انتقل إلى المحتوى

مستخدم:Qaratees/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

'المرحوم الحاج أحمد بن حجي علي[عدل]

بقلم إبراهيم حسن إبراهيم صالح - الدير

و نحن نعيش أجواء عاشوراء الحسين (ع) عاشوراء التضيحة والفداء، لا بد ان نتذكر رجالاً كانوا في يوم من الأيام بيننا ملئ السمع و البصر كان لهم حضور و بصمة و تأثير في المجتمع تركوا صفحات مليئة بالجد و العمل من أجل خدمة مجتمعهم و من هؤلاء المرحوم الحاج أحمد بن الحاج علي بن محمد علي بن يوسف الجزيري.

ولد المرحوم في بيت على ساحل البحر بقرية الدير قرب مأتم محمد علي يحده من الشمال ما يسمى بـ(بلط محمد علي – "كاسر أمواج") قبل سنة الطبعة بثلاثة أعوام في عام 1922م و هو الإبن الثاني للوجيه الحاج علي بن محمد علي الذي تولى قيادة مأتم محمد علي بوصية من والده المرحوم الحاج محمد علي حتى الثلاثينيات من القرن الماضي ثم تناوب بعد ذلك على رعاية المأتم و قيادته أخواه المرحوم الحاج يوسف ثم المرحوم الحاج عيسى. في تلك الفترة كان المأتم محل مأتم النساء الحالي.

و قد اهتم والده بتعليمه القرآن الكريم بالإضافة إلى تواجده الدائم إلى جواره للخدمه في المأتم و كان والده المرحوم الحاج علي يتمتع بصوت جميل شجي عندما يقرأ الحديث في المأتم لقد سمعت ذلك من والدي المرحوم الحاج حسن بن إبراهيم بن صالح و من خالي المرحوم الحاج علي بن عبدالله بن علي بن سلطان.

و لما اشتد عود المرحوم الحاج أحمد عمل في البحر كالكثيرين من أهالي الدير في قارب شراعي يساعده أخوه من الأم المرحوم الحاج حسين بن حجي محمد. كما هو معروف بين أهل القرية و في الأوراق الرسمية أسمه الحاج حسن.

تولى المرحوم الحاج أحمد بن حجي علي قيادة ماتم محمد علي بعد وفاة عمه المرحوم الحاج عيسى بن محمد علي عام 1953م و عمره آن ذاك 31 عاماً بناءا على وصية من عمه الذي توسم فيه القدرة و الكفاءة على قيادة هذا المأتم . و قبل بداية الخمسينيات من القرن الماضي كان قد تم بناء المأتم الكبير في موقعه الحالي و كانت ارضيته من الرمل و له بابان أحدهما من جهة الجنوب و الآخر من جهة الشرق و كان المنبر من جهة الشمال و كانت حلق العزاء تخرج من الباب الجنوبي و عند العودة تدخل من الباب الشرقي.

و من أبرز الخطباء الذين إرتقوا المنبر لمأتم محمد علي في فترة تولي المرحوم الحاج أحمد لشؤون المأتم؛ الخطيب الشاعر المرحوم ملا عطية الجمري و المرحوم ملا يوسف بن الملا عطية و المرحوم الحاج محمد صالح بن ملا عطية.

و في عام 1963م تولى المرحوم الحاج أحمد بن حجي علي بشكلٍ رسمي قيادة المأتم و في هذا العام تعاقد مع المرحوم شيخ عبدالله السِمّيَن (الإحسائي) بالإتفاق مع المرحوم الحاج ميرزا التحو رئيس مأتم الإحسائيين. و هذا التعاقد مع المرحوم الشيخ السِمّيَن نقل المأتم نقلة نوعية فقد كان خطيبا مميزا درس في البداية في كلية البترول و المعادن في الظهران ثم تحول إلى الدراسة الحوزويةفي النجف الأشرف و بقي يقرأ في المأتم على مدى 14 عاماً حتى عام 1977م و لا زالت الأجيال التي عاصرت تلك الفترة تتذكر ذلك الخطيب رحمه الله و اسكنه فسيح جناته.

و في عام 1969م تم الشروع في إعادة بناء المأتم للمرة الثانية الذي كانت أرضيته من الرمل. و من الخطباء الذين إرتقوا المنبر في المأتم خلال فترة تولي المرحوم الحاج أحمد قيادته بالإضافة إلى من ذكرناهم سابقا المرحوم الشيخ السويچي والمرحوم الشيخ علي النچاس و المرحوم الشيخ حسن القيسي و المرحوم الشيخ أحمد مال الله و المرحوم الشيخ حسن الباقري و المرحوم الشيخ ميرزا الكراني و المرحوم ملا محمد علي الناصري (الصفار) و بعض هؤلاء الخطباء عن طريق مجموعة العادة الإسبوعية و التي شكلت نواة تأسيس مأتم الهادي (ع) 1987م.

و على الرغم من مشقة العمل في البحر و كثرة متطلباته من "دشه" و بيع السمك و صنعة القراقير و الحشيش والتقريب " تقريب القارب من الساحل " والدفاع " إبعاد القارب عن الساحل " والمسافة تساوي قرابة 2 كيلو متر . و صيانته الدورية (الݘلْفَة) إلا أن ذلك كله لم يمنعه - رحمه الله - من القيام بأعباء المأتم خير قيام. و الجدير بالذكر ان المرحوم قد ترك العمل في البحر و اتجه إلى بيع الأسماك بالسوق في ثمانينيات القرن الماضي بعد وفاة اخيه و ضعف الصيد. و لقد تميزت فترة رئاسة المرحوم الحاج أحمد بن حجي علي للمأتم بسطوع نجمه فهو المأتم الكبير و مركز القرية و منطلق مواكب العزاء كما كان المأتم طيلة تلك الفترة يزخر بالنشاطات و الفعاليات و على رأسها الإحتفالات الدينية التي تتذكرها الأجيال التي عاصرت تلك الفترة الجميلة، كما فعّل - رحمه الله – دور المأتم بالمجتمع بإحتضانه للتعليم الديني الذي تحول فيما بعد إلى (مشروع الإرشاد الديني) و على الرغم من الضغوطات الأمنية التي تعرض لها رحمه الله إلا أنه عض عليه بنواجذه و لم يفرط فيه قيد أنمله، إستمر على هذا النهج سائرا على خطى أسلافه في هذا المأتم المبارك الذين حموا تراث الإمام الحسين (ع) و حافظوا عليه.

من الأمور التي تتذكرها الأجيال التي عايشت تلك الفترة ان تناول وجبة العشاء تتم في بيت المرحوم الحاج أحمد و بعض البيوت القريبة مثل بيت المرحوم الحاج إبراهيم بن محمد الخضار . و في ذلك الوقت كان العزام يدور على بيوت القرية مع بداية شهر محرم الحرام ليعلن الدعوة عامة طيلة ليالي عشرة محرم ، و الجدير بالذكر ان الطباخات ديريات و اللحم عربي و الطبخة ثابتة (مچبوس).

و على الرغم من ضعف الإمكانيات المادية لأفراد المجتمع في ذلك الوقت إلا أن النفوس كانت كريمة و سخية في ما يتعلق بالإنفاق على شعائر أهل البيت عليهم السلام.

و مما تميز به المرحوم الحاج أحمد بن حجي علي إصراره على ان يتعلم القرآءة و الكتابة عن طريق محو الأمية بالرغم من كثرة مشاغله و مسؤلياته و هذا نادرا ما يحصل لمن هم في مثل سنه.

إستمر المرحوم الحاج أحمد بن حجي علي بقيادة المأتم مدة 36 عاما حتى عام 1989م و بمغادرته لرئاسة المأتم خرج معه الموكب إلى الشارع و غادر مشروع التعليم الديني المأتم ليبحث عن مكان آخر يحتضنه.

قبل الختام:

يقول المرحوم الحاج يوسف بن مهدي أن أشبه أحفاد المرحوم الحاج علي بن محمد علي به هو الحاج يوسف أحمد علي (أبو محمد) و قد ذكر هذا القول مرات كثيرة تلك شهادة تتعلق بملامحه الجسدية و أنا أضيف إلى قول المرحوم الحاج يوسف شهادة تتعلق بملامح شخصيته أسجلها في هذه السطور: بأن الأخ يوسف أحمد علي جدير بأن يتولى قيادة هذا المأتم العريق –مستقبلا- كما كان جده و أبوه لما يتمتع به من خُلق رفيع و حضور إجتماعي كبير و حب للعمل التطوعي و إنفتاح على مؤسسات المجتمع و شرائحه و مشاركة دائمة لكل الفعاليات و حب للمساعدة كما ان لديه علاقات واسعة مع معظم خطباء البحرين و له تواصل دائم مع الأوقاف بحكم متابعته لاحتياجات المساجد أو فيما يتعلق ببعض أمور المأتم.

وفاة المرحوم الحاج أحمد:

أنتقل المرحوم الحاج أحمد بن حجي علي بن محمد علي إلى جوار ربه عصر يوم الخميس الموافق 22 -8-1996م عن عمر ناهز 74 عاما قضاها في خدمة الإمام الحسن عليه السلام و أهل البيت الكرام عليهم السلام مخلفا وراءه كوكبة من الأولاد أجهد نفسه في تعليمهم و تربيتهم.

رحم الله خادم الإمام الحسين عليه السلام الحاج أحمد بن حجي علي و تغمده بواسع رحمته و أسكنه الفسيح من جنته مع محمد و آهل بيته الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.

-الفاتحة-


الشكر و التقدير لكل من أمدني بالمعلومات التي شكلت أساسا مهما لهذا الموضوع.


الخميس الأول من شهر محرم الحرام 1437 هـ و الموافق 15 من شهر أكتوبر 2015م

"أبو صادق"