انتقل إلى المحتوى

نقاش:وأد البنات

محتويات الصفحة غير مدعومة بلغات أخرى.
أضف موضوعًا
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
أحدث تعليق: قبل 3 سنوات من CorrectionKSA في الموضوع تاريخ الوأد لدى العرب

تاريخ الوأد لدى العرب

[عدل]

تاريخ الوأد لدى العرب مفصلاً :

الوأد ويعني لغة إخفاء الشيء (1).

أما اصطلاحا : فهو دفن الجارية وهي حية وقد سميت بالمؤودة لما يطرح عليها من التراب ، فيؤودها أي يثقلها حتى تموت (2) ، ومنه قوله تعالى : (وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا)(3) ،

كما قيل:

ومؤودة مقرورة في معاوز (*)

                  بآمتها (**) مرموسة لم توسد (4)
وكان العرب قبل الإسلام كغيرهم من الأمم – يفضلون الذكور على الإناث ، فإذا ولدت المرأة ولداً هنأها أفراد القبيلة وذبحوا الذبائح (5) ، ولذلك كان يقال " بالرفاء والبنين لا البنات " (6) ، وكان الأب – في أغلب الأحايين – يسمى باسم ابنه ، ومن هنا كانت "التكنية" بـ "أبي" (7) ، وكان بعض العرب – وبخاصة البدو – ينفرون من نسل الإناث خوف العار (8) ، أو السبي في الحرب (9) ؛ او خشية الإملاق (10).

وبسبب هذا رغب العرب عن البنات ، وداعت بغضتهم واشتهروا بها ، فقد قيل لإعرابي : ما ولدك ؟ قال: قليل خبيث، قيل: وكيف ذلك ؟ قال : لا عدد أقل من الواحد ، ولا أخبث من بنت (11) ،وهكذا كانوا إذا هنئوا بها قالوا : آمنكم الله عارها ، وكفاكم مؤنتها ، وصاهرتم القبر(12).

وكانت ولادة الإناث مشكلة للزوجة وذنباً يعد عليها وينزل بمكانتها عند زوجها ، وقد اشتهر قول زوجة أبي حمزة حين غضب منها زوجها وهجرها لأنها ولدت له ابنة وكان يقبل ويبيت عند جيرانه ، فمر بخبائها يوماً فسمعها تتغنى لأبنتها بقولها:

ما لأبي حمزة لاياتينا

                  يظل في البيت الذي يلينا

غضبان ان لا نلد البنينا

                  تالله ما ذلك في أيدينا
وإنما نأخذ ما أعطينا

فما أن سمع الرجل ذلك، حتى ثاب رشده، وولج الخباء، فقبل راس زوجته، وقبل ابنته، وقال: ظلمتكما ورب الكعبة (13).

وقد صور القرآن الكريم كراهية بعض العرب للبنات في قوله تعالى :( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) (14) .

لقد كان بعض العرب يبالغون في بغضهم للبنات عند ولادتهن الى حد الواد ، وقد تنوعت وسائل الواد فبعضهم كانوا يحفرون حفرة، فإذا ولدت الحامل بنتاً ولم يشأ أهلها الاحتفاظ بها رموا بها في الحفرة ودفنوها الى ان تموت (15) ، ومنهم من لجأ الى واد بناتهم في أمكنة خاصة بعيدة عن المنازل حتى لا تدنسها بجثثهن ورفاتهن واشهر مكان كان يجرى فيه الواد على هذه الطريقة هو جبل يقال له (أبو دلامة) (16) ، وكانت قريش تئد فيه البنات (17) ، وذكر ان هذا الجبل يطل على (الحجون) بمكة (18) ، وقيل أن الحجون هو الذي يقال له : أبو دلامة (19) .

وذكر ان الرجل منهم كان إذا ولدت له بنت ، فاراد أن يستحييها ألبسها جبة من صوف او شعراً ترعى له الإبل والغنم في البادية ، وإن أراد قتلها تركها حتى إذا كانت سداسية العمر فيقول لأمها : طيبيها وزينيها حتى أذهب بها ، وقد حفر لها بئراً في الصحراء فيبلغ بها البئر، فيقول لها انظري فيها ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى تستوى البئر بالأرض (20) ، وروى عن أبن عباس (رضى الله عنهما) انه قال : كانت المرأة قبل الإسلام إذا حملت حفرت حفرة ، فمخضت على رأس تلك الحفرة ، فإذا ولدت بنتاً رمت بها في الحفرة وردت التراب عليها ، وإذا ولدت ولداً حبسته . ومنه قول الراجز :

سميتها إذ ولدت تموت

                  والقبر صهر ضامن زميت (21)
 ولعل من المناسب التساؤل لم حاول بعض العرب وأد بناتهم ؟ وما هي الأسباب التي دفعتهم الى ممارسة هذه العادة السيئة وللإجابة على ذلك نشير الى عدد من الأسباب هي :

1. مخافة أن ينزل بهم الفقر ، فيضيق وجدهم عن الأنفاق على الذكور وعلى الإناث معاً (22) ، قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا)(23) ، وذكر أن بعضهم كانوا يئدون تخففا من الأولاد ، لأنهم عاجزون عن الأنفاق عليهم(24) ، قال تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ )(25) .

وقد كانت تمر بالناس سنون شديدة تكون قاسية على أكثرهم ، ولا سيما الفقراء ، فيأكلون (العلهز) وهو الوبر بالدم ، وذلك من شدة الجوع . فهذا الفقر وهذه الفاقة وذلك الإملاق حملهم على واد البنات حذر الوقوع في الغواية، فتلحق السبة بأهل البنت وبعشيرتها وقبيلتها(26).

2. شعور العربي قبل الإسلام بالغيرة والخوف من العار، الذي تجلبه البنت إذا كبرت وتعرضت للسبي، وبخاصة في هذه البيئة التي لا تخبو فيها نار الحروب والغارات (27).

وكانت المرأة – كما كان الرجل – تكره السبي ، لأن فيه إذلالاً لها وتغريباً وحرماناً من قبيلتها ، وقسراً على معيشة لا ترتضيها ، ومن هنا فإن الواحدة منهن كانت إذا هزم قومها تبرز مكشوفة سافرة ليحسبها الغالبون أمة فيخلوها وهي تعلم أنهم يقصدون الحرائر ويريدونهن ، وإذا وقعت الواقعة وفجعت المرأة بالسبي سخطت على قومها الذين تركوها تؤسر ، وغيرتهم بضعفهم وجبنهم (28) ، وقد ذكر أن حسنية بنت جابر بن بجير العجلي أبت ان تعود الى زوجها – وهو ابن عمها كذلك – لأنه فرّ منها وتركها تسبي(29) ، وبسبب هذا فقد كان بعض العرب يئدون بناتهم وكان أول من وئد بناته قيس بن عاصم المنقري وكان سبب وئده لبناته ذلك أن " النعمان بن المنذر لما منعته بنو تميم الأتاوة التي كانت تؤديها له جهز إليهم أخاه الريان بن المنذر ومعه بكر بن وائل فغزاهم فاستاق النعم وسبى الذراري . فلما ارضوا الملك وكلموه في الذراري حكم النعمان بان يجعل الخيار في ذلك إلى النساء ، فقال النعمان : كل امرأة اختارت أباها ردّت إليه وأن اختارت صاحبها تركت عليه فكلهن اخترن آباءهن إلا ابنة لقيس بن عاصم اختارت صاحبها عمر بن المشمرج فنذر قيس لا يولد له ابنة إلا قتلها " (30) ، فوأد ثماني بنات (31) ، وبصنيع قيس بن عاصم وإيجاده هذه السنة نزل القرآن الكريم في ذم وأد البنات وذلك في قوله تعالى :(وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ )(32) .

وربط بعض الاخباريين ظاهرة الوأد بقبيلة ربيعة وزعموا أن بنتا لرئيسها وسيد ها وقعت أسيرة في أيدي قبيلة أغارت عليها : فلما عقد الصلح ، لم تشأ البنت العودة الى بيتها ، فاختارت بيت آسرها ، فغضب رئيس ربيعة لذلك ، وأستن هذه السنة ، وقلدته بقية العرب حتى فشت بين القبائل (33)، وهي رواية قريبة في مضمونها وفي فكرتها من الرواية الأولى . والفرق بين الروايتين هو في تسمية القبيلة والأشخاص .

وهاتان الروايات تجمعان على أن الخوف من ذل وقوع النساء في السبي في الغارات والحروب كان من أسباب لجوء العرب الى وأد بناتهم (34) .

3. وهناك من يرى ان سبب الوأد ، إنما كان دينياً وان ذلك أثر من آثار تقاليد وشعائر دينية كانت معروفة ، بغية التقرب الى الآلهة (35) ، غير أن هناك من يفسر هذا السبب الديني تفسيراً مختلفا ، فقد ذهب علي عبد الواحد وافي الى ان وأد البنات دون الذكور ، إنما يرجع الى اعتقاد القوم ان البنات رجس من خلق الشيطان أو من خلق إله غير آلهتهم ، وأن مخلوقا هذا شأنه ينبغي التخلص منه (36) .

ويسوق أدلة على وجهة نظره هذه مستقاة من الآيات القرآنية التي تربط وأد البنات بنظام من العقيدة كقوله تعالى : ( وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ )(37) .

وذكر أن هذه الآية نزلت في " خزاعة وكنانة " فإنهم زعموا أن الملائكة بنات الله ، ومن ثم فقد كانوا يقولون : البنات بالبنات ، فنسب سبب الوأد عند القوم الى عقيدتهم هذه(38).

ويرى جواد علي أثر العامل الديني في هذه الظاهرة بقوله " وربما كان من بقايا الشعائر الدينية القديمة ، كتقديم الضحايا البشرية للآلهة لخير المجتمع وسلامته ، ذلك أن إرضاء الآلهة إنما هو من الشعائر الدينية القديمة المعروفة ، ومن ثم فإن الوأد والقتل ، إنما كان من بقايا تلك الشعائر ،على ان الغريب في الأمر أن الوأد إنما يكون بالدفن ، في حين العادة في الضحايا التي تقدم إلى الآلهة إنما تكون بالذبح أو الطعن أو غيره ، مما يجعل الدم يسيل من الضحية ، ذلك لأن الدم بالذات ، إنما هو الغاية من كل أضحية ، والجزء المهم من الضحايا التي تقدم الى الآلهة " (39) .

ومن المحتمل أن تطوراً طراً على طريقة تقديم الضحايا فأصبح الدفن بدل القتل هو الأسلوب الأكثر قبولاً آنذاك لإرضاء الآلهة (40).

4. أن العرب كانوا يتشاءمون من البنت الزرقاء أو الشيماء (***) أو البرشاء (****) ، أو الكسحاء(*****)، فكانوا يئدون من البنات من كانت على هذه الصفة (41) ، وقد ذكر أن والد الكاهنة (سودة بنت زهرة) ، وهي عمة (وهب) ، والد (آمنة) أم الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ، أرسل بها الى (الحجون) لوأدها ، للصفة المذكورة ، ثم تركها في قصة يروونها ، وصارت كاهنة شهيرة(42).

5. أن هناك من الباحثين من يرجع الى أن هذه الظاهرة تتصل بصحة الطفل ، كأن يولد ضعيفاً او مشوهاً ، أو أن يصاب بمرض لا يرجى منه الشفاء بحيث يصبح عالة على أهله (43) .

وقد اختلفت الآراء حول موضوع الوأد هل كان عاماً او غير ذلك . فقد ذكر أن الوأد كان مستعملاً في قبائل العرب قاطبة ، فكان يستعمله واحد ويتركه عشرة فجاء الإسلام ، وقد قل ذلك إلا في بني تميم (44) ، وكنده وقيس وهذيل واسد وبكر بن وائل (45) ، وخزاعة ومضر وكنانة ، وأشدهم في هذا تميم زعموا خوف القهر عليهم ، وطمع غير الأكفاء فيهن (46) ، ولهذا كانت المرأة تلقي على الرجال أعباء ثقيلة في مداراتها والمحافظة عليها من أي اعتداء ومن عاديات الزمن لهذا فهم يغتاظون من ولادتها ، ويخافون التحاق العار بهم فيفضلون الوأد على العار أو على الفقر (47) .

وعلى الرغم من وجود ظاهرة الوأد إلا انها لم تكن شائعة إلا عند قبائل معينة من العرب دون غيرها ، وذلك لأسباب منها :

1. ما ذهب إليه " ابن حبيب " من أن الطلس – وهم سائر أهل اليمن وأهل حضر موت وعك وعجيب وأياد بن نزار – كانوا لا يئدون بناتهم (48) .

2. تلك المكانة الجيدة التي تحتلها البنات عند آبائهم ذلك أن بعض البنات هن اصلح من الذكور ، ولأنهن وفيات لآبائهن يمرضنهم إذا مرضوا وينحن عليهم إذا ماتوا .

كما ذكر ذلك الشاعر معن بن اوس .

رايت رجالاً يكرهون بناتهم

                  وفيهن لا تكذب نساء صوالح

وفيهن والأيام تعثر بالفتى

                  عوائد لا يمللنه ونوائح (49)
كما يتجلى حب الأب لأبنته في قول عامر بن الظرب لصعصعة بن معاوية لما خطب إليه ابنته عميرة : " يا صعصعة ، إنك أتيتني تشتري مني كبدي فأرحم ولدي قبلتك أو رددتك والحسيب كفء الحسيب والزوج الصالح أب بعد أب " (50) .

3. أن العرب عرفوا – كغيرهم من الأمم – نظام تعدد الزوجات، فلو كان الوأد عاماً، لقلت النساء عن الرجال بطبيعة الحال، ولما كان هناك هذا التعدد المشهور (51).

4. أن الوأد لو كان عاما لتباهي به الشعراء ، ولهجوا أولئك الذين لا يئدون بناتهم ، لأن الوأد – يصبح إذن – فضيلة وتركه رذيلة (52) .

كان بين العرب من رفض هذه الحالة كونها أمراً شائناً ، مانعاً ذلك ولو أدى الى شراء تلك البنت الصغيرة حفاظا على حياتها . كما كان يفعل صعصعة بن ناجية جد الفرزدق الذي أحيا المؤودات فلما بعث الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه واله وسلم) وكان عنده مائة جارية وأربع جوار أخذهن من آبائهن لئلا يؤدن (53) ، فلما اسلم سأل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : هل لي في ذلك أجر " فقال : لك من أجره إذ من الله عليك بالإسلام (54) فقال الفرزدق مفتخراً في ذلك :

ومنا الذي منع الوائدا

                  ت وأحيا الوئيد فلم يوأد (55) 

وكان زيد بن عمرو بن نفيل : يقول للرجل إذا أراد ان يقتل ابنته : لا تقتلها ، أكفيك مؤنتها ، فيأخذها ، فإذا ترعرعت قال لأبيها : أن شئت دفعتها إليك ، وأن شئت كفيتك مؤنتها(56) .

ولم يقتصر الوأد على الإناث ، بل تعداه أحياناً إلى الذكور ، بدليل قوله تعالى :
( وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ الْحَرْثِ وَالأنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُهَا إِلا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمْ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ )(57).

ذلك أن أهل المدر والحرث كان يقسمون ما حرثوا على قسمين قسم لآلهتهم وقسم لله ، فإن سقط فيما لآلهتهم شيء مما لله تركوه وأقروه ، وأن سقط فيما جعلوه لله شيئا مما لآلهتهم ردوه (58) ، فوبخهم الله على زعمهم وسوء فعلهم ، ثم شبه بضلالهم لهم ضلالا آخر، هو أن شركاءهم من الشياطين أو سدنة الأصنام زينوا لهم قتل أولادهم بالوأد أو بالنحر للآلهة (59) ، وكان الرجل يحلف : لئن ولد له كذا غلاماً لينحرن أحدهم ، كما حلف عبد المطلب في أبنه عبد الله (60) ، فقد نذر أنه متى رزق عشرة أولاد ذكور ورآهم رجالاً ان ينحر أحدهم للكعبة شكراً لربه ، فلما استكمل أولاده العدد همَّ بإنجاز ما وعد ، وأجال القداح بينهم ، فكان الذبح نصيب عبد الله ، فحماه أخواله بنو مخزوم وأشاروا على عبد المطلب أن يحتكم إلى كاهنة بني سعد ، فحكمت بالديه مائة بعير فداء لعبد الله (61) .

كما يشار الى ان الوأد لم يكن مقصوراً على البنات ، قال تعالى : ( قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) (62) ، و ظاهر لفظ الآية الكريمة هنا إنما هو النهى عن جميع أنواع قتل الأولاد – ذكورا كانوا أما إناثا – مخافة الفقر والفاقة وأي سبب آخر (63) .

ويبدو أن قتل الأولاد الذكور عند العرب قبل الإسلام هو أقل استعمالاً من وأد البنات بكثير ويظهر انه كان من بقايا عامل ديني في الأغلب كما بينا ذلك من قصة إقدام عبد المطلب على قتل ابنه عبد الله بسبب النذر ، وهي قصة ترتبط بالنبي إبراهيم (عليه السلام) (64) .

وقد دعا الإسلام الى احترام المرأة والإحسان إليها والتذكر بأنها من خلق الله تعالى الذي : (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (65) .

ونهى الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) عن كراهية البنات وأمر بمحبتهن وتسويتهن في المحبة بالبنين وعلى حسن معاملتهم مبيناً أجرهم وثوابهم .

فعن انس بن مالك قال : قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه  (66) ، ونقل عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) من كان له ثلاث بنات ينفق عليهن حتى يبن او يمتن كن له حجابا من النار (67) . CorrectionKSA (نقاش) 06:31، 26 يوليو 2021 (ت ع م)ردّ