتشفنا بعض الأمور التي أدخلت البهجة إلى قلوبنا: مثلا في أحد الأمسيات اكتشفت بوليصة تأمين باعها للرسام ناحوم جوتمان، اشتراها جوتمان ليس بالمال بل مقابل رسومات! في حين آخر اكتشفت تمارة أنه قبل أسبوع من موته اشترى ألتر أجهزة كهربائية كثيرة لبيته - لو كان حقا يخطط للانتحار لماذا يقوم بتحديث بيته؟

أكثر ما أثار اهتمامي كان مقارنة الروايات المختلفة، فلقصة اعتقال ونفي السكاكيني ولفين ثلاث روايات: التي كتبها السكاكيني، التي كتبتها شولميت ابنة لفين، ورواية ثالثة كتبها عزيز بك الذي كان رئيس المخابرات التركية في المنطقة. تبين أن كل الرواة متفقون فيما بينهم على الحبكة الأساسية لهذه القصة لكن هنالك اختلافات عديدة في التفاصيل وأحيانا في تفاصيل مهمة. تبين وجود ثغرات في كل الروايات، مقصودة كانت أم غير مقصودة، نابعة من جهلهم ببعض الامور أو لوجود مصلحة لرواية القصة بهذا الشكل. كل هذه المعلومات يتعذر وضعها في ويكيبيديا مباشرة لأنها تعد بحثا أوليا لذا آمل أن نجد لهم منبرا مناسبا آخر. أثناء تعقبي لفين بدأت أهتم بتاريخ القدس خلال الحرب العالمية الأولى. إن هذه الفترة هي دون شك أغرب فترة في تاريخ أكثر مدن العالم جنونا. هذا الاهتمام دفعني إلى كتابة مقالات مثل أوتيس جلايسبورغ، أنطونيو دي بلوفر، قسم التصوير في المستوطنة الأمريكية، الحملة على سيناء وأرض إسرائيل في الحرب العالمية الأولى. على المقالة الأخيرة أجد نفسي مضطرا للاعتراف بأنني أعمل بوتيرة بطيئة جدا سماها المستخدم هإنسيكلوبديست (الموسوعي) "أن تقتل تركيا وترتاح" وقد توقفت عند الشرح عن معارك غزة. أحد أسباب بطئي هي أنني اهتممت دوما بالمواضيع الأقل أهمية مثل صورة هجوم الفرسان في معركة بئر السبع أكثر من المواضيع المهمة...

في أحد المراحل ظننت بوجود ويكيبيديين آخرين قد يهتمون بالانضمام للموضوع، واقترحت إنشاء مشروع "أرض إسرائيل في فترة الحرب العالمية الأولى". أحد الردود كتبه Damzow، قال فيه لماذا نكتفي بأرض إسرائيل؟ لماذا لا ننشئ مشروعا عن الحرب العالمية الأولى كلها؟ عندما قرأت رده امتلأت خوفا: ماذا يريد مني؟ إن الحرب العالمية الأولى ضخمة (لذا سميت في حينه "الحرب الكبرى") وكبيرة عليّ! لحسن حظي تبين أنه لم يطرح اقتراحه على الآخرين بل قام بنفسه بتنفيذ أحد أفضل وأخصب المشاريع في الفترة الأخيرة.

المصدر