الشيعة لغةً هم الأتباع والأعوان. اُخذت من الشياع والمشايعة بمعنى المتابعة والمطاوعة. قال ابن منظور: الشيعة كلُّ قومٍ اجتمعوا على أمر فهم شيعة. وكلّ قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيعة، والجمع شِيَع.[37] وقد غلَب هذا الاسم على من يَتَوالى عَلِيًا وأَهلَ بيته.[38] ورد لفظ شيعة في القرآن الكريم في العديد من الآيات بمعانٍ مختلفة منها ﴿وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ ٨٣﴾ [الصافات:83][39]
على مدار التاريخ الإسلامي، أُطلِقَتْ لفظةُ «شيعة» على العديدِ من الحركاتِ الإسلاميةِ مثل شيعة عثمان وشيعة معاوية وغيرهم. إلا أنّ لكن لفظة الشيعة وحدها تعتبر علماً لشيعة علي ومُتّبعيه. يرى الشيعةُ أن أصل التسمية ورد في حديث لمحمد بن عبد الله نبي الإسلام في حياته. حيث سأله علي بن أبي طالب عن خير البرية فأجابه: «أنت وشيعتك». لذلك يعتقدُ الشيعة أنَّ التشيعَ لم يظهرْ بعد وفاةِ مُحمّدٍ بل هو الإسلام الحقيقي الذي بعث به محمد.[40] وقد ورد هذا الحديث بروايات مختلفة في كتب الشيعة وبعض المذاهب الإسلامية الأخرى.[41]
يؤمن الشيعة أن التشيع هو الإسلام ذاته، ويتبناه الشيعة أنفسهم حيث يرون أن المذهب الشيعي أصلا لم يظهر بعد الإسلام. ويرون أن المسلم التقي يجب أن يتشيع ويوالي علي بن أبي طالب، وأنه ركن من أركان الإسلام. عند نزول الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ٧﴾ [البينة:7]،[42]
ويؤمنون أن النبي أكد قبل موته في يوم غدير خم حينما حج حجة الوداع، حيث جمع المسلمين وكانوا أكثر من مئة ألف، وأعلن الولاية لعلي من بعده حيث ورد في الحديث بعبارات مختلفة أن النبي قال:[43][44][45][46][47]
من كنتُ مولاه فعليّ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه
كما يرون أن الطوائف الإسلامية الأخرى هي المستحدثة ووضعت أسسها من قبل الحكام والسلاطين وغيرهم من أجل الابتعاد عن الإسلام الذي أراده النبي محمد في الأصل. يستدل الشيعة بالآية: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ٦٧﴾ [المائدة:67]. ولذا، يخالف الشيعةُ بعضَ المؤرخين في أن التشيع بدأ بعد وفاة النبي محمد.
بعد وفاة النبي محمد، اجتمع الصحابة في سقيفة بني ساعدةلاختيار الخليفة في غياب وجوه بني هاشم، أبرزهم علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب اللذان كانا يجهزان النبي للدفن أثناء انعقاد السقيفة، وحسب المؤرخين فإن السقيفة انتهت باختيار أبو بكر بن أبي قحافة خليفة حسب إجماع من المجتمعين في السقيفة من المهاجرين والأنصار. بعد السقيفة بدأت مجموعة صغيرة من الصحابة منهم أبو ذر الغفاريوعمار بن ياسروالمقداد بن عمرووالزبير بن العوام تجتمع في بيت علي بن أبي طالب معترضة على اختيار أبو بكر،[48] يعتبر الشيعة الصحابة الذين يرون أحقية علي بن أبي طالب هم أفضل الصحابة وأعظمهم قدراً.[49]
ويرى البعض أنه بعد أن تطور الأمر في عهد عثمان بن عفان الخليفة الثالث حيث أدت بعض السياسات التي يقوم بها بعض عماله في الشامومصر إلى سخط العامة وأعلن بعض الثائرين خروجهم على عثمان وبدؤوا ينادون بالثورة على عثمان، وبالرغم من أن علي بن أبي طالب نفسه حاول دفعهم عن الثورة وحاول أيضا من جهة أخرى تقديم النصح لعثمان بن عفان لإنقاذ هيبة دولة الإسلام إلا أن عثمان قتل في النهاية على يد الثائرين. وبعد ذلك اجمع المسلمون على الالتفاف حول علي بن أبي طالب يطلبون منه تولي الخلافة. وهنا يأخذ الفكر منعطفا جديدا حيث أن علي بن أبي طالب أصبح حاكما رسميا وشرعيا للأمة من قبل أغلب الناس.
ومع بداية الصراع بينه وبين الصحابة أمثال طلحةوالزبير بن العوامومعاوية، بدأ يظهر مصطلح شيعة علي يبرز وهم أصحاب علي بن أبي طالب المؤيدين له، والذين ينظر إليهم الشيعة كمؤمنين بمبدأ إمامة علي، ومتبعين له من منطلق اعتقادي. ولكن بدأت في ظهور مجموعة في المقابل أطلقت على نفسها شيعة عثمان أعلنوا أنهم يطالبون بدم عثمان وقتل قتلته وتطور الأمر بهم ان أعلنوا رفضهم لخلافة علي بن أبي طالب الذي تباطئ في رأيهم في الثأر لعثمان. وعلى رأس شيعة عثمان كان معاوية بن ابي سفيان من جهة وعائشة زوجة النبي من جهة أخرى وبعد معارك مثل معركة الجملومعركة صفين وظهور حزب جديد هم الخوارجومعركة النهروان. قتل علي بن أبي طالب على يد أحد الخوارج هو عبد الرحمن بن ملجم بسيف مسموم أثناء صلاة الفجر في مسجد الكوفة وقال جملته الشهيرة: «فزت ورب الكعبة».[50][51][52]
حدثت موقعة الجمل في عام 36 هـ بين علي بن أبي طالب وكلٍ من عائشة وطلحة والزبير، يرى الشيعة بأن سبب خروج طلحةوالزبير بأنهما بايعا الإمام طمعا في منصب وهو مالم ينالاه لذلك خرجا عليه واتخذا من القصاص لمقتل عثمان حجة لعزله عن الخلافة أو قتله، أما عائشة فهي من حرض الناس على قتل عثمان فهي من قالت: «اقتلوا نعثلاً (عثمان) فقد كفر»،[53][54][55][56] وهي التي أثارت الحرب وحرضت طلحةوالزبير وأخبرتهم بأن الإمام علي هو من قتله أو سهل مقتله.[57] بينما يرى السنة أن علي بن أبي طالب لم يكن قادراً على تنفيذ القصاص[ ؟ ] في قتلة عثمان مع علمه بأعيانهم، وذلك لأنهم سيطروا على مقاليد الأمور في المدينة النبوية، وشكلوا فئة قوية ومسلحة كان من الصعب القضاء عليها. لذلك فضل الانتظار ليتحين الفرصة المناسبة للقصاص[58]، ولكن بعض الصحابة وعلى رأسهم طلحة بن عبيد اللهوالزبير بن العوام رفضوا هذا التباطؤ في تنفيذ القصاص[ ؟ ] ولما مضت أربعة أشهر على بيعة علي دون أن ينفذ القصاص[ ؟ ] خرج طلحة والزبير إلى مكة، والتقوا عائشة التي كانت عائدة من أداء فريضة الحج[ ؟ ]، واتفق رأيهم على الخروج إلى البصرة ليلتقوا بمن فيها من الخيل والرجال، ليس لهم غرض في القتال، وذلك تمهيداً للقبض على قتلة عثمان، وإنفاذ القصاص[ ؟ ] فيهم.[59] ونتج عن المعركة هزيمة أصحاب الجمل ومقتل الآلاف وقُتل فيها طلحة والزبير.
هي المعركة التي دارت بين علي ومعاوية بن أبي سفيان - والي الشام في عهد عثمان - بعد أن عزلهُ وبعد اعلان معاوية رفضه تنفيذ قرار الخليفة بعزله[60]، كما امتنع عن تقديم البيعة لعلي، وطالب بالثأر لابن عمه عثمان[61]، ويشكك أيضا الكثيرون في أهداف معاوية المعلنة حيث يرون أن معارضته كانت لأطماع سياسية[62] وكان لشيعة علي دور في المعركة حيث ورد في المصادر الشيعية أن عليًا عندما سأله أبو بردة بن عوف الأزدي وهو أحد المتخلفين عنه حيث قال «يا أمير المؤمنين، أرأيت القتلى حول عائشة والزبير وطلحة، بم قتلوا» فرد عليه «قتلوا شيعتي وعمالي، وقتلوا أخا ربيعة العبدي، رحمة الله عليه، في عصابة من المسلمين قالوا : لا ننكث كما نكثتم، ولا نغدر كما غدرتم. فوثبوا عليهم فقتلوهم، فسألتهم أن يدفعوا إلى قتلة إخواني أقتلهم بهم، ثم كتاب الله حكم بيني وبينهم، فأبوا علي، فقاتلوني وفي أعناقهم بيعتي، ودماء قريب من ألف رجل من شيعتي، فقتلتهم بهم، أفي شك أنت من ذلك ؟»[63] وأدت المعركة إلى مقتل 70 ألف رجل، منهم من أتباع علي عمار بن ياسر الذي قال عنه النبي محمد «وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ»[64]
حدثت في سنة 38 هـ بين جيش علي بن أبي طالب وجيش الخوارج، انتهت المعركة بانتصار علي ومقتل جميع جيش الخوارج البالغ عددهم 4000 ما عدا أقل من 10، حيث ورد عنه في المصادر الشيعية قوله لهم عندما وصلوا حروراء «يا قوم. ليس اليوم أوان قتالكم. وستفترقون. حتى تصيروا أربعة آلاف. فتخرجون علي في مثل هذا اليوم وفي مثل هذا الشهر فأخرج اليكم بأصحابي فأقاتلكم حتى لا يبقى منكم الا دون عشرة»[65] وقد كان عددهم 12 ألف ثم تفرقوا.[66]
يعتبر الشيعة الأمويين مغتصبين للخلافة من ولدي علي الحسنوالحسين، وأجزاء من حكم علي بن أبي طالب. فعندما تولى عليٌ الحكم كان معاوية واليًا على الشام (في خلافة عمروعثمان) فعزله علي لكن معاوية رفض قرار العزل،[60] والذي قام بعد وفاة علي بأخذ الخلافة من ابنه الحسن بعد إن اضطر الحسن للصلح مع معاوية حقنًا للدماء وبعدما علم بوجود خونة في جيشه الذي كان سيقاتل جيش معاوية عام 41 هـ. ومن شروط الصلح في مصادر الشيعة: ألا يسمي معاوية نفسه بأمير المؤمنين، وألا تجوز عنده الشهادة، وألا يتعقب شيعته، وألا يشتم عليًا، وأن يرجع الحكم بعد معاوية له ثم لأخيه الحسين؛[68] وقد نقض معاوية الصلح،[69] فقد كان يسب عليًا ويأمر الناس بذلك.[70][71] ثم قتل حجر بن عدي واصحابه وكانوا من الشيعة[72]، وقتل الحسن بن علي بالسم.[73]
إيراني يرفع راية مكتوب عليها يا "حسين" في مسجد بطهران .
وفي سنة 61 هـ وبعد تولي يزيد بن معاوية الخلافة وبذلك نقض أحد شروط الصلح وهو تولي الحسين للخلافة، فقام الحسين بالخروج مع أصحابه وأهل بيته ليصل لمكان يسمى كربلاء، وليلتقي بالجيش الأموي وليقتل هو وأصحابه. وأدى مقتل الحسين والطريقة التي قتل بها إلى حدوث ثورات ضد حكم بني أمية.[74][75] منها ثورة أهل المدينة التي خرج فيها الصحابة وأبناء الصحابة فاستباح يزيد المدينة المنورة وقتل فيها الآلاف،[76][77] وانتهك الأعراض حتى قيل إنه أفتضت فيها ألف عذراء.[78][79]وثورة التوابين التي قادها سليمان بن صرد الخزاعي وأتباعه الذين فاتتهم المشاركة في كربلاء لأنهم كانوا في سجون الكوفة التي كانت عاصمة الخلافة في عهد علي والتي كانت من أكثر المدن التي يتواجد بها أنصاره (بالرغم من قلتهم، وتهجير العديد من القبائل الشيعية منها همدان في عهد معاوية).[80][81] فقاتل التوابين الجيش الأموي بعين الوردة سنة 65 للهجرة، ورفعوا شعار يالثارات الحسين، حتى قتلوا؛[82]وثورة المختار الثقفي في سنة 66 هـ وكان هدف ثورته الثأر لدم الحسين، والانتقام من قتلته ومن جميع المشاركين في المعركة فقتل ابن زياد وعمر بن سعدوشمر بن ذي الجوشن.[83] وثورة زيد بن علي حفيد الحسين في الكوفة سنة 121 هـ ضد هشام بن عبد الملك، وتبعه ولده يحيى في سنة 125 هـ.[84]
الدولة العباسية
اتخذ العباسيون من مظلومية اهل البيت شعار لهم للوصول إلى سدة الخلافة. إلا أن الشيعة لا يرون فرق بينهم وبين اسلافهم من الامويين حيث توارث كلاهما الحكم وانكروا احقية أهل البيت بالخلافة واستعملوا القتل وسيلة للرد على كل من خالفهم.
الدولة العلوية (250 هـ - 314 هـ): وتُعرف بـ«علويو طبرستان» تأسَّست في بلاد الدَّيلم، قاد الأمراء حملات ثقافيَّة وأقاموا مدارس لِتعليم الخط ومحو الأميَّة وكان بلاطهم مقصد الأدباء والكُتَّاب،[90] وازدهرت في عُهدتهم التَّرجمة ولاسيَّما من العربيَّة إلى الطبريَّة وتُعد تلك التَّرجمات تُراثًا مُهمًا للمازندرانيين،[91] وبسبب الدَّور التَّاريخي للحُكُومة العلويَّة الشيعيَّة يُعد يوم بيعة مؤسِّسها الحسن بن زيد في 15 رمضان243هـ هو «يوم مازندران الوطني».[92]
الدولة البويهية (334 هـ - 454 هـ): أسَّسها بنو بُويه في العِراقوفارِس، وقد تعاظم أمر المُلُوك البُويهيِّين الشِّيعة حتَّى هيمنوا على الخِلافة قُرابة مائةٍ وعشرين سنة، شَهِد هذا العصر حركةً عُمرانيَّة فأنشأوا المراصد والمكتبات والمدارس والبيمارستانات[93] وعلى يديهم جُدِّد المشهد المُقدَّس لِلإمام علي بن أبي طالب. وقد امتدَّت حُدود الدولة حتَّى بلغت تُخُوم ديار الرُّوم غربًا وخُراسان شرقًا.[94] واستمرَّت الحركة العلميَّة والأدبيَّة مُزدهرةً وقائمةً على قدمٍ وساق فوُضعت الكثير من المُؤلَّفات المُفيدة في مُختلف المجالات بِاللُُّغات العربيَّةوالفارسيَّةوالسُّريانيَّة،[95] وكان الأُمراء البُويهيُّون يُؤمِّنون حاجات كِبار رِجال العِلم والأدب الماديَّة، إن عن طريق الأعطيات والهدايا، أو عن طريق تعهُّد أعمال هؤلاء.[96] كما جعل البُويهيون من المناسبات الدينيَّة الشيعيَّة أعيادًا واحتفالات؛ فقد عمد مُعزُّ الدولة إلى إحياء ذِكرى مأساة كربلاء في العاشر من مُحرَّم الحرام، يقول ابن الأثير: «وَلَمْ يَكُنْ لِلسُّنَّةِ قُدْرَةٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ لِكَثْرَةِ الشِّيعَةِ؛ وَلِأَنَّ السُّلْطَانَ مَعَهُمْ».[97] ثُمَّ أتبع مُعزُّ الدولة ذلك بأن أحيا الثامن عشر من ذي الحجَّة وهي ذكرى غدير خُمّ، فأظهر الشيعة الفرح وأشعلوا النيران وزيَّنوا البلد، وفُتحت الأسواق بِاللَّيل ابتهاجًا.[97]
الدولة الفاطمية (297 هـ - 567 هـ): خلافةٌ أقامها الإسماعيليُّون ضمَّت مناطق وأقاليم واسعةً في شمال أفريقيا والشَّرق الأوسط، فامتدَّ نطاقها على طول السَّاحل المُتوسطيّ من بلاد المغرب إلى مصر، ثُمَّ توسَّع الخُلفاء الفاطميّون أكثر فضمّوا إلى مُمتلكاتهم صقلية الأوروپيَّة، والشَّام، والحجاز. وكانت الدَّولة الفاطميَّة قُطبًا من أقطاب العالم الإسلاميّ آنذاك التي تنافست على حُكم الأراضي المُقدَّسة وزعامة المُسلمين. أسَّسوا مدينة القاهرة وجعلوها عاصمة لهم وأقاموا «جامع الزهراء» و«دار الحكمة» اللذان يُعدَّان مركزين كبيرين لِنشر العلم وتعليم أُصُول اللُغة والدِّين. فشكَّل العصر الفاطمي امتدادًا لِلعصر الذَّهبيّ لِلإسلام نبغ فيه العُلمَاء والشُّعراء والكُتَّاب وازدهرت العمارة والفُنُون،[98] وتبلورت فيه ثقافة مُميزة لاتزال آثارها واضحةً في في الثَّقافة الإسلاميَّة.[99] وعُرف العصر الفاطمي بالتَّسامُح الدِّينيّ مع شتَّى المذاهب والأديان؛[100][101] التزامًا بِوصيَّة الدَّاعي أبو عبد الله الشيعي: «إنَّ دَوْلَتُنَا دَوْلَةُ حُجَّةٍ وَبَيَانٍ، وَلَيْسَتْ دَوْلَةَ قَهْرٍ واستِطَالَةٍ، فَاتْرُكُوا النَّاسَ عَلَى مَذَاْهِبِهِم، وَلَا تُلْزِمُوْهُم بِاتِّبَاعِ الدَّعْوَةِ الهَادِيَةِ المَهْدِيَّة»، فلم يفرضوا التشيُّع بالقوَّة، بل عمدوا إلى الدَّعوة ونشر الدُّعاة في طول البلاد وعرضها لحث الناس على اعتناق المذهب الشيعيّ الإسماعيليّ، حتى وصل الدُّعاة إلى الأراضي الصينيَّة الخاضعة لحُكم أسرة سونگ.[102][103]
دولة الحمدانيين في سورية والموصل وكركوك (293 - 392 ه).
تعد معركة كربلاء منعطفاً هاماً في تطور الفكر الشيعي حيث أن مأساة كربلاء واستشهاد الحسين بطريقة مأساوية مفزعة ألهبت مشاعر الشيعة وجعلت الأمر يتحول إلى اعتماد أسلوب الثورة على السلطة[وفقًا لِمَن؟] وإعلان الحسين شهيدهم رمز المظلوم.
فبعد معركة كربلاء نجد الفكر الشيعي يتحول في بعض نواحيه إلى فكر ثوري ويتحول الحسين إلى الشخصية التي يرى الشيعي فيها رمزا للمظلوم والغربة فتراهم يستخدمون دائما جملة (كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء)[مبهم].
تؤمن الطائفة الاثنا عشرية بأربعة عشر معصوم منهم إثنا عشر إماماً معصوماً، ويعتقدون بأن محمد المهدي ابن الحسن العسكري وهو عندهم الإمام الثاني عشر هو المنتظر الموعود الذي غاب عن الأنظار وأنه سيعود ليملأ الأرض عدلاً.
وتعتبر الطائفة الاثنا عشرية أكبر الطوائف الشيعية من حيث عدد السكان، حيث تُقدر نسبتها بحوالي 85% من الشيعة[104]، وتحتوي إيرانوالعراقوأذربيجان على أكثر من ثلثي عدد الشيعة الاثنا عشرية، ويرى بعض السنة أن ذلك يعود لفترة الحكم الصفوي (1501 م – 1736 م)، حيث كانت إيران سنية المذهب طوال أكثر من ألف عام[105] ولم يكن فيها سوى أربع مدن شيعية وهي آوه وقاشان وسبزوان وقم، وعقب وصول إسماعيل الصفوي للسلطة في إيران أعلن فرض المذهب الشيعي الاثنا عشري مذهباً رسمياً للدولة، «بالرغم من وصول الشيعة للسلطة عبر التاريخ الإسلامي (أي كالقرامطة والعبيديون والبوهيون)، حتى القرن السادس عشر ميلادية 1501 م ووصول الحكم الصفوي للسلطة وفرضه للمذهب الشيعي الاثنا عشري على مستوى الإمبراطورية، مما أدى إلى تحول الشعوب في بلاد الفرس[ ؟ ] وأذربيجان وبعض الترك ليصبحوا من أتباع الطائفة الشيعية الاثنا عشرية[106]».
بعد وفاة الإمام جعفر الصادق التف الشيعة حول ولده موسى الكاظم ولكن أعلن بعض الشيعة أن الإمام كان إسماعيل بن جعفر الصادق وان مات في حياة أبيه فإن الإمامة في نسله ورفضوا إمامة موسى الكاظم. وظهر ثاني انقسام وهو ما يعرف بالطائفة الإسماعيلية. التي هي الأخرى حدث بها انشقاق إلى فرعين (نزارية – مستعلية) وما زالتا موجودتين إلى يومنا.
واشتهر الإسماعيليون بنشاطهم بل استطاعوا ولأول مرة بعد مقتل علي بن أبي طالب تأسيس دولة شيعية بخلافة شيعية يرأسها أئمة ظهروا بعد نجاح دعوتهم السرية قائلين إنهم من ذرية علي بن أبي طالب وهي الدولة الفاطمية.[107]
خرج زيد بن علي على الأمويين والتف حوله جمع من الناس من الشيعة وغيرهم، ويقضي زيد أيضا أنفاسه الأخيرة بعد قصة مأساوية لا تختلف كثيرا عن قصة جده الحسين، وبعد وفاته تنفصل طائفة عن الشيعة لاترى الإمامة لمحمد الباقر الذي كان الشيعة يعتبرونه إمامهم حتى في حياة زيد وعرفت هذه الطائفة بالزيدية نسبة إلى زيد بن علي واختلفت هذه الطائفة الموجودة إلى يومنا عن باقي الشيعة انها رأت أن الإمامة ليست بالنص على شخص محدد وإنما الإمامة هي لأي شخص من نسل علي بن أبي طالب يخرج طالبا لها ويعتبر من ائمتهم يحيى بن زيد بن علي وأيضا محمد النفس الزكية وغيره.
فرقة شيعية بائدة تعتقد بإمامة عبدالله بن جعفر الصادق الملقب بـالأفطح، وأغلب الذين اعتقدوا بإمامته انتقلوا إلى الاعتقاد بإمامة موسى الكاظم؛ لأنّ عبد الله الأفطح لم يستمر عمره بعد جعفر الصادق أكثر من 75 يوما. وكان عددهم قليلا.[118]
الواقفية
فرقة شيعية بائدة وهي من المتصوفة المبطلة بأنه لا يمكن التعرف إلى الله بالمعرفة، والخلق كلهم عاجزون.[119] وقفوا على إمامة موسي الكاظم بن جعفر الصادق، وادعو أنه لم يمت وأنه المهدي المنتظر الذي يخرج في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلا وقسطا بعد أن ملئت ظلمًا وجورا. وهذه الفرقة ليس لها وجود في الوقت الحاضر، وحتى في ذلك الزمان اشتملت على مجموعة صغيرة فذهبت هذه الفرقة بذهابهم.[120]
البترية
فرقة شيعية بائدة كانوا يعتقدون بأن علي السجاد هو أخر الأئمة.
يعتقد الشيعة بأن الله تعالى واحد أحد ليس كمثله شيء، قديم لم يزل ولا يزال، هو الأول والآخر، عليم حكيم عادل حي قادر غني سميع بصير.
ولا يوصف بما توصف به المخلوقات، فليس هو بجسم ولا صورة، وليس جوهرا ولا عرضا، وليس له ثقل أو خفة، ولا حركة أو سكون، ولا مكان ولا زمان، ولا يشار إليه. كما لا ند له، ولا شبه، ولا ضد، ولا صاحبة له ولا ولد، ولا شريك، ولم يكن له كفوا أحد. لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار.
ومن قال بالتشبيه في خلقه بأن صور له وجها ويدا وعينا، أو أنه ينزل إلى السماء الدنيا، أو أنه يظهر إلى أهل الجنة كالقمر، (أو نحو ذلك) فإنه بمنزلة الكافر به جاهل بحقيقة الخالق المنزه عن النقص، بل كل ما ميزناه بأوهامنا في أدق[121]
يري الشيعة الإثنا عشرية أن أغلب الصحابة كانوا منافقينوكفارًا ماعدا بضعة عشر منهم أو ثلاثة أو سبعة وكفر من أحبهم ومن لم يؤمن بإمامة أسباط النبي الإثنا عشر المعصومين.[122] فعن أبي علي الخراساني، عن مولى لعلي بن الحسين عليهما السلام، قال: «كنت معه عليه السلام في بعض خلواته، فقلت: إن لي عليك حقا، ألا تخبرني عن هذين الرجلين، عن أبي بكر وعمر؟. فقال: كافران، كافر من أحبهما.»[123]
وعن أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لعلي بن الحسين عليهما السلام - وقد خلا -: «أخبرني عن هذين الرجلين؟. قال: هما أول من ظلمنا حقنا وأخذا ميراثنا، وجلسا مجلسا كنا أحق به منهما، لا غفر الله لهما ولا رحمهما، كافران، كافر من تولاهما.»[123]
وعن حكيم بن جبير، قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: «أنتم تقتلون في عثمان منذ ستين سنة، فكيف لو تبرأتم من صنمي قريش؟!.»[123]
عن سورة بن كليب، قال: «سألت أبا جعفر عليه السلام عن أبي بكر وعمر؟. قال: هما أول من ظلمنا حقنا وحمل الناس على رقابنا، فأعدت عليه، فأعاد علي ثلاثا، فأعدت عليه الرابعة، فقال:»[123]
ذكر الكليني في فروع الكافي عن أبي جعفر عليه السلام: «كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وآله إلا ثلاثة، فقلت: من الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود وأبوذر الغفاري وسلمان الفارسي»[123]
وذكر العلامة المجلسي في بحار الأنوار - ج ٢٢ - الصفحة ٤٤٠:«قال أبوجعفر عليه السلام: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر، سلمان وأبوذر والمقداد، قال: قلت: فعمار؟ قال: قد كان حاص حيصة ثم رجع، ثم قال: إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شيء فالمقداد، وأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض.. وأما أبوذر فأمره أمير المؤمنين بالسكوت ولم يكن تأخذه في الله لومة لائم فأبى أن يتكلم.. »[124]
عن أبي عبد الله عليه السلام، في قول الله تبارك وتعالي: * «ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين»* قال: «هما، أي أبي بكر وعمر ثم قال: وكان فلان شيطانا».[125]
يعتقد الشيعة أن القرآن هو الوحي الإلهي المنزل من الله على لسان نبيه فيه تبيان كل شيء، وهو معجزته الخالدة التي أعجزت البشر عن مجاراتها في البلاغة والفصاحة وفيما احتوى من حقائق ومعارف عالية، لا يعتريه التبديل والتغيير والتحريف، وهذا الذي بين أيدينا (مصحف المسلمين كافة) هو نفس القرآن المنزل على النبي، ومن ادعى فيه غير ذلك فهو مخترق أو مغالط أو مشتبه، وكلهم على غير هدى، فإنه كلام الله الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه).
ومن دلائل إعجازه أنه كلما تقدم الزمن وتقدمت العلوم والفنون، فهو باق على طراوته وحلاوته وعلى سمو مقاصده وأفكاره، ولا يظهر فيه خطأ في نظرية علمية ثابتة، ولا يتحمل نقض حقيقة فلسفية يقينية، على العكس من كتب العلماء وأعاظم الفلاسفة مهما بلغوا في منزلتهم العلمية ومراتبهم الفكرية، فإنه يبدو بعض منها على الأقل تافها أو نابيا أو مغلوطا، كلما تقدمت الأبحاث العلمية وتقدمت العلوم بالنظريات المستحدثة، حتى من مثل أعاظم فلاسفة اليونان كسقراط وإفلاطون وأرسطو الذين اعترف لهم جميع من جاء بعدهم بالأبوة العلمية والتفوق الفكري.
كما يعتقد الشيعة وجوب احترام القرآن الكريم وتعظيمه بالقول والعمل، فلا يجوز تنجيس كلماته حتى الكلمة الواحدة المعتبرة جزأ منه على وجه يقصد أنها جزء منه، كما لا يجوز لمن كان على غير طهارة أن يمس كلماته أو حروفه (لا يمسه إلا المطهرون) سواء كان محدثا بالحدث الأكبر كالجنابة والحيض والنفاس وشبهها، أو محدثا بالحدث الأصغر حتى النوم، إلا إذا اغتسل أو توضأ على التفاصيل التي تذكر في الكتب الفقهية.
كما أنه لا يجوز إحراقه، ولا يجوز توهينه بأي ضرب من ضروب التوهين الذي يعد في عرف الناس توهينا، مثل رميه أو تقذيره أو سحقه بالرجل أو وضعه في مكان مستحقر، فلو تعمد شخص توهينه وتحقيره بفعل واحد من هذه الأمور وشبهها فهو معدود من المنكرين للإسلام وقدسيته المحكوم عليهم بالمروق عن الدين والكفر بالله.[121]
بينما يري الشيعة الإصولييون وهم التيار السائد بين الشيعة الإثني عشرية وجزء من الإخباريين،[126] أن التحريف هو تحريف لتفسير وتأويل الآيات فقط وليس تحريف نصي،[126] وأن مصحف فاطمة هو مصحف به التأويل والتفاسير للقرآن. فيقول المفيد: «وقد قال جماعة من أهل الإمامة إنه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة ولكن حذف ما كان مثبتا في مصحف أمير المؤمنين (ع) من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله وذلك كان ثابتا منزلا وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز، وقد يسمى تأويل القرآن قرآنا قال الله تعالى: (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما) فسمى تأويل القرآن قرآنا، وهذا ما ليس فيه بين أهل التفسير اختلاف. وعندي أن هذا القول أشبه من مقال من ادعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل، وإليه أميل والله أسأل توفيقه للصواب، وأما الزيادة فيه فمقطوع على فسادها من وجه ويجوز صحتها من وجه، فالوجه الذي أقطع علىلم القرآن، غير أنه لا بد متى وقع ذلك من أن يدل الله عليه، ويوضح لعباده عن الحق فيه، ولست أقطع على كون ذلك بل أميل إلى عدمه و*سلامة القرآن عنه*»[133][134][135][136]
ويقول الشيخ مرتضى العسكري، في كتابه “معالم المدرستين": «إن القرآن الذي بين أيدي المسلمين اليوم، هو الذي أكمل الله إنزاله على خاتم أنبيائه في أخريات حياته، وجمعه أيضا الصحابة بعد وفاته ودونوه واستنسخوه ووزعوه على المسلمين. أوله: {بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين }، وآخره: { من الجنة والناس }. لم يكن في يوم من الأيام منذ ذلك العصر إلى يومنا هذا قرآن في يد مسلم، يزيد على هذا المتداول كلمة، أو ينقص كلمة، لا خلاف في ذلك بينهم، وإنما الخلاف في تفسير القرآن وتأويل متشابهه، وذلك لأنهما مأخوذان من الحديث»[137][138][139][140]
يعتقد الشيعة أن الرسول محمد قد ولّى أمر المسلمين إلى الإمام علي بعد مماته ليكون حافظاً لتراث الرسول من أي عبث وقد ولى الإمام علي ابنه الحسن ليكون ولي أمر المسلمين بعده ثم ولّى الإمام الحسن أخاه الحسين ولتستمر هذه السلسلة حتى الإمام محمد المهدي، وهم مخولون من الله بنشر تعاليم الإسلام وتوضيحها من تفسير للقران ونقل للأحاديث الدينية وغيرها؛ ولذلك فهم معصومون من الخطأ.[142]
و يرى الشيعة أن هؤلاء الأئمة الاثني عشر هم نفسهم الخلفاء القرشيون الاثنا عشر الذين ورد ذكرهم في أحاديث منسوبة للرسول محمد في الكتب السنية مثل حديث جابر بن سمرة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
«يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش»[143] -السلسلة الصحيحة للألباني-الصفحة 3/63
و كذلك حديث ابن مسعود إذ روى:
كنا جلوساً عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، هل سألتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كم تملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله بن مسعود: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «اثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل»[144]
يعتقد الشيعة أن الإنسان لديه إرادة حرة في تقرير ما يفعله، كما أن الإرادة الحرة هي أحد العوامل التي تحدد السلوك. ترتبط السلوكيات مثل الأكل والشرب والتنقل ارتباطًا مباشرًا بإرادة الإنسان وهي اختيارات فردية يمكن للمرء أن يختار القيام بها أو عدم القيام بها. ومع ذلك فإن إرادة الإنسان الحرة ليست مستقلة، بل تتضمن أيضًا إرادة الله، وبالتالي فإن سلوكها الفعلي هو في الواقع نتيجة للإرادة المشتركة بين البشر والله. وكما قال الإمام السادس جعفر الصادق، فإن موقف الشيعة «ليس قدرياً ولا إرادة حرة، بل في مكان ما بينهما».[145]
على الرغم من أن علماء اللاهوت الشيعة الأوائل مثل هشام بن الحكم اعتقدوا ذات مرة أن أفعال الإنسان يحكمها الله بأعجوبة، إلا أن هذا الرأي تراجع تدريجياً عن شعبيته لأنه إذا كان الله قد قدّر أفعال النبي محمد إذا كان نسل الإمام يقود المسلمين، فينبغي أن يكون الإمام في السلطة.[146] يرفض الشيعة القدرية السنية ويقولون إنهم إذا آمنوا بالقدرية، فلا يمكنهم أيضًا الإيمان بحساب يوم القيامة ، لأنه إذا قدر الله ما يفعله البشر فإنه سيقدر على نفسه الذنوب والفساد والتجاوزات، والعديد من الأمور غير المعقولة وغير العادلة. لإيقاع العقوبة على عبادة الله وكفر الإيمان وظلمه.[147] ويجادلون بأن البشر يجب أن يتمتعوا بدرجة معينة من الإرادة الحرة وأن يكونوا مسؤولين عن أفعالهم.[148]
ومثل المعتزلة، رأى مفيد أن الأفعال نفسها لا تدل إلا على امتلاك مثل هذه القدرات، وأن الممارسة الفعلية لهذه القدرات تحركها إرادة الإنسان، لكنه لم يدل على أن أفعاله هي من خلق قومه.[149] ويرى عالم شيعي آخر، وهو ابن وزير، أن الأعمال التي يقوم بها الإنسان ليست مفروضة من الله، بل هي مقصودة من الله، ولكن بفضل إرادة الله وقدرته يستطيع الإنسان تحقيق هذه الأعمال.[150] وأوضح ناصر خسرو ، أحد علماء الشيعة المشهورين في العصور الوسطى ، أن البشر بين البهائم والملائكة، فالحيوانات لها طبيعة حيوانية فقط وليس لها القدرة على التفكير العقلاني، في حين أن الملائكة ليس لها سوى العقلانية ولكن ليس لها القدرة على فعل الشر، لذلك لن يكافأوا. أو يعاقبون على أفعالهم، لكن يمكن للإنسان أن ينجذب إلى الأفكار الشريرة ويكون لديه سبب لقمع هذه الأفكار.[151]
حكم يوم القيامة
يُظهر الرسم التوضيحي النبي عيسي المسيح (يسوع) وهو يقاتل ضد المخلص الكاذب المسيح الدجال. الملثم في الصورة هو المهدي، ويعتقد الشيعة أنه مختبئ وسيعود قبل يوم القيامة.
بحسب الرواية الشيعية، بعد وفاة الإمام الحادي عشر الحسن العسكري، غاب ابنه محمد بن الحسن المهدي عن الأنظار.[152] يعتقد المسلمون الشيعة أنه لا يزال على قيد الحياة وأنه في عزلة منذ عام 941. ويجب على المؤمنين انتظاره ليهزم قوى الشر ويعود إلى الأرض ليقيم مملكة صالحة عندما يكون يوم القيامة وشيكًا. هذا المهدي المنعزل هو الإمام الإثنا عشر، ويعتقدون أن الله أعطاه قوى خارقة للطبيعة، مما سمح له بالعيش لفترة أطول من الناس العاديين والاختباء في مكان سري. ويعتقدون أيضًا أن المهدي هو أيضًا من نسل محمدوعلي، وأن ظهوره سيقضي على كل المظالم والصراعات ويبني مجتمعًا مثاليًا حتى يتمكن الناس من تحقيق الحياة الروحية بالكامل. تتصور وثيقة شيعية من القرن العاشر ظهور المهدي بهذه الطريقة:[153][154]
«كانت هناك صرخة من السماء سمعها الجميع بلغتهم الخاصة، وظهر وجه وجسد في وسط الشمس، قام الموتى من قبورهم، وعادوا إلى العالم، وتعرفوا على بعضهم البعض قم بالزيارة، سيكون هناك 24 مطراً غزيراً متتالياً، وستولد الأرض من جديد بعد أن تغسلها وتباركها الأمطار الغزيرة، وسيذهب المهدي الشيعي التقي أمراض جميع مؤمني الشيعة عليه السلام، ثم سيعلمون. وأن المهدي موجود في مكة فسيذهبون وينصرونه... وفي زمن المهدي سينكشف الظلم وتصبح الطرق آمنة. سيتم حكم العالم، وسيتم توزيع ما هو مستحق على الأشخاص الذين يستحقونه. سيؤمن أتباع جميع الأديان بالإسلام ويستسلمون له... وحينها لن يحتاج الناس إلى الكرم لأن كل المؤمنين سيجلسون على الثروات.»
ويوم القيامة، باستثناء محمد وعلي، تعتقد الشيعة أن الأئمة سيشفعون للبشر، ويعتقدون أنهم سيرجعون إلى الدنيا. وبدون شفاعتهم، لا يمكن للبشر الهروب من العدالة على جرائمهم. هناك حديث في الشيعة قال النبي محمد ذات مرة لعلي: «أقسم أن ثلاثة أشياء صحيحة. الأول هو أنك أنت وذريتك هم محكمين للبشرية ... والثاني هو أن تعرض الناس على الله إلى الله ملكوت السماوات... ... ثالثًا، أنت الحكم الذي لا جدال فيه، لا يسقط في النار إلا من لم يعرفك ومن لم يعرفك.» وفقا للباحث الشيعي محمد باقر المجلسي، يمكن للمسلمين الشيعة أن يغفر لهم جرائمهم من خلال شفاعة الإمام، وبغض النظر عن الخطأ فإن إيمانهم بالإمام وحده يضمن حصانتهم لدخول الجنة.[155]
هو فرع من الفروع العشر للتشيع والمقصود به هو البراءة من المخالفين للمذهب الشيعي، والذي يعتبرونه الإسلام الصحيح والفرقة الناجية، طبقا لآية ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾
أشعار الشيعة
الشعر العربي
«هَوَى العَرشُ أرْضًا» لوحة للفنان الإيراني حسن روح الأمين تُصوِّر اللحظات الأخيرة للإمام الحُسَين بن علي في «وَاقِعَةِ الطَّف»[156] التي تعد من أشهر الأحداث في التَّاريخ الإسلامي وقد ألهمت الكُتَّاب والشُّعراء والأدباء على مرِّ العُصُور.
تتميَّز أشعار الشِّيعة الأوائل بِالحُزن والبُكاء والنَّحيب على أئمَّتهِم الذين سفك الأمويون دِمائهُم مِثل قول الشَّاعر سُلَيمان بن قتَّة العدوي حين مرَّ بِكربلاء بعد مقتل الحُسين بن علي بِثلاث فنظر إلى مصارعهم فاتَّكأ على فرس له عربيَّة فَقال:[157]
مَرَرتُ على أبْيَاتِ آلِ مُحَمَّدٍ
فَلَم أرَهَا كَعَهدها يوم حُلَّتِ
وَكَانُوا رَجَاءً ثُمَّ صَارُوا رَزِيَّةً
وَقَد عَظُمَت تِّلكَ الرَّزَايَا وَجَلَّتِ
ألَمْ تَرَ أنَّ الشَّمْسَ أَضحَت مَرِيْضَةً
لِفَقْدِ حُسَيْنٍ وَالبِلَادُ اقشَعَرَّتِ
وَقَد أعوَلَت تَّبْكِيْ السَّمَاءُ لِفَقدِهِ
وَأنجُمُهَا نَاحَت عَلَيهِ وَصَلَّتِ
ولَم يَقتصِر ذَلِكُمُ الأمر على الرِّثاء والبُكاء، إذ أضاف كثيرٌ مِنهُم إلى رِثائه وبُكائِه استِنهاضًا لِلأخذ بِثأره وثأر مَن دافَعُوا عنه مِن صحبِه وأنصاره، ومِن ذلِك شِعر عوف بن عبد الله بن الأحمر الأزدي[158] ولهُ في الحُسَين قصيدةٌ طويلةٌ رثاه بها وحضَّ الشَّيعة على الطَّلب بِدمه، وفيها يقول:[159]
لِيَبْكِ حُسَيْنًا كُلَّمَا ذَرَّ شَارِقٌ
وَعِنْدَ غُسُوقِ اللَّيْلِ مَنْ كَانَ بَاكِيا
وَيَا لَيْتَنِي إذ ذَّاكَ كُنْتُ شَهِدتُهُ
فَضَارَبْتُ عَنْهُ الشَّانِئِيْنَ الأَعَادِيا
وَدَافَعتُ عَنْهُ مَا اسْتَطَعت مُجَاهِدًا
وَأعْمَلْتُ سَيْفِي فِيْهِم وَسِنَانِيا
لوحة للرسام یُوسف عبدي نژاد تُصوّر أبا الفضل العباس على نهر الفُرات، وقد كانت تضحياته وثباته إلى جانب أخيه حتَّى استشهاده مثالًا يُحتَذى به فكتب في ذلك الشُعراء.[160]
وَإذا كانت قُلُوب الشِّيعة على هذا النَّحو تمتلئ حِقدًا وغيظًا على بني أميَّة فقد كانت تمتلئ بِالحُبّ لآل البيت حُبًّا يملك على نُفُوسهم أهواءها وعواطفها وإحساساتها ومشاعرها، على شاكلة قول أبي الأسود الدُّولي وقد عابه قومٌ بِتشيُّعه:[163]
رسمٌ يُظهر الصَّاحب بن عبَّاد المعروف بِلقب «كافي الكُفاة» وهو من أعيان العصر البويهي وكان وزيرًا من نوادر الوزراء الذين غلب عليهم العِلم والأدب.[166]
وكذلِك نظم الشِّيعة أشعارهم في مدح أهل البيت وأكثروا من هذا وضمَّنوا في أبياتهم مناقب أهل البيت ومقاماتهم وفضائلهم، وسار الشُعراء على هذا الأمر شاعرًا بعد شاعر فلم يزل الأمر سائرًا فيهم، حيث رأى أولئك الشُعراء أن ما يُكتَب في أهل البيت خالدٌ باقٍ لا يطويه الزَّمان ولا يغلبه الكِتمان، وعبَّر عن ذلك الشَّريف الرَّضي في قصيدة له يذكُر فيها أيضًا أن تشيُّعه وانتسابه لأهل البيت مبعث لِلفخر، هذا وقد عُرِف الشريف الرضي بِعزَّة نفسه، فقال:[167][168]
وَمَا الْمَدْحُ إِلَّا فِي النَّبِيِّ وَآلِهِ
يُرَامُ وَبَعْضُ الْقَوْلِ مَا يُتَجَنَّبُ
أَرَى الشِّعْرَ فِيهِمْ بَاقِيًا وَكَأَنَّمَا
تُحَلِّقُ بِالْأَشْعَارِ عَنْقَاءُ مُغْرِبُ
أُعِدُّ لِفَخْرِي فِي الْمَقَامِ مُحَمَّدًا
وَأَدْعُو عَلِيًّا لِلْعُلَا حِينَ أَرْكَبُ
وكذا فقد احتوى شِعرهُم على توثيقٍ لأحداثٍ مُهمَّة في التَّاريخ الإسلامي وتذكيرٍ بها وقد اشتركت في هذه الأشعار والقصائد أجيال الشُعراء قاطبةً من مُختلف العُصُور الأدبيَّة، وتضمَّن ذلك المواقف والأحداث المحوريَّة مثل واقعة الطَّف والمقاتل ومواليد الأئمَّة ومواقفهم ويوم الغدير، ومن الأبيات التي أشادت بيوم الغدير ما كتبه الوزير العالِم الصَّاحب بن عبَّاد وهو من أعيان الدَّولة البويهيَّة:[169]
وَقَالُوا عَلِيٌّ عَلَا قُلْتُ لَا
فَإِنَّ العُلَى بِعَلِيٍّ عَلَا
وَلكِنْ أَقُولُ كَقَولِ النَبِيِّ
وَقَد جَمَعَ الخَلْقَ كُلَّ المَلَا
أَلَا إِنَّ مَن كُنْتُ مَولًا لَهُ
يُوَالِي عَلِيَّا وَإِلَّا فَلَا
وقد ترك التشيُّع أثره على الأشعار بِشتَّى فُنُونه وأغراضه إذ لم يقتصر على شعر المديحوالرِّثاء فقط، بل تعدَّاه إلى فضاء أوسع تضمَّن الاستشهاد بِالمواقف التاريخيَّة وإعمالها في موضع الحِكمة أو التَّذكير أو الاستنهاض. ومن الأخبار التي بلغتنا من الأديب المُتقدِّم الصَّاحب بن عبَّاد قوله: «بُدِئَ الشِّعرُ بِمَلِك، وَخُتِمَ بِمَلِك، وَيَعْنِي امْرأ القَيْس وَأبَا فِرَاس».[170] ولمَّا كان أبو فراس الحمداني من الشيعة[171][172] إذن يكون خاتمة شُعراء العرب شيعيًا.
صورة تخيُليَّة للأمير أبي فراس الحمداني من أغزر الشُعراء وأشجع الأمراء في زمانه، وكان شيعيًا.
وقد اجتمعت الصفات والأغراض الحكميَّة المذكورة أعلاه فيما نظمه الشَّاعر الأمير أبو فراس الحمداني في قصيدته الشَّهيرة «أَرَاكَ عَصِيَّ الدَّمْعِ» وتعد هذه القصيدة من أشهر ما أنشده أبو فراس. وقد نقل فيها كشف عمرو بن العاص لِعورته كي يَّسلم من سيف عليٍّ يوم صِفِّين، ويريد الشَّاعر بِذلك القول أن لا خير في دفع الموت إن كان ثمنه الذِّلة، فيما يلي محل الشَّاهد وأجزاء من القصيدة:[173][174]
وَقَالَ أُصَيْحَابِي الفِرَارُ أَوِ الرَّدَى
فَقُلْتُ هُمَا أَمْرَانِ أَحْلَاهُمَا مُرُّ
وَلَكِنَّنِي أَمْضِي لِمَا لايُعِيْبُنِي
وَحَسْبُكَ مِنْ أَمْرَيْنِ خَيْرَهُمَا الأَسْرُ
يَقُولُونَ لِي بِعْتَ السَّلَامَةَ بِالرَّدَى
فَقُلْتُ أَمَّا وَاللهِ مَانَالَنِي خُسْرُُ
وَهَلْ يَتَجَافَى عَنِّيَ المَوْتُ سَاعَةً
إِذَا مَاتَجَافَى عَنِّيَ الأَسْرُ وَالضَرُّ
هُوَ المَوْتُ فَاِخْتَر مَاعَلَا لَكَ ذِكْرُهُ
فَلَمْ يَمُتِ الإِنْسَانُ مَاحَيِيَ الذِكْرُ
وَلَا خَيْرَ فِي دَفْعِ الرَّدَى بِمَذَلَّةٍ
كَمَا رَدَّهَا يَوْمًا بِسَوْءَتِهِ عَمْرُو
الشعر الفارسي
أثَّر التشيُع في إحياء الحضارة الإيرانيَّة الجديدة وثقافتها فأضحى ركنًا من أركانها إذ كان للموروث الشيعي أثرٌ بليغ على الشُعراء والأدباء من الذين قاموا بِإحياء وتجديد اللُغة الفارسيَّة، ومنهم «أبو قاسم الفردوسي» صاحب ملحمة «الشاهنامه» الشَّهيرة وهي أطول قصيدة في العالم ومن أعظم الآثار الأدبية الفارسيَّة والعالمية إذ أنقذت اللُغة الفارسيَّة من الاندثار ومجَّدت العقيدة الشيعيَّة.[175][176]
منمنمة فارسيَّة من كتاب خاوران نامه تُصوِّر عليًا بن أبي طالب وهو يقتُل التِّنين بِاستعمال سيفه «ذو الفقار».
كتب الشُعراء الفُرس في حُب النَّبي وأهل بيته قصائد كثيرة فما انفكَّ شُعراؤهُم يذكُرون فضائل أهل البيت ومناقبهم وما جرى عليهم من مصائب الدَّهر، والتَّغنِّي بِالمقامات النورانيَّة لآل بيت النُبوَّة وأنَّهم ورثة العلم وموضع الأسرار، ومن الشُعراء الذين عبَّروا عن هذه الحقيقة هو ناصر خسرو الذي يُعدُّ من الشخصيَّات المُهمَّة في الأدبيَّات الفارسيَّة، الذي قال في ديوانه:[177]
بدین پرده اندر نیابد کسی ره
جز آن کس که ره را بجوید از رهبر
ره سر یزدان که داند؟ پیمبر
پیمبر سپرده است این سر به حیدر
وتعريبه: «خَلفَ هَذَا السِّتَار، لا يَجدُ الطَّريقَ إلا مَنِ اسْتَرشَدَ بِالقَائِد، الطَّرِيقُ إلى الخَالق مَن يعرِفُه؟ النَّبيُ، النَّبيُ أَودَعَ ذَلكَ السِّرَّ لَدَى حَيدَر». الأبيات السابقة لا تُظهر مكانة التشيُع من النَّاحية الموضوعيَّة وحسب بل تتجلَّى فيها الملامح الأسلوبيَّة لأقوال الأئمة الاثني عشر فقد تأثر العديد من الشُعراء والأدباء سواء من العرب أو العجم بفصاحة الأئمة وكان نهج البلاغة الذي احتوى على خطب الإمام علي بن أبي طالب من أعمق الكُتُب تأثيرًا.[178][179][180] وقد بُعثَت المفاهيم الأخلاقيَّة والحكمية التي استقوها من أهل البيت في صورة أبيات شعرية، قال الفيض الكاشاني:[181]
عیب جلی خویش نبینی به دو دیده
عیب خفی غیر بیابی به فراست
گویی همه جا عیب کسان را به علالا
در خویش نبینی شره و بخل شراست
وترجمته:[182] «لا تَرَى عَيبَكَ الوَاضِحَ بِعَينَيكَ، وَتَرَى العَيبَ الخَفيَّ في غَيركَ، تَتَحَدَّثُ عَن عُيُوبِ النَّاسِ في كُلِّ مَكَانٍ بَينَمَا لا تَرَى عَيبَ الشَّرَه والبُخلِ في نَفسِكَ». وفي تلك الأبيات يظهر جليًا التأثُر بأحاديث الإمام علي الذي قال: «طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوْبِ النَّاسِ.»[183] وكذلك أكثر شعراؤهم الكتابة في المسالك الربانيَّة والتَّوحيد وتمجيد الله الواحد الأحد، وفي هذا المعنى يقول نفس الشاعر:[184]
سكينة دل و جان لا إله إلاّ الله
نتيجة دو جهان لا إله إلاّ الله
زبان حال و مقام همه جهان گويد
به آشكار و نهان لا إله إلاّ الله
وتعريبه: «كَلِمَةُ لا إلَهَ إلَّا الله تَسكُنُ القَلَبَ والرُّوحَ، كَلِمَةُ لَا إلَهَ إلَّا الله نَتيجَةُ مَآلِ العَالَمَينِ (الدنيا والآخرة)، إنَّ لِسَانَ حَال وَمَقَام كُلِّ العَالَم يَقُول لا إلَهَ إلَّا الله سِرًّا وَعَلَانِيةً.»[184] ومن أغراضهم كانت غرض الرثاء بحق أهل البيت وقد احتل هذا الغرض مكانة بارزة في السَّاحة الأدبيَّة الفارسيَّة.
ويُذكر أن الشاعر والخطاط وصال الشيرازي لمَّا أصيب بالعمى التَّام رأى في منامه النبي محمدًا والسيدة فاطمة الزهراء، فقالت له: «إذا كتبت قصيدة عزاء فابدأ بولدي الحسن فإنه مظلوم - غريب جدًا.»، فنظم قصيدة قال في مطلعها:[185][186][187]
از تاب رفت و طشت طلب کرد و ناله کرد
آن طشت راز خون جگر باغ لاله کرد
خونی که خورد در همه عمر، از گلو بریخت
دل را تهی زخون دل چند ساله کرد
وتعريبه: «طَلَبَ طَستًا ثُمَّ غَابَ عَنِ الوَعِي، لِيُحَوِّل الطَّستَ إلى حَدِيقَة الزَّنبَق مِن دِمَاءِ كَبِدِه، لَقَد أَفرَغ نَفسَهُ مِن الآلَامِ التي تَجَرَّعَهَا خِلَالَ سَنَواتٍ مِن عُمره الشَّرِيف».[188] وما إن بلغ الشَّاعر الجُزء الثَّاني من قصيدته فإذا بِعينيه تتفتَّح من جديد.[185][186] وكذا فقد احتلَّ رثاء الأئمة مقامًا رفيعًا في الأدبيَّات الفارسيَّة الشيعيَّة.
اشتملت تاريخ العلاقات بين السنة والشيعة في كثير من الأحيان على العنف خاصة بسبب الصراع علي الحكم والسلطة، والتي يعود تاريخها منذ نشوء الطائفتين. وكان كثير من الحكام السنة ينظرون إلى الشيعة على أنهم تهديد سواءً لسلطتهم السياسية أو الدينية بسبب سعيهم لأن يكون الحاكم من نسل أهل البيت أو شيعي.[189]
مناظر لمقام السيدة زينب الشيعي في نيسان 2019 في شنكال، أثناء إعادة بنائه بعد تدميره على يد تنظيم داعش.زيارة الأربعين.
سعى الحكام السنة تحت الحكم الأموي لتهميش الأقلية الشيعية بسبب تهديدهم السياسي علي حكمهم، وتلاهم العباسيين الذين سجنوا الشيعة واضطهدوهم وقتلوهم. وكثيرًا ما اُضطُهد الشيعة على مر التاريخ من المسلمين السنة والذي كان غالبًا ما اتسم بالأعمال الوحشية والإبادة الجماعية. تبلغ نسبة الشيعة حوالي 27-30% من المسلمين اليوم، ولا يزال الشيعة مهمشون في المجتمع حتى يومنا هذا في العديد من الدول العربية السنية يمنعون دون الحق في ممارسة شعائرهم الدينية وتنظيمها.[190]
في أزمنة مختلفة واجهت الجماعات الشيعية الاضطهاد.[191][192][193][194][195] في عام 1514 السلطان العثماني سليم الأول أمر بمذبحة راح ضحيتها 40 ألف من الشيعة بالأناضول.[196] ووفقا لجلال آل أحمد، "أعلن السلطان سليم الأول أن قتل واحدًا من الشيعة له أجر أخروي بقدر قتل 70 من المسيحيين"."[197] في عام 1801 قامت الجيوش الوهابية التابعة لحكم آل سعود بالهجوم على كربلاء، وهي مدينة عراقية بها ضريح الحسين بن علي يتم فيها إحياء ذكرى وفاته.[198]
في مارس 2011، أعلنت الحكومة الماليزية بأن الشيعة طائفة «منحرفة» ومنعتهم من نشر مذهبهم للمسلمين الآخرين.[199]
الشيعة في العصر الحاضر
محتوى هذه المقالة بحاجة للتحديث. فضلًا، ساعد بتحديثه ليعكس الأحداث الأخيرة وليشمل المعلومات الموثوقة المتاحة حديثًا.(أغسطس 2022)
تعتبر الاثنا عشرية هي الطائفة الأكبر، وتليها الإسماعيلية، ثم الزيدية بنسب صغيرة. ويتراوح عدد الشيعة في العالم ما بين 154 و200 مليون نسمة، بنسبة 10% إلى 13% من إجمالي عدد المسلمين في العالم. يعيش منهم ما بين 116 و147 في قارة آسيا بما يعادل ثلاثة أرباع عدد المسلمين الشيعة الكلي. ويعيش الربع الباقي في شمال أفريقيا، ويتراوح عددهم ما بين 36 و44 مليون نسمة. يتركز معظم الشيعة -حوالي 68%:80%- في أربعة دول هي إيران (66:70 مليون)، وباكستانوالهندوالعراق وبهم قرابة 90 مليون نسمة مجتمعين.[200]
أصل تسميه الفقه الجعفري يرجع إلى جعفر بن محمد الصادق (ع) سادس الائمة
وذلك أن هذا الإمام تهيأت له الظروف المناسبة لنشر فكر الإسلام الحق بسبب معاصرته لضعف الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية لذلك أسس مدرسة لنشر علوم أهل البيت عليهم السلام وهي علوم الإسلام من خلال تأسيس مدرسة علمية عرفت باسمه (مدرسة الإمام الصادق) تخرج منها أكثر من 4000 عالم مجتهد. ونحن نقول ان كل المذاهب الإسلامية الاربعة اخذت من هذه المدرسة، لانه وكما مشهور كان اولها مدرسه أبو حنيفة وهو كان طالبا في مدرسة الصادق عليه السلام والدليل قوله (أي أبي حنيفة): (لولا السنتان لهلك النعمان) والمعروف أن باقي المدارس الإسلامية أخذت من مدرسة أبو حنيفة.
يرى الشيعة الاثنا عشرية أن زواج المتعة حلال في القرآن:﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ٢٤﴾ [النساء:24] وأن الذي نهي عنه هو عمر بن الخطاب وليس الرسول.[221] بينما يُحرم الشيعة الزيديةوالإسماعيلية زواج المتعة ويرون أن الآية منسوخة بحديث النبي.
عيد الغدير وهو يوم بيعة غدير خم في الثامن عشر من ذي الحجة وهو اليوم الذي أوصى فيه الرسول محمد إلى الإمام علي بخلافته بعد موته حسب الاعتقاد الشيعي.
عاشوراء وهي مناسبة تذكر استشهاد الإمام الحسين بن علي وصحبه في معركة الطف حيث أنه أهم المناسبات الحزينة عند الشيعة ويقع في اليوم العاشر من محرم[ ؟ ].
الأربعين يقع في 20 صفر[ ؟ ]، 40 يوم بعد عاشوراء وهو اليوم الذي عاد فيه من الناجين من معركة الطف من أطفال ونساء يصحبهم وعلى رأسهم الإمام السجاد وزينب بنت علي إلى كربلاء حيث وقعت معركة الطف.
مسجد جمكران في قم، إيران، هو موقع حج شهير للمسلمين الشيعة. يقول الاعتقاد المحلي أن الإمام الشيعي الثاني عشر – المهدي الموعود بحسب الاثني عشرية – ظهر ذات مرة وصلى في جمكران.مسلمو الشيعة مجتمعون في الصلاة في مرقد الامام الحسين في كربلاء، العراق.مسجد الكوفة الكبير، موقع اغتيال علي عبر الخارجيعبدالرحمن بن ملجم (661 م).ضريح على وقبر علي، في مرقد الإمام علي، النجف ( العراق الحالي ).
لدى الشيعة مدن ومزارات مقدسة تضم أضرحة أئمتهم وإن اتفقوا مع المذهب السني في مدن مثل مكةوالمدينة المنورةوالقدس وما فيهم من أماكن مقدسة كالكعبةوالمسجد النبويوالمسجد الأقصى، لكنهم ينفردون بأماكن يقدسونها كأضرحة ومراقد أئمتهم ومعصوميهم وبعض المساجد المهمَّة مثل:
النجف: المسمَّى بالنجف الأشرف وبه مقام الإمام علي بن أبي طالب أول الائمة وبجواره وادي السلام ويعتقد ان بجانبه آدم ونوح حسب بعض الزيارات المعتبرة عندهم.[223]
دمشق: كما يعتقد الشيعة عمومًا بمقام السيدة زينب أخت الإمام الحسين بنت علي بن أبي طالب وهي ابنته من فاطمة بنت النبي محمد ومقامها موجود في دمشق منطقة السيدة.
القاهرة: كما يعتقد بعض الشيعة[224] أن رأس الإمام الحسين الذي قتل في كربلاء مدفون هناك حيث نقله الأمويون مع السبايا من النساء والأطفال من أرض كربلاء حيث وقعت المعركة المعروفة باسم واقعة الطف إلى قصر يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
واستدل الإمام مالك بقوله تعالى: ﴿يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار﴾ على القول بكفر من سب الصحابة عندما سأله هارون الرشيد عن حكمهم وأردف قائلا: فمن عابهم فهو كافر ولا نصيب لكافر في الفيء. كما نقل عنه أنه قال في الشيعة:
«إنما هؤلاء قوم أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمكنهم ذلك فقدحوا في أصحابه حتى يقال: رجل سوء ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه صالحين.»
«وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب أيضا في كفره فإنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع: من الرضى عنهم والثناء عليهم بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق وأن هذه الأمة التي هي: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفارا أو فساقا ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام ولهذا تجد عامة من ظهر عنه شيء من هذه الأقوال فإنه يتبين أنه زنديق وعامة الزنادقة إنما يستترون بمذهبهم»
«إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة»
«لا يحل ذبح الرافضي ولا أكل ذبيحته، فإن الرافضة غالباً مشركون حيث يدعون علي بن أبي طالب دائماً في الشدة والرخاء حتى في عرفات والطواف والسعي، ويدعون أبناءه وأئمتهم كما سمعنا مراراً، وهذا شرك أكبر وردة عن الإسلام يستحقون القتل عليها.»
«الشيعة فرق كثيرة وكل فرقة لديها أنواع من البدع وأخطرها فرقة الرافضة الخمينية الاثني عشرية لكثرة الدعاة إليها، ولما فيها من الشرك الأكبر كالاستغاثة بأهل البيت واعتقاد أنهم يعلمون الغيب ولا سيما الأئمة الاثني عشر ـ حسب زعمهم ـ ولكونهم يُكَفّرون ويسُبُّون غالب الصحابة كأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما.»
محمود شلتوت: يرى الشيخ شلتوت فيما عرف بفتوى شلتوت جواز التعبّد بالمذهب الشيعي الجعفري باعتباره مذهباً إسلامياً كالمذاهب السنية الأربعة (الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية).
«لا يوجد خلاف بين السني والشيعي يخرجه من الإسلام إنّما هي عملية استغلال السياسة لهذه الخلافات كما حدث بين المذاهب الفقهية (الأربعة)، كل الفروق بيننا وبينهم هي مسألة الإمامة.»
«إنّ كل من يتّبع أحد المذاهب الأربعة من أهل السنّة والجماعة (الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي) والمذهب الجعفري، والمذهب الزيدي، والمذهب الإباضي، والمذهب الظاهري، فهو مسلم، ولا يجوز تكفيره. ويحرم دمه وعرضه وماله.»
^The New Encyclopædia Britannica, Jacob E. Safra, Chairman of the Board, 15th Edition, Encyclopædia Britannica, Inc., 1998, ISBN 0-85229-663-0, Vol 10, p. 738
حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل عن قيس قال: لما بلغت عائشة بعض مياه بني عامر ليلا نبحت الكلاب عليها، فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب (والحوأب: هو ماء قريب من البصرة على طرق مكة). فوقفت فقالت: ما أظنني إلا راجعة، فقال لها طلحة والزبير: مهلا رحمك الله، بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم، قالت: ما أظنني إلا راجعة، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب
^Wintle, Justin (2003). History of Islam. London: Rough Guides. pp. 136–37
^المقريزي، أبو العبَّاس تقيُّ الدين أحمد بن عليّ (1270هـ - 1853م). الخطط المقريزيَّة المُسماة بالمواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار، الجزء الثاني. القاهرة - مصر: دار الطباعة المصريَّة. ص. 212.
^"حيث إنّ التشيّع هو المذهب الساحق في إيران من أوائل القرن العاشر (905) إلى يومنا هذا انّ الدولة الصفوية أشاعت التشيّع في إيران". كتاب الملل والنحل / ج 6 / ص 620 / للشيخ الشيعي السّبحاني
^Despite occasional Shīite rulers, the Shīites remained almost everywhere an Islāmic minority until the start of the 16th century, when the Iranian safavid dynasty made it the sole legal faith of their empire, which then embraced the Persians of Iran, the Turks of Azerbaijan, and many of the Arabs of Iraq proper. These peoples have since been overwhelmingly Ithnā Asharīyah and have given that sect a vigorous life. مقالة الشيعة في الموسوعة البريطانية
^"The Alawites and Israel". web.archive.org. 28 مايو 2018. مؤرشف من الأصل في 2018-05-28. اطلع عليه بتاريخ 2022-09-12.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^جعفر السبحاني. الملل والنحل. ج. ج 8، الباب السادس. ص. ص 343 - 361.
^أبو الفتح الشهرستاني. الملل والنحل. ج. ج7. ص. ص:40.
^Cam McGrath (26 أبريل 2013). "Spring Brings Worse for Shias". Cairo. Inter Press Service News Agency. مؤرشف من الأصل في 2019-08-24. اطلع عليه بتاريخ 2013-07-29.
^Donzel، E. J. van (1 يناير 1994). Islamic Desk Reference. BRILL. ص. 142. ISBN:978-90-04-09738-4. Ibn Abbad*, Abu l-Qasim* (al-Sahib): vizier and man of letters of the Buyid period; 938995. Of Persian origin, he was an arabophile and wrote on dogmatic theology, history, grammar, lexicography, literary criticism and composed poetry and belles-lettres.