انتقل إلى المحتوى

مستخدم:WALEED ALKAROSI/ملعب

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

عين الكسفة 2023 «العودة إلى الطبيعة هي الحل» هكذا قال سيف الزيدي وهو يخرج قدميه من مياه «عين الكسفة» في ولاية الرستاق العمانية التي وصفها له أحد أطباء جامعة السلطان قابوس لعلاج مفاصله من الروماتيزم الذي ألم به مؤخراً.

ويجد الآلاف من العمانيين والسياح العلاج الطبيعي للكثير من مشكلاتهم الصحية التي تتركز حول الأمراض الجلدية وآلام المفاصل في العيون الكبريتية المنتشرة عند سفوح الجبال العمانية العملاقة.

وإذا كانت هذه العيون تستخدم للعلاج والتداوي فإن القائمين على الشأن السياحي في السلطنة ينظرون إليها بوصفها مقوماً من مقومات الجذب السياحي، حيث تلاقي الكثير من الرواج بعد التأكيدات الطبية بجدوى العلاج بها.

ومن بين أشهر العيون الحارة في عُمان «عين الكسفة» التي تصل درجة حرارة مياهها إلى 54 درجة مئوية ثابتة. وتخرج المياه الساخنة في عدة «جداول» لسقاية البساتين وتشتهر مياه «الكسفة» بكونها علاجاً طبيعياً لأمراض الروماتيزم نظراً لطبيعتها «الكبريتية» وكذلك علاجاً للأمراض الجلدية. وتقع على مسافة كيلومتر من مركز ولاية الرستاق.

وتبعد ولاية الرستاق عن العاصمة مسقط بحوالي 021كم في اتجاه الشمال في طريق سهل وميسر وسط الكثير من الواحات الخضراء التي يعبر بها الزائر إلى الولاية.

ورغم أن «عين الكسفة» ليست أبرز المعالم السياحية في ولاية الرستاق (عاصمة الدولة اليعربية في القرن السابع عشر)، فهناك قلة الرستاق الشامخة وحصن الحزم بديع المعماري العماني؛ إلا أنها بدأت تستحوذ شيئاً فشيئاً على صدارة السياحة في الولاية.

وفي عهد والي العباسيين على البحرين «محمد نور» الذي لقبه العمانيون بـ«محمد بور، نتيجة أفعاله النكراء بهم» تعرضت العين إلى الردم وسد فتحتها من أجل محاصرة أهالي الرستاق وإجبارهم على الاستسلام والخضوع لجيشه والدولة العباسية إلا أن الضغط القوي لمياه العين جعلها تنفجر من مكان آخر، يبعد حوالي عشرة أمتار عن العين الأصلية واستمر جريان العين من النبع الجديد فيما بقي النبع القديم عبرة وذكرى لمرحلة مهمة في التاريخ العماني. وتكثر الحكايات والأساطير حول العين، لكن جميعها تتلاشى أمام الحقائق التاريخية، والعلمية التي تنفي خطابات السحر والجن المرتبطة بالعين.

وعمدت وزارة السياحة في سلطنة عمان إلى تطوير المكان وجعله معلماً سياحياً طبياً بامتياز رغم أن المواطنين والسياح يطالبون باستغلال الموقع وتطويره ليتوافق مع المتطلبات العالمية في مثل هذه الأماكن السياحية الطبية.

ويقول زوار العين من أبناء ولاية الرستاق ان على طالب العلاج من هذه العين النزول التدريجي بكامل جسمه حتى يتأقلم الجسم مع حرارة الماء ويمكث في الماء فترة من 5 إلى 9 دقائق كمرحلة أولى حتى يشعر المريض بأن نسبة الكبريت بدأ تأثيرها في أماكن الألم ويشعر بارتياح وعلى المريض المواظبة على عملية تلقي العلاج بشكل مستمر على الأقل ثلاث مرات في اليوم ويفضل قبل صلاة الفجر وفي وقت العصر وقبل النوم.

يقول طالب الرفاعي سائح بحريني «أتيت قبل ثلاث سنوات إلى عين الكسفة بعد أن سمعت أنها علاجاً ناجحاً لمرض الروماتيزم، واستفدت حينها كثيراً من العلاج، حيث أقمت هنا لمدة أسبوع» ويضيف الرفاعي «قبل أسابيع عادت لي آلام المفاصل بعد أن هدأت خلال الفترة الماضية، ومنذ أيام وأنا أواصل العلاج فيها» إلا أن الرفاعي ينتقد عدم وجود فنادق في المنطقة، ووسائل ترفيه. إلا أن وزارة السياحة في عُمان ترد على مثل هذا النقد بالقول ان المنطقة أملاك للمواطنين، ومن الصعب إقامة مشاريع في أملاك المواطنين.

ولا توجد في ولاية الرستاق فنادق كبيرة إلا بعض الشقق الفندقية، إلا أن السياح يستوطنون في العاصمة مسقط ويقومون بزيارات شبه يومية للرستاق، ومنهم من يقطن في منتجع السوادي القريب من ولاية الرستاق كما هو الحال بالنسبة لطالب الرفاعي.

وما يميز عين الكسفة عن بقية العيون في السلطنة وجود نسبة مادة الكبريت، وهي كما يرى القائمون على العين مهمة جداً لتسريع الشفاء من أمراض المفاصل، وبعض الأمراض الجلدية. وتتواجد المسابح على امتداد الجدول المائي الخارج من العين على شكل كبائن مفتوحة للرجال ومغلقة بأبواب للنساء. وتستمر المياه بعد ذلك في جريانها لتصل إلى المزروعات والواحات الغناء التي تتميز بها ولاية الرستاق.

ويبحث بعض المستثمرين مع السلطات العمانية إقامة مصحات متطورة تقدم علاجات طبيعية تنطلق من مياه العين الكبريتية لتقدم الكثير من الوصفات الطبيعية المستخلصة من الأعشاب المنتشرة في جبال الولاية.

وتشهد العين إقبالاً كبيراً من قبل السياح العمانيين والعرب فيما يصل عدد طالبي العلاج بمياه العين أكثر من 05 شخصاً في اليوم، تزيد في أيام العطلات الرسمية والأسبوعية إلى 001 شخص تقريباً حسب المشرفين على العين.

وعلى امتداد الجداول التي تمر بها مياه العين يجد الزائر الكثير من الواحات الغناء التي تحيط بها السلاسل الجبلية في منظر غاية في الروعة والجمال. ويقول سلطان المعمري وهو رجل بلغ الخمسين إنه منذ أسبوع يتردد على العين بعد أن ظهرت به الكثير من الآلام في مختلف مفاصل جسمه إلا أنه لاقى الكثير من التحسن، وينوي الاستمرار لخمسة أيام أخرى. ويؤكد سلطان أنه جاء بعد أن رأى جاره قد شفيت قدماه تماماً مما كانت تعانيه من آلام شديدة.

أحمد بن حمد قدم من ولاية شناص للاستشفاء من مرض جلدي ظهر في قدميه ولم تفلح العلاجات الطبية في شفائه ما جعله يقدم لتجريب الاستشفاء بالمياه الكبريتية. يقول أحمد «نصحني طبيب الولاية لتجريب العلاج بالمياه الساخنة، وفوراً قدمت إلى هنا.. لا خوف من أي مضاعفات فهذه المياه طبيعية والعلاج بها إذا لم يفد لا يضر فكيف إذا ثبتت فائدته».

وبالقرب من حمامات النساء تقف ديانا في الخمسين من عمرها ألمانية الجنسية إلا أنه والدها من أصول لبنانية وهي تبتسم فرحة بالمنظر تقول ديانا «أشعر بارتياح كبير، إنه أفضل من ساعة مساج صحي، أحس أن الدماء تجري في عروقي بشكل أفضل» وتضيف «سأعود هنا ثانية.. يبدو أنني وجدت ضالتي العلاجية أخيراً».

ورغم أن المنطقة تمر أحياناً بفترات جفاف كبيرة إلا أن منسوب مياه العين لا يتغير، كما أن درجة حرارة مياهها لا تتغير أيضاً، فهي دائماً عند 54 درجة مئوية.

مسقط (د ب أ) - «الحواس الخمس»


المصدر https://www.albayan.ae/five-senses/2010-09-19-1.284800