انتقل إلى المحتوى

نقاش المستخدم:الشيخ مجدي محمد أحمد/ملعب

محتويات الصفحة غير مدعومة بلغات أخرى.
أضف موضوعًا
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

نعمة المال والإنفاق

المال عنصر ضروري في الحياة الانسانية او هو قوام الحياة ان الاسلام يرى ان المال ، وهو كل ما ينتفع به من ارض و عقار وثمار و معادن و حيوان ، و انما جعل للانتفاع الانساني ، في ضوء علاقات ينظمها الاسلام ، نقف عليها بعد . يقول الله سبحانه : (( هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا )) نعم الله سبحانه وتعالى كثيرة لا تعد ولا تحصى ( وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها ). (أية 34 سورة إبراهيم) . ومن أعظم النعم : نعمة المال والرزق ، هذه النعمة التي تقوم عليها وتؤدي من خلالها كثير من النعم ، ولا يستغني عنها مخلوق حي حتى الطيور تبحث عن أرزاقها في غدوها ورواحها . وهذا المال مال الله تعالى يودعه عباده ، ليبتليهم أيشكرونه أم يكفرونه ، قال تعالى : ( وأمددناكم بأموال وبنين ) (سورة الإسراء آية 6 ) ، وقال سبحانه ( وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم ) (سورة العنكبوت آية 60) . و معنى ذلك ان الارض بكل ما عليها خلقت لانتفاع الانسان تكفل الحق سبحانه بالاقوات و الارزاق (( وقدر فيها اقواتها (( زين للناس حب الشهوات من النساء و البنين و القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الخيل المسومة و الانعام و الحرث ، ذلك متاع الحياة الدنيا ، و الله عنده حسن المآب )). (( و انه لحب الخير لشديد )) هناك الاقوياء الذين يستحوذون على مصادر الكسب و يستاثرون بالخير ، و كان هناك المسخرون الذين يقنعون من الحياة بجلف الخبز ، و يسيل منهم الدم و العرق في مقابل اجتلاب ضروري القوت .. (( كلا انا الانسان ليطغى ان رآه استغنى )) و هي في مناسبتها تعلل طغيان ابي جهل و امثاله من كفار قريش ، حين وقفوا في وجه الاسلام و حاولوا اطفاء نوره استنادا الى جاهمم و ثرائهم ، ورفضوا بحث مضمون الدعوة الجديدة او الاضغاء الى منطق العدل و التأمل ، لاطمئناتهم اى الاوضاع الاجتماعية الجاهلية ورغبتهم في الا يفقدوا مكانتهم ولا يهبطوا عن جاههم و زعامتهم . ولذلك نرى آيات الكتاب الكريم تتجه بضربات قوية الى سادة الجاهلية الاثرياء ، و تكشف عن مصيرهم الاليم ، ماداموا يتعبدون للمال ويصمون عن نداء الحق .. حتى تزلزل مكانتهم وتصور باطنهم الكئيب . انظر الى هذه الصورة الدقيقة يرسمها القرآن لبعض هؤلاء ، من عبيد المال : (( ويل لكل همزة لمزة ، الذي جمع ماله و عدده ، يحسب ان ماله اخلده ، كلا ، لينبذن في الحطمة )) (9)


وينظر الإسلام للمال على أنه عصب الحياة وقوامها من ناحية، وعلى أنه فتنة واختبار من ناحية أخرى، فراعى الإسلام حقوق الأفراد وذمتهم المالية؛ فمن مقاصد الشريعة حفظ المال. ولذلك أمرت بكتابة الدين وحرمت السرقة والربا والرشوة والغرر والميسر ووضعت ضوابط للبيع والشراء والمشاركة والمؤاجرة، ونهت عن إضاعة المال وكل ما يفضي إلى أكل أموال الناس بالباطل ووضعت نظاما للزكاة وللوقف وكل ما يجعل الأموال مستثمرة ومحفوظة وفي زيادة وذلك لقوة المجتمع المسلم.

بل وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه نعم المال الصالح للرجل الصالح، بل قال الفاروق عمر رضي الله عنه: (اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينته لنا، اللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا المال حلوة خضرة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى" رواه البخاري.

ومن زاوية أخرى بين الإسلام أن هذا المال فتنة قال تعالى: (واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة) الأنفال. أي: اختبار وامتحان قد لا ينجح فيه الإنسان بل هو سبحانه يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ، ولذلك لاينبغي ان تنظر أخي المسلم للمال علي أنه غاية بل هو وسيلة لتحقيق العبودية والفوز بمرضاة رب البرية، فعليك أن تاخذ المال من حله وأن تضعه في حله وأن تعرف حق الله في هذا المال وأن لا تتطلع لما في يد غيرك، ولتعلم أنك ستحاسب عل هذا المال من أين اكتسبته؟ وفيم أنفقته؟ ومالك ما قدمت ومال ورثتك ما أخرت، و(ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأبقيت)، (ماعندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذي صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) النحل . ....وينفق المال علي الوجوب والإستحباب أ‌- واجب : كالإنفاق على النفس والولد والزوجة ، وأداء الزكاة المفروضة ونحو ذلك . ب‌- مستحب : كصدقة التطوع ، والإنفاق في أوجه البر المتنوعة كالنفقة على اليتامى والأرامل والفقراء والمساكين ، كالهبات والهدايا ، والتبرع لمؤسسات البر والإغاثة ونحو ذلك . فإذا أنفقت المال ضمن الله عز وجل لك الجنة:... دخول الجنة ، يقول تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين * الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ).( سورة آل عمران آية 133 ، 134 ) ..........2- الوقاية من النار ، وتكفير السيئات ، روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( اتقوا النار ولو بشق تمرة ) (أخرجه البخاري ، كتاب الزكاة ، باب اتقوا النار ولو بشق تمرة 3/283 برقم 1417 ، ومسلم 2/703 برقم 1016 ، كتاب الزكاة ، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة ) ويقول صلى الله عليه وسلم : ( الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ). (أخرجه الترمذي ، كتاب الإيمان ، باب ما جاء في حرمة الصلاة 5/13 ، برقم الحديث 2616 ، وأخرجه النسائي في الكبرى 6/428 ، برقم 11394 ، كتاب التفسير). 3- تكثير الحسنات ، ومضاعفة الأجور أضعافاً مضاعفة ، يقول تعالى ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) (سورة البقرة آية 361 ) . ويقول سبحانه (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسناً وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم) . (سورة المزمل آية 20 ) 4- في الإنفاق طهرة للمنفق ، وتزكية لقلبه ، وتنمية للمال وسلامة له من الآفات، يقول سبحانه وتعالى ( خذ من أموالهم صدقة تظهرهم وتزكيهم بها ) (سورة التوبة آية 103 من أداب الإنفاق:

1 – الإخلاص : الإخلاص يعني تجريد العبودية لله تعالى لا يشوبها شائبة رياء أو سمعة أو غيرهما، فإذا أنفق على نفسه وأسرته ينفق شاكراً لله تعالى على ما أعطاه من هذه المال ، حامداً له على هذه النعمة ، وإذا أنفق على الفقراء والمساكين ، أو مشاريع الخير وأعمال البر يريد الأجر والثواب من هذه الإنفاق ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) (أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب بدء الوحي ، باب كيف كان بدء الوحي 1/9 برقم 1 ، ومسلم ، كتاب الإمارة ، باب قوله صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنية ) 3/1515 برقم 1907 ) فمن انفق يبتغي الأجر فله ذلك ، ومن أنفق رياء أو سمعة أخذ حظه من ثناء الناس في الدنيا ، وليس له حظ في الآخرة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن أول الناس يقضي عليه يوم القيامة ثلاثة .. " ومنهم : " رجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله ، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟ قال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك ، قال : كذبت ولكنك فعلت ليقال جواد ، فقد قيل ، فسحب على وجهه ، ثم ألقي في النار) ( رواه مسلم ، كتب الإمارة ، باب : من قاتل للرياء والسمعة استحق النار 3/1514 ، رقم 1905 ).

2 – عدم المن والأذى : المن هو : التحدث بما أعطي حتى يبلغ ذلك المعطي فيؤذيه . والأذى هو : السب والتطاول والتشكي . وعدم المن والأذى هو الأدب الثاني الذي يتفق مع ما فطر الله تعالى النفس الإنسانية عليه من الكرامة والعزة ، فتلك النفس تأبى أن يكون هذا العطاء مقروناً بمن أو أذى، إذا أن هذا المن يخدش كرامة النفوس الكريمة ويجرح مشاعرها ، ويستذلها بمنته ، ويشعرها بالصغار والهوان . من هنا جعل الله سبحانه الصدقات المقرونة بالمن والأذى باطلة غير مقبولة، يقول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ما له رياء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين ). (سورة البقرة آية 264 ) ولخسة نفس المنان بعطيته ، ولؤم طبعه ورغبته في الاستعلاء الكاذب ، وتطلعه إلى إذلال الناس ، جعله الرسول صلى الله عليه وسلم من الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، وهم كما في الحديث : (المسبل ، والمنان ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ) (رواه مسلم ، كتاب الإيمان ، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية 1/102 ، برقم 106 ).

3 – الإنفاق من المال الطيب : لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً ، فقد أمر سبحانه بالإنفاق من الطيب المحبوب للنفس ، فأحب لأخيك ما تحب لنفسك ، يقول تعالى آمراً بالإنفاق من الطيبات ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقوا ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه وأعلموا أن الله غني حميد ) . ( سورة البقرة آية 267). والبر والأجر إنما ينال بالإنفاق من المال الطيب المحبوب ، يقول الله تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) (سورة آل عمران آية 92 ) .

4 – الاعتدال في الإنفاق : لأن المال أمانة عند صاحبه ، فهو مال الله تعالى ، رزقه هذا الإنسان ، ليتعامل به وفق منهج الله تعالى ، فلا يتعالى فيه فيبذر ويسرف ويتجاوز القصد والاعتدال ، ولا يقتر فيشح ويبخل ويمسك ، قال تعالى مادحاً المؤمنين الذين يسلكون هذا المنهج : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) (سورة الفرقان آية 67 ) --مجدي محمد 20:38، 8 مارس 2015 (ت ع م)