انتقل إلى المحتوى

مستخدم:I MohamedEG/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

ويكيبيديا:كيف أتطوع في ويكيبيديا؟ مقالة جيدة جدًا.

وُلد نور الشريف في حي السيِّدة زينب بِمدينة القاهرة يوم 28 أبريل (نيسان) 1946م، المُوافق 26 جُمادى الأولى 1365هـ.[23] أسمَّاه والده «مُحمَّدًا» في الأوراق الرسمَّة، وأطلق عليه جدُّه اسم «نور» كاسم دلع، وعرف بِهذا الاسم، وله شقيقةٌ تُدعى «عواطف» أكبر منه بِبضع سنوات. توفَّى والد نور في مقتبل العمر، ولم يتعدَّ سنُّه السادسة والعشرين، وكان نور لم يكمل عامه الأوّل، وبعد وفاته بِفترةٍ قصيرة، ذهبت والدة نور إلى منزل أهلها بِمفردها، وتركت نور وعواطف لِأعمامهما، ثمَّ بعد ذلك تزوَّجت وسافرت إلى المملكة العربيَّة السعوديَّة، وتولَّى أعمامه رعايته هو وشقيقته في منزل العائلة بِحارة «الصايغ»، وسط اثني عشر طفلًا وطفلة من أبناء وبنات أعمامه.[24] ذات ليلة، راود إسماعيل عم نور حلمًا عن أخيه، رأى فيه أخاه قادم إليه، وأعطاه حمامتين بيضاوين وقال: «خلى بالك من جوز الحمام»، وفهم إسماعيل من الحلم أنَّ المقصود بِالحمامتين هما نور وعواطف، وشعر أنَّ أخاه قد ألقى عليه مسئوليَّة رعايتهما، وبِسبب هذا الحلم انفصل عن زوجته لِتربيتهما، كما انفصلت عمَّته عن زوجها من أجل تربِّية أبناء شقيقها.[25] وفي السنوات الخمس الأولى لِنور، كان يعتقد أنَّ عمَّه إسماعيل هو والده، وأنَّ اسمه الحقيقي هو نور، لِأنَّ أعمامه لم يخبره بِالحقيقة لِصغر سنِّه، ولم يدرك لِماذا تعيش والدته بعيدًا، ولِما تزره بين الحين والآخر، حتَّى وصل إلى سنِّ السادسة.[26] عشان نور طفولته المبكرة بين لعب كرة القدم في صالة المنزل الواسعة، وتربية حمَام عمُّه إسماعيل، ومساعدة عمَّته في طحن حبُوب البُن، ولِهذا السبب أحَبَّ القهوة من الطفولة، وظلَّ نور يشرب عددًا كبيرًا من فناجين القهوة طوال حياته، حتى منعه الأطباء من شربها بعد إصابته بِحساسيَّة منها.[27]

وذات يوم، عندما بلغ نور سنَّ السادسة، وفي أوَّل يومٍ له في المدرسة الابتدائيَّة «ابن طولون» أكتشف الحقيقة، وفي الفضل عرف أنَّ اسمه الحقيقي هو مُحمَّد جابر وليس نور إسماعيل، وشعر بِصدمةٍ كبيرةٍ لم يستطع عقله الصغير تحمُّلها،[27] وعند إنتهاء اليوم الدراسي عاد إلى المنزل، وانكبَّ على عمَّته بِعددٍ كبيرٍ من الأسئلة عن حقيقة ولاده، فأخذته بين أحضانها وأخبرته حقيقة وفاة والده في عز شبابه، ومغادرت والدته المنزل حسب رغبتها، وحكت له قصَّة الحلم الذي حلم بِه عمُّه إسماعيل، وأدَّى إلى طلاقه من زوجته وإصراره على تربيته هو وشقيقته، وأنَّ جدَّه هو الذي أسماه نور. بعد معرفة نور لِلحقيقة شعر بِحزن شديد، وزهد الطعام الذي كانت تسلَّمه له المدرسة، وتجنَّب أصدقائه في الحارة، ووجد أنَّه ليس من حقِّه أن يطلب من عمِّه أو عمَّته شيئًا، ويجب أن ينتظر الهبات التى تمنح له في صمت، ولِذلك لم يعد يفرح بِالأعياد والمناسبات، وحاولا عمُّه وعمَّته أن يخرجه من تلك الحالة النفيسة الصعبة. ومع ذلك، اتجه إلى الحارة وتحديدًا لِكرة القدم، ووجد فيها ما يعوِّضه عن مشاعر اليتم والإنكسار، وكان نور متميزًا في اللَّعب والتلاعب بِالكرة، ووصل في أحد الحركات إلى 1300 عَدَّة.[28-29] كُلُّ هذه المواقف التي تعرض لها نور في صغره، دفعته مع مرور الوقت إلى الاندماج مع الناس، كما ساهمت دُون أن يدري في تكوين الحاسَّة الفنِّيَّة لديه، فتأثر بِالموالد الشعبيَّة والمسرحيات التي تقام بِها، وبِقصَّة «حليم» اللص الذي سرق الكهرباء لِفقراء حارة الصايغ يسقط صريع مطاردة الشرطة.[30-31]

كان نور يزور والدته بين الحين والآخر قبل أن تسافر، لِأنَّ عمَّته منعته هو وشقيقته من زيارتها، لأنَّها فضَّلت الزواج على التفرُّغ لِتربيتهما. بعد مرور خمس سنواتٍ من آخر مرَّةٍ رأى نور والدته فيها، تدخَّل بعض الأقارب لِيتيحوا فرصةً لِلقاءٍ بينهما، وتمَّ تحديد يوم الجمعة لِلمقابلة، وحذَّرته عمَّته من اخْذ أيِّ قطع حلوى منها، وقابل نور والدته بِِجمودٍ شديدٍ لِتأثُّره بِكلام عمَّته، وأعطته والدته شوكولاتة ولكن وضعها في جيبه ولم يأكلها بِرغم من حُبِّه الشديد لِهذا النوع، وانتصر على رغبته وألقى بِها دون أن تمس. ولِفترة طويلة ظلَّ شرخٌ مؤلمٌ بين نور ووالدته، لم يلتئم حتَّى بلغ سنَّ الرشد، وأدرك أنَّ والده توفَّى وتركها صغيرة. كان لِنور خالان أحدهما يعمل خيَّاطًا والآخر يعمل مدرِّسًا ويسمَّى شعيبٌ، وكان شعيبٌ إلى جانب التدريس يعرض مسرحيَّاتٍ من تأليفه وإخراجه لِأطفال الحارة، وانضمَّ نور إليه وقدَّم معه مسرحيَّاتٍ على «عَرَبَاتِ اَلْكَارُّو»، التي يتخذون منها مسرحًا لهم عندما يتركها أصحابها، ويجلس أطفال الحارة أمامهم على الرصيف ويسفقون لهم بِحرارةٍ شديدة، وكان جمهورهم من الأصدقاء والزملاء وأهالي الحارة الذين يطلُّون عليهم من النوافذ. ومن تلك النقطة تحديدًا ظهر إهتمام نور بِالتمثيل، فكان يدَّخر مصروفه لِدخول السينما، ويقلِّد تشارلي تشابلن في حركاته ومشيته التقليديَّة، وعبد المنعم إبراهيم في أحد مشاهد فيلم الوسادة الخالية، وكان متأثُّر بِالعديد من الممثِّلين الأجانب آنذاك أمثال: غاري كوبر، وفيكتور ماتير، وكيرك دوغلاس، وبرت لانكستر.

عندما بلغ نور اثنا عشر عامًا، وتحديدًا في المرحلة الإعداديَّة، أقدم على أوَّل قصَّة حُبِّ له في حياته، فذات يوم، كان نور جالسًا مع أصدقائه أمام المنزل، فأثارت فتاة سمراء فاتنة اهتمامه تمر من أمامه، وظلَّ نور يراقبها من بعيدٍ عدَّة أيَّام دون أن يتحدَّث معها حتَّى ابتسمت له، وفي يوم، لاحظه فتى آخر معجبٌ بِها أيضًا فتشاجرا، وعندما عرف إسماعيل عم نور بِالأمر قام بِربطه في لوحٍ من الخشب لِيوم كامل بِورشة النجارة الخاصَّة بِه، وهذا الموقف سبب لِنور عُقدة نفسيَّة من الحب، وصعوبة في الإفصاح بِمشاعره لِأي فتاة. وفي تلك الفترة أيضًا تعلَّق نور بِكرة القدم، وبِلعب الكرة مع أصدقائه في مكان واسع خلف «سينما الهلال»، وكوَّن معهم فريقًا بِاسم «الأسد المرعب» ليتنافسوا مع الفرق الآخرى مقابل المال أو المتعة، وفي موسم التقديم لِلأندية الرياضيَّة، ذهبَ نور مع أصدقائه إلى اختبارات نادي الزمالك أملًا في الانضمام إلى فريق الناشئون، ولِحسن حظِّه لم يقبول سواء، وتمَّ اختياره كلاعب وسط، وظلَّ نور في النادي حتَّى المرحلة الثانويَّة عندما التحق بِالمعهد العالي لِلفنون المسرحيَّة، وأصبح من الصعب أن يجمع بين الكرة والفن في وقتٍ وأحد، وتيقَّن نور أنَّ الكرة ليست طريقه وأنَّها مرحلة عابرة في حياته تعلَّق بِها بِحكم الفراغ.


في المرحلة الإعداديَّة بدأ أهتمام نور بِكرة القدم ينقص بِالتدريج، وفي الوقت نفسه يزداد لديه حبَّ الفنون كرسم، والنحت، والتمثيل، والموسيقى، فكان يتدربه على العزف بِالعود الأستاذ «عبد الفتَّاح»، أحد أعضاء الكورال الذين يغنُّون وراء عبد الحليم حافظ. وهذه الهوايات شغلت نور عن دراسته لِدرجة أنَّ أعمامه تيقَّنوا من فشله، ولكنَّه فاجأ الجميل عندما حصل على الشهادة الإعداديَّة من مدرسة «بنبا قادن» بِمجموع 76.5%. وقبل تخرج نور من المدرسة الاعدادية وانضم إلى فريق التمثيل بها، وشارك معهم في تقديم العروض المسرحية الخاصة بالانشطرة المدرسية، وكان المشرف علي الانشطة الاستاذ حمدي فريد الذي كان ملتحقًا بالمعهد العالي للفنون المسرحية آنذاك، والذي أصبح مخرجًا بِالتلفزيون المصري فيما بعد، كما هو من أوائل المخرجين الذين قدموا بوسي زوجت نور الشريف وهي طفلة. وعندما كان نور في فريق التمثيل ذهب إلى الاستاذ حمدي، وسأله عن شروط الالتحاق بِمعهد الفنون المسرحية، وكان رد فريد ملئ بالسخرية والاحباط، وشعر نور ببعض المرارة واليأس ولكن الذا الكلام دفعه أكثر لحب التمثيل.