أم النور أو ستهم كما كان يناديها أهل قرية الوسطاني الطيبين امرأة بلغت من الكبر عتيا حتى انخنى ظهرها واتكأت على عصا في مشيها، العجيب المحفور في ذاكرتي من أمرها أن لسانها لم يكن يتوقف عن ذكر الله، وكانت تحافظ على أداء الصلوات الخمس والتي غالبا ماكانت تخضرها جماعة في أحد مساجد الوسطاني، ولما سألت أمي عنها أخبرتني أنها كانت تربي أيتام لها وكانت تملأ زير السبيل في الحارة وتحمل قٌلة الماء في سوق القرية تسقي المتسوقين.
كانت أمي - وأنا صغير عندما يحين وقت الصلاة - ترسلني إلى المسجد لأداء الصلاة مع الجماعة، وعندما أعود كانت تسألني هل صليت؟ فأقول نعم ، فتقول : بجانب مَن؟ فأفول: بجانب عم فلان، فتقول: سوف أسأله. فكنت أحرص أن أصلي بجوار شخص أعرفه حتى أستطيع الإجابة على أسئلة أمي، ... ... ... ... وأخيرا اكتشفت أن أمي لا تعرف إلا القليل من عم فلان أو علان.