انتقل إلى المحتوى

مستخدم:M7md.7osni/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

حفظ المال في المفهوم الإسلامي:[عدل]

كثيرة هي الأفكار والفلسفات الوضعية ذات المنشأ الغربي أو الشيوعي التي ظهرت وانتشرت بدعوى حفظ المال وتنميته والمحافظة عليه، كالرأسمالية الغربية التي يبدو أنها تترنح اليوم بعد ثبوت فشلها الذريع في حفظ النظام المالي والاقتصادي العالمي من الانهيار، بعد أكثر من أزمة اقتصادية عالمية خانقة خلال السنوات الأخيرة، وكالاشتراكية التي أكل الدهر على فشلها وانهيارها وزوالها وشرب، وما زالت الأيام تؤكد أنها لا تصلح كنظام مالي واقتصادي بعد تجربة مريرة في كثير من الدول العربية والإسلامية.

ومع أن الإسلام قد وضع منذ أكثر من 1400 عام نظاما ماليا واقتصاديا محكما وصالحا لكل زمان ومكان، من خلال بيان حقيقة المال وكيفية التعامل معه، بالإضافة للنظرة الإسلامية المتوازنة إليه التي تعتبر وسطا بين الإفراط والتفريط، ناهيك عن التشريعات الكثيرة الكفيلة بحفظه من التلف والضياع، ومعاقبة كل من تمتد يده إلى مال غيره دون وجه حق، الأمر الذي يحقق الاستفادة المتوخاة من هذه الوسيلة التي تعتبر عصب الحياة كما يقال..... إلا أن أعداء هذا الدين الحنيف قد منعوا المنهج الاقتصادي الإسلامي من التطبيق على أرض الواقع، وحرموا ملايين الناس من الاستفادة من هذا المنهج الإلهي المحكم، لتعيث مذاهبهم الباطلة - الرأسمالية والشيوعية وغيرها من الفلسفات المالية - فسادا في الأرض، والتي ما زالت البشرية تحصد ثمارها المرة وآثارها الكارثية حتى الآن.

لقد فشلت المذاهب الفكرية القديمة والمعاصرة في وضع تشريع يحفظ المال وينميه بصورة متوازنة، وأيقن أعداء الإسلام أن النظام المالي الإسلامي هو طوق النجاة للبشرية، وأن التشريعات الإسلامية فيما يخص المال هي التشريعات المثلى لحفظه كما ينبغي، ومن هنا تنبع ضرورة إلقاء الضوء على موضوع: حفظ المال في المفهوم الإسلامي، والتشريعات التي وضعها لضبط وحماية هذه المسألة الخطيرة.

أهمية المال في الإسلام:[عدل]

ورد لفظ المال في القرآن الكريم 86 مرة، مفردا وجمعا، معرفا ونكرة، وفي ذلك بلا شك دليل على الاهتمام القرآني الشديد بالمال، والنظرة الإسلامية الخاصة إلى ما يعتبر اليوم عصب الحياة.

لقد أولى الإسلام المال اهتماما واضحا لا يخفى على عاقل، فاعتبره القرآن قوام الحياة الدنيا، قال تعالى: { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا.... } النساء/5، قال ابن كثير: "قياما" أي: تقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها. (1)

ولم يقتصر اهتمام الإسلام بالمال باعتباره عصب الحياة وقوامها فحسب، بل جعل المال ركنا من أركان الإسلام من خلال فريضة الزكاة، ناهيك عن دخول المال في كثير من فرائض الإسلام وعباداتها، فالحج يتوقف أمر فرضيته على شرط وجود الاستطاعة المالية، والجهاد في سبيل الله يحتاج في إقامته إلى المال لتأمين العدة والعتاد، وهكذا كثير من الفرائض والواجبات تفتقر إلى وجود المال لإقامتها وأدائها حق الأداء، الأمر الذي يؤكد أهمية المال ومحوريته في الإسلام.

ومن هنا يمكن فهم الكثير من الأحاديث التي تتحدث عن أهمية المال في حياة المسلم، ومنها حديث حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ) (2)

بل إن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قرن بين فضيلة إنفاق المال في الحق والخير ومنفعة عباد الله في الأرض، وبين نعمة نشر العلم والحكمة والقضاء بها فقال صلى الله عليه وسلم: (لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا) (3)

تشريعات الإسلام لحفظ المال:[عدل]

لم يتوقف اهتمام الإسلام بقضية المال عند اعتباره مقصدا من مقاصد الشريعة الإسلامية الضرورية التي لا تقوم الحياة ولا تستقيم إلا بها، بل وضع من التشريعات ما يضبط وسائل إيجاد المال وتحصيله من الانحراف، وما يحفظ بقاء المال واستمراره من التعدي أو الضياع.

ويمكن صياغة التشريعات التي وضعها الإسلام لحفظ المال – وغيره من الضروريات الخمس - بصياغة علماء المقاصد: حفظ من جانب الوجود، وحفظ من جانب العدم، وفي ذلك يقول الشاطبي: " والحفظ لها – أي الضروريات الخمس – يكون بأمرين: أحدهما: ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود، والثاني: ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم" (4)