انتقل إلى المحتوى

مستخدم:Lahcen Jam/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

المراهق والجنس

مقاربة سوسيو-جنسية لتصورات المراهقين حول الحياة الجنسية ـ محمد الادريسي

تقديم:


يعتبر موضوع الجنس لدى المراهقين من المواضيع التي لم تحظ بعدد كبير من الدراسات والبحوث السوسيولوجية والأنثروبولوجية والسكسيولوجية ( علم الجنس)، وذلك لفهم الدور الذي تلعبه داخل الحياة السوسيو-ثقافية للأفراد والجماعات، نظرا للطبيعة الحساسة للموضوع من الناحية الثقافية والاجتماعية من جهة، وغياب التأصيل النظري للموضوع في الجامعات والمعاهد المتخصصة من جهة ثانية، الشيء الذي دفعنا إلى محاولة رصد واقع الجنس لدى المراهقين بالمجتمع المغربي، وعلاقة التصورات الثقافية بممارسات الواقع اليومي للأفراد والجماعات، والدور الذي تلعبه البكارة في تحديد مقياس العذرية بالمجتمع المغربي في ظل التحولات السوسيو-ثقافية والاقتصادية التي يعرفها هذا الأخير. وتهدف هذه الدراسة إلى الوقوف على تصورات المراهقين حول الذكورة والأنوثة، ورصد التصورات التي يحملونها حول العلاقات الجنسية بين الجنسين، والكشف عن موقفهم من العذرية وتصوراتهم حول الأمراض المنقولة جنسيا، وفق مقاربة منهجية للموضوع للوصول إلى عمق الظاهرة وكشف خباياها بكل موضوعية علمية. أولا: مدخل منهجي: 1-أهمية الدراسة: تكمن أهمية الدراسة في توظيف النظريات السوسيولوجية والأنثروبولوجية والسيكسيولوجية المرتبطة بموضوع الجنس والجنسانية، من أجل فهم الدور الذي يلعبه الجنس في حياة المراهقين والشباب، نظرا لقلة هذا النوع من الدراسات خصوصا فيما يتعلق بالمراهق والجنس بالمغرب. وذلك من خلال النقص الذي لاحظناه أثناء تفحصنا للدراسات والمراجع المرتبطة بالموضوع، وهذا راجع إلى عدم الاهتمام بشكل كبير بالمقاربة السوسيولوجية لدراسة موضوع الجنس والجنسانية في صفوف المراهقين بالمغرب، وهذه الدراسة سيعطيننا تحليلا معمقا لتصورات المراهقين للجنس بمدينة بني ملال بالمغرب، (وذلك عبر استعمال التقنيات الكمية والكيفية في معالجة الموضوع)، وستزود الجهات المعنية ببحوث علمية متخصصة، تأخذ بعين الاعتبار دور الباحثين الاجتماعيين في تحليل ودراسة الظواهر الحضرية كي يستفيد منها المعنيون بالأمر للنهوض بالقطاعات العامة، كما هو الشأن في الدول الغربية. 2-إشكالية الدراسة: يعتبر تحديد الإشكالية من البؤر الأساسية والمركزية ضمن الخطوات المنهجية للبحث السوسيولوجي الميداني، لما لهذه الخطوة من أهمية على صعيد ترجمة موضوع البحث وقضيته في بناء تساؤلي منظم حول ما ينبغي التفكير والبحث فيه، ولما لها أيضا من أهمية في رسم خطوات العمل اللاحقة وخاصة ما يتصل منها بوضع فرضيات الدراسة[1]. وانطلاقا من هذه الأهمية التي يكتسيها موضوع الجنس لدى المراهقين من الناحية النظرية والميدانية، فالإشكالية التي وجهت بحثنا تتمحور حول طبيعة التصورات التي يحملها المراهقين حول الحياة الجنسية (ثانوية ابن سينا بني ملال المغرب نموذجا). 3 -أهداف الدراسة: إن أي بحث سوسيولوجي، وأي دراسة اجتماعية تهدف إلى تحقيق أهداف وغايات محددة سلفا، أو لتحقيق طموحات وأماني معينة، فالبحث السوسيولوجي يضطلع بالكشف عن الحقائق والبحث عنها، ودراسة وتحليل مشكل أو ظاهرة ما، والمساعدة على إعطاء حلول إن أمكن ذلك. هذا، وإن ما يضع أي دراسة على سكة البحث العلمي الصحيحة، هو وضوح الأهداف المرجوة، سواء عند الباحث أو القارئ لأن أهداف الدراسة تستمد من مصادر عدة، منها مجال التخصص ووضوح صياغة الإشكالية، لذا فقد ثم تحديد جملة من الأهداف لدراستنا هذه، وهي على الشكل التالي: أ-أهداف علمية: إن الأساس هو الغاية السامية في توظيف كل ما تلقيناه خلال مسار الدراسة السوسيولوجية والاجتماعية، سواء من الناحية المنهجية أو من ناحية جمع المعطيات النظرية ومعرفة ودراسة الظاهرة في عمقها، عبر تبني الدقة والسلامة المنهجية والموضوعية في جميع الجوانب النظرية والميدانية، والإجابة بطريقة علمية على الإشكالية المؤطرة للدراسة وتأكيد صحة أو خطأ فرضياتها، والتحكم في التحليل السوسيولوجي على مستوى الميكرو والماكرو-سوسيولوجي وتطبيقه على المجال المدروس، عبر التحكم في أدوات وطرق البحث العلمي. ب-أهداف عملية: تتمثل في الكشف عن طبيعة التصورات المراهقين حول الحياة الجنسية (ثانوية ابن سينا بني ملال المغرب نموذجا) ، وذلك بالنزول إلى الميدان والتعرف عليها أكثر. 4 -فرضيات الدراسة: يمكن تحديد الفرضية على أنها تقديرات واضحة تشير إلى طريق تفكير الباحث في العلاقة بين الظواهر المعنية بالدراسة، وتشير إلى الطريقة التي يظن بها أن متغير مستقل يؤثر أو يعادل متغير تابع[2]. وتعتبر الفرضية العامة للبحث، الفرضية التي ينطلق منها الباحث، والتي قد يحتفظ بها، أو قد يدخل تعديلات عليها، أو قد يغيرها بعد الدراسات الاستطلاعية والميدانية، والحصول على معطيات جديدة لم تكن في حوزته[3]، لذلك تكتسي مرحلة صياغة الفرضيات أهمية كبرى في البحث السوسيولوجي لكونها أداة فاعلة في توجيه البحث، فهي التي ترشد الباحث إلى الخطوات التي ينبغي له أن يتبعها لتأكيد أو نفي ما افترضه. وبناءا على التساؤل الذي طرحناه في الإشكالية، والذي يهدف إلى معرفة العلاقة بين المتغير المستقل وهو "الجنس"، والمتغير التابع وهو تصورات المراهقين للجنس، فإن بحثنا هذا على طرح الفرضية التالية: تلعب التغيرات السوسيو-ثقافية داخل المجتمع "الملالي" دورا أساسيا في رسم طبيعة التصورات التي يحملها المراهقون حول حياتهم الجنسية. 5 - صعوبات الدراسة: يواجه البحث العلمي مجموعة من الصعوبات التي تؤثر بشكل أو بأخر على نتائجه، والبحث رالسوسيولوجي بدوره يواجه مجموعة من الصعوبات المرتبطة بالجوانب النظرية والجوانب المتعلقة بجمع المعلومات والمعطيات الميدانية، خصوصا بدول العالم الثالث والتي من بينها المغرب حيث يبرز ضعف كبير في ثقافة البحوث العلمية لدى المواطنين والأفراد العاديين، مما يشكل إكراه كبير بالنسبة للباحثين السوسيولوجيين. إن دراستنا هاته حول التصورات المراهقين حول الحياة الجنسية (ثانوية ابن سينا بني ملال المغرب نموذجا).تعتريها مجموعة من الصعوبات، يمكن تقسيمها إلى صعوبات نظرية وصعوبات ميدانية: أ-الصعوبات النظرية: ترتبط الصعوبات النظرية بقلة البحوث والدراسات التي تناولت موضوع تصورات المراهقين حول الحياة الجنسية بالمغرب، إضافة إلى تواجد أغلب الدراسات والبحوث حول موضوع الجنس والجنسانية عموما باللغتين الفرنسية والانجليزية. ب-الصعوبات الميدانية : يرتبط البحث أيضا بصعوبة جمع المعطيات الميدانية، خصوصا ونحن أمام دراسة تعتمد على تقنية الملاحظة المقابلة، ما يطرح مشكلة الحصول على المبحوث المناسب، والتي ترتبط بخصوصية منطقة البحث ذات الطبيعة شبه القروية والتي لم تتعود على وجود باحثين اجتماعيين. 6- أدوات جمع البيانات: تتحدد الأدوات المستخدمة في الدراسة بناءا على التقنيات المستخدمة (كمية، كيفية)، لذلك قد يستخدم الباحث أكثر من طريقة أو أداة لجمع البيانات حول مشكلة الدراسة أو للإجابة عن أسئلتها أو لفحص فرضياتها، ويجب على الباحث أن يقرر مسبقا الطريقة المناسبة لبحثه أو دراسته[4]، في إطار تحقيق التكامل بين التقنيات الكمية والكيفية من أجل الوصول إلى فهم أوسع أدق للظاهرة المدروسة. لقد استخدمنا في هذا البحث أداتان عمليتان ( الملاحظة، المقابلة) لجمع البيانات والمعطيات الميدانية حول موضوع " طبيعة التصورات المراهقين حول الحياة الجنسية (ثانوية ابن سينا بني ملال المغرب نموذجا)."، وذلك لتغطية النقص الذي يشوب أداة عن أخرى وتحقيق التكامل بين التقنيات. أ‌- الملاحظة: تعتبر الملاحظة من أهم التقنيات الكيفية الأساسية في البحث السوسيولوجي، ومصدرا هاما في الحصول على المعلومات والبيانات المتعلقة بموضوع البحث، وهي تقنية تعتمد على حواس الباحث وقدرته على التقاط مجموعة من التفاصيل والأحداث والسلوكات المرتبطة بأفعال الأفراد والجماعات، وتفسير وترجمة ما لوحظ إلى عبارات دالة، ومعنى يمكن تصديقه أو نفيه، كما تتيح للباحث إمكانية الإطلاع على الظروف المتعلقة بالمجالين المكاني والبشري، وذلك في حدود المجال الزمني. إن تقنية الملاحظة تفيد في جمع بيانات تتصل بسلوك الأفراد الفعلي، وأيضا في جمع البيانات التي يبدي فيها المبحوث نوعا من المقاومة للباحث ويرفض الإجابة عن أسئلته، ويستطيع الباحث أن يستخدمها في الدراسات الكشفية والوصفية والتجريبية، كما تتميز عن غيرها من أدوات جمع البيانات، بكونها تمكن من تجميع بيانات لها أهميتها بالنسبة لكل نوع من أنواع الدراسة[5]. وقد اعتمدنا في هذا البحث على الملاحظة البسيطة في مرحلة أولى، وذلك بدءا من الجولة الاستطلاعية، وكذلك من خلال إجراء المقابلات مع المراهقين، من أجل الحصول على معلومات ومعطيات تهم موضوع البحث، واعتمدنا على الملاحظة غير المباشرة من خلال ملاحظة الظواهر والسلوكات بالثانوية المدروسة كمرحلة أولى في إطار التحليل المعمق للظاهرة المدروسة، بالإضافة إلى ملاحظة كل ما يخص موضوع الدراسة من مواقف ونشاطات وسلوكات، لهذا فإن الملاحظة ليست أداة مرحلية في البحث، وإنما استخدمت في كل مراحل الدراسة. ب- المقابلة: تعتبر المقابلة أداة أساسية في البحث الاجتماعي، ومن أهم الأدوات المنهجية المستعملة لجمع البيانات وأكثرها استعمالا لما تقدمه من فوائد في الحصول على البيانات المتعلقة بسلوكات الأفراد وقيمهم واتجاهاتهم السوسيو-ثقافية، وتقدم المقابلة للباحث مجموعة من التسهيلات لتجاوز مشكلة عدم تجاوب المبحوث معه، من خلال تدخله لشرح الأسئلة وتبسيطها وشرحها ومناقشتها معه. وقد اعتمدنا في بحثنا هذا على المقابلة شبه المقننة، وفيها لا تكون الأسئلة موضوعة مسبقا، بل يطرح الباحث محاور أساسية عامة حول مشكلة البحث، ومن خلال إجابة المبحوث يتسلسل في طرح الأسئلة الأخرى، وعادة يكون لدى الباحث الإطار العام أو الأسئلة العامة حول موضوع البحث، ويستخدم هذا النوع من المقابلات عندما يكون الباحث غير ملم بحيثيات الموضوع المدروسة وليس لديه معرفة شاملة حوله، ويمتاز هذا النوع من المقابلات بغزارة المعلومات التي يوفرها، كما يساهم في تعديل فرضيات الدراسة وأهدافها[6]، وقد استخدمنا هذا النوع من المقابلات مع المراهقين والتلاميذ بالثانوية التأهيلية ابن سينا بمدينة بني ملال بالمغرب. وقد تم استثمار العلاقة الجيدة التي جمعتنا مع بعض المراهقين والتلاميذ، من أجل الوصول إلى قدر كبير من الموضوعية في إطار البحث السوسيولوجي مع تحقيق المسافة العلمية بين الباحث والمبحوث للوصول إلى عمق الظاهرة المدروسة. 7- عينة البحث: تعتبر مرحلة تحديد عينة البحث من أهم الخطوات المنهجية في البحوث الاجتماعية عموما، وفي الدراسات والبحوث السوسيولوجية على وجه الخصوص، وهي تتطلب من الباحث دقة بالغة، لكون نجاح أي دراسة أو بحث ميداني يتوقف بصورة عامة على الاختيار الجيد والدقيق لعينة المبحوثين، وكذا نتائج الدراسة أو البحث تتوقف على الاختيار المناسب لعينة البحث من أجل الوصول إلى نتائج دقيقة. وقد انطلقنا في بحثنا هذا عبر تحديد البحث وفق مبادئ تخدم أغراضه وأهدافه العامة، من أجل الوصول إلى عمق الظاهرة المدروسة. ( تم اختيار عينة مكونة من 25 مبحوثا) لا نعتبر هنا أن حجم العينة الكبيرة سيفيد في هذا البحث، فنحن بصدد رصد التصورات التي يحملها المراهقون حول الجنس والجنسانية، من خلال الاعتماد على مقابلات مع المبحوثين المراهقين والتلاميذ. فكل مبحوث قد يرى موضوع الدراسة وفق تجربته الخاصة وهذا أمر حيوي، لكنه لن يغير كثيرا في جوهر موضوع البحث، فما يهم في العينة هو الاعتماد على مبحوثين جوهرين تجعل منهم مناسبين للبحث ويعبرون عن مجتمع الدراسة ككل. ثانيا: تصورات المراهقين حول الذكورة والأنوثة: تعرف الثانوية التأهيلية ابن سينا مجموعة من الظواهر والسلوكيات الاجتماعية والنفسية المرتبطة بالحياة الجنسية والعاطفية التي يعرفها المراهقون في هذه المرحلة العمرية في سياق بناء أنساق تصوراتهم حول الذكورة والأنوثة، فقيام بعض المراهقين بحركات بهلوانية أمام الثانوية بالدرجات النارية، أو رفع مستوى صوت الموسيقى داخل السيارات، في نظرهم هو وسيلة لإثبات الذات أمام الفتيات أي حسب التلاميذ "كيبغي إيبان كودام الدريات"، وعلى الرغم من أن الفتيات يعتبرن هذه السلوكيات عي نوع من "العياقة" ويدركون الغرض منها إلا أنها ترسم لهم صورة ذهنية حول طبيعة الشاب الذي يقوم بمثل هذه السلوكيات باعتباره شاب " في شي شكل" رغم هذه "العياقة" التي يقوم بها. وتتسم عمليات التقرب إلى الفتاة من طرف الفتى ومبادرته إلى طلب إنشاء علاقة عاطفية أو جنسية بالقصدية، حيث يقصد الفتى الفتاة في محاولة التودد لها عبر طلب دفتر الدروس مثلا " ختي عطيني الدفتار راني كاسيت ديك الساعة عند الأستاذ"، رغم تواجد زملائه الذكور بالقسم فإنه يجعل " الدفتر" وسيلة أولى للتودد للفتاة، إضافة إلى قيامه بتتبع الفتاة طوال ساعات الدراسة وخارجها لكي تفهم "الفتاة" أن هناك شيء ما يخص ذلك الفتى "كيبقا تابعها من ما دازت ولا مشات"، كل هذه الأساليب هي وسيلة "لتطياح الدرية" أو بمعنى أدق "كيطيح البنت" أي العمل على أن تبادله نفس الشعور أو فتح المجال لإمكانية علاقة "تصاحيب"،"تصاحيب ليس بمعنى علاقة صداقة أو زمالة ثانوية، وإنما علاقة صداقة حميمية، "أنا باغي نتصاحب مع البنت" من أجل الوصول إلى تحقيق هدف الاتصال الجنسي بين النوعين ولو بمنظوره السطحي (قبلات، مداعبات...). كما أن الفتى لا يبادر مند اللحظة الأولى بالذهاب إلى الفتاة ويقول لها "أنا باغي نتصاحب معاك"، بل يعتمد على مجموعة من "آليات تطياح البنت" سواء عبر كلمات حوارية وعاطفية "ختي راكي عجبتيني وبغيت تكون بيناتنا شي حاجة"، "ختي راه شحال هذه وانا باغي نقول ليك شي حاجة ومقدرتش"، كما يتم دائما اسباق الكلام بكلمة "ختي" لبيان حسن النية في مرحلة أولية، كل هذه الأليات "التطياحية" تختلف من شاب لأخر وحسب الوضعيات، وهي التي تجعل كل فتى متميز عن الأخر ومعروف بكونه "عندو مع التصاحيب ومع الدريات" أو بمعنى أخر "خطير داك الدري"، الخطورة بمعنى الشجاعة والمبادرة واغتنام الفرص. وتعتبر هذه الآليات "التطياحية" حكرا على الفتى ولا يحق للفتاة القيام بها للتودد إلى الفتى، لأنها تعتبر حينئذ "برهوشة" أو "خارجة الطريق" وينبغي الحذر منها لكون الصورة المروجة عنها لدى المراهقين بأنها "صاحبت حاجتها" أو "ديرا شي حاجة وكتبغي تلصق في شي واحد"، إضافة لكون المراهق الذكر يحبذ أن يقوم هو "بتطياح الفتاة وتصاحيب معاها" وليس العكس، حتى يظهر أو "اعيق" أمام زملائه بإنجازاته العاطفية والجنسية، كما أن الفتاة "خاصها تخلى الدري هو لي ادور بيها"، بمعنى الفتى هو الذي يبادر إلى ربط علاقة معها. ثالثا: تصورات المراهقين حول العلاقات الجنسية بين الجنسين: والملاحظ أيضا عبر بعض الحوارات والدردشات مع بعض المراهقين أن الهدف الأساسي من العلاقة بين الفتى والفتاة هو هدف ذو طبيعة جنسية "خصوا ايدير معاها شي حاجة"، إلا أن هذا الهدف قد تختلف درجاته، فليس الغرض هو إقامة علاقة جنسية كاملة، بل في أغلب الأحيان ممارسات جنسية سطحية "تبادل القبلات" التي أصبحت أمر عادي بين المراهقين "خصوا افلوطي معاها ولا هما علاش مصاحبين". ويزداد إذا التنميط الاجتماعي الذي أصبح يسود العلاقات الاجتماعية بين المراهقين، حيث إن إمكانية إقامة علاقة جنسية ولو سطحية هو الهاجس الأول وراء العلاقات العاطفية، وتحث ذريعة "الحب" "والانجذاب"، ويبرز مصطلح "هاد شي عادي" أو "كولشي كيدير هاد شي" كذريعة اجتماعية يستعملها المراهق لتبرير العلاقات التي يقوم بها، ويتم توصيف من لا يندرج ضمن هذا النمط الاجتماعي ب"المعقد" أو "المعقدة"، وبذلك يبدو أن النمط المثالي المسيطر بين فئة المراهقين ذكورا وإناثا هو النمط المتحرر في إقامة العلاقات الجنسية والمتمرد بشكل من الأشكال على القيم والمعايير الثقافية. رابعا: تصورات المراهقين حول العذرية: تشكل البكارة أهم معيار للشرف السوسيو-ثقافي للفتاة داخل المجتمع المغربي، وطقس عبور من مرحلة الطفولة والمراهقة إلى مرحلة الأنوثة النسائية بالمعنى الثقافي، أي من مرحلة "البنت" إلى مرحلة "المرأة"، ويعتبر فقدان البكارة من طرف البنت دون زواج مشكلا اجتماعيا وثقافيا ينعكس على وضعها السوسيو-تقافي داخل الأسرة وداخل الفضاء الاجتماعي الذي تنتمي إليه، ومع التحولات الاجتماعية التي عرفها المجتمع المغربي المرتبطة بتمدرس الفتاة وخروجها إلى عالم الشغل، أصبح الاهتمام بالعفة والشرف بمعناها الديني والثقافي يقل شيئا فشيأ، وأصبح الانخراط في علاقات جنسية بين الشاب والشابة أمرا عاديا في لغة الحديث اليومي لهذا الجيل، الشيء الذي يطرح معه السؤال هل البكارة لازلت معيارا للشرف في ظل التحولات الراهنة؟ هذا ويمكن تقسيم العذرية إلى نوعين أساسيين[7]: العذرية الدينية: وهي غياب أي تجربة جنسية للفتاة ولو سطحية وعفوية، فتاة لو تمارس أدنى نوع من الجنس إطلاقا. وعذرية توافقية: وهي أن تمارس الفتاة مختلف أنواع الجنس: جنس فموي أو سطحي(قبلات ملامسات،...) جنس شرجي، جنس مهبلي واحتكاكي سطحي، مع الحفاظ على غشاء البكارة. إن النمط الثاني من أشكال العذرية هو الذي يجد صداه في العلاقات العاطفية والجنسية بين المراهقين، حيث يتم الانخراط في ممارسات جنسية متنوعة مع حفاظ الفتاة على بكارتها، ولكن فقدان لعذريتها التوافقية، "نديروا كولشي لكن البنت تبقى بنت" عبارة جاءت على لسان أحد المراهقين تشرح تصوره الخاص للعذرية بأنها ذلك الغشاء المرتبط بالمهبل المسمى "بكارة" وهو المحرم الاقتراب منه أما عدا ذلك فهو مسموح به. خامسا: تصورات المراهقين حول الأمراض المنقولة جنسيا: إن الحديث عن إقامة علاقات جنسية خارج إطار مؤسسة الزواج بين المراهقين يدفعنا إلى التساؤل حول التدابير الوقائية التي يستعملونها لتفادي الحمل من جهة وتفادي الأمراض المنقولة جنسيا من جهة أخرى، ويبرز الواقي الذكري أو "البروتيكس" باللغة العامية، دلالة أساسية على انتشار وعي جنسي بشكل من الأشكال بين المراهقين. وتعتبر السيدا والزهري أهم الأمراض المعروفة لدى عامة المراهقين انطلاقا من تجارب الأصدقاء والأحاديث بين المراهقين، إلا أن الأغلبية تربطها بالفساد والدعارة في الأحياء المعروفة وليس بين المراهقين، إلا أن مؤشر الثقة يتدخل في هذه التصورات، فحسب أحد المراهقين "ماخصكش تيق في أي بنت تقدر تدوز مع أي واحد"، إن مؤشر الثقة وانعدامها من طرف الذكور تجاه الجنس الأخر هو الذي يجعلهم يأخذون احتياطاتهم في أي اتصال جنسي مع الجنس الأخر. إن التصورات التي يحملها المراهقون حول الأمراض المنقولة جنسيا ترتبط نسبيا ببعض الحملات التحسيسية التي تقوم بها بعض الأندية المدرسية داخل الثانويات والتي تساهم في توعية التلاميذ بطرق الحماية أثناء الاتصال الجنسي وليس عدم القيام باتصال جنسي مع الجنس الأخر حسب ما قاله أحد التلاميذ. خاتمة عامة: إن دراستنا هاته حول التصورات التي يحملها المراهقون حول الجنس والجنسانية، تدخل ضمن الدراسات السوسيولوجية الهادفة إلى الوقوف على المسكوت عنه داخل المجتمع وعلى الموضوعات التي تشكل طابوا ثقافي داخل المجتمع المغربي عموما والمجتمع "الملالي" خصوصا وفق المقاربة السوسيولوجية المزعجة الكاشفة عن حفلات الأفراد والجماعات التنكرية باللغة البورديوية. وخاتمة دراستنا هي خلاصة عامة للدراسة، من خلال ما قمنا به من تأسيس منهجي وتحليل وتفسير ميداني للتصورات التي يحملها المراهقون عن الحياة الجنسية والجنسانية ( ثانوية ابن سينا التأهيلية بمدينة بني ملال بالمغرب)، وقد جعلنا التأسيس النظري للبحث نقف عند أبعاد الموضوع ومؤشراته التفصيلية. إن الدراسة التي قمنا بها، تنتمي لتخصص له أهمية كبرى في حقل الدراسات الاجتماعية؛ في إطار سوسيولوجيا الظواهر الحضرية؛ انطلاقا من خلال الظاهرة الجنسية داخل العالم الاجتماعي التي تشكل مجالا خصبا لمختلف الحقول المعرفية والتخصصات الاجتماعية، والتي تأخذ منه العديد من المواضيع ذات البعد الحضري، الشيء الذي يجعلنا أمام سؤال جوهري يتعلق بخصائص الظاهرة الجنسية في ظل التحولات والتغيرات التي يعرفها المجتمع المغربي؟ إن هذه الدراسة السوسيولوجية للظاهرة الجنسية تثير أفاق واسعة للبحوث الميدانية: - إجراء دراسات تتناول بالمقارنة والتحليل الظاهرة الجنسية القروية والظاهرة الجنسية الحضرية بالمجتمع المغربي. - كما يمكن التطرق بالدراسة والتحليل للظواهر الحضرية الناتجة عن التغيرات السوسيو-ثقافية للظاهرة الجنسية بالمدن. المراجع: 1)- الديالمي عبد الصمد (2009) سوسيولوجيا الجنسانية العربية، دار الطليعة للطباعة والنشر بيروت، ط:1، ص: 74-75. 2)- حسن، عبد الباسط (1982) أصول البحث الاجتماعي، ط : 8، مكتبة وهبة، القاهرة. 3)- حمداش،عمار،(، 2006)، تقنيات البحث السوسيولوجي،دفاتر طالب علم الاجتماع ( رقم 1)، المطبعة السريعة، القنيطرة، ط.1. 4)- محمود أبو علاء، رجاء (2001) مناهج البحث في العلوم النفسية والتربوية، دار الجامعات مصر، ط : 3. 5)- مسلم، محمد(2004)، منهجية البحث العلمي، دار الغرب للنشر والتوزيع، ط 2، مصر. 6)- مصطفى عليان، ربحي، محمد عليم عثمان (2000)، مناهج وأساليب البحث العلمي بين النظرية والتطبيق، دار صفاء للنشر والتوزيع-عمان، ط: 1 7)- محي الدين مختار، (1999)، الاتجاهات النظرية والتطبيقية في منهجية العلوم الاجتماعية، ج1، منشورات جامعة دمشق.



[1] - حمداش،عمار،(، 2006)، تقنيات البحث السوسيولوجي،دفاتر طالب علم الاجتماع (رقم 1)، المطبعة السريعة، القنيطرة، ط.1 ، ص 19-20.

[2]- محي الدين مختار، (1999)، الاتجاهات النظرية والتطبيقية في منهجية العلوم الاجتماعية، ج1، منشورات جامعة دمشق، ص: 80. - مسلم، محمد(2004)، منهجية البحث العلمي، دار الغرب للنشر والتوزيع، ط 2، مصر، ص:20.[3] [4]- مصطفى عليان، ربحي، محمد عليم عثمان (2000)، مناهج وأساليب البحث العلمي بين النظرية والتطبيق، دار صفاء للنشر والتوزيع عمان، ط: 1، ص : 81. - حسن، عبد الباسط (1982) أصول البحث الاجتماعي، ط : 8، مكتبة وهبة، القاهرة، ص ص : 308-309. [5] - محمود أبو علاء، رجاء (2001) مناهج البحث في العلوم النفسية والتربوية، دار الجامعات مصر، ط : 3، ص : 429.[6] [7] - عبد الصمد الديالمي (2009) سوسيولوجيا الجنسانية العربية، دار الطليعة للطباعة والنشر بيروت، ط:1، ص: 74-75. Photos du journal • 10 novembre 2013 •