دور المؤسسات التعليمية الثقافي في البحرين في عصر الدولة العباسية
المؤسسات التعليمية الثقافية في البحرين خلال عصر الدولة العباسية تعتبر من المكونات الأساسية التي ساهمت في تشكيل الهوية الثقافية والمعرفية للمنطقة. مع بروز الدولة العباسية في القرن الثامن الميلادي انتشر العلم والمعرفة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي مما أتاح للبحرين الفرصة لتكون مركز حضاري يتلقى الأفكار الثقافية والعلمية من المراكز الكبرى مثل بغداد ودمشق.[1]
تجسدت هذه المؤسسات في شكل مساجد ومدارس ومكتبات حيث كانت توفر بيئة تعليمية تشجع على البحث والدراسة. كما لعبت دور رئيسي في نشر العلوم والأدب والفنون مما ساهم في تعزيز الحركة الثقافية في البحرين.
المقدمة
[عدل]كانت البحرين من الولايات التابعة للحكم الإسلامي منذ عهد النبوة (629) واستمرت تحت راية الحكم الإسلامي والدولة الإسلامية خلال العصر الراشدي مروراً بحكم الدولة الأموية (41 – 132 هـ / 661 - 749) وحتى نهاية العصر العباسي الأول (132 – 334 هـ / 749 - 945) الذي كان بمثابة عصر القوة وإحكام سيطرة الدولة مقاليد الأمور داخل البحرين حيث استطاع ولاة البحرين خلال تلك الفترة السيطرة على العديد من الثورات التي كادت أن تطيح بالحكم العباسي من البحرين مثل انتفاضة سليمان بن حكيم العبدي (151 هـ / 768 م) ، وانتفاضة سيف بن بكير سنة ( 190 هـ / 805 م) ، وكان ولاة البحرين خلال العصر العباسي الأول يحكمونها بقبضة من حديد ، ولكن الوضع اختلف كثيراً خلال العصر العباسي الثاني حيث عانت من الضعف وفقدان السيطرة على البحرين وذلك منذ عام (286 هـ / 889 م) والذي شهد قيام الدولة القرمطية في البحرين بقيادة أبو سعيد الجنابي ، و لم يعترف القرامطة بسلطان الدولة العباسية على أراضي البحرين وأحكموا قبضتهم عليها ، وأستمر الوضع على هذا المنوال حتى قيام الدولة العيونية سنة (470 هـ / 1077 م) والتي قضت على الدولة القرمطية في البحرين ، ولكن البحرين في عهدهم خضعت إسميا لسلطان الدولة العباسية ، وطبقاً للأوضاع السياسية التي مرت بها البحرين خلال عصر الدولة العباسية كان لابد للحياة الثقافية والأدبية أن تأخذ منعطفاً مختلفاً طبقاً لسياسة وتوجهات كل تيار سياسي مسيطر على الحكم.
تسمية البحرين
[عدل]اختلف المؤرخون والرحالة المسلمون حول تسمية البحرين فبينما ذكر البعض أن البحرين سميت بذلك نسبة الى بحيرة عظيمة تقع في الجزء الشمالي الشرقي من الإحساء على بعد عشرة فراسخ من ساحل الخليج العربي وتسمى تلك البحيرة ببحيرة الأصفر والتي تقدر مساحتها بثلاثة أميال تجد البعض الآخر يعارض ذلك ويؤكد على أن اسم البحرين مأخوذة من كلام العرب بحرت الناقة أو بحرت البعير بحراً وتقال هذه الكلمة عندما تكثر الماء بالأرض وتنشق وفي كلام العرب عندما يقولون بحرت الناقة أي شقت أذنها وبحرت البعير بحراً إذا ولع البعير بالماء فأصابه منه داء ونحن لا نجد اختلاف بين المعنيين سواء كانت بحيره أنشقت وأطلق عليها العرب بحرين أو بحرت الناقة فهي تدل على الانشقاق أيضاً والغرض من المعنيين هنا كثرة الماء.
فالبحرين كثيرة الماء تتوافر بها الكثير من العيون والينابيع المنتشرة في قاع البحر وباطن الأرض وهذا ما تؤكده لنا النصوص التاريخية التي ترجع تسمية البحرين إلى وجود عيني محلم والجريب.
ولكن هناك من الجغرافيين من أرجع أسم البحرين لوجود بحرين بالفعل أحدهما مالح فوق الآخر العذب ومن هؤلاء كان ابن المجاور الذي فسر اسم البحرين بمرج البحرين وقد ورد هذا المعنى في القرآن الكريم في قوله تعالى : (مرج البحرينِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يبغيان) وقوله تعالى: (وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج) وقوله تعالى: (وما يستوي الْبَحْرَانِ هَذا عَذْبٌ فُراتٌ سَائِعٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ) وهذا التفسير لاسم البحرين هو أقربها للصواب، وهذا ما ذكره العديد من الجغرافيون والبلدانيون مؤكدين على اشتقاق أسم البحرين من معنى بحر ومهما اختلفت المعاني والمسميات فإن الثابت أن اسم البحرين من توافر المياه سواء كانت عذبة أو مالحة جزيرة أو شبه جزيرة دفعة واحده أو منشقة. عرفت البحرين قديما باسم دلمون وأرادوس وتايلوس، ثم سميت بعد ذلك باسم أوال نسبة إلى صنم كانت تعبده قبيلة بكر بن وائل مع قوم من بني عبد القيس في الجاهلية وعرفت البحرين أيضا بحجر نسبة إلى هجر بنت المكفف من عرب العماليق وهم من العرب البائدة وأطلق عليها أيضا أسم الخط وخلاصة القول ان البحرين بالمفهوم الشامل هي اسم الجميع الأراضي التي تقع شرق شبه الجزيرة العربية، بما تشمله من قطر وواحات القطيف والإحساء والكويت.
حدود بلاد البحرين
[عدل]تمتد حدود البحرين من شرق الجزيرة العربية على الساحل الغربي للخليج العربي شرقاً حتى صحراء الدهناء غربا ومن البصرة بالعراق شمالاً حتى أرض عمان جنوباً.
والبحرين بلاد خصية كثيرة العيون عذبة الماء متنوعة الفواكه وإلى جانب ذلك تكثر فيها الكثبان الرملية الناعمة التي تتراكم حول المنازل حتى أن سكانها يقومون بنزحها بسعف النخيل.
وكما أختلف المؤرخون والرحالة المسلمون حول تسمية البحرين اختلفوا أيضاً في حدودها فبينما يذكر ابن خلدون أن البحرين مدينة تقع على الخليج العربي بين البصرة وعمان وتمتد حتى اليمامة غربا والبصرة شمالاً وتصل إلى عمان جنوبا تجد الزمخشري يرى أن البحرين تمتد من ساحل الخليج العربي بين البصرة وعمان فقط.
وكذلك أختلف الجغرافيون في موقع إقليم البحرين بالنسبة للأقاليم السبعة فبينما يذكر ابن سعيد المغربي في كتابه الجغرافيا أنها تقع في الإقليم الثاني نجد المقدسي يؤكد على أنها في الإقليم الأول أما الخوارزمي يعارض ذلك بشدة ويرى أنها ضمن الإقليم الثالث.
وربما يكون سبب هذا الاختلاف في تحديد موقع البحرين بالنسبة للأقاليم السبعة راجع إلى تداخل إقليم البحرين وتفرعه بين الأقاليم الأخرى، إلا أن الثابت أن معظم إقليم البحرين يقع ضمن الإقليم الثاني وطوله أربعة وسبعون درجة وعرضها أربعة وعشرون درجة.
المؤسسات العلمية في البحرين
[عدل]وتنقسم إلى:
المسجد
[عدل]كان للمسجد أهمية كبيرة في الحركة العلمية داخل الدولة الإسلامية، فلم يقتصر دوره فقط على كونه دار للعبادة، حيث أتخذ الرسول محمد منه مقراً لتعليم الصحابة وتربيتهم وتثقيفهم، فكان داراً للقضاء والفتوى، ومقراً لاستقبال الوفود الإسلامية بالإضافة إلى الدور الذي يقوم به في دراسة القرآن والفقه واللغة والعلوم المختلفة.
وفي هذا الإطار قامت المساجد بدورها الديني والتعليمي في البحرين شأنها شأن أمصار الدولة الإسلامية المختلفة وهذا ما يؤكده لنا أبن حزم حين تحدث عن التعليم في البحرين قائلاً: "مات الرسول صلى الله عليه وسلم والإسلام قد انتشر وظهر في جميع جزيرة العرب كاليمن والبحرين وعمان . كلهم قد أسلموا وبنوا المساجد ليس منها مدينة ولا قرية ولا حلة الأعراب إلا قرأ فيها القرآن في الصلوات وعلمه الصبيان والرجال والنساء" ومن هذا المنطلق نستنتج الدور التعليمي الذي كان يقوم به المسجد في البحرين من تعليم الصبيان للقراءة والكتابة، وقرأه القرآن وما يتصل به من أحكام الفقه والشريعة.
ومن الجدير بالذكر أن جواثا مثلت المركز الثقافي الإسلامي الأول في البحرين حيث أسس فيها أول مسجد ويوصف مسجد جواثا بالمسجد الثالث من حيث عمارته المشابهة لعمارة مسجد الرسول بصفته النموذج الأول الذي اهتدوا به وساروا عليه في تخطيط المساجد في العالم الإسلامي وأما عن طريقة التدريس المتبعة في المساجد فاعتمدوا نظام الحلقات حيث كان المعلم يأخذ مكانه في أول الحلقة ويجلس المستمعون على الأرض في ركن من أركان المسجد على شكل حلقة حوله.
وظل المسجد في البحرين يقوم بدوره التعليمي والثقافي منذ صدر الإسلام حتى سيطرة القرامطة على البحرين، واختلف الأمر لأن القرامطة عمدوا إلى محاربة المذهب السني، وجميع مظاهره في البحرين، فمنعوا أداء الصلوات وعطلوا المساجد كما وصف المقدسي "الجامع معطل" بل وتطرقوا إلى أكثر من ذلك وقاموا بإحراق المساجد وهدمها.
وبالتالي كانت البحرين خالية من المساجد خلال الفترة القرمطية، ولكن توجد إشارة إلى وجود مسجد الإحساء خلال الفترة القرمطية فيقول ناصر خسرو: "وليس في مدينة الحسا مسجد جمعة ولا تقام بها صلاة أو خطبة إلا رجلاً فارسياً أسمه على بن أحمد بنى مسجد أو هو مسلم حاج غنى كان يتعهد الحجاج الذين يبلغون الحسا" ونستشف من ذلك أنه رغم وجود ذلك المسجد في البحرين خلال الفترة القرمطية إلا أنه كان مع معطلاً بشكل فعلى وبذلك كان وجوده ظاهرياً فقط.
وإستناداً إلى ما سبق ذكره نجد أن أمراء القرامطة منعوا منذ الوهلة الأولى من حكمهم للبحرين تدريس العلوم الشرعية واستئصال جذورها عن طريق هدم المساجد وقتل الفقهاء وتشريدهم وطمس أثارهم واستبدلوا حلقات شرائع الدين بدور تعليم الفلسفة ومبادئ القرامطة وعلوم الحرب وفنون الفروسية.
وكانت حركة التعليم في الفترة القرمطية تعتمد على إرسال الفتيات والصبيان أصحاب النسب والسمعة والذكاء للدراسة في سلمية مقر الدعوة للانتساب للمدرسة العليا للدعاة لكي يعودوا الممارسة دورهم في البحرين كدعاة للحركة القرمطية وتوطيد مبادئها في البحرين.
وعلى العكس من ذلك تغيرت الأمور بسيطرة الأسرة العيونية على مقاليد الأمور في البحرين حيث أهتم أمراء الأسرة وبخاصة عبد الله العيوني (470 – 520 هـ / 1077 – 1126 م) بإقامة المساجد، وترميم ما خرب منها خلال الفترة القرمطية، بل وإنشاء المدارس العلمية الدينية داخل المسجد لتحفيظ القرآن الكريم وعلوم اللغة العربية والعلوم الشرعية ذات الصبغة الشيعية، وقد صار على خطاه أفراد الأسرة العيونية وخلفائه وبذلك نرى أن المسجد عاد في الفترة العيونية في البحرين ليمارس دوره كمنارة للدين للعلم والثقافة.
الكتاتيب
[عدل]وبطبيعة الحال لعبت الكتاتيب دوراً كبيراً في نشر العلم في الدولة العربية الإسلامية، وكانت طرق التعليم فيها تعتمد على تعليم الصبيان القراءة والكتابة والقرآن الكريم أما عن تاريخ نشأة الكتاتيب فجاءت بعد إنشاء المساجد مباشرة، ولقد زاد عدد الكتاتيب في الدول العربية الإسلامية مع اتساع رقعة الدولة والحاجة إلى نشر الدين في البلدان المفتوحة، وتحفيظ أبنائهم للقرآن الكريم.
واعتمدت طريقة التعليم في الكتاب على طريقة الحفظ والاستظهار، حيث أشتهر العرب بقوة الذاكرة وسرعة الحفظ وأستخدم المعلم الكتاب طريقة التلقين والتكرار في تعليم الصبية فكان الصبيان يحفظون من المعلم الذي يكرر عليهم بوضوح وهم يسمعون حتى يتقنون حفظهم لسور القرآن الكريم قبل تعلم القراءة والكتابة والحساب وبالتالي كانت للكتاتيب دوراً كبيراً في الحركة العلمية والثقافية في البحرين حيث أعدت جيلاً من الصبية قادر على القراءة والكتابة ومستعداً بعد ذلك لتلقى العلوم المختلفة الشرعية والأدبية.
الرحلة في طلب العلم
[عدل]ساهمت الرحلة في طلب العلم بنشر الثقافة والعلم بين البحرين والأقطار الإسلامية المجاورة، حيث كان العلماء يرحلون من قطر إلى آخر، من أجل طلب العلم غير مبالين بما يعترضهم من مشقة فيعدد لنا ابن خلدون فوائد الرحلة في طلب العلم ويوضح أن فيها كمال المعرفة الحقه من خلال الالتقاء بالشيوخ والجلوس بين يديهم فيستفيدون بذلك من علمهم وأخلاقهم عن طريق التعليم المباشر وبذلك يترسخ العلم لدى الطلاب وعلى المستوى العملي لم يقف السن حائلاً في طريق السعي في طلب العلم وهذه أولى قواعد التربية الإسلامية، فكل مسلم من واجبه أن يطلب العلم عنما تتاح له الفرصة في أي فترة من فترات عمره، وبالتالي لم يتقيد الطلاب في الإسلام بسن محدد لطلب العلم.
المدارس العلمية
[عدل]تجدر الإشارة هنا إلى الدور الفعال الذي قامت به المدارس العلمية في البحرين التنمية القدرات العلمية للعلماء، من خلال فتح باب الحوار والنقاش العلمي وهو ما يسمى في غرف المدارس العلمية والحوزات بالمباحثة وهي نوع من المدارسة تكون بين الدارسين في المدارس العلمية أو الحوزات وتكون غالباً بين شخصين أو أكثر ويقوم أحد الأشخاص بدور الأستاذ والآخر بدور الطالب، وبالتالي فهي تنمى القدرة على الإلقاء من جهة وتبين مقدار فهم الدارس أو الطالب لما تلقاه من علم أستاذه خلال طرحه وإلقاءه من جهة أخرى.
ويرجع الباحث حسين محمد حسين، تأسيس أول المدارس الفقهية العلمية في البحرين للفترة العيونية وتحديداً في منطقة النبيه صالح استناداً للحفريات الأثرية في موقع مسجد الخميس حيث وجد الأثريون مباني محاطة بقبور ومسجد، وهو نفس نموذج المواقع التي نشأت بها المدارس العلمية والتي تحولت في الوقت الحالي لقبور.[2]
وأشهر المدارس العلمية الفقهية في البحرين مدرسة الشيخ ميثم البحراني الذي وضع أسم المدرسة الفقهية بالبحرين في واجهة المدارس الفقهية يومئذ لمكانته العلمية حيث تتلمذ على يديه الكثير من علماء العراق ولقد اعتمدت طرق التدريس في تلك المؤسسات سالفة الذكر على بعض أدوات الكتابة التي استخدمت في أرجاء العالم الإسلامي أنداك ، فكان على طلاب العلم تجهيز أدوات الكتابة الخاصة بهم وذلك عن طريق برى الأقلام وتجهيز اللوح والمداد استعدادا للكتابة وكانوا يستخدمون الجلد للكتابة عليه ومن أنواعه المعروفة الرق والأديم والقضيم ، والعسب بجانب استخدام الورق والخشب واستخدموا المداد بألوانها المختلفة في الكتابة.[3]
ومن خلال العرض السابق لأهم المؤسسات العلمية في البحرين خلال العصر العباسي يمكننا أن نستنتج أن البحرين كانت على دراية ومعرفة بجميع المؤسسات العلمية التي تقوم بدورها في نشر العلم والمعرفة في أرجاء الدولة الإسلامية ، واستخدموا نفس طرقهم وأدواتهم في التدريس والكتابة ، ولكن الحياة الثقافية في البحرين قد مرت بالعديد من المراحل والتطورات متأثرة في ذلك بالأحوال السياسية والاضطرابات التي عانت منها البحرين.
الحالة الثقافية في البحرين خلال العصر العباسي الأول
[عدل]شهدت الحياة الثقافية في البحرين خلال العصر العباسي الأول حالة من الاستقرار الفكري أو بمعنى أدق كانت بمثابة امتداد للفترة السابقة، ويرجع ذلك إلى قوة وسيطرة الدولة العباسية على مقاليد الأمور داخل البحرين وتركزت بشكل كبير في الفقه ورواية الحديث والأدب والشعر.
وبالحديث عن رواة الحديث الشريف خلال العصر العباسي الأول، فإن أغلب رواة الحديث في البحرين خلال العصر العباسي ينتمون لقبيلة عبد القيس، وكانوا من الرواة المشهود لهم بالثقة حيث روى عنهم العديد من رواة الحديث ومن أشهرهم على سبيل المثال وليس الحصر إبراهيم بن نعيم الكناني العبدي (ت 170 هـ / 786 م) وأحمد بن عامر (157 - 195 هـ / 773 – 810 م) ومن أشهر أعماله كتاب أخبار البصرة، والسقيفة، وكتاب مقتل أمير المؤمنين وإسماعيل بن عبد الله (ت 267 هـ / 880 م) الذي أشتهر بالرحلة في طلب الحديث وعرف عنه سرعة الحفظ والإتقان ومن أشهر مؤلفاته كتاب الفوائد بأجزائه الثمانية.[4]
ومن كبار المحدثين الذين يعود نسبهم لعبد القيس الحسن بن عرفة (150 – 257 هـ / 767 – 870 م) والذي أشتهر بأنه مسند زمانه في رواية الحديث وقد روى عنه الترمذي وأحمد بن حنبل، ومحمد بن معمر القيس البحراني (ت 205 هـ / 820 م) والذي روى عن روح بن عبادة، وحدث عنه البخاري.[5]
وبجانب هؤلاء الرواة زخرت البحرين خلال العصر العباسي الأول بمجموعة من الأدباء الذين جمعوا في إنتاجهم الثقافي بين رواية الحديث والشعر، فكان الشعر بمثابة ديوان العرب والذي ضم بين جوانبه مآثرهم ومفاخرهم وسجلا لأعمالهم وتقاليدهم وعقائدهم.
وقد أشاد الجاحظ بشعراء عبد قيس وأدباءها خاصة في فترة ما بعد انتشار الإسلام بما حيث قال: "هم من أشعر قبيل في العرب، ولم يكونوا كذلك حين كانوا في سرة البادية ، وفى معدن الفصاحة وهذا عجب" و مدح العديد من الأدباء الشعر في البحرين وقيل عنها "بما شعر كثير جيد وفصاحة" ومن هؤلاء الشعراء على سبيل المثال سفيان بن مصعب العبدي (من أعلام القرن الثاني الهجري) وهو من الشعراء المتميزين في عصره ولقب بشاعر الولاء لشدة ولائه لآل البيت ووظف شعره في نشر مناقبهم والدفاع عنهم وسعيد بن هاشم الخالدي (ت 371 هـ / 981 م) ويعد هو وأخيه الأكبر أبو بكر الخالدي من أشهر شعراء عصره ويعود نسبهما لعبد القيس وموطنهم الأصلي البحرين ولكنهم سكنوا البصرة وهو من الشعراء المواليين لأهل البيت ومن شعره:
موتى وهجرك مقرونان في قرن ... وليس لي أمل إلا وصالكم
فكيف أهجر من في هجره أجلى ... فكيف أقطع من وصله أملى
ويلاحظ من خلال القراءة الأولية لأهم الشعراء ورواة الحديث في البحرين أن تستنتج تعلق أدباء البحرين ومحدثيها بمدرسة أهل البيت، وليس هذا بالشيء الغريب عن البحرين التي نشأ بها التشيع منذ فترة مبكرة من تاريخها حيث يوجد العديد من الروايات التي تشير إلى أن الإسلام بدأ في البحرين مصاحبا لمعرفة أهل البيت ومقامهم ومنزلتهم من الرسول، بداية مما ذكره الجارود العبدي زعيم وفد البحرين إلى الرسول لأهل البحرين عن الكثير من فضائل علي بن أبي طالب وأهل البيت ، وتلت تلك الرحلة العديد من الرحلات الأخرى التي تضم العديد من رجال عبد القيس التي رغبت في معرفة الرسول وأهل بيته وبذلك بدأت بذرة التشيع في النمو في أرض البحرين وبخاصة في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فكانت قبيلة عبد القيس أهم القبائل الداعمة له في حروبه وخاصة في معركة الجمل ومعركة صفين وكان للولاة الذين نصبهم علي بن أبي طالب على البحرين دوراً في بث حب علي بن أبي طالب وآل بيته في نفوس سكان البحرين مثل عمر بن أبي سلمة ، والنعمان بن عجلان الزرقي ، حيث كانا من أعمدة البث الولائي لآل البيت في البحرين وبذلك يمكننا الوقوف على البعد التاريخي للمنهج الذي أتبعه شعراء ومحدثي بني عبد القيس في البحرين ودورهم نشر ثقافة وفكر أهل البيت في بلاد البحرين وتأثير ذلك على الإنتاج الأدبي بالبحرين خلال العصر العباسي الأول.
الحياة الثقافية في البحرين خلال الفترة القرمطية
[عدل]اختلفت الحياة الثقافية في البحرين خلال فترة الحكم القرمطي عما عرفته خلال الفترة السابقة لحكمهم وذلك نظراً لتأثير سياسة القرامطة واتجاهاتهم على الإنتاج الأدبي وخاصة في العلوم الدينية والفقهية ، حيث عمد القرامطة خلال فترة حكمهم للبحرين إلى منع تدريس العلوم الشرعية واستئصال جذورها عن طريق هدم المساجد وقتل الفقهاء أو تشريدهم وطمس آثارهم الأدبية ، واستبدال حلقات وشرائع الدين بدور تعليم الفلسفة ومبادئ القرامطة وعلوم الحرب وفنون الفروسية والحرب وبالتالي فقد تم إهمال العلوم الشرعية في البحرين خلال الفترة القرمطية.[6]
ودامت دولة القرامطة في البحرين زهاء مائة وخمسة وسبعين عاماً، وهي الفترة من بين (287 – 465 هـ / 900 – 1072 م) وبالطبع لم تكن الدولة القرمطية خاوية على عروشها في الجانب الثقافي والأدبي، حيث ترك لنا فلاسفة القرامطة العديد من الكتب والتي تتناسب مع مذهبهم الإسماعيلي وترك لنا شعراء القرامطة العديد من القصائد التي تحكى تاريخهم وثقافتهم.
ولكن يجدر بنا أن نشير إلى الخطوات (السياسة) التي أتبعها العباسيون ضد منافسيهم السياسيين من القرامطة لطمس هويتهم وتراثهم والتي ساهمت بشكل كبير في قلت وصول العديد من إنتاجهم الأدبي إلينا حيث يخبرنا المؤرخون أن الوراقين في بغداد قد أجمعوا في عهد المعتضد وحلفوا بعدم نسخ كتب الفلسفة والتعاطي بها وكل ما كان معروفا من كتب الفلسفة أنداك من كتب عبدان صهر حمدان القرمطي الذي يوصف بعراب القرامطة وبعض دفاتر الكندي وأبن الرواندي ، وكان لهذا الإجراء تأثيره السلبي على كساد مهنة الوراقة في بغداد في تلك الفترة.
وبعيداً عن الإجراءات التي اتخذتها الدولة العباسية لطمس هوية القرامطة الأدبية ، تذكر لنا المصادر اهتمام بعض قادة القرامطة بالكتب واللغة العربية فكان الحسن الملقب بالأعصم وهو من أبرز قادة القرامطة يصطحب معه خلال سفره وحروبه مكتبة ضخمة محملة على عشرات الجمال ويبرز العالم اللغوي الأزهري (ت 371 هـ / 981 م) اهتمامهم باللغة العربية ، عندما أسره القرامطة في الإحساء أبدى إعجابه بفصاحة وسلامة لغة أهل الإحساء خلال الفترة القرمطية ، وذكر ذلك قائلا: "يتكلمون بطبائعهم ولا يكاد يوجد في منطقتهم لحسن أو خطأ" ولقد وصل إلينا فرعين من ألوان وتراث الأدب القرمطي وتتمثل في الشعر والنشر وبالحديث عن الشعر نجد أن معظم شعراء القرامطة كانوا من قادتهم وزعمائهم ، وكانوا ما بين مقلين ومكثرين مثال أبي سعيد الجنابي الذي لا يتجاوز ترائه الشعرى البيت أو البيتين، ومكثر مثل الحسن الأعصم ، ولكن بصفه عامه وصلت إلينا قصائد القرامطة ممزقة ومتقطعة وذلك كنتيجة عملية للإجراءات التي اتخذها وراقي بغداد.[7]
ومن أمثلة شعرهم في الفخر والتباهي بقوتهم في حروبهم ضد العباسيين ما قاله صاحب الخال القرمطي حيث قال:
سبقت يدي يده ... لضربة هاشمي المتحد
ومن أبرز شعراء القرامطة الذي يدعى نسبه للسلالة العلوية فنجد صاحب الناقة القرمطي يقول:
أنا ابن الفواطم من هاشم ... وخير سلالة ذا العالم
وفي ادعائه بأنه المهدي المنتظر تجده يقول:
أنا الداعي المهدى لا شك غيره ... أنا الصارم الضرغام والفارس الذكر
أعمر حتى يأتي عيسى بن مريم ... فيحمد آثاري وأرضى بما أمر
ومن خلال العرض السابق الشعراء القرامطة وبعض أبياتهم الشعرية يمكننا أن نلاحظ أن شعراء القرامطة قد أتخذوا بعض الألوان الشعرية ومنها الفخر والتباهي بأنفسهم وحكامهم، واستخدموا لون الهجاء في هجاء الحكام الدولة العباسية والسخرية منهم ومن أفعالهم، وعلى الجانب الآخر تجد بعض شعراء القرامطة يستخدمون الشعر كوسيلة المعالجة بعض الأمراض الاجتماعية حتى يصلوا بمجتمعهم إلى مفهوم الفضيلة التي كانوا يزعمون أنهم يحققونها بدولتهم.
ونلاحظ أيضاً في شعراء القرامطة بساطة لغتهم الشعرية واستخدموا العامية في الشعر والهجاء، ولم يكن هذا بالغريب على الشعر في الدولة الإسلامية ذلك الوقت، حيث مال الذوق الشعبي في تلك الفترة إلى التبسيط في التعبير واللغة، فيذكر لنا المزرباني أن من عيوب الشعراء استعمال ما ليس بمستعمل.
وبالحديث عن النثر وهو اللون الثاني من الأدب القرمطي نجد أن النشر القرمطي تركز في الرسائل بين القادة والأتباع والأعداء، والخطب في المناسبات الشهيرة، ومن خلال تلك الخطب يمكننا التعرف على بعض المحاورات، والقصص القرمطية .
ونلاحظ أن بعض أدباء القرامطة قد فضلوا النثر على الشعر وذلك لأهميته الإدارية "فعليه مدار السلطان" وبالتالي لم يكن المقصود من الكتابة في تلك الفترة هي الكتابة الإبداعية ولكن يقصد بها كتابة دواوين الإنشاء، وأنه على الرغم من طول عمر الفترة القرمطية في البحرين فأنهم لم يتركوا شيئاً من رسائلهم الديوانية رغم كثرتها ولعل العيونيون الذين حكموا البحرين بعدهم قد عملوا على طمس كل النظم الإدارية المتطورة التي قد تركها القرامطة. ومن أدباء القرامطة الذي لم يصل إلينا شيء من أعماله على الرغم من كثرتها دندان وكان يعمل بالأعمال الإدارية ويكتب لأحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف وقد وصفه ابن النديم بالتفلسف، وأشار إلى اعتقاده في علم النجوم، وأنه كان شديد العداء للدولة الإسلامية أما عن أدباء القرامطة الذين وصل إلينا إنتاجهم الأدبي الحسين بن منصور الحلاج، ومن مؤلفاته الشجرة الزيتونية النورية، والحياة الباقية وكتاب القيامة والقيامات.
وقد احتلت الخطابة جزء كبيراً من تراث القرامطة الأدبي ، حيث كان القرامطة يخطبون في السلم والحرب وذلك لتشجيع أتباعهم وشرح عقيدتهم وحثهم على الالتزام بمبادئها، وكان للخطابة مكانة كبيره في النفوس ولها تأثير كبير على قلوب سامعيها، وخطبة أبو طاهر يوم غزو مكة وقال فيها: "أجهزوا على الكفار وعبدة الأحجار" واستخدموا النثر في الرد على خصومهم لأن عدم ردهم كان سيجعلها موضع شك الأتباع قبل الخصوم ومثال ذلك رسالة أبي طاهر القرمطي إلى الخليفة المقتدر والتي كتبها رداً على مجموعة اتهامات وجهها الخليفة إليه كقطع طريق الحج وإحراق المساجد وخراب ديار المسلمين بغير حق والاعتداء على أملاك الآخرين فرد أبو طاهر عليه قائلا: "من أبي طاهر الداعي إلى تقوى الله القائم بأمر الله الأخذ بثأر رسول الله ، إلى قائد الأرجاس المسمى بولد العباس ...........".[8]
كان أدباء القرامطة يصورون الحياة الاجتماعية في إنتاجهم الأدبي والتي قدم من خلالها معلومات تخص بعض الصناعات وفنون الحياة، مثال ذلك حكاية أبي القاسم البغدادي لأبي المطهر الأزدي محمد بن أحمد وكان أبو القاسم رجل خبير بحياة بغداد وقادر على وصف أرباب المهن فيها، وقدم لنا معلومات دقيقة عن بعض المهن كالسفن والتي لا يعرفها سوى الملاحون وقال فيها: "ويحتاج أن تعرف ألوان المراكب من السفن والسميريات والمراكب والعماليات والزبارب والكمندوريات والبالوع ......." وبذلك ساهمت الكتابات الأدبية في معرفة الكثير من الأخبار والمعلومات الاجتماعية والمهنية التي تخص تلك الفترة.
الحركة الأدبية في البحرين في الفترة العيونية
[عدل]اختلفت الحياة الفكرية والثقافية في البحرين بزوال حكم القرامطة عن البحرين وسيطرة الدولة العيونية على مقاليد حكم البحرين، لأن الأمراء العيونيون عمدوا إلى إزالة وطمس كل أثار القرامطة، وأعادوا بناء المساجد التي سبق ودمرها القرامطة وإنشاء العديد من المساجد والجوامع والمدارس العلمية فانتعشت الحياة العلمية والأدبية منذ قيام الدولة العيونية، فأقبل الشعراء على البحرين المدح أمرائها ليغتنموا الهبات والمنح والتي تأخذ شكلا أسطوريا في بعض الأحيان.[9]
وبانتشار العلماء والأدباء انتشرت المدارس العلمية فيذكر لنا التاجر أن البحرين في العصور الوسطى ذات معارف عالية وسوق العلم فيها رائحة وفطاحل العلماء وجدوا فيها بكثرة متناهية فلا تكاد تخلو بلدة أو قرية من وجود عدة منهم فيها، ولكل واحد منهم مدرسة ملاصقة للمسجد الذي يصلى فيه يلقى فيها الدروس والأبحاث على تلاميذه، وقد تخرج من هذه المدارس الجم الغفير من العلماء الذين سار بذكرهم أقاصي البلدان كانت تدعى بدار العلم.
ولكن يجب أن نأخذ في اعتبارنا أن هذه المدارس العلمية الدينية والتي اختصت بتدريس اللغة العربية والعلوم الشرعية كانت ذات صبغة شيعية، حيث أثبت الشرعان تشيع الدولة العيونية من خلال دراسة المجموعة من النقود والتي تحمل شعارات شيعية (علي ولى الله).[10]
وجدير بالذكر أن الأمراء العيونيون قد ساهموا في حركة الثراء الأدبي للبحرين خلال تلك الفترة من خلال المنح الأسطورية للشعراء ومن أشهر الأمراء العيونيون الذين أجزلوا المنح والعطايا للشعراء والأدباء، الأمير أبي سنان محمد بن الفضل (520 – 538 هـ / 1126 – 1143 م)، وخاصة مع الشاعر الثعالبي، وهو شاعر من أشهر شعراء العراق ولقد تردد على بلاط أمراء الدولة العيونية لمدحهم.
فقد ذكر أن عامل أبي سنان على جزيرة أوال قدم إليه ذات مرة بالواردات المالية الخاصة بالجزيرة وتصادف وجود الثعالبي (التغلبي)، فأمر أبو سنان عامله بدفع جميع الأموال التي معه إلى الثعالبي فقال "ادفعها إليه فما أراه كثيرا ولو كان أكثر لزاد سرورنا بإعطائه إياه"، فسقط عامل أوال مغشيا عليه ومات في سياقها.
وأيضاً الأمير أبي فراس غرير بن الفضل بن عبد الله (538 هـ / 1143 م)، الذي أجزل العطايا للشاعر الثعلبي حين مدحه وذكر مناقبه، فسارع الأمير بإحضار صاحب خزانة الأموال وأمر بأن يدفع مفاتيحها للشاعر كما كتب الأمير للشاعر صك بالتصرف في جميع أملاكه دون الرجوع إليه فقال الشاعر: "بعض هذا غنى وسعة" إلا أن الأمير أصر على موقفه فما كان من الشاعر إلا أن قبل الأرض بين يدى الأمير وقال: "أني أسأل الأمير وأطلبه بالحاضرين من هؤلاء الأكرمين تمام ما أطلب"، فقال الأمير وما طلبك فقال الشاعر: "أن أخذ من هذا المال لي ألف دينار ويكفيني فما زال به الأمير يرد عليه طلبه حتى أخذ الشاعر أربعة ألاف دينار ، ثم شكر الثعلبي ودعا وخرج من عند الأمير.
ومن أمراء الدولة العيونية الذين اشتهروا بحبهم للشعر والشعراء الأمير الحسن بن عبد الله العيوني الملقب بجمال الدنيا والدين وأبو علي الزيني (539 / 549 هـ - 1145 /1154 م)، فلم يخل قصره من الشعراء وأهل العلم، فحفل بلاطه ذات مرة بأربعين شاعراً أنشدوا قصائدهم المادحة للأمير فأمر بإعطاء كل شاعر منهم فرساً أصيلاً مجهزاً بالركاب واللجام المحلى بالذهب والفضة.
ومن أشهر شعراء الدولة العيونية ابن المقرب العيوني (ت 630 هـ / 1232 م) هو شاعر الدولة العيونية الأول، وهو علي بن مقرب بن منصور بن المقرب بن غرير بن ضيار بن عبد الله بن على بن عبد الله بن محمد بن أبراهيم بن محمد الربعي البحراني العيوني.
ولديوان ابن المقرب أهمية كبيرة فهو يعد مصدراً مباشراً لتاريخ الدولة العيونية، حيث يمدنا بفكرة شاملة للحياة السياسية للبحرين في العصر العيوني ومعارك الأمراء العيونيون وغارات البدو على مدن البحرين، ويصور الحياة الاجتماعية حيث يعرض لنا بعض أسماء الملابس والأطعمة وبعض المواقع الجغرافية التي ذكر أسمائها، فهو مثال حي للبحرين في تلك الفترة، وعليه أعتمد العديد من الباحثين في استنباط معلوماتهم عن البحرين في تلك الفترة.
وكانت البحرين في الفترة العيونية عامرة بالعديد من الشعراء منهم علي بن الحسن العبدي ت (599 هـ / 1202 م)، والحسن بن ثابت العبدي ت (550 هـ / 1155 م) و أيضاً موفق الدين البحراني ت (585 هـ) وكان على دراية بعلم العروض والقوافي وله ديوان شعر ، وكان ملماً أيضا بعلم الهندسة فقام بحل كتاب إقليدس في الهندسة.
وزخرت الحياة الثقافية خلال الفترة العيونية بإسهامات الشيخ ميثم البحراني (ت 679 هـ / 1280 م) الذي كان له فضلاً كبيراً في نشر العلم والثقافة في البحرين من خلال المدارس العلمية الفقهية التي تعتمد على الحوار والنقاش العلمي بين الدارسين والمعلمين والتي قامت بدور في تدريس اللغة العربية والعلوم الشرعية والفقهية ذات الصبغة الشيعية. حيث وضع الشيخ ميثم أسم المدرسة البحرانية في واجهة المدارس العلمية التي تستقطب أنظار العلماء من كل مكان ، وأشتهر بعدة ألقاب منها الفيلسوف والحكيم ، وسلطان المحققين ، وأستاذ الحكماء والمتكلمين وتتلمذ على يديه عدد كبير من علماء العراق مثل نصير الدين الطوسي المعروف بإسم الخاجة (ت 1274 م / 645 هـ)، والحسين بن يوسف بن المطهر الحلي المعروف بالعلامة (ت 726 هـ / 1325 م) وغيرهم الكثير وله العديد من المؤلفات التي تدل على غزارة علمه منها على سبيل المثال البحر الخضم ، والمعراج السماوي.
وبذلك يمكننا أن نلاحظ الدور المهم الذي قامت به الهجرات العلمية لعلماء البحرين بالخارج في نشأة المدارس الفقهية بالبحرين ذات الصبغة الشيعية ، وعلى رأسها الهجرة إلى المدرسة العلمية الكبرى في النجف بالعراق والتي توجه إليها علماء البحرين لتحصيل العلوم الإسلامية ، مثل الشيخ راشد بن إبراهيم الجزيري (ت 605 هـ / 1208 م) والشيخ اللغوي ناصر الدين راشد بن إبراهيم بن إسحاق البحراني (ت 605 هـ / 1208 م) والذي قد قرأ العلوم في العراق وأقام بها فترة ثم عاد إلى البحرين ليقوم بالتدريس فيها.
خاتمة
[عدل]من خلال العرض السابق يمكننا أن تستنتج أن العديد من علماء البحرين في عصر الدولة العباسية قد برعوا في المجال الفقهي وخاصة في رواية الحديث الشريف وكانوا بمثابة مصدراً للعديد من الرواة في الأزمان اللاحقة ، وكذلك جسد لنا شعراء البحرين عبر إنتاجهم الأدبي العديد من جوانب الحياة في مجتمع البحرين سواء على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والتي ساهمت بدورها في تشكيل صورة واضحة عن مختلف الأحداث داخل البحرين خلال العصر العباسي ، وقد لعبت الحياه السياسية دوراً جوهرياً في تشكيل الاتجاهات الثقافية والأدبية في البحرين خلال عصر الدولة العباسية ، حيث كان الاتجاه الثقافي بسيير وفق ميول واتجاهات التيار السياسي المسيطر على الحكم.
مصادر
[عدل]- ^ "المؤسسات التعليمية ودورها الثقافي في البحرين في عصر الدولة العباسية" (PDF).
- ^ "حقبة الدولة العيونية وتأسيس المدارس الفقهية في البحرين". مؤرشف من الأصل في 2024-04-04.
- ^ "ميثم البحراني حياته ودوره في دعم الحركة العلمية في البحرين". مؤرشف من الأصل في 2022-01-24.
- ^ "إبراهيم بن نعيم العبدي". مؤرشف من الأصل في 2014-08-21.
- ^ "سير أعلام النبلاء". مؤرشف من الأصل في 2024-10-04.
- ^ "من هم "القرامطة" وحكايتهم مع "الحجر الأسود" وكيف كانت نهايتهم؟". مؤرشف من الأصل في 2023-01-23.
- ^ "القرامطة في خطاب مي الخليفة آليات التاريخ وتمثلاتها الرمزية". مؤرشف من الأصل في 2023-03-18.
- ^ "القرامطة.. يوم سرقوا الحجر الأسود واحتلوا الكعبة المشرفة!". مؤرشف من الأصل في 2024-04-13.
- ^ "تاريخ الدولة العيونية في البحرين". مؤرشف من الأصل في 2024-04-24.
- ^ "عملة البحرين قبل 900 عام (علي ولي الله )". مؤرشف من الأصل في 2023-09-29.