انتقل إلى المحتوى

مستخدم:Mom96/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

1-    والْعَمَل إِيجَاد الْأَثر فِي الشَّيْء يُقَال فلَان يعْمل الطين خزفا وَيعْمل الخوص زنبيلا والأديم سقاء، وَقَالَ الله تَعَالَى (وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ)، أَي خَلقكُم وَخلق مَا تؤثرون فِيهِ بنحتكم إِيَّاه أَو صوفكم لَهُ.[1]

لذلك يقول الشيخ الطوسي:

عن الحسن بن موسى الوشا البغدادي قال: كنت بخراسان مع علي بن موسى الرضا (علیه السلام)في مجلس وزيد بن موسى حاضر قد اقبل على جماعة في المجلس يفتخر عليهم ويقول: نحن ، وأبوالحسن عليه السلام مقبل على قوم يحدثهم فسمع مقالة زيد فالتفت اليه فقال: يازيد اغرك قول ناقلي الكوفة إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله تعالى ذريتها على النار

وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ. وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ.[2]

كما يتضح من المفهوم الاصطلاحي أن العمل النافع له قيمة عظيمة في الإسلام. فالعمل من أهم عوامل النهوض والتقدم. لهذا لفت القرآن النظر أن الإنسان ينبغي أن يعتمد على جهوده وأنشطته، وأن يعتبر أن مكاسبه من الحياة هي بقدر ما يبذل من جهد. لذلك يتحدث كتاب وسائل الشيعة عن العمل والجهد في بابين من أبوابه، مثل باب استحباب استواء العمل، والمداومة عليه، بسبب أهمية كسب لقمة العيش ليسد الفرد حاجاته ولا يتكفف الناس ولا يسرق.[3]  وفي فصول أخرى يذم الكسل والبطالة، مستعملًا عبارات مثل الإفراط في النوم و الكسل في كسب الرزق لضرورات الحياة.[4]

إن تطوره الإنسان وتقدمه ماديًّا وروحيًّا يتحقق فقط من خلال السعي إلى الرزق عبر العمل. وقد

والعلم بقتضي من المسلم أن لا يتكلم إلا بعلم، فالمؤمن على بينة من كلامه، ويعلم أن القول من فعله، وأنه محاسب عليه كما هو محاسب على أفعاله. ولذلك جاء في الحديث عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه.[5] كما أن العلم النافع هو الذي يخدم الإنسان في دنياه وأخراه، وإذا لم تكن له فائدة فهو لغو وليس علمًا، فقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ( عليه السلام ) قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) الْمَسْجِدَ فَإِذَا جَمَاعَةٌ قَدْ أَطَافُوا بِرَجُلٍ فَقَالَ مَا هَذَا فَقِيلَ عَلَّامَةٌ فَقَالَ وَ مَا الْعَلَّامَةُ فَقَالُوا لَهُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِأَنْسَابِ الْعَرَبِ وَ وَقَائِعِهَا وَ أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ وَ الْأَشْعَارِ الْعَرَبِيَّةِ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) ذَاكَ عِلْمٌ لَا يَضُرُّ مَنْ جَهِلَهُ وَ لَا يَنْفَعُ مَنْ عَلِمَهُ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) إِنَّمَا الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ آيَةٌ مُحْكَمَةٌ أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ وَ مَا خَلَاهُنَّ فَهُوَ فَضْلٌ

وهو مصداق من مصاديق الفعل والنشاط الانساني {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ}.[6]

فقد نصت الآية القرآنية  وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ على ان خرق واخترق واختلق بمعنى بمعنى واحد،[7] اذا افتعل وافترا وكذب ومعناه تخرصوا، له كذبا بنين وبنات  بغير علم أي بغير حجة. ويحتمل أن يكون معناه بغير علم منهم بما عليهم عاجلا وآجلا كما ويحتمل ان يكون معناه بغير علم منهم بما قالوه على حقيقة ما يقولون، لكن جهلا منهم بالعمل العقدي بالله وبعظمته، لانه لا ينبغي لمن كان الها أن يكون له بنون وبنات ولاصاحبة ولاأن يشركه في خلقه شريك، ثم نزه نفسه تعالى وأمرنا بتنزيهه عما أضافوه اليه، وأنه يجل عن ذلك ويتعالى عنه، فقال سبحانه وتعالى عما يصفون  من ادعائهم له شركاء واختراقهم له بنين وبنات لان ذلك لا يليق بصفته ولا بوحدانيته وظاهر ذلك القول وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد وغيرهم، فيتلخص مفهوم الكلام بنسبة العمل العقدي: أن هؤلاء الكفار جعلوا لله شركاء في عبادتهم  وفق المنظور العقدي إياه تعالى مع انه المتفرد بخلقهم بغير شريك ولامعين وهو عمل من دون علم.

يقول تعالى {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينبع التفكر الصحيح من رفض الأفكار الموروثة وإعمال العقل فيها قبل قبول الصحيح منها، ورفض السقيم فيها. إن الله تعالى كما يقول طلال حسن في كتاب صناعة التجهيل أمرنا أن لا نستقبل آيات القرآن الكريم بالإيمان الأعمى، بل نتدبرها بعقولنا أولًا قبل أن تجد طريقها إلى القلوب رغم يقيننا أنها من الله سبحانه:

وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا ينَ}

والجهل نوعان: بسيط، ومركَّب، والجهل البسيط  لا يعلم صاحبه شيئاً، سواء علم أم لا يعلم. والجهل المركَّب يعد أخطر أنواع الجهل لأنه يتكون من جهلين، هما: عدم العلم وتوهّم العلم، فصاحبه يظن أنه يعلم، لذلك أمرنا الإمام علي أن نرفض مثل هذا الجاهل، فقال: فذاك جاهل فارفضوه. وصدر نفس الأمر عن الإمام الصادق  حيث قال: فذاك أحمق فاجتنبوه.[8]

وقد عدد طلال حسن في كتابه أسباب الجهل، فكان أهمها ما يلي

فالهوى هو البوابة التي إن فتحت انطلقت منها موجات الفتن التي تجرف من يقف في طريقها معجبًا بها، ومصرًّا على البعد عن الطريق المستقيم. وقد بين الإمام علي (عليه السلام) هذا المعنى، فقال:

إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع.[9]

الهوى هوى إلى أسفل السافلين.[10]

يتضح مما سبق وجود عوامل داخلية، داخل نفس الإنسان، في فكره وقلبه، تدفع للعمل بغير علم، فتورد صاحبها موارد التهلكة في الدارين. كما أن هناك عوامل خارجية، إذا لم يقاومها المسلم بعزيمة وصدق وأخلاص، كان عرضة لغضب الله تعالى، ومن أهم هذه الدوافع الخارجية: الشيطان، اتباع أهل الضلال، و اتباع الأغلبية.

غضب الله وسخطه.

ورجاء العبد المسلم في رحمة الله يعني حسن ظنه بالله سبحانه في قبول العمل الصالح والتجاوز عن السيئات. ولا يعني رجاء رحمة الله التواكل وهجر الطاعات وإتيان النواهي. فالخوف والرجاء يؤديان إلى العمل الصالح والسعي فيما يرضي الله تعالى، والابتعاد عما يغضبه. فعلى العبد المسلم أن يخاف الله تعالى خوفاً لا ييأس فيه من رحمته وأن يرْجِه رجاءً لا يأمن فيه من عقابه. ومن ثم فالخوف دواء وعلاج العبد الذي يأمن عقاب الله سبحانه، والرجاء دواء وعلاج لمن غلب على قلبه اليأس والقنوط من رحمة الله عز وجل.

القسمين ثانية على فرعون وجنوده الذين ماتوا غرقًا، ورغم هذه الآيات الحاسمة طلبوا من موسى أن يصنع لهم صنمًا لما رأوا قومًا يعبدون الأصنام. قال الله سبحانه في كتابه الكريم:

وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَهُمْ ۚ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا

هكذا يتبين كذب وافتراء الكافرين والمشركين على الله تعالى. وقد كذبوا على الله كثيرًا مثل هذا، فنسبوا لله البنات مع كراهيتهم للأنثى وحبهم للبنين، وحرفوا أسماء الله الحسنى وأطلقوا هذه الأسماء المحرفة على أصنامهم وأوثانهم:

أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَىٰ تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ۚ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَىٰ [11]

فاللات والعزى ومناة ثلاثة أصنام، وهي أسماء مؤنثة، زعموا أنها تشير إلى بنات الله، أي الملائكة، فجعلوا لله البنات ولهم البنون، وهذه قسمة ضيزى، أي غير عادلة، إنها قسمة جائرة ظالمة، أن تعطي نفسك ما تحب وتعطي غيرك ما تكره. كما أن العبادة الحق لا تأتي كمنهج من الإنسان، بل تأتي من الله سبحانه بالوحي، فلا اختراع ولا اجتهاد في تحديد العقيدة وأركان الدين، بل الوحي هو الذي يسطرها للناس على يد الأنبياء والرسل، ولم يأمرهم الله تعالى بعبادة اللات والعزى وغيرهما، بل هي أصنام صنعوها، وأسماء من عندياتهم صاغوها. لذلك استحقوا سوء العاقبة بولوجهم جهنم وبئس المصير.


[1]. العسكري، الفروق اللغوية: ص134

[2]. فصلت: 22-23

[3]. العاملي، وسائل الشيعة: ج1، ص73

[4]. العاملي، وسائل الشيعة: ج12، ص37

[5]. الشريف الرضي، نهج البلاغة: ج4، ص7

[6]. الانعام: 100

[7]. الاندلسي، البحر المحيط: ج1، ص187

[8]. الكراجكي، معدن الجواهر ورياضة الخواطر: ج1، ص27

[9]. الشريف الرضي، نهج البلاغة: ص34

[10]. آمدي، غرر الحكم ودرر الكلم: ص1326

[11]. النجم: 19-23