النونية في معاداة السامية
هذه مقالة غير مراجعة.(يناير 2025) |
جزء من سلسلة مقالات عن |
معاداة السامية |
---|
![]() |
هي ثلاثية تبدأ كلها بحرف النونِ, نُسجت خيوطُها في عام 2003 على يد ناتان شارانسكي، الناشط في حقوق الإنسان والسياسي الإسرائيلي، لتكون نِبراسًا يُفرّق بين النقد المشروع لدولة إسرائيل وما يندسُّ بين سطوره من نَقْمَةٍ ونَزَق، مستترا برداء معاداة الصهيونية. وهذه النونية ترتكز على ثلاث نونيات: نَقْضُ الشرعية، ونَسْبُ الشيطنة، ونَهْجُ الازدواجية، وهي في زعمه معاييرُ يُستنار بها لكشف العداء الساميّ المتخفّي في ظلال السياسة.[1][2]
جُعِلَ هذا الاختبار نِظامًا يُسدّ به باب الجدل بين من يُنَاجِز سياسات إسرائيل بالنقد والبرهان، ومن يُنَاوِرُ بالكلمات لينفث سمومه بأساليب ملتوية. وقد صيغ ليُدحر ما يزعمه بعضهم، من أن كل نَقْدٍ يوجّه لإسرائيل يُعدّ نَقْمًا على اليهودية نفسها، فيُسَدُّ المنطق، وتُعطَّل البصائر عن إدراك الحقائق.[3][4] ولقد أقرَّت وزارة الخارجية الأمريكية هذه النونية عام 2010، فاتخذتها قاعدةً في خطابها، غير أنها لم تدُم طويلًا، إذ استُبدلت في عام 2017 بـ 'نَصِّ التعريف' العملي لمعاداة السامية الذي تبنّته جهاتٌ أوسع نفوذًا.[5]
لكن هذه النونية لم تَسْلَم من النقد، إذ وُصفت بالغمض والغَبَش، وأُثيرت حولها المخاوف من أن تصبح نِقمةً تُبتر بها حُجج الناقدين، فيُحكم على كل اعتراضٍ على نهج إسرائيل بأنه نَذْرٌ لمعاداة السامية، حتى يُصبح النقد المشروع نَفْيًا، والنقاش نَكِيرًا، والتساؤل الحُرّ نَكْثًا للعهد مع الخطاب السائد."[6]
المؤلف والبدايات
[عدل]![](http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/a/aa/Natan_Sharansky_in_the_ceremonial_unveiling_of_the_Exodus_monument_%282%29.jpg/220px-Natan_Sharansky_in_the_ceremonial_unveiling_of_the_Exodus_monument_%282%29.jpg)
نَحَتَ هذا المعيارَ ناتان شارانسكي، السياسيُّ الإسرائيليُّ والمنشقُّ السوفييتي، فجاءت نُظُمُه مُستندةً إلى نَسَقٍ رسمه عام 2003، إذ كان آنذاك وزيرًا بلا حُقيبةٍ في الحكومة الإسرائيلية، يتقلّب في مناصب السُّلطة، مُنسجِمًا مع خطابٍ لا يَقبلُ النِّقاش، ولا يفسح في مجالهِ للرأي المُغاير نَفَسًا ولا نَظَرًا.[7]
وقد خرج هذا المفهوم إلى العلن حين نُشر لأول مرة عام 2004 في Jewish Political Studies Review، وهي صحيفةٌ يُديرها مركز Jerusalem Center for Public Affairs، حيث صيغ في مِبضعِ السياسة، ليُقطع به حبلُ النقد، ويُرفع بحدّه كالسيف في وجوه المخالفين، يُرسِّخ النُّظم، ويَسلب بها نَقاءَ الجدل الحُرّ، حتى غدا معيارًا يُروَّج له كأنما نزل بوحيٍ مُنزَّه عن الهوى.[8]
المفاهيم الرئيسية
[عدل]وزَعَمَ شارانسكي أنَّ نونيةَ الداءاتِ الثلاثِ تَصدُّ عَنِ المَسَاربِ كُلَّ من يحاولُ دسَّ مَقَاصِدِهِ بينَ طِيَّاتِ نقدٍ يُزعمُ أنهُ مَشروع، حَاجبًا مَعَادَاةَ السَّامِيَّةِ برداءٍ مُنمَّقٍ من الاعتراضِ على إسرائيلَ، فلا يُترَكُ للنَّقدِ إلا ما يُقبَلُ في مِعيارِ هذهِ النونيةِ، ولا يُباحُ للقولِ إلا ما أُجيزَ في نَظْمِها. وإنْ زَلَّ قَلمٌ أو انفلتَ لسانٌ، كانَ هذا المِقياسُ سياجًا يُحكمُ بهِ تَطويقُ المُخالفةِ، فيُوصفُ المُنتقدُ بأنهُ تَخطَّى الحدَّ، وإنْ لم يكنْ في أصلِ مقصِدِهِ شيءٌ مِن نَزْعَةِ الكراهيةِ أو العداءِ."[1]
وقد صرَّحَ الأستاذُ إروين كوتلر قائلاً: 'إنَّا لَواجِدونَ ضرورةً في أنْ نُقيمَ سدًّا يَفصِلُ بَينَ مواضِعِ النقدِ التي تَبقى في حدودِ الجدلِ السَّائغِ، وتلكَ التي تَزِلُّ إلى هاويةِ العداءِ المبطَّنِ، فأنا مِمَّن يَرَوْنَ أنَّ فَسحَ المجالِ للحُرِّيَّةِ في القولِ واجبٌ، بَلْ أرى في المُناظَرةِ الحادَّةِ والتَّحليلِ العَميقِ والتَّداولِ الحُرِّ رُكنًا ركينًا. لكنْ إنْ صِرْنَا نُوصِمُ كُلَّ نَقْدٍ بِأَنَّهُ مَعاداةٌ للسَّامِيَّةِ، فإِنَّهُ لا يَبقَى شيءٌ يُحكَمُ عليهِ بِذَلك، فَيُمحَى التَّمْيِيزُ، وَيَذُوبُ الفَصْلُ، فَتُصبِحُ الأُذُنُ صَمَّاءَ عَن الحَقِّ، وَالعَينُ عَمْياءَ عَن التَّدبُّرِ، وَاللِّسَانُ مَغلُولاً عَنِ البَيانِ.'"[9]
نزع الشرعية
[عدل]وَإِنَّ نَزْعَ الشرعيةِ عن إسرائيلَ لَهُوَ في زَعْمِهم إِنْكَارٌ لِحَقِّ القَومِ في تَقرِيرِ المصِيرِ، وَإِهدَارٌ لِوُجُودِ كِيَانٍ يُعَدُّ في نَظَرِهم نَهْجًا رَاسِخًا في توجهات سلب حقوق اليهود.[10] وَيُجادَلُ أَنَّ هَذَا الادِّعَاءَ يُمَثِّلُ تَميِيزًا صَارِخًا، إِذْ يُجرَّدُ القَومُ مِنْ حَقٍّ تَقَرَّرَ فِي مِيزَانِ القَانونِ الدَّوليِّ، فَإِذا كَانَ التَّفرِيقُ بَينَ الأُمَمِ عَلى أَساسِ العِرقِ أَوِ الدِّينِ أَوِ الجِنْسِ أَوِ القَومِيَّةِ يُعَدُّ صُورَةً مِنْ صُوَرِ العنصرية، فَإِنَّ نَزْعَ شَرْعِيَّةِ الوُجُودِ الصُّهيُونِيِّ يُعَدُّ في مِعيَارِهِم شَكْلًا مِنْ أَشكَالِ العَدَاءِ لِلسَّامِيَّةِ، يَتَسَتَّرُ في مِعْطَفِ المُنَافَحَةِ السِّيَاسِيَّةِ وَالتَّعَامُلِ الدُّوَلِيِّ.
وَكَتَبَ بِيَر أَهْلمَارْك، وَزِيرُ السُّويدِ الأَسبَقُ، وَهُوَ مِنَ الذِّينَ نَذَرُوا أَنفُسَهُم لِمُجَابَهَةِ العَدَاءِ لِلسَّامِيَّةِ، قَائِلًا: 'لَقَدْ كَانَتِ العَدَاوَةُ القَدِيمَةُ تُوجَّهُ إِلى الأَفْرَادِ مِنَ اليَهُودِ، وَإِنَّ العَدَاءَ الجَدِيدَ لِيَصُبُّ جَامَ غَضَبِهِ عَلى الأحزاب وَالدَّولَةِ، فَإِذَا نَالَتِ الحُرُوبُ مِنْ إِسرائيلَ، فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ سَريعًا كَالسَّبَبِ إِلى المُسَبَّبِ، فَتَطَالُ بَعْدَهَا الأَفْرَادَ وَالمُؤَسَّسَاتِ اليَهُودِيَّةَ."[10]
وَإِنَّ الأُستَاذَ إِروين كُوتلَرَ لَقَدْ أَدْخَلَ هَذَا المَفْهُومَ فِي جُملةِ التِّسْعِ الطُّرُقِ الَّتي عَدَّهَا مِنْ 'وُجُوهِ العَدَاءِ الجَدِيدِ لِلسَّامِيَّةِ'، فَسَمَّاهُ 'النَّبْذَ السِّيَاسِيَّ'، فَجَعَلَ مِنْ تَجْرِيدِ القَومِ مِنْ حَقِّهِمْ فِي تَقرِيرِ المَصِيرِ وَالتَّشْكِيكِ فِي أُسُسِ إِسرائيلَ أَمْرًا يُدْخِلُ صَاحِبَهُ فِي طَوْقِ العِدَاءِ المُبْطَنِ وَالسِّيَاسِيِّ المُؤَطَّرِ فِي ثَوْبِ المُعَادَاةِ الجَدِيدَةِ."[11]
نَسْبُ الشَّيْطَنَةِ
[عدل]![](http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/7/77/AntiWarRallyFeb162003.jpg/220px-AntiWarRallyFeb162003.jpg)
وأما النونيةُ الثانيةُ فَإِنَّها نَسْبُ الشَّيْطَنَةِ، حيثُ يُجعَلُ القَومُ في عَينِ النَّاظرِ بُرهانًا عَلى الشَّرِّ المُطلقِ، وَتُرْسَمُ لَهُم صُوَرٌ تُضَاهِي الأَبالِسَةَ، فَتُؤَلَّفُ لَهُم خُرافاتٌ تُحاكِي المَسْخَ وَاللَّعْنَةَ، وَيُصَوَّرُونَ فِي خِطَابِ المُعادينَ كَمَن دَبَّرَ وَأَحَاكَ وَجَنَّدَ الأَحْدَاثَ لِيُسِيءَ إِلَى البَشَرِيَّةِ. وَفِي نَصِّ 'التَّعريفِ العَمَلِيِّ لِمُعادَاةِ السَّامِيَّةِ' جَاءَ أَنَّ العِداءَ لِليَهُودِ قَدْ أُقِيمَ عَلَى دَعَاوَى تَزْعُمُ أَنَّهُم يَتَآمَرُونَ عَلَى البَشَرِ، وَيُنسَبُ إِلَيهِمُ الشَّرُّ فِي مَوَاقِفَ شَتَّى، حَتَّى يُصبِحُوا عُمدَةَ المَصَائِبِ وَمُفْسِدِي الخَطْبِ وَالنَّوَائِبِ.[12]
فَإِنْ جَاءَتِ المُعَارَضَةُ مُغلَّفَةً بِصُوَرِ الرُّسُومِ، أَوِ اتُّخِذَتِ الكَلِمَاتُ وَالمَجَازَاتُ بَرْقَعًا يُوصِفُ بِهِ القَومُ بِوَصْمَةِ الشَّرِّ المُحْضِ، فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ نَقْدًا، وَلَكِنَّهُ يَقَعُ فِي جَوفِ أُسطُورَةِ الدِّمَاءِ وَالخُزَعْبَلَاتِ التَّارِيخِيَّةِ، فَيُعَادُ تَكْرَارُ صُوَرِ المَسْخِ وَالإِدَانَةِ وَالتَّجْرِيدِ مِنْ الإِنْسَانِيَّةِ. وَمِنْ صُوَرِ هَذِهِ النُّونِيَّةِ أَنْ تُصَاغَ تُهَمٌ كَاذِبَةٌ وَأَقَاوِيلُ مُلَفَّقَةٌ تُصَوِّرُ اليَهُودَ كَمُتَسَلِّطِينَ عَلى مَفَاصِلِ العَالَمِ، وَيُزعَمُ أَنَّهُم يُدِيرُونَ الإِعْلَامَ وَالسِّيَاسَةَ وَالاِقْتِصَادَ وَسُوقَ المَآسِي وَالحُرُوبِ.[12][10]
نَهْجُ الازدواجيةِ
[عدل]وأما النونيةُ الثالثةُ فَإِنَّها نَهْجُ الازدواجيةِ، حيثُ يُجعَلُ المِيزانُ مختلًّا، فَيُحرَّمُ على الغيرِ ما يُباحُ لإسرائيلَ، ويُندَّدُ بما يُمارَسُ إن وقعَ خارجَ سياقِها، ويُصادَرُ ما يُحَلَّلُ في ساحاتِها، وتُرفَعُ العقوباتُ عمَّن تُنَزَّلُ بهم في غيرِها، ويُسمَحُ بما يُجرَّمُ إن صُبَّ في مصلحتِها.[12]فَإِذَا قَامَ شَخْصٌ يُنَاجِزُ إِسرائيلَ وَحدَها فِي قَضَايَا يُسْكِتُ عنها حينَ تتعلَّقُ بسِواها، وَيُثْنِي على ما يُندِّدُ به خارجَها، وَيُنادِي بالعقوباتِ على ما يُبرِّرُه في أماكنَ أُخرى، فَإِنَّهُ لَا يَنتَصِبُ نَاطِقًا بالحَقِّ، بَلْ يَتمَادَى فِي نَهْجِ المُحَابَاةِ وَالانحيازِ، وَيُمارِسُ مَا يَدَّعِي نَبْذَهُ، وَيُدينُ مَا يَتَغَاضَى عنه إِنْ صَدَرَ مِن غَيرِه.
وَإِنَّ تَطبِيقَ مِقيَاسٍ أخلاقِيٍّ مُغايرٍ على إسرائيلَ، كَمَا في مَزاعِمِ نَزْعِ الشَّرْعِيَّةِ، يُعتبَرُ تَميِيزًا صَارِخًا يُصَنَّفُ في ميزانِهم ضِمنَ العَدَاءِ لِلسَّامِيَّةِ، ويُرفَضُ فيهِ ما يُمارَسُ إن كانَ لِصالحِهِم، ويُخرَسُ الصوتُ حينَ يُعترَضُ على ما يُستَباحُ لهم، ويُصَاغُ الباطِلُ لِيَرتَدِي ثَوبَ الحقِّ، وَيُحْكَمُ عَلَى الحَقِّ بِأَنَّهُ ضَلاَلٌ إِنْ أَصَابَ أَهْوَاءَ المُخالِفِينَ.
مثال للتطبيق
[عدل]وَيَضرِبُ أَبراهَام فُوكسمَان بِذَلكَ مِثَالًا يَدلُّ عَلى مَكرِ النُّونِيَّةِ وَحِيلَتِهَا، فَأَيَّامَ الاِنتِفَاضَةِ الثَّانِيَةِ نُشِرَت رَسْمَةٌ تُصَوِّرُ جُندِيًّا إِسرَائِيلِيًّا يُصَوِّبُ سِلَاحَهُ نَحْوَ رَضِيعٍ فِلسطِينِيٍّ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ فِي ذَاتِهَا لَيسَتْ مِن مُعَادَاةِ السَّامِيَّةِ، وَلَكِنَّ الوُجُومَ أَتَى مِمَّا تَضَمَّنَتْهُ الكِتَابَةُ فِي الهَامِشِ، إِذْ جَاءَ الرَّضِيعُ فِي هَيئَةِ المَسِيحِ الطِّفلِ، وَجَاءَت كَلِمَاتُهُ فِي نَصِّ الرُّسُومِ: 'آه، أَتُعِيدُونَ الكَرَّةَ مَرةً أُخرَى؟' فَصَارَت الرَّسْمَةُ نُقْطَةً مِن نِقَاطِ نَسْبِ الشَّيطَنَةِ، وَمِثالًا فَاقِعًا لِلمُعتقدِ القَدِيمِ الذِي يَتَّهِمُ اليَهُودَ بِقَتلِ المَسِيحِ، وَيَجلِبُ ذِكرَ التُّهَمِ التَّارِيخِيَّةِ، وَيُعِيدُ إِنتَاجَ سِجِلِّ الدِّمَاءِ وَالخِيَانَةِ فِي صُورَةٍ بَصَرِيَّةٍ تُشْعِلُ الأَذهَانَ وَتَنبِشُ فِي التَّأرِيخِ."[13] فيُوصَفُ بِالشَّيطَنَةِ لِمُجَرَّدِ الإِحَالَةِ عَلى مَعانٍ دِينِيَّةٍ قَدِيمَةٍ.
مسألة نَهْجُ الازدواجيةِ بشأن مستوطنات في أراضي محتلة
[عدل]![](http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/d/de/2006_Western_Sahara_protests_in_Madrid_3.jpg/280px-2006_Western_Sahara_protests_in_Madrid_3.jpg)
وَيَزعُمُ بَعضُ السِّيَاسِيِّينَ الإِسرَائِيلِيِّينَ، مَعَ الأُستَاذِ يُوجِين كُونتُورُوفِيتش مِن جَامِعَةِ نُورثوِسترن، وَالسَّفِيرِ الإِسرَائِيلِيِّ السَّابِقِ فِي كَنَدَا آلان بَيْكَر، أَنَّ الاِتِّحَادَ الأُورُوبِيَّ يَتبَنَّى نَهْجَ الازدِوَاجِيَّةِ المعادي للسامية، إِذْ يُعرْقِلُ الصَّفَقَاتِ الَّتِي تَشمَلُ المُستَوْطَنَاتِ الإِسرَائِيلِيَّةَ فِي الضِّفَّةِ الغَربِيَّةِ وَالقُدْسِ الشَّرقِيَّةِ، وَيُشَدِّدُ عَلَى شُرُوطِهِ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِإِسرَائِيلَ، فِيمَا يَظَلُّ مُتَسَاهِلًا فِي تَعَامُلِهِ مَعَ المُستَوْطَنَاتِ المَغرِبِيَّةِ فِي الصَّحرَاءِ الغَربِيَّةِ، أَوِ المُستَوْطَنَاتِ التُّركِيَّةِ فِي قُبرُصَ الشَّمَالِيَّةِ، فَكَيْفَ يَكُونُ المُحْتَلُّ مُجْرِمًا فِي نِظَامٍ وَمُتَفَرِّدًا بِالتَّصَرُّفِ فِي نِظَامٍ آخَرَ؟[14]
"وَإِذَا كَانَتِ المُبَرِّرَاتُ تَتَحَجَّجُ بِعَدَدِ المُسْتَوْطِنِينَ، فَإِنَّ المُستَوْطَنَاتِ فِي الصَّحرَاءِ الغَربِيَّةِ قَدْ تَضَاعَفَ فِيهَا عَدَدُ المُستَوْطِنِينَ المَغرِبِيِّينَ حَتَّى فَاقُوا أَصْلَ السُّكَّانِ الصَّحرَاوِيِّينَ، فِيمَا يَبْلُغُ المُستَوْطِنُونَ فِي الضِّفَّةِ الغَربِيَّةِ حَوَالَي خُمْسِ السُّكَّانِ، فَهَلْ يُصْبِحُ الأَمرُ جَرِيمَةً حِينَ يَتَعَلَّقُ بِفِلسطِين، وَيُصبِحُ خَاضِعًا لِلتَّسَاهُلِ إِذَا تَعَلَّقَ بِغَيرِهَا؟ وَإِنْ كَانَتِ المُعَاهِدَاتُ الدُّوَلِيَّةُ تَنُصُّ صَرَاحَةً فِي المَادَّةِ الرَّابِعَةِ مِن اِتِّفَاقِيَّةِ جِنِيفَ عَلَى أَنَّ القُوَّةَ المُحْتَلَّةَ لَا يَجُوزُ لَهَا نَقلُ سُكَّانِهَا إِلى الأَرَاضِي الَّتِي تَحْتَلُّهَا، فَلِمَاذَا يَكُونُ ذَلكَ قَانُونًا حِين تَخُصُّ إِسرَائِيلَ، وَيَغْدُو مَوْضِعَ غَضِّ الطَّرْفِ حِينَ يَتَعَلَّقُ بِالمَغرِبِ وَقُبرُصَ؟
ويَخْرُجُ لَارْس فُوبُورغ أَنْدِرسِن، وَهُوَ يَومَئِذٍ سَفِيرُ الاِتِّحَادِ الأُورُوبِيِّ فِي تَل أَبِيب، لِيَضَعَ الأُمُورَ فِي نِصَابِهَا، وَلِيُفَنِّدَ مَا يُرَوَّجُ مِنْ دَعَاوَى المُتَهِمِينَ، فَيَوضِحُ بِحُجَّةٍ سَاطِعَةٍ أَنَّ الاِحتِلَالَ الإِسرَائِيلِيَّ لِلضِّفَّةِ الغَربِيَّةِ لَا يُمَاثِلُ فِي شَيءٍ الاِحتِلَالَ التُّركِيَّ لِقُبرُصَ، وَلا المُستَوطَنَاتِ المَغرِبِيَّةَ فِي الصَّحرَاءِ الغَربِيَّةِ، وَأَنَّ كُلَّ قَضِيَّةٍ مِنهَا لَهَا خَصَائِصُهَا الفَارِقَةُ وَتَارِيخُهَا المُنفَصِلُ، فلا يُمكِنُ أَنْ يُجْمِلَ مَا لَا يُجمَلُ، وَيَضَعَ فِي كِفَّةٍ وَاحِدَةٍ نِزَاعَاتٍ لَا تَتَقَاطَعُ فِي المُعطَيَاتِ وَلا فِي السِّيَاقِ.[14]
وَيَزِيدُ فُوبُورغ أَنْدِرسِن فِي الإِيضَاحِ، فَيُبَيِّنُ أَنَّ المُقَارَنَةَ المُمكِنَةَ الوَحِيدَةَ فِي السِّيَاقِ الدَّولِيِّ لِلقَضِيَّةِ الفِلسطِينِيَّةِ هِيَ نِزَاعُ نَاغُورنُو كَارَابَاخ، حَيثُ كَانَ مَوقِفُ الاِتِّحَادِ الأُورُوبِيِّ وَاضِحًا وَحَاسِمًا فِي اِستِبعَادِ الأَرَاضِي الأَذَرِيَّةِ المُحتَلَّةِ مِنْ أَيِّ تَعَامُلٍ تِجَارِيٍّ أَوْ دُوَلِيٍّ مَعَ أَرمِينِيَا، وان القَرَارُ فِي حَالِ نَاغُورنُو كَارَابَاخ كان مُمَاثِلًا لِمَا يُطَبَّقُ فِي الضِّفَّةِ الغَربِيَّةِ.[14]
القيود
[عدل]وَيُسَلِّمُ بَعضُ البَاحِثِينَ، مِثلُ جُونَاثَان جُودَاكِن[2] وَكِنِيث ل. مَاركُوس، بِفَاعِلِيَّةِ مِعيَارِ الدَّاءَاتِ الثَّلَاثِ، إِمَّا لِمَا فِيهِ مِنْ حُسْنِ السَّبْكِ الذِّهْنِيِّ فِي تَذْكِيرِ العُقُولِ بِمَلامِحِ العَدَاءِ لِليَهُودِ، أَوْ لِأَنَّهُ نُقطَةُ انْطِلَاقٍ تُسَاعِدُ فِي تَحدِيدِ الحُدُودِ الفَاصِلَةِ بَيْنَ النَّقدِ المَشْرُوعِ وَالعِبَارَاتِ المُتعَدِّيَةِ فِي الخِطَابِ المُوَجَّهِ لِإِسرَائِيلَ.[15] فَإِنْ هُوَ اِستُخدِمَ بِحَذَافِيرِهِ، وَنُزِّلَ كَمِقيَاسٍ قَاطِعٍ، فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى المَرُونَةِ فِي تَطْبِيقِهِ، وَقَدْ يَضِيقُ مَا يَنبَغِي أَنْ يَتَّسِعَ، أَوْ يُحَدِّدُ مَا كَانَ أَحْرَى أَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ وُقُوعٌ فِي السِّيَاسَةِ إِنْ طُوِّرَ وَتَكَيَّفَ بِمَا يَتَنَاسَبُ مَعَ التَّغَيُّرَاتِ المُعَاصِرَةِ وَأُدْخِلَتْ فِيهِ تَعدِيلَاتٌ تَجعَلُهُ أَقْدَرَ عَلَى مُوَاكَبَةِ الحَالاتِ المُسْتَجِدَّةِ
مراجع
[عدل]- ^ ا ب Rosenthal، Hannah (5 ديسمبر 2011). "Remarks at the 2011 B'nai B'rith International Policy Conference". US Department of State. مؤرشف من الأصل في 2012-12-02.
Our State Department uses Natan Sharansky's "Three Ds" test for identifying when someone or a government crosses the line from criticizing Israeli policies into antisemitism: when Israel is demonized, when Israel is held to different standards than the rest of the countries, and when Israel is delegitimized.
- ^ ا ب Jonathan Judaken (2008). "So what's new? Rethinking the 'new antisemitism' in a global age" (PDF). Patterns of Prejudice. ج. 42 ع. 4–5: 531–560. DOI:10.1080/00313220802377453. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2010-06-18.
- ^ Cohen، Florette (سبتمبر 2011). The New Anti-Semitism Israel Model: Empirical Tests. BiblioBazaar. ص. 12. ISBN:9781243561398. مؤرشف من الأصل في 2023-05-12.
- ^ Kenneth L. Marcus. Jewish Identity and Civil Rights in America. مطبعة جامعة كامبريدج. ص. 60–62.
- ^ United States Department of State "As a member of IHRA, the United States now uses this working definition and has encouraged other governments and international organizations to use it as well."
- ^ Keskinkılıç, Ozan Zakariya; Langer, Armin (2021). "Konkurrenz vs. Solidarität: Überlegungen zu den Chancen und Herausforderungen jüdischmuslimischer Allianzen". Diskriminierung und Antidiskriminierung: Beiträge aus Wissenschaft und Praxis (بالإنجليزية). transcript Verlag. p. 205. ISBN:978-3-8394-5081-9.
Kritiker*innen bemängeln den Test dahingehend, dass er zu unkonkret sei undleicht missbraucht werden könne, um legitime Kritik an Israels Palästinapolitikals antisemitisch zu diskreditieren.
- ^ Cardaun، Sarah K. (19 يونيو 2015). Countering Contemporary Antisemitism in Britain: Government and Civil Society Responses between Universalism and Particularism. BRILL. ص. 79–. ISBN:978-90-04-30089-7. مؤرشف من الأصل في 2023-04-07.
- ^ Sharansky، Natan (Fall 2004). "3D Test of Anti-Semitism: Demonization, Double Standards, Delegitimization". Jewish Political Studies Review. مؤرشف من الأصل في 2025-01-23.
- ^ Cotler، Irwin (7 يوليو 2011). "On judging the distinction between legitimate criticism and demonization". Engage – the anti-racist campaign against antisemitism. مؤرشف من الأصل في 2022-10-03. اطلع عليه بتاريخ 2012-07-24.
- ^ ا ب Cotler، Irwin (13 أكتوبر 2011). "Irwin Cotler delivers remarks at signing of Ottawa Protocol on Combating Antisemitism". مؤرشف من الأصل في 2014-02-19.
- ^ Dershowitz، Alan (2003). The Case For Israel. New Jersey, USA: John Wiley & Sons. ص. 208–216. ISBN:0415281164.
- ^ ا ب ج "Working Definition of Antisemitism" (PDF). EUMC. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2011-01-25. اطلع عليه بتاريخ 2012-07-24.
- ^ Foxman، Abraham (11 أبريل 2012). "Revisiting Anti-Zionism and Anti-Semitism". Huffington Post. مؤرشف من الأصل في 2017-06-13.
- ^ ا ب ج Ahren، Raphael (25 ديسمبر 2013). "Why is this occupation different from all other occupations?". The Times of Israel. مؤرشف من الأصل في 2024-09-16.
- ^ Marcus، Kenneth. "The New OCR Antisemitism Policy". Journal for the Study of Antisemitism. SSRN:1813192.