انتقل إلى المحتوى

التنافس السوفيتي الأمريكي الإيراني على منطقة الخليج العربي بعد انسحاب بريطانيا (1968-1971)

هذه المقالة يتيمة. ساعد بإضافة وصلة إليها في مقالة متعلقة بها
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

شهدت الفترة بين عامي 1968 و1971 تحولات جذرية في منطقة الخليج العربي حيث أعلنت بريطانيا عن نيتها الانسحاب من المنطقة بحلول عام 1971[1] مما أثار ردود فعل متباينة من القوى العالمية والإقليمية. كان هذا الانسحاب جزءا من سياسة بريطانيا لتقليص نفوذها العسكري والاقتصادي خارج أوروبا حيث كانت المنطقة تعتبر واحدة من آخر معاقل الإمبراطورية البريطانية.

من الناحية الدولية كان للاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة مواقف متعارضة تجاه هذا الانسحاب. وفقا لتقارير الأرشيف السوفيتي رأى الاتحاد السوفيتي في انسحاب بريطانيا فرصة لتعزيز نفوذه في المنطقة حيث قدم دعما دبلوماسيا وعسكريا لبعض الحركات الوطنية في الخليج العربي. في المقابل كانت الولايات المتحدة قلقة من فراغ السلطة الذي قد يخلقه الانسحاب البريطاني حيث سعت إلى تعزيز تحالفاتها مع الدول الخليجية خاصة إيران لضمان استقرار المنطقة.

أما إيران بقيادة الشاه محمد رضا بهلوي فقد رأت في انسحاب بريطانيا فرصة لتعزيز نفوذها الإقليمي. وفقا لتقارير الأرشيف الإيراني قامت إيران بزيادة وجودها العسكري في الخليج العربي حيث احتلت الجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) في نوفمبر 1971 مما أثار توترات مع الدول العربية.[2]

المقدمة

[عدل]

شكلت منطقة الخليج العربي التي تعد أقصى امتداد للعالم العربي نحو الشرق أهمية كبيرة على مستوى العالم؛ بسبب ما تتميز به من مقومات ومزايا كاستراتيجية الموقع الجغرافي، والثروة الاقتصادية المتمركزة حول النفط والغاز فضلا عن الثروات الطبيعية الأخرى، وأدت هذه المميزات إلى إدخال المنطقة في دائرة تنافس وصراع بين القوى البارزة في العالم؛ لأجل أن تكون محطة من محطات قوتها ونفوذها.

سعت روسيا إلى توثيق علاقاتها بالمنطقة وبسط نفوذها فيها منذ قرون طويلة وتحديدا منذ عهد روسيا القيصرية، في القرن السادس عشر الميلادي، حيث برزت أهدافها بشكل أكبر رغبة منها للوصول إلى المياه الدافئة، وحرصا منها على فرض سياستها وسيطرتها على قارة آسيا ككل والتي تعد فيها منطقة الخليج العربي من أهم المناطق الاستراتيجية.

لم يكن الاهتمام الروسي بمنطقة الخليج العربي على مستوى الأباطرة والحكام وحسب، وإنما كان الاهتمام أيضا موجودا لدى التجار والرحالة الروس، كما اهتم العديد من الكتاب الروس للإشارة إلى أهمية المنطقة في كتاباتهم، استمرت روسيا في اتباع خطى الدبلوماسية والتجارية في التعامل مع منطقة الخليج العربي، فقامت بتفعيل نشاطها التجاري والبحري مع كلا من عُمان والبحرين والكويت، واستمرت في محاولاتها لتفعيل دورها في الخليج العربي حتى ظهور عهد البلشفيك وقيام الاتحاد السوفيتي عام 1922، فازداد اهتمام الروس بشؤون المنطقة واعترفوا بدولة آل سعود عام 1926[3]، إلا أن هذه العلاقات السوفيتية السعودية شهدت لاحقا انقطاعا لمدة طويلة، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية (1939-1945) شكلت منطقة الخليج العربي أحد محاور صراع الحرب الباردة بين القوتين العظمتين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، وكان الاتحاد السوفيتي راغبا في التعاون مع دول المنطقة؛ لأجل المضي في الطريق غير الرأسمالي وفرض سياسته المالية والاقتصادية في المنطقة، وحرص الرئيس السوفيتي جوزيف ستالين على الوصول إلى منطقة الخليج العربي من خلال ثبيت قوة بحرية تابعة لدولته في كل من البحر المتوسط والمحيط الهندي، وكذلك من خلال محاولات التدخل في شؤون وقضايا المنطقة السياسية والاقتصادية، ومما تجدر الإشارة إليه أن منطقة الخليج العربي لم تكن احد محاور الاهتمام الروسي وحسب، وإنما برزت قوى أخرى إقليمية ودولية نافست الروس لفرض هيمنتها على المنطقة وإبراز دورها بشكل فعال في مختلف الميادين منها:

  • بريطانيا

سعت بريطانيا لفرض هيمنتها الاقتصادية على الخليج العربي فبادرت إلى تأسيس شركة الهند الشرقية البريطانية عام 1600، إضافة إلى الهيمنة السياسية والعسكرية المتمثلة في إقامة المعاهدات مع شيوخ وحكام المنطقة وإقامة العلاقات الدبلوماسية معهم، وكان عدم تكافؤ القوى بين الجانبين سببا في نجاح بريطانيا في هذا الجانب، ومن الجدير بالذكر أن شركة الهند الشرقية البريطانية قامت بدور مهم في الجانب الدبلوماسي والعسكري لاحقا، وتمكنت بريطانيا من تعزيز جيشها وأسطولها البحري بالمنطقة، وقد أدت المعاهدات إلى تقليص تصرفات الحكام المحليين وتقليص سلطاتهم؛ بسبب سعي الحكام للحصول على الحماية البريطانية ضد أي مخاطر خارجية وداخلية ضد حكمهم.

حرصت بريطانيا على كسب ولاء حكام المنطقة من خلال دعمهم فيما يتعلق ببعض المخاطر كخطر القراصنة، فالوقوف البريطاني بجانب حكام منطقة الخليج العربي عزز من وجودهم وحاولوا إبعاد المنافسة القوى الأخرى لهم لاسيما الروسية فعندما وصلت السفينة فارياغ إلى مياه الخليج العربي عام 1901، قامت بريطانيا بإقامة مجموعة من التدابير البحرية بالمنطقة وأرسلت بريطانيا سفينتها الأكبر حجما أمفيترايت إلى الخليج العربي للقضاء على الانبهار والانطباع القوي الذي تشكل تجاه السفينة الروسية.

إضافة إلى فرض قوتها الاستعمارية بالرد الحربي في حال تعرضها لأي هجوم محلي من قبل أي قوة محلية داخلية، وذلك من أجل إظهار القوة البريطانية لأن تكون بمظهر القوة المهيمنة المهيبة.

ظل الحرص البريطاني على فرض قوته وتعزيزها في الخليج العربي مستمرا لفترات زمنية طويلة تخللتها العديد من التدخلات في شؤون المنطقة خاصة بعد الحرب العالمية الأولى (1914-1918) حيث فرضت بريطانيا سيطرتها بشكل بارز في ظل محاولاتها لإبعاد أي قوى أخرى منافسة لها، وبلا شك فالجانب البريطاني تمكن من تحقيق فوائده السياسية والاقتصادية من المنطقة، وتمكن من استثمار مواردها، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية قللت من نشاطها في المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى، وبذلك أصبحت بريطانيا هي الدولة المهيمنة الوحيدة على الخليج العربي في الفترة ما بين الحربين العالميتين وحتى ما بعد الحرب الثانية بسنوات، حيث أن الوضع لم يستمر على ما عليه، فبدأت القوة البريطانية في التراجع بسبب بروز القطبين السوفيتي والأمريكي في دائرة الصراع الدولية، فضلا عن الأسباب المحلية المتمثلة في ظهور التيارات الفكرية المناوئة للوجود البريطاني وظهور جماعات قاومت أي الوجود الأجنبي.

  • الولايات المتحدة

رأت الولايات المتحدة الأمريكية مصالحها في منطقة الخليج العربي شأنها شأن القوى الأخرى في العالم وكان تركيزها على الجانب الاقتصادي كبيرا؛ لكون المنطقة تعج بالخيرات والموارد والثروات وتعود العلاقات بين الولايات المتحدة ومنطقة الخليج العربي وتحديدا مع عُمان إلى القرن الثامن عشر الميلادي حيث تعد عُمان أولى دول منطقة الخليج العربي التي أقامت علاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية[4]، فكانت السفن الأمريكية ترسو في الموانئ العُمانية، وفي عهد السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي أقيمت أول معاهدة صداقة بين الجانبين العُماني والأمريكي في 21 ديسمبر عام 1833، كما تم إرسال أول مبعوث من الخليج العربي إلى الولايات المتحدة الأمريكي وهو مبعوث السلطان أحمد بن النعمان الكعبي الذي وصل إلى موانئ نيويورك عام 1840 وتبادل الهدايا مع رئيس الولايات المتحدة آنذاك.

لقد اهتم الأمريكان بتوثيق علاقاتهم السياسية بحكام المنطقة في ثلاثينات القرن العشرين فاعترفت بحكومة الملك عبد العزيز آل سعود عام 1931 وأقامت اتفاقية دبلوماسية مؤقتة في 7 نوفمبر 1933، وكانت هناك زيارات للولايات المتحدة الأمريكية من قبل الأمير فيصل بن عبد العزيز آل سعود وسلطان عمان سعيد بن تيمور البوسعيدي، ومما لا شك فيه أن هذه الزيارات كان لها دورها الفعال في تعزيز العلاقات السياسية بين الطرفين.

في عام 1943 تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية بطلب فتح قنصلية لها في البحرين، وأرسل الطلب إلى الحكومة البريطانية؛ لأجل الموافقة بهدف إنشاء مرافق تكرير نفطية وأما بالنسبة للكويت فقد تم استحداث قنصلية أمريكية فيها وكذلك الأمر بالنسبة لقطر في أربعينات القرن العشرين. ومما تجب الإشارة إليه أن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت كافة الطرق التي من شأنها أن تحقق مآربها وأهدافها حتى لو أدى بها الأمر إلى استخدام القوة، ومن الجدير بالذكر أن الأمريكان كانوا قد اعتمدوا على إيران بحجة أنها وكيل عنهم للحفاظ على أمن المنطقة وخاصة في عهد الشاه الإيراني.

ازداد الطموح الأمريكي في منطقة الخليج العربي بعد الحرب العالمية الثانية، ودخلت في دائرة الصراع ضد الاتحاد السوفيتي على المنطقة وتركزت بؤرة الصراع حول نفط الخليج العربي؛ لكونه يشكل أهمية اقتصادية كبيرة للأمريكان، وكانت الولايات المتحدة تسعى لاستقطاب دول الخليج العربي إلى كفتها وكسب دعمهم ضد الاتحاد السوفيتي من خلال تشجيع دول المنطقة على دعم الاستثمارات الأمريكية فيها، كما كانت الولايات المتحدة شديدة المراقبة للأوضاع في الخليج العربي خوفا من التغلغل السوفيتي إليها ورغبة منها في منع إقامة أي علاقات دبلوماسية بين دول المنطقة والاتحاد السوفيتي، ومن الجدير بالذكر أن المنطقة شهدت توافقا للمصالح البريطانية والأمريكية ضد الاتحاد السوفيتي منها؛ لذا شكل قرار انسحاب بريطانيا من منطقة الخليج العربي عام 1968 حدثا مقلقا لولايات المتحدة الأمريكية.

ومن الجدير بالذكر أن الصراع والتنافس على منطقة الخليج العربي لم يقتصر على روسيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وحسب، وإنما هناك قوى دولية أخرى منها: الدولة العثمانية وألمانيا وفرنسا وهولندا، غير أن بريطانيا هي القوة التي تمكنت من فرض هيمنتها لفترة طويلة من الزمن.

الانسحاب البريطاني من منطقة الخليج العربي

[عدل]

أسباب قرار الانسحاب البريطاني

[عدل]

رغم التعلق البريطاني بمنطقة الخليج العربي منذ فترة زمنية طويلة لأسباب اقتصادية وسياسية، إلا أن الحكومة البريطانية اضطرت إلى صرف النظر عن المنطقة ورفع يدها عنها لعدة أسباب يمكن حصرها في النقاط التالية:

  • أولا: استقلال الهند وباكستان وخروجها عن السيطرة البريطانية عام 1947.[5]
  • ثانيا: ضعف القوة البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية[6]؛ بسبب التيارات الفكرية القومية والصحوة التي نشأت لدى سكان المنطقة ورغبتهم في التخلص من الوجود الأجنبي فيها، لاسيما وأن لبريطانيا قواعد عسكرية في عدة نقاط استراتيجية في الخليج العربي، كانت سببا في تأجيج مشاعر شعوب المنطقة ضدها.
  • ثالثا: قررت بريطانيا أن ترتبط بالمنطقة من خلال معاهدات الصداقة والتعاون وتقليص القواعد العسكرية التابعة لها، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى تخفيف الأعباء المالية العسكرية على بريطانيا.
  • رابعا: رغم الحرص البريطاني على الاستفادة من نفط الخليج العربي والسيطرة على منابعها، إلا أن بريطانيا لم تتحمل أن تضع على أكتافها الأعباء المالية المترتبة على الالتزامات بالأعمال النفطية لكونها ليست الدولة الوحيدة المستفيدة من نفط المنطقة، فهناك دول أخرى كفرنسا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية، لها مصالح نفطية أيضا.
  • خامسا: الأعباء المالية البريطانية وارتفاع الالتزامات المالية التي عانت منها بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
  • سادسا: فشل العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956[7]، وما ترتب من نتائج أثرت على الموقف البريطاني وتوجهاته السياسية.
  • سابعا: ظهور القطبين السوفييتي والأمريكي في ساحة منطقة الخليج العربي بعد الحرب العالمية الثانية، والصراع على المنطقة تحت مظلة الحرب الباردة بين الطرفين، مما أدى إلى ضعف الموقف البريطاني.[8]

الإعلان عن قرار الانسحاب عام 1968 وموقف حكام منطقة الخليج العربي منه

[عدل]

أخذت الحكومة البريطانية وقتها في التفكير مليا واتخاذ قرار الانسحاب، لاسيما وأن خسائر انسحابها من جنوب شرق آسيا والخليج العربي يقارب مبلغا ضخما قدر بحوالي 300 مليون جنيه إسترليني سنويا، وحاولت بريطانيا مناقشة الولايات المتحدة الأمريكية في جانب إقامة وتعزيز التعاون العسكري بين الطرفين في الخليج العربي، إلا أنها تخوفت من قيام بعض قوى المنطقة المحلية بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي وبالتالي الإضرار بمصالح بريطانيا بشكل أكبر، لذا اجتمعت الأسباب المذكورة آنها وأدت إلى تبني بريطانيا لقرار الانسحاب من الخليج العربي، حيث أعلن حزب العمال البريطاني بقيادة هارولد ويلسون في 16 يناير 1968، عن عزم بريطانيا الانسحاب من الخليج العربي على أن يتم بشكل فعلي في عام 1971 مع إنهاء أي ارتباطات عسكرية ودفاعية بالمنطقة.

باشرت الحكومة البريطانية بالتواصل مع حكام المنطقة قبل الإعلان بشكل رسمي من قبل هارولد ويلسون؛ بغرض إبلاغهم بقرار الانسحاب حيث التقى مبعوث الخارجية البريطانية غورونوي روبرتس بشاه إيران محمد رضا بهلوي في إيران في 7 يناير 1968، وفي التاسع من الشهر نفسه اجتمع المبعوث البريطاني مع الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود بالرياض، وبعدها يوم التقى بعدد من شيوخ المنطقة، شارحا لهم أسباب قرار الانسحاب والضغوطات المالية التي تعاني منها بريطانيا، فطلبت بريطانيا مبالغ مالية ضخمة نظير بقاء قواتها العسكرية والبحرية في الخليج العربي، وقد حاول بعض الشيوخ كالشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تقديم مقترحات هدفت إلى إبقاء الحماية البريطانية مقابل توفير المستطاع من المبالغ المالية، غير أن بريطانيا رفضت مقترحات شيوخ المنطقة وأصرا على قرار الانسحاب.

قام شيخ إمارة عجمان راشد الثالث بن حميد النعيمي بإرسال رسالة إلى الحكومة البريطانية فيما يلي نصها:

«صاحب الفخامة السير ستيواره كروفورد المقيم السياسي لصاحبة الجلالة المحترم

بعد التحية

إنا نشكر حكومة صاحبة الجلالة اهتمامها بشؤون المنطقة سواء قبل الانسحاب وبعد ونشير هنا إلى ما تضمنه كتابكم المبعوث سابقا لنا حول عقد اتفاقيات جديدة مع اتحاد الامارات العربية، تضمن استمرار الصداقة (بعد الانسحاب)، كأساس للعلاقة الطويلة فهذا الأمر يعود إلى الاتحاد، ونرجو ان يتم التوصل الى نتائج طيبة في هذا الشأن في حينه، أما بخصوص رغبة حكومة صاحبة الجلالة في الإعلان عن نيتها بصدد انتهاء الحماية عند سحب قواتها فإنا نحبذ أن تجري مشاورات معنا قبل الإعلان عن هذه النية، وذلك كما تضمن كتابكم المشار اليه وتقبلوا خالص تحياتنا.»

حافظت بريطانيا على علاقاتها مع شيوخ وحكام الخليج العربي، رغم اتخاذها لقرار الانسحاب من أراضيها، وكان عددا من الحكام مصمما على بقاء القوات البريطانية بهدف الاستفادة من حمايتها والإبقاء على المعاهدات معها في ظل قيام الحرب الباردة في العالم بين القطبين السوفيتي والأمريكي، فقد جاء قرار الانسحاب في قمة الحاجة للوجود البريطاني حسب ما صنفه البعض، وقامت بريطانيا بتقديم مقترحاتها لشيوخ المنطقة والمتمثلة في التعاون واقامة حماية مشتركة بين شيوخ الشمال والجنوب. لم يكن القرار البريطاني هينا على أقطار الخليج العربي، إلا أن هذا التغير السياسي يمكن اعتباره أنه نقطة تحول جوهرية في مجال الاستقلال السياسي للمنطقة بجميع أقطارها، كما أنه يمكن اعتباره أنه بداية المرحلة جديدة. حيث دعمت بريطانيا وشجعت على إقامة دولة البحرين ككيان مستقل، بما يشمل عضوية الأمم المتحدة، كما بحثت جانب توحيد الإمارات المتصالحة تحت مطلة دولة واحدة مستقلة.

موقف قطبي الحرب الباردة من قرار الانسحاب البريطاني من الخليج العربي

[عدل]

الاتحاد السوفيتي

[عدل]

بعد اعلان الانسحاب البريطاني من الخليج العربي، أعلن السفير البريطاني في موسكو عن تباين ردود أفعال الاتحاد السوفيتي تجاه الموقف البريطاني ما بين ترحيب لهذا القرار انطلاقا من حرية المنطقة واستقلالها بعيدا عن أي سيطرة أجنبية، وبين تخوف من وجود قوة محلية بديلة تحل محل بريطانيا كقوة المملكة العربية السعودية.

وعلقت الصحف السوفيتية كصحيفة برافدا على قرار بريطانيا، وإمكانية تعاون مشترك قد يقوم بين الجانبين البريطاني والأمريكي عقب خروج القوات البريطانية من المنطقة؛ لذا بادر الاتحاد السوفيتي بمحاولاته في إقامة علاقات تجارية مع بعض حكام وشيوخ المنطقة، فضلا عن دعمه للحركات التي تبنت الفكر الشيوعي بالمنطقة، حيث وجدت فيها نقطة قوة من الممكن الاعتماد عليها لتثبيت دعائم الوجود السوفيتي في المنطقة.[9]

من جانبها كانت بريطانيا حريصة على مراقبة أنشطة الاتحاد السوفيتي ومحاولاته للدخول في الخليج العربي فقد أعلن زعيم المحافظين البريطاني إدوارد هيث في خطاب ألقاه عن خطر الاتحاد السوفيتي على المنطقة، كما ألقى عدد من كبار السياسيين البريطانيين خطابات تتعلق بهذا الجانب، وبذلك يتبين قلق بريطانيا وتوجسها من أن يحل الاتحاد السوفيتي محلها، وبالتالي ستنتقل المزايا السياسية والاقتصادية للاتحاد السوفيتي.

اقترحت بريطانيا إقامة تعاون مع المملكة العربية السعودية وإيران عقب انسحابها، إلا أن حكومة بريطانيا أشارت إلى أن الاتحاد السوفيتي سيمنع قيام هذا التعاون؛ لكونه لا ينصب في جانب تحقيق مصالحها بل على العكس سيؤثر هذا التعاون سلبا على أهدافها وطموحاتها في الخليج العربي.

في عام 1970 بلغ عدد الإذاعات التابعة للاتحاد السوفيتي في الخليج العربي حوالي 13 إذاعة باللغة العربية، وكانت هذه الإذاعات تغطي الأنشطة والتحركات البريطانية في المنطقة وتناقش الأوضاع فيها، وأشارت برامج الاتحاد السوفيتي الإذاعية إلى أن بريطانيا لن تخرج من المنطقة بدون أن يكون لها ولاء وهيمنة تستطيع التحكم فيها عن بعد ويتمثل ذلك في محاربة بريطانيا لحركات التحرر الوطني في الخليج العربي، كما أشار الاتحاد السوفيتي إلى استغلال بريطانيا للخلافات الموجودة بين بعض الأجزاء في الخليج العربي من خلال تأجيج الخلافات بينهم بشكل سري، ثم حلها علنا بهدف فرض سيطرتهم وإظهار حرصهم لتحقيق السلام في المنطقة وبالتالي سيحقق ذلك نظرة إيجابية من قبل حكام وشيوخ وأمراء المنطقة تجاه بريطانيا.

وحرص الاتحاد السوفيتي على محاولاته لفرض نشاطه ونفوذه بهدف تحقيق طموحاته ومآربه التي لطالما سعى إليها، حيث قام بتكثيف زيارات سفنه لبعض موانئ الخليج العربي، والحصول على تسهيلات لدخول الطائرات التابعة للاتحاد السوفيتي في أجواء المنطقة، وتوثيق العلاقات مع إيران، والتدخل في قضايا بعض دول المنطقة كتأييد استقلال البحرين وقطر، ومعارضة قيام اتحاد الإمارات العربية الموجودة على ساحل الخليج العربي، ومحاولة فرض آرائها السياسية حول هذه القضايا.

كان الاتحاد السوفيتي في الوقت ذاته يراقب المحاولات الأمريكية لفرض حلولها ومقترحاتها الناتجة من وراء قرار بريطانيا، واعتبر الاتحاد السوفيتي أن ما تطرحه الولايات المتحدة الأمريكية من حلول هو نوع من أنواع فرض الوصاية على إرادة وقوة شعوب المنطقة، واحتلال غير مباشر وفرض نفوذ الهدف منه هو السيطرة على نفط المنطقة واستغلال مقوماتها وثرواتها.

الولايات المتحدة الأمريكية

[عدل]

أبدت الولايات المتحدة تخوفها تجاه القرار البريطاني وقد دعا المسؤول الأمريكي لوسيوس دي باتل مساعد وزير الخارجية لشؤون جنوب آسيا والشرق الأدنى أمام الكونجرس الأمريكي دول المنطقة إلى تحمل مسؤولية أمنها واستقرارها بنفسها، وفي بداية الأمر لم تعلن الولايات المتحدة الأمريكية عن نيتها لتحل محل بريطانيا في منطقة الخليج العربي والقيام بدور أمني بارز فيها، وهذا ما صرح به واكده عددا من المسؤولين الأمريكان للحكومة البريطانية، وقد تكون الولايات المتحدة حذرة في هذا الجانب؛ لما يتطلبه الدور الأمني من إقامة قواعد عسكرية ومعاهدات فضلا عن الضغوطات المالية التي قد تثقل كاهلها، إضافة إلى تجنبها الدخول في صراع عسكري مباشر مع الاتحاد السوفيتي الذي من المحتمل حدوثه جراء التدخل في قضايا أمن الخليج العربي واستقراره.

كانت الولايات المتحدة الأمريكية شديدة الحذر تجاه خطواتها السياسية المتعلقة بمنطقة الخليج العربي، بسبب ما ولدته الحركات والتيارات الفكرية من شعور مناهض للوجود الأجنبي، فمصالحها الخاصة بإمدادات المنطقة النفطية لها باتت مهددة في ظل الدعم الشيوعي لبعض هذه الحركات.

كانت بريطانيا تسعى إلى الوصول إلى حل يخدم الطرفين الأمريكي والبريطاني؛ وذلك خدمة لمصالحهما وفي ظل التوتر الذي نشأ بسبب الانسحاب البريطاني، قامت الحكومة الأمريكية في فبراير 1969 تقديم مقترحها القائم على إقامة حلف دفاعي مشترك يضم كلا من: المملكة العربية السعودية والكويت وإيران وتركيا وباکستان والولايات المتحدة الأمريكية.

وقد صرح المسؤول الأمريكي يوجين ف. روستو أن هدف إنشاء هذا الحلف هو إبعاد خطر الاتحاد السوفيتي عن الخليج العربي بعد الانسحاب البريطاني وحماية المنطقة من أي أهداف تابعه له، ومما سبق يتبين حرص الحكومة البريطانية على كسب حلفاء بعض دول المنطقة لها؛ لضمان دعمهم لها ضد الاتحاد السوفيتي الذي بات نشاطه مهددا للنفوذ الأمريكي، ورغم تخوفها إلا أن مسؤولية أمن الخليج العربي باتت تؤرق السياسة الأمريكية.

حاولت الولايات المتحدة إقناع بريطانيا بالتراجع عن قرارها، وبعد فشلها في هذا الجانب باشرت في القيام ببعض الاجراءات بعد فشل فكرة إقامة حلف مشترك بينها وبين دول المنطقة منها ما يلي:

  • تقديم مقترح إحلال القواعد العسكرية الأمريكية محل القواعد العسكرية البريطانية.
  • محاولة التعاون مع إيران والمملكة العربية السعودية لحماية أمن الخليج العربي؛ لكونهما قوتان تتميزان باستقرار نظامهما على مستوى المنطقة.

كانت الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى أن تكون وراء الستار من خلال الاعتماد على إحدى القوتين: إيران أو المملكة العربية السعودية كوكيل عنها في شؤون الخليج العربي؛ وبالتالي ستتجنب الاشتباك المباشر سواء مع الحركات المناهضة للوجود الأجنبي أو الصدام العسكري والسياسي المباشر مع الاتحاد السوفيتي وهو المنافس الأقوى لها على مزايا وخيرات المنطقة.

رحبت إيران بجانب التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية للقيام بدور حماية الخليج العربي كوكيل عنها، أما المملكة العربية السعودية فقد رفضت الطلب الأمريكي لمقامها ومكانتها على مستوى المنطقة والعالم الإسلامي، فضلا عن حرص المملكة على تحقيق الاستقرار وآمن الخليج العربي دون طلب ودون الحاجة إلى القيام بدور وكيل، فالمملكة حريصة كل الحرص على القيام بدور المسؤول دون تزكية من أي دولة أجنبية.

إيران وقرار الانسحاب البريطاني من الخليج العربي

[عدل]

قامت إيران باستغلال القرار البريطاني بالانسحاب من الخليج العربي في ثلاث محاور رئيسية:

أولا: سعت إيران إلى أن تكون هي المسؤولة عن حماية أمن الخليج العربي، حتى لو كلفها الأمر إلى أن تكون وكيلا عن أي قوة أجنبية تتولى أمن المنطقة، وسعت إيران إلى إقناع دول المنطقة برغبتها من منطلق موقعها الاستراتيجي على مدخل الخليج العربي فضلا عن قوتها العسكرية والمالية، إلا أن دول المنطقة لم تتجاوب مع رغبة إيران، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية ترى في القرب الجغرافي لإيران من الاتحاد السوفيتي جانبا إيجابيا في صد الخطر السوفيتي عن المنطقة.

وعندما وجدت إيران أن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بدراسة موضوع الاعتماد عليها أو على المملكة العربية السعودية؛ لأجل تأمين المصالح والأهداف الأمريكية في الخليج العربي، بادرت إلى كسب الموقف الأمريكي لصالحها، وعززت موقفها من خلال تضخيم الخطر السوفيتي وما سيشكله من تهديد المصالح الولايات المتحدة بشكل خاص ولأمن الخليج العربي والشرق الأوسط بشكل عام؛ لذلك تم تجميع الأسلحة الأمريكية في إيران بعد رفض المملكة للقيام بدور حامي الخليج العربي تحت مظلة الولايات المتحدة الأمريكية وبعد اقتناع الحكومة الأمريكية بقوة إيران وإمكانية الاستناد عليها.

وبالاعتماد على القوة الأمريكية قدمت إيران مقترحا يقضي بالتعاون النفطي الثلاثي بينها وبين الكويت والمملكة العربية السعودية عام 1968، إضافة إلى مقترح التعاون في القوة الجوية في الخليج العربي ككل؛ لأجل حفظ المصالح الأمنية للمنطقة وإبعادها عن خطر القوى الكبرى عنها، وحرصت إيران على الإعلان عن تحملها لجميع الأعباء المالية المترتبة على مقترحيها، إلا أن ما قدمته قوبل بالرفض من قبل أقطار الخليج العربي، فجاءت ردة الفعل الإيرانية بإقرارها والإعلان بأن إيران هي حامية الخليج العربي[10]، الجدير بالذكر أن الاتحاد السوفيتي كانت نظرته إيجابية تجاه قيامها بدور الحامي للمنطقة.

ثانيا: عودة المطالبات الإيرانية في ضم البحرين إلى أراضيها، حيث اعتبرت الأرض البحرينية إحدى حقوقها في الخليج العربي، وبرزت المطالب الإيرانية بشكل أكبر إثر إعلان بريطانيا لقرار انسحابها، وكانت إيران ترغب في كسب موقف الاتحاد السوفيتي لصالحها في هذه القضية، وتعود المطالبات الإيرانية في البحرين إلى فترات زمنية قديمة، وذلك استنادا على المعاهدة البريطانية الإيرانية عام 1822 حيث تم بموجبها الإقرار بتبعية البحرين لإيران، إلا أن المعارضة التي لاقتها هذه الاتفاقية أجبرت بريطانيا على إلغائها.

استمرت إيران في مطالبتها في الربع الأول من القرن العشرين، ورأت الفرصة سانحة بعد الإعلان البريطاني؛ وذلك لكي تفرض نفوذها على المنطقة وتسيطر عليها جغرافيا، وبلا شك فإن الموقع الجغرافي للبحرين بعد موقعا استراتيجيا بالنسبة لإيران في منطقة الخليج العربي، وبعد استمرار معارضة الدول الإقليمية لمحاولات إيران ومطالبها، لجأت إيران إلى اقتراح ثلاثة حلول كما يلي:

  • تبني محكمة العدل الدولية للمطالب الإيرانية في البحرين وإصدار حكمها.
  • إقامة تصويت لأبناء الأرض البحرينية، إما الاستقلال أو الانضمام لإيران.
  • عرض الموضوع على اللجنة الدولية لتصفية الاستعمار.

وبعد عدة مباحثات ومشاورات مع دول المنطقة من جهة وبريطانيا وإيران من جهة أخرى تم الاتفاق على الحل الثاني القادم تجميع رأي أهالي البحرين في الاستقلال أو الانضمام إلى إيران وتم تعيين لجنة دولية خاصة من قبل الأمم المتحدة لهذا الأمر، الجدير بالذكر أن الاتحاد السوفيتي أبدى رفضه على إجراء الأمم المتحدة دون طلب موافقتها لكونها إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.

أسفرت نتائج الاستطلاع التي أقيمت في البحرين عن رغبة أبناءها بالاستقلال ورفضهم ضم أرضهم إلى إيران، وتم الإعلان عن هذه النتائج في 30 إبريل 1970 من قبل لجنة تقصي الحقائق، وفي 14 أغسطس 1971 تم الإعلان والتصريح النهائي باستقلال البحرين.

ثالثا: أثيرت قضية الجزر الثلاث (طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى) من قبل إيران بشكل كبير بعد فشلها في ضم البحرين، حيث قامت إيران بالضغط على بريطانيا لأجل هذه الجرز ورفض مطالبات إمارات الساحل بها، ويجدر ذكر ما تتميز به الجزر أعلاه وهي كما يلي:

  • الموقع الاستراتيجي على مدخل الخليج العربي وقربها الجغرافي من إيران.
  • الثروات الطبيعية والنفطية التي تزخر بها أراضيها.
  • الموانئ البحرية التي تلعب دورا مهما في الملاحة الدولية.

قام الاتحاد السوفيتي باتخاذ موقف صارم تجاه النشاط الإيراني بالمنطقة، لاسيما بعد قيام إيران بمحاولة كسب الموقف البريطاني لصالحها في قضية الجزر الثلاث من خلال إقناعها بأهمية انضمام هذه الجزر لإيران لتجنب دخول خطر الاتحاد السوفيتي، وتأثيره على أمن الخليج العربي وثروته النفطية بسبب القرب الجغرافي منها. ومن جانبها فشلت بريطانيا في الوصول إلى تسوية وحل أزمة الجزر الثلاث، خاصة بعد قيام إيران بتشجيع مواطنيها على الهجرة إلى تلك الجزر والاستقرار فيها وبالتالي زرع الهوية والثقافة الإيرانية فيها.

كما فشلت دول منطقة الخليج العربي كالكويت في التدخل وحل الأزمة، واستمرت مطالبات إمارات الساحل المتصالح بهذه الجزر التي تراها حقا واضحا لها وجزءا لا يتجزأ منها، وفي الوقت ذاته كانت إيران تخطط لفرض سيطرتها على الجزر حتى لو أجبرتها الأوضاع على استخدام القوة العسكرية، وقد تعزز الموقف الإيراني بعد الدعم المعنوي والمادي الذي قدمته إليها الولايات المتحدة الأمريكية، ويمكن تفسير الموقف الأمريكي بأنه جاء انطلاقا من رغبة الحكومة الأمريكية في الحصول على حليف قوي لها في المنطقة ضد منافسة الاتحاد السوفيتي لها.

حاولت دول الخليج العربي وعدد من الدول العربية، إضافة إلى القوى الكبرى في العالم التوصل إلى حل الأزمة الجزر الثلاث بين شاه إيران وشيوخ إمارات الساحل المتصالح لاسيما حاكمي الشارقة الشيخ خالد بن محمد القاسمي ورأس الخيمة الشيخ صقر بن محمد القاسمي، إلا أن الدعم الأمريكي أثقل الكفة الإيرانية وجعلها تتخذ قرار السيطرة العسكرية، فأدخلت إيران قواتها العسكرية في أراضي الجزر الثلاث وتمكنت من احتلالها وفرض سيطرتها عليها، وإعلان تبعيتها لإيران في فبراير عام 1971.

أثار احتلال إيران للجزر الثلاث حفيظة العديد من الدول بشكل خاص، واستهجان دول الخليج العربي بشكل خاص، وظلت إمارات الساحل المتصالح تطالب بأحقيتها في الجزر الثلاث، ولم تتوقف هذه المطالبات حتى بعد قيام اتحاد الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر عام 1971؛ لكونها جزءا لا يتجزأ من السيادة الإقليمية للإمارات العربية المتحدة، غير أن إيران لم تتنازل عن الجزر مبررة موقفها بتنازلها عن البحرين وإصرارها على عدم التفريط بهذه الجزر، وحاولت الإمارات العربية المتحدة رفع نداء مطالباتها إلى الأمم المتحدة، إلا أنها لم تتمكن من الحصول على مطالبها، حيث لا تزال الجزر الثلاث تحت مظلة السيطرة والحكم الإيراني لها.

الخاتمة

[عدل]

سبّب قرار الانسحاب البريطاني من منطقة الخليج العربي (1968-1971) توتر لدول المنطقة، ومحاولات لإقناع بريطانيا التراجع عن قرارها، رغبة في بقاء الحماية البريطانية لها، كما سعى قطبي الحرب الباردة المتمثلان في الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى إيران إلى استغلال هذا القرار؛ لأجل تحقيق طموحاتها التوسعية بالمنطقة، وقد تم التوصل إلى النتائج التالية:

يعود أسباب قرار الانسحاب البريطاني المتمثلة في عدة جوانب أبرزها الضغوطات المادية والعسكرية التي أثقلت كاهل الحكومة البريطانية؛ نتيجة تواجدها العسكري بالمنطقة فضلا عن الاشتباكات الحربية المباشرة التي تكبدت بريطانيا من ورائها خسائر مدية كبيرة.

التنافس الواضح بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية ومحاولات كل قوة لكسب أقطار المنطقة حلفاء لها، وبالتالي سهولة فرض سيطرة ونفوذ كل قوة وتحقيق المصالح والأهداف من ورائها.

إن دول العالم الكبرى والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية المتصارعة على منطقة الخليج العربي تبني مواقفها تجاه قضايا المنطقة السياسية بناء على مصالحها واستنادا على دبلوماسيتها دون الدخول في صدام عسكري مباشر.

موقف إيران تجاه قرار الانسحاب واستغلالها له لأجل القيام بدور حامي الخليج العربي وتحقيق أهدافها التوسعية بالمنطقة، حيث نجحت في السيطرة على الجرز الثلاث طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى.

قدرة دول المنطقة القيام بالحفاظ على أمنها واستقرارها دون الحاجة إلى حماية أجنبية، وهذا ما أثبتته المملكة العربية السعودية في موقفها تجاه المقترح الأمريكي بشأن ترشيح المملكة للقيام بدور الوكيل عنها في الخليج العربي.

حرص دول المنطقة على التعاون فيما بينها؛ لأجل الحفاظ على أمنها واستقرارها واتخاذها لمواقف مشتركة انطلاقا من إسلامها وعروبتها.

مصادر

[عدل]
  1. ^ "بريطانيا تبلغ حكام الخليج عزمها الانسحاب من المنطقة".
  2. ^ "الجزر الإماراتية الثلاث".
  3. ^ "العلاقات السعودية - الروسية في ضوء زيارة العاهل السعودي إلى موسكو في 5 - 7".
  4. ^ "تربطها بها علاقات ودية منذ عام 1833.. على واشنطن ألا تنسى سلطنة عمان".
  5. ^ "حكاية استقلال الهند وباكستان: حرب أهلية وتقسيم ومشاكل مزمنة".
  6. ^ "النفط والذاكرة القصيرة!".
  7. ^ "العدوان الثلاثي على مصر".
  8. ^ "الحرب الباردة.. صراع ساخن قسّم العالم لقطبين".
  9. ^ "التيارات الفكرية في الخليج العربي 1938-1971".
  10. ^ "طهران حامية الخليج".